المعارضة .. والمهمة الصعبة
م. عبدالرحمن العوذلي
م. عبدالرحمن العوذلي

تشكلت حكومة الوفاق أخيرا بعد طول مخاض وعناء عسير امتدت آلامه إلى كل فرد يمني سواء كان في الداخل أو في الخارج كانت هذه الحكومة هي البديل الممكن والمتاح لتجنيب اليمن انفجار الوضع الداخلي عسكريا والحفاظ على ما تبقى من اقتصاده المنهار والمتهاوي محليا ، لاشك أن الحكومة التوافقية لاقت ارتياح كبير من معظم فئات الشعب اليمني حيث إن المجتمع اليمني يدرك ما هي مآلات الأمور في حال انفجر الوضع عسكريا ، وعي الشعب اليمني وسلميته خلال الفترة الماضية رغم طولها كان لها الأثر البالغ والواضح في إبراز هوية الثورة اليمنية محليا وإقليميا حيث ارتبطت الثورة بسلميتها رغم الوضع المتجمعي الخاص والقبلي اللذي يعيشه اليمن وهو من قاد الحل لكي يكون حلا سياسيا بامتياز نظرا للتوازن العسكري داخليا والدعم الإقليمي خارجيا فالكل يدرك أنها مازالت هناك دول تدعم النظام وبكل سخاء إلى اللحظة الأخيرة من عمره .

رغم أن الحكومة في ظاهرها لا تلبي طموح شباب الثورة المرابطين في الساحات ومن هنا أجد لهم العذر في انتقادها فهم ينشدون الحسم الثوري ونتائجه كما رأوها في تونس وغيرها إلا أني هنا حاولت أن أكون محايدا قدر المستطاع في تشخيص ما يحدث على الساحة اليمنية ومتغيراتها اليومية ولذلك أنا مدرك كل الإدراك أن هناك مهمة صعبة جدا ومعقده تواجهها المعارضة اليمنية من عدة أوجه سياسية واجتماعية واقتصادية وأمنية وإقليمية فهي من ترأس الحكومة وتملك نصف الوزارات بمختلف أنواعها ، ولذلك فالتركة ثقيلة جدا عليها خاصة وهي تشارك من ثارت ضده لعشرة اشهر وناضلت في معارضته لسنوات عديدة .

وهنا أريد أن أشخص بعض ما يدار ويقال عن المعارضة هذه الأيام بين أوساط الشعب اليمني من انتهازية وبيع لدم الشهداء وغيرها من التهم سواء في الشارع أو في مواقع التواصل الاجتماعي وهنا لست بصدد الدفاع عن المعارضة ولكنها وجهة نظري الشخصية لما يدور على الساحة ولذلك حاولت مجتهدا الابتعاد عن العاطفة والتكلم بالسياسة التي لا تعرف العاطفة لعلي اصل إلى حقيقة ما يحدث.

ومن هنا أقول إن قبول المعارضة لتشكيل حكومة الوفاق يثبت وطنيتها عكس ما يروجه البعض من بيع لدم الشهداء وغيرها من التهم وذلك لعدة أوجه:-

1-المعارضة في موقف القوة فهي ملتحمة مع الشعب وتوقيعها للمبادرة يعرضها للاحتراق السياسي والشعبي وربما تخسر شعبيا ما بنته في سنوات عديدة فلو كانت المعارضة نظرت إلى المصلحة الخاصة فلن توقع وتقبل الاتفاق مع نظام شبه منتهي تماما .

2-المعارضة اليمنية ليست فصيل واحد بل عدة أحزاب وفصائل مختلفة تختلف في أيدلوجيتها وثقافتها وتوجهاتها وأهدافها الحزبية فلا يمكن في أي حال إذا فضل أي فصيل المصلحة الخاصة على المصلحة العامة وعلى مصلحة الشعب أن توافقه الفصائل والأحزاب الأخرى فنحن نعرف من يقود كل حزب والكثير منهم مشهود له بوطنيته ونظاراته السياسية ومن هنا كان النظر إلى المصلحة العامة ولو على حساب شعبيتهم .

3-بالنظر إلى النتائج للحل الثوري أو العسكري في ظل الانقسام العسكري الواضح في اليمن سيدرك المتابع ما أهمية التوقيع والحل السياسي وكيف ستجنب اليمن من دمار يرجعها عدة قرون إلى الوراء.

4-المعارضة لم تتخلى عن الثورة فمازالت بقواعدها موجودة في الساحات والكل يشهد بذلك.

5-الحصول على نصف حكومة ونصف الموارد في البلد في ظل مبادرة تقود إلى زوال هذا النظام وتعيد هيكلة الجيش لتجعله جيشا وطنيا غير مملوكا لفئة ما اعتبره نصرا بل أول خطوة على الطريق لتحقيق باقي الأهداف للثورة المباركة فالنظام يعيش أيامه الأخيرة بعد أن مات سريريا لمدة ليست بالقصيرة .

6-بالتأمل إلى النتائج للمبادرة دون عاطفة نجدها تحقق معظم أهداف الثورة الشعبية .

7- لازالت المعارضة تؤكد بأن الحصانة لا تمنح لقاتل وأكد ذلك وزير حقوق الإنسان حورية مشهور أخيرا وفي ذلك جواب ضريح وواضح على من يقول بان المعارضة باعت دم الشهداء.

كانت هذه بعض النقاط التي وجدت انه من باب الإنصاف ذكرها ,وغيرها الكثير إلا أني ذكرت القليل منها وذلك كله في إطار البعد عن العاطفة ومحاولة لمجارة الوضع سياسيا لأنه لا يدرك الحال إلا من يضع نفسه صاحب القرار ...إذا أردت الإنصاف كن أنت المعارضة وفي عنقك تجنيب اليمن القتال والدمار أو التسوية السياسية التي تقود إلى انجاز معظم أهداف الثورة ثم اعطني رأيك بكل صدق.

Eng.abdulrahmann@gmail.com


في الإثنين 19 ديسمبر-كانون الأول 2011 09:02:56 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mirror1.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mirror1.marebpress.net/articles.php?id=12910