عمي الجندي أنت لا تصلح مسؤولا!!!!
د.طارق عبدالله الحروي
د.طارق عبدالله الحروي

- لعل من نافلة القول أن السبب الرئيسي الذي يكمن وراء اختياري الكتابة في هذا الموضوع من خلال هذا العنوان تحديدا، والذي تعمدته شكلا ومضمونا هو حالات الاستماتة غير المعقولة لا بل وغير المنطقية التي ظهر عليها المسئولين في الدولة وخارجها على المستويين الرسمي وغير الرسمي في التمسك بأطراف كراسيهم الوثيرة التي خلدوا إليها ردحا طويلا من الزمن فكانوا سببا أساسيا وراء استمرار تنامي حالات النكوص والتدهور الحادة في أوضاع البلاد برمتها، بصورة كادت أن تتحول في ضوء ما نلمسه من تطورات أو لنكن أكثر جراءة وصراحة فقد تحولت إلى ظاهرة بكل ما تعنيه هذه الكلمة من دلالات ومعاني لها شأنها، على خلفية هذا التكالب الذي ظهر عليه غالبية المسئولين في الدولة- هذا إن لم نقل كلهم إلا من رحم الله- لدرجة يصعب معها تصديقها واستيعابها أو مواجهتها بالسبل التقليدية، سيما بعدما كنت أظن ومعي الكثيرون في ضوء ما أفرزته أحداث مطلع العام الماضي من آثار وتداعيات بهذا الشأن أنهم سوف يعزفون عنها حتى لو قدمت إليهم على طبق من ذهب، أما لماذا ؟

- نرد بالقول أن هذه الشريحة من البشر إذا ما أسعفنا الحظ بالقول إن كانوا قد ربطوا بقائهم على قيد الحياة بها، وأحاطوا بها مثلما يحيط السوار بالمعصم، بحيث لم يعودوا يستطيعون أن يفكروا حتى لمجرد التفكير بأن زمانهم وعمرهم الافتراضي (لخدمة اليمن دولة وشعبا؟؟؟) من هذا المواقع الإدارية والسياسية والمجتمعية...الخ قد أنتهي بالفعل بلا رجعة (أو كاد ينتهي) لصالح جيل جديد من الأبناء المتسلح بشتى العلوم والمعارف والمهارات والهمم الجديدة التي تتطلبها المرحلة الحالية والقادمة، والمشبع بالروح والقيم الوطنية والدينية والأخلاقية التي فقدها الكثيرين منهم (سامحهم الله) سواء أكانوا راضين أم لا.

- فإنهم- وفقا- للدلائل التاريخية الحالية قد عقدوا النية والعزم على البقاء فيها حتى وإن كان ذلك على حساب أولويات المصلحة الوطنية العليا للبلاد بكل ما تعنيه هذه الكلمة من دلالات ومعاني لها شأنها، وإلا فكيف بالله عليكم نستطيع أن نفسر هذا التكالب المزري والمخجل في أيامنا هذه على تولي المناصب الإدارية والسياسية...الخ في الدولة تحت أية مسمى كان، والذي لا يمت بالمطلق حتى لأدني حدود المسئولية الوطنية والدينية والأخلاقية والإنسانية والمهنية.

- وهو ما يدفعني لتوجيه تساؤلاتي إليهم مباشرة والتي مفادها ألم تعودوا تستحوا أو تخجلوا من أنفسكم ومن الناس ثم من الله جل في علاه ؟ ألم تكيفهم كل تلك المدة الطويلة جدا التي سلمنا فيها إليكم اليمن دولة وشعبا على طبق من ذهب وديعة لديكم وأمانة في أعناقهم، فهل راعيتم الله فيها حقا رعايتها إلا من رحم الله ؟ وإن أجبتم بنعم سوف أقول لكم إنكم قساة قلوب ومتحجري عقول، خونة كاذبون ساخطون لا بل وحاقدون لصوص، فانظروا حولكم أين هي اليمن الآن دولة وشعبا وتاريخا وحضارة وطموحا وانتماء وولاء...الخ.

