بين اثني عشرية صعده , واثني عشرية أبين
حميد البخيتي
حميد البخيتي

في الوقت الذي توجد بينهما تقاطعات عقدية وفكرية حادة فإن ثمة قواسم مشتركة تجمع الطائفتين لعل أبرزها العنف ، والإرهاب ، والتكفير , واستباحة الدماء ليكون التطرف هو المحصلة ، والمنتج النهائي لكلا الطائفتين ، وإذا كان اثنا عشرية صعده يمثلون قمة التطرف الشيعي في اليمن فإن اثنا عشرية ابين يمثلون قمة التطرف السني فيها إن جاز التعبير ، والغريب أن اثني عشرية صعده يستلهمون منهجيتهم من حديث الإثني عشر اميرا الذين يعتقدون عصمتهم مع أن حديث الإثني عشر اميرا أو خليفة الذي ورد في البخاري وغيره إنما يتحدث عن اثني عشر خليفة أو أميرا يجتمع الناس عليهم أي أنهم يحكمون وتجتمع عليهم الأمة كما أن المحققين من السنة والشيعة يقطعون بأن هؤلاء الإثني عشر إنما حدد عددهم في الحديث ولم تحدد أسماؤهم البتة لا في القرآن ولا في السنة حتى أبرز المراجع الشيعية المعاصرة تؤكد ذلك ومنهم الإمام الخوئي . وهذا معناه أن الأئمة الإثني عشر الذين يقصدهم اثنا عشرية صعده لا ينطبق عليهم الحديث كونه لم يحكم منهم سوى الامام علي بن أبي طالب وابنه الحسن رضي الله عنهما ناهيك عن ان الحسن رضي الله عنه تنازل عن الخلافة لمعاوية رضي الله عنه في نفس العام الذي عرف بعام الجماعة أما بقية الأئمة فلم يحكموا أصلا .أما اثنا عشرية أبين فيستلهمون منهجيتهم من حديث الإثني عشر ألفا ونصه في رواية احمد " سيخرج من عدن أبين اثنا عشر ألفا ينصرون الله ورسوله هم خير ما بيني وبينهم " فالحديث يقول سيخرج ولم يحدد زمن الخروج أي أن زمن الخروج مازال مبهما ولا يستطيع أحد أن يحدد هذا الزمن أو يقطع به إلا بنص والنص غير موجود وبالتالي فإن الذين يدعون أنهم هم المقصود ون في الحديث ليسو سوى واهمين لعدم امتلاكهم الدليل القطعي على ذالك. والاعتماد على الوهم في هكذا حالة , أمر في غاية الخطورة لما يترتب عليه من أحكام أقلها اعتبار انفسهم الفرقة الناجية ومن عداهم سيعتبرونهم فرقا هالكة كلها في النار .

ولنا عظة وعبرة ببعض التطبيقات المنحرفة المشابهة مثل تجرؤ جهيمان ومن شايعه في إسقاط حديث المهدي على صهره محمد بن عبد الله القحطاني استنادا لشبهة موافقة اسمه اسم المهدي فادعو بأنه المهدي واجتمع له أنصار وأتباع طمعا في شرف الصحبة والنصرة . وكانت الكارثة التي راح ضحيتها المئات إن لم يكن الآلاف , وكل ذالك بسبب سوء الفهم للنص مما أدى إلى هذا المنزلق الفكري الخطير .

ومشكلتنا هنا ليست مع النص الثابت الصحيح ولا مع الإثني عشر إماما اللذين نعتقد خيريتهم ولا نعتقد عصمتهم ولا مع الإثني عشر ألفا الذين نعتقد خيريتهم كذالك ولا نعتقد عصمتهم , ولكن مشكلتنا إنما هي في سوء الفهم لهذه النصوص وما نتج عن ذالك من منزلقات عقدية وفكرية وشطط اجتماعي وسياسي .

