رمضان بنكهة البارود !!
طارق فؤاد البنا
طارق فؤاد البنا

اليمن ، سوريا ، ليبيا.., مدافع (الإفطار) التي لا تطلق مرة واحدة و(الصوم) عن الحياة

يدخل رمضان موسمه الحالي في ظروف مختلفة جداً عن كل مواسمه السابقة في اليمن خصوصاً وفي الوطن العربي عموماً ، وذلك بفعل رياح التغيير التي أحالت (الصيف) العربي إلى ربيع ، وأحالت (ربيع) الحكام المتنعمين بثروات الشعوب إلى (خريف) تساقطوا على إثره كما تتساقط أوراق الشجر ، وبشكل مهين لم يتصوره أحد ، ولكنها إرادة الشعوب ، وقدر الله !.

ونظراً لنفسية المستبدين التي ترفض التخلي عن ما تعتقد أنه حقها – ولو كان أبعد شيء عنها – فإن تلك النظرية تنطبق كلياً على حال الزعماء العرب ، فطوال سنوات حكمهم الطويلة التي تمتد بعضها لأكثر من عمر إنسان من صغره حتى يقول (ربِ أوزعني) لم يُعرف عن أحدهم أنه أبدى حتى (حسن نية) ليترشح من ينافسه في انتخابات جدية ونزيهة ، فكل شيء عند هؤلاء الحكام قابل للتفاوض بما في ذلك أصول الدين وأخلاقيات الحكم وحتى كليات وضرورات الإسلام الخمس (الدين ، النفس ، العقل ، المال ، العرض) فكل هذه الأشياء قابلة للتفاوض ، ولكن الاقتراب من الكرسي (المُصان) يُعتبر أم الجرائم ، ويعد من الكبائر الكبرى التي تعرض صاحبها وكل من شايعه أو سانده عرضة للإعدام أو السجن المؤبد أو غيرها من العقوبات .

ومن المعروف أن شهر رمضان هو شهر العودة إلى الخالق ، والتوبة عن كل الأفعال والمعاصي ، وهو الشهر الذي تُصفد فيه الشياطين ، ولكن (شياطين) الزعماء العرب - الذين هم أخطر منها - لا تُصفد أبداً ، ولا تعرف ما الفرق بين رمضان وسائر الشهور ، فشياطين الزعماء العرب تعمل على مدار الساعة والدقيقة والثانية ، وتواصل عملها في كل الشهور ، غير مبالية بأي (عُطل رسمية) أو مناسبات (دينية) أو بأي شيء يحدث في العالم أجمع ، فكل ما يحدث ليس مهماً ، وإن اجتاح العالم طوفان يُغرق الجميع فذاك ليس بالشيء الهام ، ولكن الأهم أن لا يأتي ذاك الطوفان على (العرش) ، فالعرش وحده من يستحق أن تُسحق شعوب بأكملها في سبيل الحفاظ عليه .

وقد دخل رمضان الحالي على الأمة وهي تمر في موقف صعب ، وفي النفس الوقت يمر عليها وبعض الشعوب تتذوق طعم رمضان بنكهة الحرية لأول مرة ، وبالتأكيد سيكون المذاق مميزاً ، وسيجد الجميع حلاوته ، وسيشعرون أنهم تأخروا في (الثورة) على الأنظمة التي أحالت حياتهم إلى جحيم ، وحرمتهم حتى من أن يتذوقوا حلاوة الحرية وخاصة في رمضان ، الذي يعد ثورة بأسره ، فهو ثورة على النفس التي اعتادت الرضوخ لمطالبها طيلة 11 شهر آخر ، فيأتي هذا الشهر ليكبح جماح هذه النفس ، ويعلمها أن الإرادة عندما تثور فإنه باستطاعتها عمل الكثير ، ويصل به عناء (التغيير) لتلك النفس إلى أن يحرمها من الأكل والشرب ، ويحاول جاهداً التغلب على كل المعاصي والشهوات التي اعتادتها تلك النفس البشرية الآثمة ، وهذا هو ثمن التغيير على مستوى النفس البسيطة ، فكيف سيكون ثمن التغيير لأنظمة اعتادت على أن (تركب) على كواهل شعوبها وتثقلها بالجوع والفقر والمرض والجهل وما سواها من أمراض زعماء العرب !.