- هل أصبح حراما ومستبعدا على هذه الأمة في بطون قواميسكم وحساباتكم الخاصة النتنة التي فاحت روائحها الكريهة فازكمت القلوب والعقول قبل الأنوف حقدا وحسدا وأنانية وتأمرا...، أن تنعم بشيء من الأمن والاستقرار والحياة الكريمة، بشيء من التغيير الجذري في أنماط حياتها، كي تتعافى فيشتد عودها ويظهر معدنها الأصيل الذي كرمها الله تعالى بها منذ بدء الخليقة، فتعود رقما بارزا له شانه بين الأرقام في هذا العالم، وأخيرا بكل صراحة وشفافية هل يستطيع البعض منكم أن يجيب على سؤالي الذي مفاده ما الذي تستطيعون أن تقدموه لليمن دولة وشعبا في ظل مرحلة جديدة لها متطلباتها وسماتها الخاصة لم تعودا جزء منها فلها رجالها ونحن رجالها، بعدما عجزتم عن تقديمه طوال الخمسين سنة الماضية وكنتم آنذاك رجالها، فهذه هي حدود نطاق قدراتكم وطموحاتكم...، وهذا أقصى ما يمكن أن تقدموه ففاقد الشيء لا يعطيه كما يقول المثل الدارج أما لماذا ؟

- فنرد بالقول إن طبيعة ومستوى ومن ثم حجم الأوهام والأحقاد والوساوس التي أوهمتم ومن ثم أحطتم بها أنفسكم كذبا ونفاقا ورياء وتدليسا...الخ حتى صدقتموها أنتم قبل غيركم التي مفادها إن اليمن دولة وشعبا ماضيا وحاضرا ومستقبلا بدونكم كشخوص وبما امتلكتموه من قدرات ومهارات ومعارف التي نقصد بها هنا تحديدا (الخبرات التي أوجعتم بها رؤسنا)، لم ولن يقوم لها قائم إلا بكم، إلا أني استميح أقراني عذرا بأن أردها عليهم بأنكم واهمون لدرجة كبيرة، فأنتم لا تقرءون ما جرى ويجري وسيجري وإذا قرأتم لا تفقهون.

- فجل ما تستطيعوا أن تقومون به، في ضوء طبيعة ومستوى ومن ثم حجم المشاكل والمعضلات التي تئن تحتها اليمن وبالاستناد إلى الدلائل التاريخية بهذا الشأن- برأينا- لم ولن يتعدى مجرد أصوات صفراء تقترب إلى فحيح الأفاعي ليس إلا، لم تأتي لنا إلا بالوهم ووجع الرأس فاستنزفت أوقاتنا ومواردنا وطاقاتنا وهددت حاضرنا ومستقبلنا وطموحاتنا وأمننا، أكثر منها أقوالا تحمل معاني ودلالات يمكن أن ترتقي إلى مستوى الأعمال العظيمة، يعتمد عليها في إمكانية إصلاح الأوضاع إلا ما ندر لمن رحمه الله.

- وأنا باسم أبناء جيلي يسعني أن أدحضها بقولي أننا قادرون على ان نطور ونكتسب علومنا ومعارفنا ومهاراتنا وخبراتنا الضرورية بأنفسنا، فلم نعد بحاجة إلى ما تسمونه خبرة كنتم وما زلتم تمنون بها علينا ليل نهار، لأنكم بها أوقفتم عجلة التطور والتقدم في البلاد- هذا إن لم نقل أهلكتم الحرث والنسل- لا بل جففتم ينابيع الآمال والطموحات في نفوسنا وعقولنا، لكن مع ذلك فلا يعني ذلك- أيضا- أننا لا نريدكم أن تبقوا قريبين منا كي نستمع إليكم عند الحاجة، على ان تتركوا بيننا وبينكم مسافات فاصلة، كي يتاح لنا المجال واسعا للعمل والإنجاز- وفقا- لما تم تأهيلنا له، أما لماذا ؟

