فخامة الرئيس.. الشعوب تحترم القادة الشجعان
همدان العليي
همدان العليي

حدثني صديق عن موقف حدث له قبل سنوات عندما قرر إكمال دراسته الجامعية في إحدى الجامعات الخاصة رغم ظروفه المالية السيئة جداً. بعد مضي أشهر على بدء الدراسة في الجامعة.

سمع الطالب بأن رئيس الجامعة يقدم خصومات لبعض الطلاب الذين يتقدمون بطلب ذلك. ولأن ظروف هذا الطالب قاسية، فقد طلب من رئيس الجامعة منحه تخفيض رسوم الدراسة في الجامعة لذلك العام، لكن الأخير رفض وبرر رفضه بأن ظروف الجامعة لا تسمح وبدأ بذكر مشاكلها (حق السباك والكهرباء ومرتبات الموظفين والمدرسين والضرائب إلخ.).

بعدها بأيام تفاجأ الطالب بأن رئيس الجامعة قد منح زميل يدرس في دفعته ويعمل في وزارة النفط تخفيضا بنسبة 20% من رسوم الجامعة..! ثم تكرر المشهد بعدها لأكثر من شخص وأعطت الجامعة تخفيضات لطلاب يعملون في وزارة الاتصالات وشركات مرموقة.

يقول صديقي: أصبت في تلك الفترة بإحباط..! ما الذي يحدث في هذا العالم؟ أنا طالب أعمل في مركز اتصالات بمرتب 7 ألف ريال شهريا لا تعطيني الجامعة تخفيض مالي بعذر أن وضع الجامعة المالي متدهور، وغيري من يعملون في جهات حكومية وغير حكومية بمرتبات عالية تمنحهم إدارة الجامعة تخفيضات متفاوتة..! لماذا يهتمون بالقوي ويخذلون الضعيف المحتاج؟

هذه القصة تذكرني بمواقف مشابهة، يتم فيها الاهتمام بالقوي ويخذل فيها الضعيف. حيث كانت الحكومات السابقة تقوم بتوزيع معونات القمح القادمة من بعض دول الجوار لموظفي الدولة فقط، ويتجاهلون شريحة كبيرة من المجتمع التي إما لا تعمل في الأصل بالإضافة إلى فئة العمال.

هذا الأمر ينطبق أيضاً على تلك المرتبات التي كانت توزع على أساس أنها هبة من الرئيس السابق في شهر رمضان. كانت الحكومة تتجاهل الفئة الأشد فقرا في المجتمع اليمني، وهي التي لا تعمل في الأصل، بالإضافة إلى أصحاب الأعمال الحرفية والعمال المتناثرين في الجولات والشوارع بلا أعمال بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية التي انعكست سلبا على عملية البناء والتشييد. كان السؤال الأكثر حضورا في تلك الأيام: من لهؤلاء؟ أليسوا يمنيين؟

صحيح أن مرتبات الوظائف الحكومية ليست بالقدر المطلوب، لكن العدل مهم، مع الأخذ بالاعتبار بأن في اليمن فقراء وجياع. والفرق بين الفقير والجائع هو أن الفقير يجد قوت يومه بصعوبة وربما لا يكفيه والجائع هو من لا يجد هذا القوت في الأصل..!!

أموال هذا البلد لا تذهب إلى مكانها الصحيح، حتى المساعدات التي تأتي من خارج البلد يصل أغلبها إلى من لا يستحق.

حول هذا الشأن، نشرت بعض وسائل الإعلام خبراً لم يتم نفيه، مفاده أن رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي مستاء جداً من رفض وزير المالية صخر الوجيه لتوجيهاته التي أمر فيها صرف الاعتمادات الخاصة بما أسموها " شخصيات وطنية" والتي تقدر بملايين الريالات، منها 12 مليون لشيخ واحد شهرياً، وثلاثة ملايين ريال شهرياً لوزير سابق، وصحفي يستلم مليون ريال، وآخر ستمائة ألف ريال شهرياً..!

قد يتساءل البعض مقابل ماذا تُدفع هذه المبالغ؟ حتى أنا مثلكم لا أعرف بالضبط، لكن ماداموا "شخصيات وطنية" فهذا يعني أن المبالغ الكبيرة هذه تُسلّم لهم مقابل وطنيتهم..!

هذا الاستياء الرئاسي يأتي بالتزامن مع حملة أطلقتها جمعية الهلال الأحمر الإماراتية، جاءت هذه المبادرة الكريمة بعدما أشارت صور وتقارير صادرة عن منظمات دولية إلى وجود مجاعة في بعض مناطق اليمن، وأن هناك حوالي نصف مليون طفل مهددين بالموت بسبب سوء التغذية بالإضافة إلى مئات الأسر المشردة بسبب المواجهات المسلحة في كل من صعدة وأبين وبعض مناطق في العاصمة وحولها..!

ربما نحن بحاجة إلى إرسال رسالة إلى الرئيس الذي انتخبناه في 21 فبراير الماضي..

فخامة الرئيس.. إن السبب الأساسي الذي دفع باليمنيين إلى الخروج إلى الشوارع، هو أن الرئيس السابق تجاهل أوجاع وآهات البسطاء من شعبه، وأصر على إرضاء مشايخ القبائل وأصحاب النفوذ طوال 33 عاماً، وفي الأخير كانوا هؤلاء أوائل من وقفوا ضده وفجروا في خصومته..!

فخامة الرئيس.. كن شجاعاً وحاول الانتصار للضعفاء من شعبك المحب لك، فالشعوب لا تحترم إلا القادة الشجعان!


في الأربعاء 04 يوليو-تموز 2012 10:52:12 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mirror1.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mirror1.marebpress.net/articles.php?id=16350