استبداد بنكهة الثورة
عبد الحافظ معجب
عبد الحافظ معجب

عندما خرج الشباب الى ساحات الحرية والتغيير في أغلب محافظات الجمهورية منذ فبراير الماضي لم يكن بيننا وبين نظام علي صالح أي عداء أو خلاف شخصي فالجميع اتفق حينها ان هناك ظلما وقهرا وقمعا واستبدادا حان الوقت لمقارعته والخروج عن الصمت ورفض سياسات النظام التي أوصلتنا الى مطالبة نظام صالح بالرحيل .

وعلى مدى الثمانية أشهر المنصرمة من الثورة انظم الى صفوف الثوار أحزاب وقيادات عسكرية ومقربين من صالح ونظامه بل ووزراء وسفراء وكم غير قليل من الدبلوماسيين والبرلمانيين , وبالرغم من توجسات ومخاوف الشباب الى ان الجميع اعتبر تلك الانسلاخات من النظام والانضمام الى صفوف الثورة مكسبا هاما للثورة الشبابية الشعبية وذهب البعض الى ان ذلك سيساهم في الحسم وسرعة إسقاط النظام قبل أن يتضح العكس تماما .

والتزاما بمبدأ الشراكة والحفاظ على وحدة الصف اضطر الكثير من شباب الثورة للتغافل والتجاوز عن الخروق والفجوات التي كان الشركاء يحدثونها في مركب الثورة خوفا من شماتة النظام ولكي لا يشق الصف حتى وصل الأمر الى السب والشتم وكيل الاتهامات والتخوين والشباب حريصون على وحدة الصف وتطورت الأمور الى الاعتداء والاعتقال ولا يزال الشباب حريصون على وحدة الصف تحرشت بهم الفرقة مرارا وتكرارا واعتدت على الكثير منهم وأطلقت الرصاص الحي والشباب حريصون على وحدة الصف , تفردت الأحزاب بقيادة الساحات واستحوذت على اللجان العاملة فيها والشباب حريصون على وحدة الصف , أصبحت الساحات ورقة يزايد بها حميد الأحمر وعلي محسن والشباب حريصون على وحدة الصف , برزت الأيدي المتورطة بدم الشهيد إبراهيم الحمدي ومنعت رفع تسمية الجمعة الماضية "جمعة الوفاء للشهيد إبراهيم الحمدي " والشباب حريصون على وحدة الصف .

فعلا الشباب وأعني هنا المستقلين وأحرار الأحزاب حريصون فعلا على وحدة الصف وعدم شق عصا الثورة ومن أجل ذلك تحملوا الكثير والكثير من الممارسات الخاطئة والمجحفة بحقهم وبحق الثورة معتقدين أن الفترة لن تطول وأن الأحزاب ستتعايش مع الثورة وتنفتح على الأخر وتتقبله وتتعامل معه غير أن الواقع والساحات اليوم أثبتت أن القبول بالأخر أمرا مستحيل عند الأحزاب التي اعتبرت الثورة ملكا خاصا لها ونصبت نفسها وصيا على الثورة وهي فقط من يدرك بالمخاطر المحدقة بالثورة .

ومن ساحة الى أخرى يختلف القمع والاستبداد وتتنوع الانتهاكات ضد الشباب الثائرين الذين خرجوا لمواجهة نظام صالح وهو بكل قوته وجبروته ولم ترعبهم معسكراته ولا قواته والياته وحينها كانت الأحزاب تخضع لسياسة الأمر الواقع وتسبح بحمد النظام وتقدسه هؤلاء الشباب الذين رفضوا نظام صالح بسلبياته وايجابياته لن يقبلوا أن تهان كرامتهم في ساحة الاعتصام بهراوات لجنة النظام التابعة لحزب الإصلاح ولن يقبلوا بتكميم أفواههم في الساحة التي وجدت للتعبير عن الرأي وعندهم هدم الخيام اشد من هدم المساكن والبيوت والطرد من الساحات أشد من النفي خارج الوطن والتفرد بقيادة الساحات وإقصاء الآخرين هو تفرد بالحكم والسلطة ومقدرات الوطن وتمزيق اللافتات ومصادرة الصحف التي تخالف رأي الإصلاح هو قمع لحرية الرأي والتعبير .

سؤال يراودني دائما بعد انتقال السلطة ورحيل بقايا النظام هل ستحكم البلاد بذات العقلية والطريقة التي تحكم بها ساحات الاعتصام من قبل حزب الإصلاح وهل هذه هي الثورة التي أرادها الشعب وخرج من أجلها ؟ ومن أين ستأتي الدولة المدنية الحديثة ؟ وحميد الأحمر يفرض علينا تسمية للجمعة ويلتزم بها كوادر حزبه قائلين سمعنا وأطعنا من صنعاء الى الحديدة .


في الجمعة 14 أكتوبر-تشرين الأول 2011 07:00:02 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mirror1.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mirror1.marebpress.net/articles.php?id=11962