- نرد بالقول أن طبيعة ومستوى ومن ثم حجم المعطيات الظرفية للبيئتين الداخلية والخارجية في المرحلة الحالية والقادمة قد فرضت عليكم وجود رجال لهم سمات وصفات من نوع أخر، فرضتها العلوم والمؤهلات والمعارف والمهارات والهمم التي حازوا عليها أو تم تأهيلهم لها وأصبحت المرحلة برمتها بحاجة ماسة لها شئتم أم أبيتم، بحيث لم يعد من الممكن تجاوزها ولا تجاهلها.

- ومن هذا المنطلق يجب على الرعيل الأول من الآباء والأبناء الذين مكثوا ردحا طويلا من الزمن أن يدركوا تمام الإدراك أنهم قد أصبحوا خارج نطاق حدود المعادلة الرئيسة الحاكمة للبلاد التي تفرضها المعطيات الظرفية الداخلية والخارجية؛ سواء أكان ذلك مرده قدرات تتضمن علوم ومعارف ومهارات أو آراء وقناعات عفا عليها الزمن إلى حد ما، بحيث لم تعد تتفق مع متطلبات المرحلة الحالية والقادمة أو أكان مرد ذلك ممارسات سلبية وأخطاء فادحة بلغت حد الذروة في السقوط المدوي للجزء الأكبر والمهم من هؤلاء المسئولين في مستنقعات الإفساد والفساد بكل أشكالها التي تعج بها البلاد من أقصاها إلى أقصاها، وصولا إلى ما أثبتته الدلائل التاريخية من مؤشرات عن تورط الكثير من القيادات والعناصر السياسية والحزبية والإدارية والمجتمعية...الخ على كافة المستويات، في مخططات التأمر على اليمن دولة وشعبا وتاريخا، التي وصلت إلى تلك الجزئية المتعلقة بتهم الخيانة العظمى.

- وتأسيسا على ما تقدم واتساقا مع عنوان هذه المقالة أود ان أبعث من القلب إلى القلب بفحوى رسائلي القصيرة إلى عمي الأستاذ عبده الجندي الذي يتربع على بعض المواقع غير الإدارية في الدولة بصفته عضوا في اللجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي العام وناطقا رسميا لحزب المؤتمر وأحزاب التحالف الوطني ونائبا لوزير الإعلام، بعدما حفت قدماه وشحب وجهه وبح صوته، وهو يبحث عن قطعته مما يسمي بكعكة السلطة (وليس فتاتها) طوال حياته كما يحلو له ترديد ذلك وفي الفترة الأخيرة خاصة، على الرغم مما يحظى به لحد الآن من امتيازات غير مشروعة (مناصب، أراضي، أموال، حظوة،..)، أما لماذا ؟

- نرد بالقول لأنه كان ومازال دائم الشكوى عن تقصير مسئولي الدولة معه في معظم مؤتمراته الصحفية التي من خلالها كان يبعث بعتبه للمسئولين فيها بدون أية مراعاة لما كانت الأمة تمر به من محن وأوقات عصيبة جدا لم يكن لها مثيل، أما عن مضمون هذه الشكوى فإنه يتمحور في أنه عندما عين نائبا لوزير الإعلام حرم من أية صلاحيات إدارية يوفرها هذا الموقع الإداري بالاستناد إلى ما نص عليه قرار التعين في سابقة هي الأولى من نوعها.

- بمعنى آخر أنه يشغل وظيفة نائب وزير بدون حقيبة إذا ما صح لنا القول ذلك، إلا أنه مع ذلك يتمتع بكافة الامتيازات المالية والبورتوكولية...الخ، التي يوفرها هذا المنصب الإداري، بصورة أتاحت المجال واسعا للكثير من اللغط والتأويلات حوله، مما وفر المجال واسعا أمام الأستاذ عبده الجندي لمحاولة استغلاله ضمن سياسية لي الذراع التي أعتمدها في قضاء حوائجه منذ مطلع العام الماضي على أقل تقدير، سيما في حال تنامي إلى أذهاننا وعقولنا أن الأستاذ الجندي كان يعرف حق المعرفة الاعتبارات الكامنة وراء هذا القرار قبل أن يعلن رسميا ووافق عليه، وهنا يكمن بيت القصيد.