نعم المشكلة هي مع من يتعاملون مع النص وليست مع النص نفسه ، المشكلة هي مع القراءة غير الصحيحة للنص الصحيح أو للنصوص الأخرى المرتبطة بالنص الصحيح ، وعليه فإن لنا أن نسأل إخواننا اثني عشرية صعده سؤالا في غاية الأهمية عن من هو الإمام الذي أجاز لهم الهجوم على المواطنين الآمنين من ابناء محافظة الجوف ؟ ومن هو الإمام الذي أجاز لهم ممارسة العنف ضد من يخالفهم الرأي ؟ ومن هو الإمام الذي أجاز لهم ترويع الآمنين في منازلهم وقراهم ؟ ومن هو الإمام الذي أجاز لهم غزو حجة والاعتداء على دار القرآن في عاهم ؟ و من هو الإمام الذي أفتاهم بجواز قتل الطفل أمين ريبان الذي لم يتجاوز العاشرة من عمره وإلقائه في أحد الآبار نكاية بأبيه الذي ليس له ذنب سوى أنه ليس على مذهب الحوثي ؟ ومن هو الإمام الذي أجاز لهم زرع الألغام في الطرقات والبيوت وتفجيرها بمن فيها ؟ومن هو الإمام الذي أفتاهم بجواز اختطاف العشرات من ابناء محافظة صعده وإخفائهم عن اسرهم بدون وجه حق ؟ من هو الإمام الذي أجاز لهم الإعتداء على دماج وفرض الحصار الظالم عليها ؟ ومن هو الإمام الذي أجاز لهم تشريد الآلاف من بيوتهم وقراهم ؟ أهو الإمام علي بن أبي طالب أم هو الإمام علي بن ابي صالح ؟ قطعا حاشا الأول أن يفعل ذالك أو أن يرضى به أو يقر من يرضى به .

وتظل نفس التساؤلات مطروحة على إخواننا اثني عشرية ابين هل قتل النفس التي حرم الله من صفات الإثني عشر ألفا اللذين أخبر عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ هل من مستلزمات النصرة لله حمل السلاح وإشهاره في وجوه المسلمين؟ هل ترويع الآمنين وإتلاف الممتلكات العامة والخاصة من مستلزمات النصرة لله و لرسوله؟ هل ارتداء الأحزمة الناسفة وتفجيرها بالآمنين من جنود ومدنيين عمل يرضاه الله ورسوله والمؤمنون ؟ هل تفجير محطة الكهرباء في ابين قربة تتقربون بها إلى الله ؟ هل استهداف أماكن العزاء من أخلاق وشيم العرب فضلا عن المسلمين ؟ ومن الذي قال ان النصرة لله ورسوله لا تكون إلا بالتفجير وحمل السلاح ؟

تسمون أنفسكم أنصار الشريعة ولا ندري أي شريعة تقصدون شريعة محمد بن عبدالله ؟ أم شريعة علي بن عبد الله ؟ نتأمل في أفعالكم فنراها تدل دلالة قاطعة على أنكم أعداء لشريعة محمد ، أنصار لشريعة علي !!! أين أنتم من قول الحق " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما"

ألم يخطر ببالكم أن من تسفكون دمائهم وتخرجونهم من ديارهم هم مسلمون ومن أبناء جلدتكم ؟ أي عذر ستقدمونه بين يدي الله عندما تسألون عن هذه الأنفس بأي ذنب قتلت ؟ نعلم بأن منكم من قد تكون له نية حسنة تشكلت من رغبته في نصرة الدين لكن نيته هذه لن تشفع له عند الله في استباحة دماء الآمنين وقتل الأنفس التي حرم الله بدون وجه حق .

أخيرا نقول لإخواننا أنصار الشريعة وأنصار الله إن كنتم حقاً تريدون نصرة الله ونصرة شريعته ، فتعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم وضعوا أيديكم في أيدينا لنصرة الشريعة ، وهل قامت الثورة إلا لنصرتها ، ولكننا نريدها نصرة سلمية ، تحترم فيها الحقوق ، وتؤدى الواجبات ،ويقام العدل , وينبذ العنف ، وتكفل الحريات ،وتحترم الدماء , وتصان ألأعراض كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه" .

فهل انتم فاعلون !!!؟


في الأربعاء 15 أغسطس-آب 2012 10:03:40 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mirror1.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mirror1.marebpress.net/articles.php?id=16904