اليمن..أمجاد الماضي وتحديات الحاضر..
بدر الشميري
بدر الشميري

عندما تتصفح كتب التاريخ اليمني ،وتغوص في أعماقه،تتلاطم أمواجه العاتية الجسد المتعطش للزهو بماضي الأجداد، تبحر في أعماق اليمن السعيد ،مصنع العرب ومهدهم، تظفر بالكنوز الثمينة والدرر النفيسة، تدرك عظمة هذه الأرض وشعبها، ،فاليمن بلدة طيبة،لم توصف بلدة بهذا الوصف غير اليمن،قرنت بصفة الله واسمه (رب غفور)،وشعب حكيم ،حكمته ملازمة للإيمان..

أمام أمجاد الأجداد ،نجد أنفسنا غافلين، وغير آبهين بهذا الإرث العظيم والموروث الحضاري ،مقارنة بالآخرين من أصحاب التاريخ ،فكم نحن مقصرين أمام المخزون التاريخي والحضاري لليمن،تارة بالتقاعس عن تعريف الآخرين به،وتارة أخرى بتصرفات البعض الغير حضارية من التقطعات والاختطافات والإضرار بمصالح المواطنين،حتى تجاوز تقصيرنا الى الإساءة بصمتنا عن إعلام التدليس، ينسبه الى غير أهله،وإعلامنا يسبح بحمد الأشخاص ويلمع صورهم..

من منطلق المسئولية، يحتم على الإعلام وأرباب الأقلام، وكل غيور على وطنه، الوقفة الجادة حماية لتراثنا التاريخي والفني والمعالم الأثرية، نبدأ بطي الإهمال والتقصير..

إن اليمن ليس كما يصوره الإعلام الخارجي، بتركيزه على الجوانب السلبية ،وافتعال ما يحط من قدره،وتصوير الإنسان اليمني بالمتخلف، الذي لا يجيد إلا لغة الحرب، والاقتتال والدمار،ولا يجيد إلا المهن البسيطة ،تلك المغالطات فيها نوع من التجني والتشويه،فباني الحضارات ليس من العدل وصفه بالمدمر والمتخلف ،وان قست عليه الحياة، وحرم البعض من التعليم،والظهور بمظاهر أهل النعمة ، فلا يقل من قدره وتاريخه،هذه الهجمة الإعلامية لا تخفى على احد، وُجِدت حينما وَجْدت الإعلام اليمني بقنواته المختلفة، غائب عن دوره الوطني، عن دوره بتبني سياسة تقديم اليمن بثقلها التاريخي والحضاري،مناهضا\" لقنوات التشويه والإساءة ،سياسة تثقيف وتحفز الإنسان اليمني، للثبات في صون أرضه، وتراثه وفنه ومعالمه الأثرية،وتجنب الإساءات والمخالفات الغير حضارية،ثم المشاركة في البناء والتطوير،بحداثة اقتصادية وفكرية واجتماعية،وتحقيق الطموحات والتطلعات..

و نحن نتحدث عن اليمن، ينبغي أن نقف على ماضيها، وقفة تأمل ما كان، وما يجب أن يكون، ونسرد في سطور بعض الشواهد التاريخية، لكي يعرف اليمني عن بلده ما خفي عنه، لتتقد في نفسه عزيمة إعادة أمجاد مطمورة، فالحاضر ينتظر أبناءه...

عرفت اليمن قديما\" بالعربية السعيدة، أو باليمن السعيد،واليمن من الرخاء والبركة،وذهب الكثير من الباحثين والمهتمين بدراسات ماضي شبه الجزيرة العربية، والجنس السامي الى أن جنوب شبه الجزيرة العربية(اليمن) هو الموطن الأصلي للساميين،ومنه تفرقوا الى الأقطار الاخرى..

