ألاّ تكون طائفياً؛ لا يعني أن تُدس رأسك في التراب!
هشام الراوي

مأرب برس ـ خاص

حملة تكميم الأفواه التي تمارسها الحكومة الطائفية العراقية، وكم كبير من إعلاميي (الحركة الصفوية) وشخصياتها السياسية والدينية وأبواقها ومن والاهم، والتي طالت مختلف وسائل الإعلام العراقية والعربية مستقويةً بالأجنبي؛ تارة بغلق المكاتب وأخرى بحرب إعلامية (غالباً ما تكون بذيئة وغير مهنية)، وكَيلٌ باتهامات وصفات (كالإعلام الطائفي والتكفيري والصدامي والقومجي...الخ).. هذه الحملات التي لم ينجُ منها حتى مشاركون فيما يسمى بالعملية السياسية ونواب لا ينتمون إلى ذات الطائفة المهيمنة على حكومة الإحتلال؛ والذين اتهموا (بالطائفية والإرهاب ومساندة التكفيريين)، ومنهم من صدرت بحقه مذكرات اعتقال، وآخرون رفعت عنهم الحصانة النيابية؛ حتى أضحى عدد من النواب العراقيين من (طائفة معينة) خارج العراق لا مشاركة لهم في قرارات مجلسهم ولاصوت!!..يهددون -عن بعد- برفع الشرعية عن الحكومة الحالية!!..

أصبحت وسائل الإعلام العربية؛ المكتوبة والمرئية منها خاصة، حريصة على تفادي نقل كمٍ كبير من أخبار العراق، وصارت تصرف جهداً استثنائيا للصياغات؛ حتى لا تُتهم (بالطائفية) وما قد يتبع ذلك من صفات مر ذكرها؛ فصرنا نتابع ونتطلع إلى ما تنقله محطات التلفزة الغربية من صور ما يجري في العراق من جرائم على يد المليشيات الطائفية وقوات الأمن العراقية الموالية لها، كما فعلت القناة البريطانية الرابعة فنقلت ما تنأى عن نقله التلفزة العربية، وصرنا نقرأ ما تكتبه الصحف الغربية من أخبار وتحليلات تنأى عن نشر مثلها مباشرة الصحف العربية وتحرض عند نشرها على الإشارة إلى المصدر الغربي أمانة ورفعا للملام!!..

في المؤتمر القومي العربي الذي عقد مؤخراً كان (الكثير) من المشاركين حذرون جداً في اختيار التعابير؛ خشية أن يُتهموا (بالطائفية) وما يتبع ذلك من اتهامات أخرى، وكان واضحا على ( الكثيرين) مقدار الجهد المبذول عند التعليق على أمور تخص العراق، وكان الأسلوب الأفضل هو حصر الموضوع (بالاحتلال الأمريكي) وتحاشي الحديث عن (الاحتلال الإيراني) أو عن (طائفية) النظام الرسمي الحاكم الممثَّل بحكومات الاحتلال الأربع.

وتضمن البيان الختامي مطالبة لإيران بالتوقف عن (سياستها!!!) التي تسئ إلى وحدة العراق وهويته العربية.. وفي حين وصف المؤتمرُ الجدارَ في فلسطين (بالعنصري) لم يعط لجدار الفصل في الأعظمية غير صفة العزل؛ دون أن يبين ما إذا كان العزل عنصريا أو طائفياً أو غير ذلك؛ مما يشير إلى كم المجاملة السياسية، والتي انعكست أيضا على المقابلات الصحفية للمشاركين في المؤتمر؛ إلا قليلاً منهم. كما سكت البيان الختامي عن إيران ومخابراتها وحرسها الثوري وكأنه برأها من أعمال (القتل الجبانة) التي استنكرها المؤتمر وحصر أتهامه بالوقوف وراءها بالإحتلال الأمريكي-البريطاني والموساد الإسرائيلي وعملائهما. ولم ينس المؤتمر أن يستنكر الفتاوى (التكفيرية والعنصرية) مع تحاشٍ واضح لكلمة (الطائفية!!)...بالله عليكم هل سمعتم أحداً يتكلم في موضوع العراق عن فتاوى (عنصرية)!!..

