سلمية الثورة لا تؤدي إلى حسمها
بكر احمد
بكر احمد

ثلاثة خيارات أمامنا:

الأول : أن يبقى الحال كما هو عليه، الرئيس مقيم في القصور الملكية في السعودية وأبناؤه يديرون ما تيسير لهم من البلاد،والثوار في أماكنهم يرفعون الشعارات الثورية ويؤكدوا على سلمية ثورتهم .

الثاني : أن يعود الشباب إلى بيوتهم، ويقتنعوا بأن هذه الثورة لم تخرج لهم بشيء سوى المزيد من البؤس والمعاناة جراء انقطاع الكهرباء والمشتقات النفطية وغلاء الأسعار

الثالث : أن يتم اتخاذ قرار بالحسم الثوري وهذا لا يكون بالخيارين في الأعلى، والحسم ينبغي أن يكون له أدواته المنفردة و المعروفة.

والخيارات الثلاثة في الأعلى لا يمكن الخلط بينهم، بمعنى أنه لا يمكن أن نقول (الحسم السلمي) فهذا تناقض غير مفهوم ولا يمكن له أن يحدث خاصة وأن الطرف الآخر متخندق خلف كافة أنواع الأسلحة.

 ولأنه من الواضح بأن الثوار الشباب لا ينوون العودة إلى منازلهم لأن هذا يعني أن أسرة علي صالح ستحكم اليمن إلى الأبد، وأيضا لأن الثورة اليمنية طالت أكثر مما ينبغي وربما صارت بالنسبة للكثيرين مملة مقارنة بالحسم الثوري الليبي والتصعيد المذهل في سوريا، وأخيرا بات من الواضح جدا أن الثورة وبشكلها الحالي لم تسقط النظام بشكل كلي ولم تبقيه كما كان، فدخلنا في حالة رخوة أفقدتنا ذلك الزخم الذي كان في البداية وأصبح الأمر عبارة عن مجموعة من متعاطي القات الذين يسكنون الخيام في ميدان التغيير لا أحد يلتفت لهم إلا من يريد أن يتندر على ثورتنا الطويلة، لذا وجب إعادة النظر بهذه الثورة من زاوية أكثر جدية في التعامل معها وخلق الإرادة المفقودة في اتخاذ القرارات التي تؤدي فعلا إلى نتائج مرضية للشعب اليمني ولهذه الثورة.

ما هو الاختلاف بين الثورة اليمنية والثورة الليبية، فالقذاقي رجل مجنون وأراد أن يحرق ليبيا، وهو شبيه بعلي صالح الذي لا يمانع أبدا بأن يجعل من اليمن حطام إن تركها، لكن الشعب اليمني يمتاز عن الليبي بأنه شعب مسلح وتقريبا توجد لديه الكثير من المناطق المحررة، ولدينا قبائل مجهزة وكتائب عسكرية على مستوى جيد من القتالية، ثم هنالك قابلية دولية للتدخل لمساندة الثوار متى ما لاحظوا منهم جدية في حسم الأمور ، فالمجتمع الدولي والإقليمي ليس مستعد أن يشغل باله بمعارضة باردة كالتي لدينا رجل في الثورة والأخرى تساوم النظام، وهنا الاختلاف الحقيقي والجوهري بين الثورات العربية كلها وبين الثورة اليمنية، لأنه وبالمختصر المفيد لا يمكن لثورة أن تنجح ما لم تكن قد حسمت أمرها من الداخل وقررت استبدال النظام البالي بآخر أكثر نظافة، وهذا لا يمكن حدوثه بالشعارات فقط.

أنعقد مؤخرا المؤتمر الشعبي العام، وسمعنا عن لغط شديد وتسريبات إعلامية بأنه هنالك خلافات بين تيارات تؤيد نقل السلطة وأخرى ترفض هذا الأمر، ثم خرج لنا بيان ركيك يطالب بالحوار مع اللقاء المشترك دون التطرق إلى تنحي علي عبدالله صالح عن الحكم، مما يدل فعلا بأن المؤتمر الشعبي العام اضعف من أن يتخذ قرار وطني ولو لمرة واحده في تاريخه، بينما تبدى لنا ضعف عبد ربه هادي ومن يقف خلفه هذا أن كان هنالك من يقف خلفه أو كان فعلا هذا الرجل يسعى لشيء وطني.

وهذا القرار أو البيان الذي صدر يدل على أن حالة التجميد للثورة هي أحد أهم أهداف النظام المتهالك لأنه يعرف أن استمرار هذه الحالة ( بين الحالتين ) هي من ستؤدي الي موت الثورة وتلاشيها تلقائيا مع الزمن، لذا هو يراهن على الوقت وخاصة أن كروش كبيرة لم تملئ بعد من جهابذة المؤتمر وبقايا هذا النظام العفن.

حين نسمع كلمة حسم، من المضحك أن تتبعها كلمة ( سلمية) فهذا الخوف والتردد ليس من صفة الثوار، بل هي من صفات السياسيين القدامى الذين يرتضون بأقل المكاسب، أما الثوار فلهم نزقهم ولهم جنونهم ولهم سبلهم في حسم الأمور كما ينبغي لها، والانتظار لا يكون إلا في مصلحة النظام ولا أحد سواه.

Yazn2003@gmail.com


في الخميس 08 سبتمبر-أيلول 2011 08:49:09 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mirror1.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mirror1.marebpress.net/articles.php?id=11548