نقلا عن الباحث اليمني احمد حسين شرف الدين:( إن أقدم امة عرفها التاريخ اليمني، هي امة (عاد)المذكورة في القران الكريم، كانت تدين بالوثنية ،وأرسل إليها نبيي الله هود،وذهب بعض الباحثين الى أن (عادا\") هي أصل الجنس السامي،وقد عاشت بـ (الأحقاف) من ارض حضرموت،وفي عاد يقول الله تعالى مخاطبا لهم(وجعلكم من بعد قوم نوح)،وقد نزح فريق منهم الى العراق،كما أكد ذلك الدكتور المصري احمد عبيد في مقالاته التي نشرتها صحيفة روز اليوسف المصرية في 16و26سبتمبر سنة1955 بعنوان:ما هو أصل الشعب المصري؟ وقد جزم فيها بأن المصريين هم بعض تلك الأمة السامية التي هاجرت من جنوب الجزيرة العربية، وان الفرعونية ما كانت إلا فترة عابرة في تاريخ مصر العربية ،وقال إن زعامة مصر للعرب مستمدة من أصلها العربي،وأورد على ذلك عددا\" من الأقوال والأدلة، وهذا ما يؤكد ما نقله الهمداني في الجزء الأول من الإكليل من نزوح بعض قبائل خولان بن عامر من اليمن الى مصر، بعد خراب سد مأرب للمرة الأولى)..انتهى كلامه...

وحول تمدن أهل اليمن يقول المؤرخ الدكتور جرجي زيدان (أهل اليمن حضر من أقدم أزمانهم ،فهم أهل مدن وقصور ومحافد وهياكل وأثاث ورياش،لبسوا الخز، وافترشوا الحرير، واقتنوا آنية الذهب والفضة ،واغترسوا الحدائق والبساتين)...

تلك هي أمجاد أهل اليمن ،شيدوا الحضارات،بنوا القصور والسدود، وخاضوا السجالات،انتصروا لأرضهم ودينهم،صنعوا ماضٍ زاخر بالبطولات في الحرب والسلم ،في البناء والمدنية،في كل المجالات...

نخاطب عقل ووجدان الإنسان اليمني، بسرد ومضات من تاريخه الساطع، نسقيه قطرات من محيط التاريخ اليمني ، ننتشله من ظمأ الواقع الشديد القسوة ،الموسوم بالتهميش والإقصاء-هذا لا يعني أن نتباكى على ما كان، ونظل نندب على أطلال الماضي، ونتجاهل حاضرنا-حتى تصحو وتصحو الهمم ،ليبادر في معرفة مواطن الأخطاء والقصور ومعالجتها،لإعادة هيبة اليمن ومكانته،فالحاضر موصول بالماضي ،والأحفاد على سير الأجداد.

أورد الهمداني في الإكليل قول حسان ابن ثابت الأنصاري(اليماني) رضي الله عنه شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يمتدح قومه:

فنحن بنو قحطان والملك والعلا *** ومنا نبي الله هُود الأخيار.

وإدريس ما إن كان في الناس مثله *** ولا مثل ذي القرنين إبنا عابر.

وصالح والمرحوم يونس بعدما *** آلات به حوتٌ باخلب زاخر.

شعيب والياس وذو الكفل كلهم *** يمانيون قد فازوا بطيب السرائر.

بعد شواهد الماضي ينبغي أن نسأل:

*أين دور القبيلة اليمنية،ودور الإنسان اليمني المعروف بالتعصب للأرض والإنسان اليمني دون التفريط أو تقديم المصلحة الخاصة على مصلحة الوطن؟

لابد من مراجعة كل الأخطاء التي أوصلت اليمن الى أسوأ فترة تاريخيه لما تشهدها من قبل،فالأوطان تبنى من الداخل وبأيادي أبناءه.

ينبغي أن نخرج من العزلة، عزلة الثقافة والمعرفة،عزل التمسك بالعادات والتقاليد السلبية، بحجة المحافظة على الأصالة ، ونهدم سياج التباعد مع الشعوب الأخرى، حتى يعرف العالم أكثرعن اليمن والشعب اليمني..

badrhaviz@hotmail.com


في الأربعاء 09 مايو 2012 03:55:11 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mirror1.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mirror1.marebpress.net/articles.php?id=15465