ما يقوله استشهاد سالم قطن !
مصطفى راجح
مصطفى راجح

الدرس الذي أراد سالم قطن ان يعلمنا إياه درساً مزدوجاً يتجاوز الواجب العسكري وتفاني القائد الكبير في القيام به، الى معاني اكبر تتعلق بتقديم نموذج قيمي وأخلاقي يتوخى من خلاله ترسيخ قيم جديدة تكون مثالاً يحتذى للجيل الجديد من شباب اليمن، قيم جديدة تبنى على انقاض القيم النفعية التي نتجت وترسخت في المجتمع خلال السنوات العجاف، وكرست القيمة العليا لقاطع الطريق والشطار الذين يلهثون وراء المصالح الذاتية ضاربين عرض الحائط بكل القيم والأخلاق والمصلحة العامة، وغير آبهين بما ينال الآخرين من أضرار نتيجة أفعالهم..!

جاء سالم قطن الى موقع قائد المنطقة العسكرية الجنوبية في لحظة استثنائية حرجة يتردد فيها أي أحد يمكن ان يكلف في ظل معطيات سلبية صادمة؛ حيث تسيطر القاعدة على أبين، وتهدد عدن وفي ظل انفلات امني في عدن وانهيار في معنويات الجيش، الذي كان عرضة لمذابح إرهابية غامضة تضافر فيها الإرهاب مع التواطؤ لتكون النتيجة غياباً مخيفاً لهيبة الدولة يهدد البلد كلها وليس فقط المنطقة الجنوبية.

جاء سالم قطن إلى الموقع العسكري القيادي بثقافة جديدة تنظر للتعيين في المركز القيادي كمسؤولية وطنية جسيمة، وليس كبوابة للكسب الشخصي والهنجمة وشغل العصابات..!

جاء سالم قطن الى عدن بعزيمة الرجل الشجاع الذي يعطي الأولوية لأداء مهامه وواجباته ولم تكن الحماية الشخصية هي أولويته، وقد رأيناه بسيطاً شجاعاً، يمشي بين الجنود وأفراد اللجان كواحد منهم، ولا يتخفى أو يترك جنوده يواجهون مصيرهم وحدهم في مذابح الارهاب..قتل سالم قطن لأنه هزم الارهاب، وقاد الحملة العسكرية التي قطعت رأس الحية في أبين، واستشهاده لا يمثل قوة للإرهابيين القتلة بل يؤكد حقيقة هزيمتهم في أبين وشبوة، وتعبير عن لجؤهم للعمل اليائس المهزوم؛ الانتقام عبر العمليات الانتحارية، ولم يكن لهم حتى ان يفلحوا في الانتقام من القائد البطل لو لم يكن الرجل بسيطاً وشجاعاً وغير آبهٍ بالموت، وكان هذا واضحاً في عدم اهتمامه بالحماية الشخصية والاحتياطات الأمنية التي يجيدها «المقرطسون» ولا يجيدون غيرها، أولئك الذين لم يخوضوا معركة ولم ينزلوا يوماً الى ميادين التحديات الوطنية التي تواجه اليمن عبر الارهاب وجنون معتنقيه.

«من لم يمت بالسيف مات بغيره، تعددت الأسباب والموت واحد» هكذا سمعنا سالم قطن معزياً باستشهاد احد ضباطه قبل ايام قليلة من استشهاد القائد نفسه في العملية الغادرة التي أدمت قلوبنا جميعاً كيمنيين نتمنى استقرار بلدنا وخروجها من دوامة الارهاب والانفلات، كان سالم قطن درساً استثنائياً في لحظة فارقة لليمن، درساً في مسؤولية القائد العسكري في أداء واجبه الوطني بشجاعة وكفاءة وإخلاص، ودرساً في الوطنية اليمنية قدمه بصمت ودونما ضجيج، وأثمر في زمن قياسي بهزيمة أنصار القتل والدمار والخراب واستعادة هيبة الدولة في أبين وشبوة واليمن كلها، وعلى جميع «القادة» ان يتعلموا الدرس من الرجل الذي دفع حياته من أجل أن يؤدي واجبه ومسؤوليته الوطنية، ومن أجل ان يتوافر الأمن لأبناء شعبه .

يقول المثل اليمني المشهور ان هناك نوعين من القادة؛ قائد تحزبَّه وقائد تحربَّه، وقد كان سالم قطن قائداً عسكرياً للحرب والقتال وأداء الواجب وليس للعرض والحزبه، ودفع حياته من أجل أن نحيا وتحيا قيم الواجب، والمسؤولية والوطنية والتضحية من أجل الآخرين ووفاءً للشهيد البطل ينبغي ان تستكمل المعركة ضد الارهاب، المعركة في مستواها الثاني بعد ان فقدت القاعدة السيطرة على المناطق هي معركة استخباراتية أمنية، وعلى القيادة العليا للدولة قيادتها لتؤدي مهمتها بنفس المستوى الذي قدمه الجيش اليمني في المعركة المباشرة لاستعادة أبين وشبوه، والبداية بتوحيد الإرادة والقيادة المسيرة لأجهزة الأمن وإجراء تغييرات جوهرية في بنيتها ومنهجيتها وأساليب عملها، كما حدث بالنسبة لوحدات الجيش تحت قيادة سالم قطن والأهم من ذلك كله ان يدرك الرئيس والدولة والحكومة والجميع ان معركة بناء ما دمرته الحرب, وعودة الدولة عبر الخدمات والأمن والتعويضات واداء واجباتها ومهامها والإدارة بشكل عام هي التحدي الأهم حتى لا يعود للإرهاب أرضية يتحرك عليها أو أوضاعاً يستثمرها لترويج مشروعه التدميري.


في الخميس 21 يونيو-حزيران 2012 03:59:25 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mirror1.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mirror1.marebpress.net/articles.php?id=16145