سكته ...جارنا أمن سياسي
طارق عثمان
طارق عثمان

مأرب برس - خاص

الزوجة وهي تقف امام باب الغرفة وتسند أحد يديها الى عمود الباب وتضع الثانية حول خصرها وتربت برجلها على الأرض بإيقاع سريع وهي تنظر الى زوجها الذي دخل للتو من الباب الخارجي للبيت والذي ملأ صوت صريره المعدني البيت كلها صدى وبدأ يتجه الى الديوان ..

- اهلا وسهلا ... يامرحب وحيا ... من صدقك روحت تهز طولك من غير مقاضي ...

الزوج : طيب خلينا حتى اخذ نفسي ...

الزوجة : خذه ... خذه ...الله ياخذك انت وهو ... ها اخذته ... اين المقاضي طيب ؟؟؟

الزوج يشق طريقه للديوان ويلقي بجسده الى ركن الغرفة ويجلس ويبدأ بفتح كيس القات ويتحاشى النظر اليها

- بكرة .... ان شاء الله بكرة ...

الزوجة : صدقتك !!! قد لي أسبوعين اسمع هذا الكلام وفي الأخر تروح لي عشر بالليل انت وحقك القرطاس السحري فاضي يد، لورا ويد، لقدام ...

البيت حبيبي ماعد به لا سكر ولا دقيق ولا رز ولا زيت ايش ناكل هوا انا والجهال ...

الزوج : يابنت الناس مافيش اشغال... مافيش اشغااااااااال... الف مرة اقولك مافيش اشغاااااال .. قد لي شهور وانا ادور ما افعل لكم .... ويمسح الاوراق الطرية بابهامه وسبابته ويضعها في فمه ... امانه عليك لا تضيعي علينا طعم العودي ...

الزوجة : مافيش اشغال ... الله لا لحقها خير الحكومة الي مكنتنا انه كل الناس شيلاقوا عمل ومن بعدها ولا شفنا خير .

الزوج : وقد انتفض كمن لدغته حية وقفز الى وسط الغرفة وهو يلوح بيده و يتحرك نحو الزوايا ... سكته سكته ... سككككككككككته ... كسروا لقفك كسرررروا لقفك ...يامكسورة اللقف .. ايش دخلك انتي بهذا الخبر ... اسكتي مشتيش تجيبي سيرة الحكومة على لسانك مرة ثانية .. ما دخلك انتي بالسياسة ياعديمة العقل ..

الزوجة وقد اعتدلت في وقفتها وفغرت فاهها وهي ترى زوجها يحرك يديه في سماء الغرفة كمن يريد ان يمحو دخان كلماتها التي انتشرت في الفراغ المكتوم ..

- مالك ايش جرالك تتنكع ايش حصل ... والا من شان نسكت على الدقيق تعمل كل هذه الزوبعة شلوك ..مش عليا هذا الخبر ...

الزوج : عشرين سنة وانت تمكنينا بطلك من السياسة واعبده !! بطلك من السياسة واعبده!!! واليوم لمن سكن جنبنا امن سياسي اقتلبتي لي فتحي العزب ..

الزوجة : جارنا الجديد امن سياسي ؟؟...

الزوج : ايوه امن سياسي ... ونقصي صوتك ..

يتجه الطفل الصغير صوب المتكا الملقى في وسط الغرفة والذي تعثر به ابوه قبل قليل ويغالبه ثم يضعه بجوار الشباك ويصعد عليه ويضع يديه على الحافة ويرفع جسده النحيل ليتسلق الشباك ثم يهتف ووجهه للخارج ...

- يابا يابا عمو سياسي عاده مهلوش بيتهم غدره ...

الاب : لك عمى ... لك عمى ..لكنهن يغدرين عيونك ..... ايش تشتيه يجلس بالضوء كيف عاد شكون امن سياسي .. والا تشتي الراجل يجي يدقدق البيت ويستاذنك انت وامك ويقلكم بعد اذنكم انا شاراقبكم ...انزل .. انزل ياجعنان ...

الزوجة : مالك انت والفجعه ... احنا باليمن محناش في دولة ثاني ...وعلى ايش شراقبنا ..

الزوج : يا بنت الناس الايام هذه صعبة ... في ناس يلقطوا البطالة علشان يقضوا عليها وانا اكبر بطاله بالبلد ...

الزوجة : كيف هو كذا يقضوا عليها ؟؟؟ ... يقضوا عليها يعني يشغلوا الناس يا عبده بطل من المغالطة حقك !!

الزوج : عمرهم ما شقدروش يشغلوا الناس بهذه الطريقة اللي ماشيين فيها ...

الزوجه : طيب ما دخل الامن السياسي بهذا الخبر ...

الزوج : كيف ما دخله ايش فهمك انت ... لازم يحفظوا الامن، واحنا العاطلين اكبر خطر على السلم الاجتماعي

الزوجه : ورجعت لي للرطنه ؟؟ ... هياايالله يستر عليك ... خليني اروح اشوف احمد شكله صحا من النوم يبكي من حقك القفز ...

الزوج : يهمس لنفسه مبتسما وهو يحشو فمه بملىء يده من اوراق القات ... ما لهم الا الامن السياسي يسكتهم مثل ما سكتوني .. لازم واحد يتعلم كيف يسكت المعارضة عنده في البيت ... ويصرخ باعلى صوته هااا جزعي معك المتفل يامرة ... وهنا يسمع صوت باب الجيران يفتح ... فيخفض صوته الى ادنى حد والا اقولك ماعدلوش لزمة قد نشف ريقي ...


في السبت 31 مارس - آذار 2007 08:32:02 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mirror1.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mirror1.marebpress.net/articles.php?id=1442