الدكتور أبوبكر القربي. . والإقامة في العام 1994م
د. عيدروس نصر ناصر
د. عيدروس نصر ناصر

في تصريحه للقناة الفضائية اليمنية وعقب الزيارة الرسمية التي قام بها رئيس الوزراء الأستاذ محمد سالم با سندوه والوفد المرافق له إلى الدوحة عاصمة دولة قطر الشقيقة قال د أبو بكر القربي وزير خارجية اليمن أن الوفد جاء ليحيي موقف دولة قطر من حرب 1994م ودعمها للوحدة اليمنية وتصديها للانفصال.

لست متأكدا أن كلمة واحدة عن حرب 1994م، والموقف القطري منها قد دارت في الحديث مع الطرف القطري وأعتقد أن القطريين أنفسهم قد نسوا هذا الموضوع، إن لم يكونوا قد ندموا على موقفهم هذا، لكن د القربي أعماها من حيث اعتقد أنه يكحلها، وهو تصرف يكشف مدى تخلف وتحجر الدبلوماسية اليمنية وتوقفها عند العام 1994م.

ربما أراد معالي الوزير توجيه رسالة ود إلى قطر بعد سلسلة الإساءات التي وجهتها لها السلطات اليمنية وعلى رأسها الرئيس السابق عندما واجه كل مواقف قطر الودية تجاه اليمن ومنها مئات الملايين من الدولارات التي قدمتها دولة قطر لدعم عشرات المشاريع الاستراتيجية من مشاريع الطرقات ومشروع قاعة المؤتمرات ومشروع مدينة حمد الطبية فضلا عن الدعم العيني والتكنيكي وكذا المساعي القطرية لأنها حروب صعدة التي تحولت إلى مشروع استثماري يدر على المتنفذين مئات الملايين من الدولارات عدة جهات.

كان يمكن لوزير الخارجية أن يشكر قطر على هذه المواقف إذا لم يحب الاعتذار لقطر عن الإساءات التي وجهها لها السفهاء من ركائز النظام السابق، عندما كان وزير الخارجية آخر من يعلم بما يفعله هؤلاء المتنفذون في قضايا العلاقات الدولية والإقليمية، لكنه عفريت علي عبد الله صالح الذي يطارد السيد الوزير أينما حل، فهو لا يستطيع أن يخرج من عباءته ولا يستطيع نسيان شبحه في كل موقف يتخذه وفي كل تصريح يدلي به حتى لو مات صالح وشبع موتا فهو ما يزال يستحضر رضاه وغضبه في كل حركاته وسكناته.

الحديث عن موقف قطر في حرب 1994م هو محاولة لنكء جراح حاول الجنوبيون أن ينسوها خاصة بعدما طرأ من المتغيرات على الموقف القطري من الربيع العربي وما أبدته قطر من مواقف ديناميكية في تفهمها للمتغيرات الدولية والإقليمية العاصفة التي لم يستطع حكامنا استيعابها وإدراك شروطها وعواملها الداخلية وخلفياتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

لكنه (أي هذا الحديث) في نفس الوقت يكشف عن البطء الشديد في تغيير الفكر السياسي لدى من يديرون شئون بلادنا، ففي الوقت الذي يعترف معظم اليمنيين بالآثار المدمرة لحرب 1994م ومظلومية الجنوب وما تعرض له من نهب وسلب وإقصاء واستباحة من قبل المنتصرين في هذه الحرب اللعينة، وفي الوقت الذي يحاول فيه هؤلاء المنتصرون أن يعتذروا للجنوب عما لحق به، وفي الوقت الذي يسير الناس نحو حوار وطني يضعون على رأس جدول أعماله القضية الجنوبية بكافة أبعادها السياسية والقانونية والحقوقية والإنسانية، في محاولة لرد الاعتبار لملايين المتضررين من سياسات ما بعد 1994م، وهي (أي القضية الجنوبية) نتاج فعلي وطبيعي، لتلك الحرب التي يتغنى بها السيد الوزير، في وقت كهذا يطل معالي وزير الخارجية ليكشف لنا أنه قد توقف هناك في عام الانتصار العظيم على الشعب ومشروعه الحضاري ويؤكد لنا عدم القدرة على محاولة الخروج من دائرة الحروب وما تنتجه من ضغائن وأحقاد وما ترافقها من حملات السلب والنهب والتعالي والإقصاء والازدراء وتلك لعمري كارثة كبرى ليس فقط على ما ينتظره اليمنيون ، والجنوبيون على وجه الخصوص من حكومة الوفاق الوطني، بل وعلى محاولة الخروج من سياسات الرئيس المخلوع ومحاولة استعادة الدولة المخطوفة والشروع في ترميمها لتعبر عن اليمنيين كل اليمنيين وليس عن طرف يتصور انه ما يزال منتصرا رغم سقوطه في كل امتحانات الحياة.

حديث السيد الوزير العضو في حكومة الوفاق الوطني لا يعبر عن عقلية توافقية ولا عن رغبة في طي صفحات الماضي البغيض بجراحه وآلامه وأوجاعه، ولا عن رغبة في التعبير عن كل اليمن، بل إنه يعبر عن عقلية المنتصر، رغم أن هذا المنتصر قد هُزِم وشبع هزيمة على يد الشعب الذي لفظه وأدخله في قائمة المجرمين والقتلة واللصوص، وهو اليوم يبحث عمن يتحمل نفقاته من دول الجوار رغم المليارات التي نهبها من أموال الشعب.

أيها السيد الوزير كان يمكنك أن تقول إننا جئنا لتطبيع العلاقات مع دولة قطر الشقيقة بعد ما أسأنا إليها بلا مبرر، بدلا من شكر قطر على شيء هي لا تطلب الشكر عليه، وبدلا من استفزاز شطر من البلاد يفترض أن تبحثوا عن وسيلة ولو ضعيفة لخطب وده، لكن هذا الحديث جاء ليعبر عن عقلية شطرية ما تزال تسيطر على الكثير ممن ما يزالون يقدمون أنفسهم على إنهم حماة الوحدة، رغم إنهم قد دمروا هذه الوحدة وحولوها إلى كابوس على نصف الشعب اليمني إن لم يكن على الشعب اليمني كله.

برقيات:

* أصدق التعازي الحارة لأسرة آل جعبل شيخ باستشهاد الزميل التربوي والكادر الإداري الزميل محمد جعبل شيخ الذي استشهد في حادثة الاعتداء على مدينة لودر، ونسأل الله أن يتقبل الشهيد بواسع رحمته وأن يلهم أهله وذيه الصبر والسلوان.

* قرأت بألم بالغ الأخبار التي تتحدث عن تدهور الحالة الصحية للفنان الكبير محمد مرشد ناجي، أتوجه هنا بالنداء العاجل إلى الأستاذ محمد سالم با سندوه رئيس مجلس الوزراء والدكتور عبد الله عوبل وزير الثقافة بسرعة التوجيه للاستعجال في تقديم ما يمكن أن يساهم في إنقاذ حياة الفنان الكبير الذي يستحق منا كل احترام وتكريم.

* يقول الشاعر العباسي الوليد بن عبد الله البحتري

أسوةً للــــــصديق تدنو إليهِ في محلٍ في النيل عالٍ رفيعِ

وإذا ما الشريف لم يتواضع للأخلاءِ فهو عين الوضــــيعِ


في الجمعة 13 إبريل-نيسان 2012 02:43:54 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mirror1.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mirror1.marebpress.net/articles.php?id=15066