وفي هذه الإطلالة ، سنعرج على ثلاث دول عربية تعيش مرحلة المد والجزر في ثوراتها الرائعة ، وسنعرف كيف يتعامل حكام هذه الدول مع شعوبهم ، وكيف تعيش هذه الشعوب أيامها ، وكيف ستعيش رمضان ، وكيف سيكون مذاق رمضان بنكهة (البارود) التي انتشرت روائحه في كل أرجاء وأصقاع هذه الدول ، وهي اليمن وسوريا وليبيا ، وكيف يتعامل (الأبالسة) علي وبشار ومعمر مع شهر تصفيد الشياطين ؟!!

أولاً : رمضان في اليمن : (الشَفُوتْ) البشري في موائد بقايا النظام :

من المعروف أن لشهر رمضان خصوصية في كل الأشياء ، ويصل هذا الأمر إلى خصوصية المأكل والمشرب في رمضان ، وفي اليمن هناك الكثير من الوجبات الأساسية في رمضان ، وتتصدر قائمة الأكلات الرمضانية وجبة (الشَفُوت) التي لها مذاقها الخاص والمميز ، ولكن (شفوت) هذه السنة مختلف عن سائر السنين ، فهو يمتد هذه المرة على موائد بقايا النظام ولكن بمكونات بشرية ، فمن يشاهد الجثث المتفحمة التي أسفرت عنها معارك أرحب قبيل دخول رمضان ومع دخوله يدرك مدى (إجرامية) هذه العصابة التي تقود البلد حالياً ، فهي تُفطر على جثث أبناء شعبها ، وتشرب (دماءهم) بدلاً من (التانج) أو عصير (الليمون) !.

ولا زالت العصابة الحاكمة حالياً تقوم بعمليات (النهش) لجثث أبنائها في كل أنحاء الوطن ، فالحرب (الضروس) ما زالت على أوجها في أبين ، ولولا صمود (الصوملي) ولوائه لكانت أنحاء كثيرة من الجنوب قد سقطت في أيدي القاعدة (السلطوية الصالحية) ، وقد اتضحت للعالم أجمع اللعبة التي كان علي صالح يهدد بها الغرب عموماً وأمريكا خصوصاً ، وعرف الجميع أن القاعدة هي (القصر) وأن القصر هو (القاعدة) ، وكل منهما مكمل للآخر ، والقصر وقائده هو من يصنع القاعدة (المزعومة) وهو من يديرها ، ويمولها ، ويوجهها لتنفيذ عمياتها والإضرار بمصالح الشعب والوطن !.

وتستمر بقايا النظام وأزلامه في توزيع (شرها) و(شررها) على أنحاء أخرى من اليمن ، ففي تعز التي أصبحت (غاضبة) بعد أن كانت (الحالمة) التي لا تغضب أبداً يبدو الوضع مهولاً ، فمنذ أن تم اقتحام ساحة الحرية ومدينة المثقفين والفنانين والعلماء تعيش أياماً عصيبة وليالٍ (سُود) ، فلم يكتفِ ( قيران) بجرائمه البشعة ، وما إحراق المعاقين في خيامهم وجرف جثث الضحايا بالجرافات في ظل وجود أجساد أحياء إلا إحدى تلك الجرائم التي ستظل تلاحق ذاك (المجرم) في كل حركاته وسكناته ، ولن يستطيع الهروب من شبح الأرواح التي سقطت لأنها قالت كلمة حق في وجه سلطان جائر ، وفي وجه مدير أمن مسعور ، ولكن هذا الطاغية لم يكتفِ بما فعله ، بل زاد على ذلك وبتوجيهات عليا من الولد (النجيب) أحمد علي بقصف المدينة في كل يوم وليلة ، ويا ليته كان ضرب رصاص يستهدف العناصر المسلحة كما تقول وسائل إعلامهم الكاذبة ، ولكنه قصف عشوائي بالدبابات والصواريخ وغيرها من الأسلحة الثقيلة ، قصف يستهدف النساء قبل الرجال ، والأطفال قبل الشباب ، وكبار السن قبل متوسطي السن ، وفي أول أيام شهر رمضان دخلت (الطائرات) إلى أرض المعركة بين الصدور العارية وبين آلات القمع والعنف ، وسقط نتيجة ذلك في أول يوم صيام شهيدين وأكثر من عشرين جريحاً بينهم أطفال ونساء ، ولا زال لمسلسل العنف في تعز بقية ، إنه قصف يستهدف إرعاب المدينة وإسكات صوتها المدوي في أرجاء الوطن ، فتعز هي أول من خرجت وانتفضت وقالت بصريح العبارة (إرحل) لهذا النظام المستبد ، وتعز هي من أشعلت (جذوة) الثورة في اليمن ، وهي من حركت العالم – ولو بشكل نسبي – بعد اقتحام ساحتها ، وكل هذه الأمور أعتبرها واجب على تعز ، فهي من صعدت بعلي صالح إلى السلطة ، فكان لزاماً عليها إسقاطه ، وهذا ثمن سقوط المستبدين !.