خلال إحدى استراحات المؤتمر عُرض شريط تسجيلي؛ (جثث مجهولة) استغرق عشر دقائق، نقل صورة بسيطة جدا لما يجري في العراق من قتل وتهجير على الهوية.. لكن ما هي إلا دقائق من بداية العرض حتى انبرى أحدهم يصرخ أوقفوا هذا الفيلم (الطائفي)، وطالب أحد أعضاء الوفد العراقي (بالتحقيق) في عرض الشريط؛ وكأن عرضه (جريمة طائفية) وليس ما عُرض (جرائم طائفية) تستدعى التحقيق!!وانبرى السيد خالد السفياني أمين عام المؤتمر القومي منددا بعرض الفيلم ورافضا أن يكون للمؤتمر أية صفة طائفية!!!

إذن؛ ندس رؤوسنا في التراب حتى لا يُقال عنا طائفيون!!..

أن تصدر قرارات رسمية أو مليشياوية بمنع دخول المواطبين العراقيين من العرب السنة إلى محافظتي النجف وكربلاء؛ لا يُعد تمييزا طائفيا؛ ولكن نقل الخبر أو الحديث عنه لا يقوم به إلا طائفيون تكفيريون!!

أن تقرر الحوزة في النجف هدم أقدم مسجد سُني فيها (مسجد عمرو بن العاص) -كما ذكرت مفكرة الإسلام- وبناء فندق (لمتعة) الزوار من غير العراقيين؛ لا يعد تجاوزا طائفياً على دور عبادة وأملاك لطائفة أخرى أما نقل الخبر أو الحديث عنه فهو عمل طائفي تكفيري!!

أن تُفرّغ مناطق كثيرة من بغداد من العرب السنة وأن تُحاط المناطق التي لازال فيها تواجد سني بأسوار كونكريتية حتى يسهل على الميليشيات وقوات الأمن الطائفية ضربها بقوة كما حصل خلال الأيام الماضية في الأعظمية؛ لا يُعد عملاً طائفياً، أما من يعترض عليه أو يناقشه فهو طائفي تكفيري!!

أن تمتلئ سجون الداخلية والإحتلال برجال وشباب العراقيين من العرب السنة وأن تُرمى جثثهم في مكبات النفايات مثقبة مقطعة مشوية مسلوخة؛ والجناة معروفون أحرار، تكافؤهم حكومة الإحتلال الطائفية؛ لا يُمكن أن نتحدث عنها تفصيلاً، ولا يمكن أن نكشف من يقف وراءها؛ لأن مثل ذلك الفعل باعث على الفرقة الطائفية!! لذا يُجرم من يتحدث عنها ويبقى طليقا فاعلها!!!

أن تُغلق وزارة الصحة الطائفية مستشفى النعمان في الأعظمية وأن تخليها بالقوة قوات الأمن وأن تخلو كل مستشفيات بغداد من أي مريض أو زائر من المواطنين العرب السنة هذا لابد من السكوت عنه حتى لا نُتهم بالطائفية...

أن يُسارع الناس إلى تغيير أسمائهم خشية القتل وأن يُلاحق كل من يحمل اسم عمر او بكر أو عائشة وأن تُطلق هذه الأسماء على (........)!!؛ أليس هذا طائفية؛ أم إن الحديث عن حصول مثل هذا جريمة طائفية عظيمة يلاحق عليها قانون الصفويين!!!

لو أن شخصا يحمل ذات اسم السيد (خالد السفياني) أراد أن يزور مريضا في إحدى مستشفيات بغداد، فأن أحد شقي اسمه سيكفي أن يكون خلال بضعة دقائق في ثلاجة المستشفى في أحسن تقدير، دون الدخول في تفاصيل ما سيمر به خلال الدقائق تلك من قبل حماية المستشفى وبعض موظفيها وحتى أطبائها في إحدى غرف المستشفى الخاصة (بعمليات التعذيب) الصغرى أو الكبرى، وتحت رعاية كريمة من (السيد) ذو العمامة السوداء!!!

إذن؛ ندس رؤوسنا في التراب حتى لا يُقال عنا طائفيون!!..

لكني لا أنسى أن أذكر أنه قد زان المؤتمر تواجد شخصيات عربية شجاعة )من سنة وشيعة) لم يجاملوا (الصفويين) في قضية العراق على حساب الحق....كذلك لابد أن نُذَكّرِ بمثقفين وإعلاميين -مثلهم- (إسلاميين وقوميين ويساريين وغير ذلك) متواجدين على كل الساحة العربية وخارجها؛ دأبوا على فضح جرائم الصفويين في العراق، ولم يرتضوا أن يدُسّوا رؤوسهم في التراب...

AlRawi.mail@gmail.com

 

 
في الأربعاء 02 مايو 2007 06:12:11 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mirror1.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mirror1.marebpress.net/articles.php?id=1669