صفات العلمانية اليمنية
محمد عبدالله المحيميد
محمد عبدالله المحيميد

العلمانية كما تعرفها دائرة المعارف البريطانية باختصار هي حركة اجتماعية تتجه نحو الاهتمام بالشؤون الأرضية بدلاً من الاهتمام بالشؤون الآخروية (فصل الدين عن الدولة )...

وكان سبب نشأتها في أوروبا في بدايات القرن الثالث عشر هو التعارض الذي حصل بين رجال الكنيسة والعلماء التجريبيين والتصفية الجسدية التي حصلت لكثير من هؤلاء العلماء...

اختلف العلمانيون في تعريف الدولة العلمانية ونتيجة لذلك وجد أكثر من شكل للدولة العلمانية , فهناك بعض الدول تنصّ دساتيرها صراحة على هويتها العلمانية مثل الولايات المتحدة ,و بعض الدول الأخرى، لم تذكر العلمانية في دساتيرها ولكنها لم تحدد دينًا للدولة ., وهناك دولا أخرى تنص دساتيرها على الدين الرسمي للدولة رغم أن ممارستها الفعلية هي العلمانية كحال معظم الدول العربية.

وبقدر ما حققت العلمانية نجاحا في الدول الغربية نظرا للظروف الموضوعية لنشأتها (وهو اختلاف العلم مع الدين المسيحي ) إلا إن العلمانية في العالم الإسلامي فشلت فشلا ذريعا بسبب عدم تعارض الإسلام مع العلم التجريبي بل على العكس من ذلك حاول كثير من المسلمين ربط العلم بالإسلام .. وبسبب رفض الشعوب الإسلامية والعربية للعلمانية فقد فرضت بشكل مشوه تماما بالحديد والنار كما حصل في تركيا وتونس ومصر وأشد أنواع العلمانية قتامة هي العلمانية الطائفية في سوريا ..

مع نهاية القرن العشرين و مطلع القرن الواحد والعشرين أدركت النخبة العربية العلمانية بأن مصطلح العلمانية أصبح مشوها بشكل لا يمكن ترميمه فاتجهت نحو استيراد و استيلاد بضاعة جديدة بمصطلح جديد وان كان يحمل نفس السمات العلمانية وهي الليبرالية .. وما زالت الليبرالية بضاعة مزجاة حتى اليوم في العالم العربي .

ولأن اليمن تعتبر للأسف الشديد في ذيل قائمة الدول العربية في كل شيء حتى في استيراد الأفكار والمصطلحات فعوضا عن أن يتم استيراد آخر ما توصلت إليه بقية الشعوب العربية يتم استيراد واستيلاد الجنين العلماني المشوه أصلا في العقل الجمعي العربي عموما واليمني خصوصا .. ولكن هل فعلا يوجد علمانيون في اليمن بالمعنى الإصطلاحي للكلمة ؟.. يتضح لنا الجواب على هذا السؤال من خلال معرفتنا لصفات العلمانيين الجدد والتي تم جمعها من خلال متابعتي لهم في صفحات المواقع الإلكترونية والفيسبوك و خلصت إلى الصفات المميزة للعلمانيين اليمنيين التالية:

1- عددهم المحدود جدا وأكاد أجزم أنهم لا يملأون جلسة قات في طيرمانة .

2- ينادون بفصل الدين عن الدولة بشرط ان يكون المفصول إصلاحيا أو سلفيا .

3- لا مانع من أن يحكم التيار الديني الدولة اليمنية بشرط أن يكون حوثيا (يتضح ذلك جليا من خلال التحالف القائم بين العلمانيين الجدد والتيار الحوثي) .

4- استخدام الفاحش من القول والبذيء من الكلام عند انتقاد الآخر (الإصلاح ) ولو قدر لك وزرت صفحة أحدهم على الفيسبوك أو ناقشته لوجدت من التطاول على الله جل وعلا وعلى الخلق ما تشيب له الولدان (أحتفظ بصور من حواراتي معهم وبذيء القول الذي صدر منهم في حق الله جل وعلا وفي حق الكثير من الأعلام ) .

5- لا يجيدون التعامل السياسي والإجتماعي مع واقعهم اليمني فبالرغم من التعامل الراقي للعلمانيين (الليبراليين ) في الدول العربية الأخرى مع الإسلاميين بل وتحالفهم معهم كما حصل في تونس نجدهم في اليمن يقيمون الخصومات من الآن ويستعدون المجتمع بخروجهم على ثوابته ومعتقداته .

في الأخير ليعلم العلمانيون الجدد أنهم لم ولن يبلغوا مستوى العلمانيين في الدول العربية الأخرى وأن الشعب اليمني أكثر محافظة واعتزازا بدينه من الشعوب الأخرى فنصيحتي لهم بأن يبدأوا من حيث انتهى الآخرون وهو التسليم بواقع المرحلة وعدم استعداء الآخرين .


في الإثنين 06 فبراير-شباط 2012 01:14:24 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mirror1.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mirror1.marebpress.net/articles.php?id=13614