ولكن ، ما حدث جعل بقايا العصابة يصابون بنوبات من (الجنون) ، فكانت الليالي التي يشتد فيها القصف ، تخرج المسيرات المنددة بهذه الجرائم في هذه المدينة بشكل أكبر ، وبعدد أضخم ، وكلما ذهبت الضحايا وتساقط الشهداء كلما قوى صوت هذه المدينة ، وكلما اشتد بأسها ، وكلما ارتفع منسوب همتها ، وكلما زادت الجرائم (السلطوية) زادت العزيمة (التعزية) ، ويبدو أن حظ هذه المدينة جميل وإن كان يبدو الآن أنه بائس لدى البعض ، فتعز سيكون لها الشرف الأكبر في حسم الثورة ، وفي إسقاط بقايا النظام المتهالك ، وقد دفعت في سبيل ذلك الكثير من الأرواح والتي لم تدفع مثلها محافظة أخرى ، حتى وصل الأمر إلى سقوط (شهيدات) على تراب هذه المحافظة القوية ، وما (نجوى وأسماء) إلا خير دليل على ما قدمته هذه المحافظة للثورة والثوار !. 

وفي مثلث الرعب الذي عملت بقايا النظام على تشكيله ابتداء بأبين ومن ثم تعز تكتمل أضلاع المثلث في (أرحب) وقبائلها الثائرة من أول يوم ثورة ، وفي أرحب تجد (غزة) الفلسطينية حاضرة في اليمن ، فهناك للأهوال قصة وللرعب حكاية ، ولكن هناك للإرادة أساطير تسطرها أيادي لا تعشق شيء سوى عشقها المجنون لوطنها .

في أرحب تجد الإرهاب حاضراً بكل قوة ، تجد القمع بشتى الأساليب ومختلف الوسائل والآليات ، الجميع مستهدف ، الجميع بدون استثناء ، في أرحب فصول الحكاية تطول ، وأجزاء الرواية لا يمكن اختصارها ، فقط ليعرف العالم مدى همجية عقليات المستبدين ما عليه إلا زيارة أرحب ، فكل ما يجري هناك ليس له أي مبرر ، إلا مبرر أن أرحب رجال ، وحتى نساءهم رجال ، فلم يسكتوا عن الظلم الذي يعيشه الوطن ، ولم يصمتوا عن كل الجرائم ، بل كان موقفهم واضحاً ، فكان تعامل النظام وبقاياه واضحاً ، لكنه وضوح (المتخبطين) الذين يقصفون كل شيء ، يستهدفون الشجر والحجر وقبلها الأرواح ، يستهدفون كل ما يمت بصلة إلى أرحب ، فجبال أرحب وسهولها وأشجارها ورجالها وأطفالها ونساءها مستهدفون ، إنها فصول إجرامية تكفي لأن يحاسب مرتكبوها في (لاهاي) بصحبة (شارون ، وميلزودفيتش صياد المسلمين في البوسنة والهرسك ...وغيرهم من مجرمي الحرب في العالم ) !! .

الكلام يطول عن أرحب ، فقد ذرفت العيون دموعاً كثيرة عليها ، ولكن لأنها أرحب ، فهي تأبى أن نذرف دائماً دموع الحزن ، بل أرادات أن تكسر تلك القاعدة ، وجعلت دموع الفرح تتساقط من العيون عندما استولت قبائل أرحب على جبل (الصمع) ومعسكراته ، وألحقت في المعتدين خسائر كبيرة رغم كل الشهداء الذين سقطوا ورووا بدمهم تراب الوطن الغالي ، فهي أرحب العزيزة الشامخة ، وهم الأذلاء الصغار المعتدين ، وستتضح النهاية عما قريب !!. 