- أما طبيعة السر أو الحكمة التي تكمن وراء هذا القرار والذي لا يعرفه الكثيرين من عموم الرأي العام، فيمكن إعادة بلورته في أمرين رئيسين الأول يكمن في طبيعة المهمة (الوظيفة) التي كلف بأدائها الأستاذ الجندي والتي كانت تحتاج شخصا متفرغا بشكل تام، لإدارة جانبا مهما من فصول الحرب الإعلامية (القذرة) التي فرضتها المعطيات الظرفية آنذاك؛ والتي أدار رحاها باقتدار في مؤتمراته الصحفية اليومية، والتي من خلالها سوف تحدد مصير أطراف النزاع إذا ما صح لنا القول ذلك، فكان الناطق الرسمي باسم الحكومة إلى حد كبير، أما عن السبب الذي يكمن وراء تعينه نائبا لوزير الإعلام، فهو- برأينا- إن الأستاذ الجندي كان بالفعل يتمتع بدرجة وكيل في وزارة الشئون الاجتماعية والعمل، ثم بدرجة وزير بدون حقيبة في اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء، فكان المخرج القانوني في هذا الأمر هو تعينه بدرجة نائب وزير، كي يتسنى له أداء مهمته بمرونة وانسيابية على رأس الوزارة المعنية.

- أما الأمر الثاني فإن له علاقة وثيقة الصلة بالقدرات التي يتمتع بها الأستاذ الجندي فهو إن كان قد تبوء عدة مناصب في الدولة كما أشرنا إليها آنفا، إلا أنها يغلب عليها الطابع غير الإداري، أما لماذا ؟ نرد بالقول أن الأستاذ الجندي بالرغم مما يمتلكه من مهارات فريدة في الجانب السياسي- الإعلامي أهلته طول المدة التي قضاها في الساحة السياسية والحزبية على رأس احد الأحزاب المعارضة كما يحلو للبعض ترديد ذلك، بصورة مكنته من امتلاك بعض مفردات المجادلة مع الخصوم، إلا أنه في نفس الوقت إذا ما صح لي القول ذلك لا يمتلك أدني المهارات والمعارف والخبرات الإدارية التي تمكنه من إدارة أية مرفق من مرافق الدولة وخارجها وفي أية مستوى كان، سيما في حال استشفينا مؤشرات هذا الأمر بكل ما لها من دلالات ومعاني بهذا الشأن مما حققه من انجازات يعتد بها، يغلب عليها الطابع الإداري طوال الثلاثين عاما التي قضاها على رأس الحزب الناصري الديمقراطي، إذ ان الدلائل التاريخية تشير إلى استمرار تنامي حالات الفشل الذريعة في مسيرة الحزب التي أصبحت أهم سماته على الإطلاق وعلى كافة المستويات الفكرية والثقافية والإدارية والتنظيمية والبشرية والسياسية والحزبية (إلا المالية)....، مما يعطينا دليلا مهما على ذهبت إليه آنفا.

- وختاما لا يسعني إلا الإشارة إلى مضمون تلك الحكمة التي جاد بها علينا القائد المجاهد الشهيد صدام حسين رحمة الله عليه بقوله إن (أساس المعدن الأصيل الطيب للرجال أن يستحوا من أي نقيصة، فمن لا ترى أنه يستحي من ذلك، فلا تعتمده في مهمة خير، وأجعله يجادل خصومك وأعداءك حسب).

والله ولي التوفيق

d.tat2010@gmail.com


في الأحد 20 مايو 2012 04:28:28 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mirror1.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mirror1.marebpress.net/articles.php?id=15626