إذن ، رمضان هذه السنة في اليمن غير ، مختلف في كل شيء ، رمضان بنكهة البارود ، وبنكهة الرصاص والمدافع ، فهاهنا لا يُطلق مدفع الإفطار مرة واحدة في اليوم عند الأفطار ، ولكنه يطلق في أي وقت ، توقع قبل العصر أن يُطلق المدفع ، أو في الليل ، أو في الصباح ، في كل الأوقات خُذ حذرك ، ولا تجهز حبات التمر للإفطار ، ولكن جهز لسانك بنطق الشهادتين ، وخذ كفنك بقربك ، فمن يضمن لك حياتك ورصاص قيران ومدافع مهدي مقولة وصواريخ أحمد علي بالقرب منك ، وشعارهم ...رمضان معنا غييييييييييير !!.

ثانياً : رمضان في سوريا : بين (الشبِّيحة) و(المشبوحين) :

تعيش سوريا منذ عدة أشهر انتفاضة حقيقة وثورة لم تكن في الحسبان في ظل نظام وجود نظام قوي – وقوي جداً – ووجود مؤسسات قوية للدولة التي يسيطر عليها حزب البعث ، ولا يسمح لأحد بالتكلم أو التنفس إلا بتصريح منه .

ودخلت الثورة السورية مرحلة جديدة يوم الأحد الموافق 30 / 7 وبالتحديد في ليلة دخول رمضان ، فقد استبشر الناس خيراً بدخول الشهر الفضيل ، وتمنوا أن يكون هذا الشهر فرصة للصيام والقيام وإسقاط النظام ، فأعدوا العدة لاستقبال الشهر الفضيل ، وفي المقابل كان النظام السوري القوي يعد العدة لاستقبال الشهر لكن بطريقة مختلفة كلياً عن عموم الشعب ، فانطلقت فصول الاستقبال من مدينة (حماه) التي انطلق منها فيلم (الرعب) ، وعبر (الشبيحة) التابعين للنظام ، والذين تم عمل (غسيل مُخ) لهم ، فلا يعرفوا أي شيء سوى (بشار ، والبعث) أما (الله ، الوطن ، الشعب ، حرمة النفس البشرية والروح الإنسانية) فكل ذلك ليس مدرجاً في قواميسهم المقتصرة على مفردات القمع والقتل والذبح والإرهاب بشتى أساليبه ، وعاشت المدينة البطلة (حماه) ليلة عصيبة رغم أن هذه الليلة هي ليلة دخول الشهر الفضيل ، الشهر الحرام ، ولكن جاءت الضربة من أناس لا يعرفون الحلال من الحرام ، ولا الحق من الباطل ، ولتتذكر هذه المدينة القوية مع هذه الليلة أياماً وليالي خوالي ، عاشت معها هذه المدينة أبشع أيامها ، وذلك إبان عهد الوالد (حافظ الأسد) ، حيث حدثت هناك مجازر بشعة سقط على إثرها أكثر من أربعين ألف سوري ، وأكثر من خمسة عشر ألف مختفي ، وتم تدمير أكثر من 60% من هذه المدينة البطلة .

ولكن ، لأن نفسيات الأبطال لا ترضى الذل ، وكذلك لأن نفسيات المستبدين لا ترضى بأن ترى أحراراً على وجه الأرض ، فقد تكررت أيام وليال عصيبة عاشها الشعب السوري عامة ، وهذه المدينة خاصة ، ليثبت نظام (الأسد) أنه يدير البلد بشريعة (الغاب) ، وأنه في ظل وجود (الأسد) زعيماً لا مكان لوجود الضعفاء ، وأنه لا مكان حتى لـ(حمام) السلام هناك ، ولكن لا بد أن تنتفض الغابة بأجمعها ، حين ذاك لن ينفع (الأسد) الشبيحة الذين يصرف عليهم المليارات لغسل عقولهم وتعميق ولاؤهم له ، وستتبدل الأدوار ، وسيقف (الشبيحة) في مكان (المشبوحين) ، وليست محاكمة مبارك ببعيدة عنك يا بشار رغم الفرق بين تسليمه السلطة للشعب بعد رفض الجيش لأوامره ، وكيف أدرت أنت البلد وسالت الدماء في كل الأنحاء والأرجاء من أرض الشام !!.

ثالثاً : رمضان في ليبيا : قتل وقصف وكتائب وحاكم مجنون :

تدخل انتفاضة ليبا المندلعة في 17 فبراير أيام وليالِ شهر رمضان بشكل عنيف ، فقد تواصل تقدم الثوار وإن بشكل بطيء ، وتواصل معه سقوط كتائب القذافي ، ولكن كان سقوط تلك الكتائب لا يأتي إلا بعد تضحيات كبيرة ، سواء في صفوف الثوار ، أو في صفوف المواطنين المسالمين في شتى المدن الليبية !. وقد توعد (المجنون) معمر أبناء شعبه المنضمين للثورة بالويل والثبور ، فقد أطل من خلال أكثر من تسجيل صوتي من تحت الأرض ، وهنا نسجل مفارقة عجيبة تدل على قدرة الخالق ، وهي أن القذافي كان يصف مخالفيه بأنهم (جرذان) وأنه سيزحف عليهم ليطهر ليبيا منهم (شبر شبر ..زنجة زنجة ..دار دار) وهاهو في خطاباته يتكلم من تحت الأرض كأنه (جرذ) مرعوب ، وهاهي جموع الثوار تتوافد عليه من كل أنحاء ليبيا ، وتطهر الأرض من كتائبه (شبر شبر..زنجة زنجة..دار دار) ، وكما هو حال علي صالح الذي ظل يهدد اليمنيين ويتوعدهم (بالصوملة) إلى أن أتى التفجير وظهر صالح بصورة جعلته أشبه من في اليمن بالصوماليين...اللهم لا شماتة !. 

وقد سبق دخول هذا الشهر الفضيل عملية انتقامية إجرامية في ليبيا ، وبالتحديد في بنغازي ، وهي عملية اغتيال اللواء (عبدالفتاح يونس) قائد أركان الجيش الموالي للثورة ، وهو بالنسبة للجيش الليبي كما هو حال اللواء (علي محسن الأحمر) بالنسبة للجيش اليمني الموالي للثورة ، وهي عملية انتقامية خطط لها القذافي ، إذ أن اللواء يونس كان أحد كبار المقربين له ، وكان أحد قيادات الانقلاب الذي أتى بالقذافي إلى القمة في ليببا ، وتولى عدة مناصب هامة جداً في أركان الدولة ، وعندما اندلعت الثورة أعلن يونس انضمامه إليها في أول أيامها ، لذا فالانتقام كان مخططاً له ومدروساً بعناية !.

ولكن تقدم الثوار وانتصاراتهم يخفف من حزن الليبيين على اللواء يونس ، إذ دخل الثوار مدناً استراتيجية لأول مرة منذ بداية الثورة ، فكان ذاك خير عزاء لأبناء ليبيا على مصابهم الجلل بفقدان يونس.

إذن ، ليبيا تعيش مرحلة هامة في عمر ثورتها ، وقد أعلن الطرفان عن تواصل الاقتتال بينهما في شهر رمضان ، وكلٌ منهما يحاول القضاء على الآخر في أسرع وقت ، ولكن تقدم الثوار يجعل من انتصارهم أمراً محققاً ، وإن طالت الفترة قليلاً ، ولكن هذه ضريبة التخلص من حاكم ، وليته أي حاكم ، ولكنه حاكم (مجنون) مقاتل ثائر من الخيمة ولو كان يمتلك أي منصب في الدولة للوَّح بالاستقالة في وجوههم !!. 

خلاصة الأمر ، اليمن ، سوريا ، ليبيا ، تعيش هذه البلدان الثلاثة أجواءً متقاربة ومتشابهة ، خاصة فيما يتعلق بمعاناة المواطن ، تعيش أجواءً رمضانية (مولعة) نار ، حيث تهدف الأنظمة الحاكمة فيها إلى وجوب (الصوم) عن الحياة على أبناء شعبها ، فإما أن يحيا بذل ، أو أن يموت تحت نيران الحرس الجمهوري في اليمن ، أو الشبيحة في سوريا ، أو الكتائب في ليبيا ، فهذه عقلية حكامنا ، وإن كان للشعوب من كبيرة في بحر ذنوبها فسكوتها عن هؤلاء الحكام أكبر كبيرة ، وحان الآن وقت التصحيح ، ولا بد من دفع الثمن ، وهاهي الشعوب بالفعل تدفع الثمن !!.


في الأربعاء 17 أغسطس-آب 2011 12:38:58 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mirror1.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mirror1.marebpress.net/articles.php?id=11342