الإخوان انتصروا ؟
طارق مصطفى سلام
طارق مصطفى سلام

•أقف مشدوها بل وإجلالا أمام سياسة ضبط النفس العميقة والحكيمة لجماعة الإخوان المسلمين وهم يقفوا كالجبال الشامخة أمام مظاهر العنف والاعتداء عليهم وعلى مقراتهم في المدن المصرية المختلفة.. ولذلك توقعت حكمتهم في معالجة الأزمة الراهنة.. ويكونوا بهذا قد انتصروا لمجرد أنهم فقط تقبلوا العنف المنظم الممارس ضدهم بصبر وحكمة وصدور عارية وبسلمية منقطعة النظير مع العلم بأن القتلى الشهداء في هذه الأزمة جميعهم من صفوف الإخوان لا كما يدعي الطرف الأخر ..فهل تعتبر قوى الحداثة من اليسار والليبرالية والمدنية عموما من هذا الموقف والسلوك ويمارسوا مثلهم والعدل في الميزان ؟ ..نعم لا بد أن نمارس الحضارة المدنية والديمقراطية الحقة والصادقة ونقبل بنتائجها وأن جاءت لصالح جماعة الإخوان المسلمين ام أن وعينا الحضاري وممارستنا الديمقراطية تقف وتنتهي عند بداية حقوق الأخرين ورفضنا لتلبية بل والإقرار بمكاسبهم المحققة في ميدان الممارسة الديمقراطية النزيهة كالذي تحقق لجماعة الإخوان المسلمين وانقلبنا عليه. (من يساري في الميدان ).

• صدق الإخوان كما لم يصدق اليسار والليبراليين في ادعائهم وتعاملهم .. نقولها ونحن اليسار أصحاب التاريخ الطويل من الخلاف مع الإخوان.. ولكنها كلمة الحق الذي يجب ان تقال .. وهناك ثمة أسئلة تطفوا إلى السطح الآن ..هل يستحق العرب كل ذلك الظلم والاضطهاد الممارس بحقهم وضدهم طوال تلك العقود الماضية ؟ ربما الجواب بنعم وبسبب من ممارسة التطرف وسلوك الغباء!؟ .

• محمد مرسي بسلوكه الراهن يعيد الزمن الجميل لناصر ولو أن ذلك يتم بأسلوبه الأخر المختلف المميز ذو النكهة الاخوانية المقدامة , كما انه يعتبر رئيسا استثنائيا وقلما جاد به الزمان والأيام القادمة ستنبئنا بما خفي عنا ... هذا النموذج أقلق البعض ولهذا تكالب عليه الغرب وبني صهيون وعملائهم العرب في كل مكان وأولهم البقايا والفلول .

• للواهمين نقول ..لا يوجد ديكتاتور بدون قوة العنف .. ولا يستطيع بل يرفض ويمتنع من حماية نفسه وأنصاره وحقوقهم وممتلكاتهم وهم الأقدر والأغلب لو أردوا فعل ذلك ؟ .

• القضية إننا ندعي الديمقراطية ثم لا نقبل فوز التيار الإسلامي !؟ أولا نلغي انتخابات البرلمان التي اشتركنا فيها جميعا وزعمنا بل أعلنا مسبقا وقلنا أنها حرة ونزيهة وشفافة100% وبشهادة الشهود والمراقبين والراصدين في الداخل والخارج ثم عدنا بكل خساسة ووقاحة عن كل ذلك الإقرار والاعتراف ومارسنا سلوك المتمرد والطائش بعدم الاعتراف بالأخر ولنسعي إلى إلغاء نتائجها واضطهاد الفائزين فيها من الرئيس والنواب !؟ والآن نريد الالتفاف على شرعية الرئاسة المنتخبة؟.. يكاد يتضح أن الأمر برمته هو انقلاب الفلول عبر سيطرتهم على القضاة وبتغطية من الأعلام وبدعم من أجهزة الداخلية وأن الرئيس مرسي أراد التصدي لتعسفهم المقيت للعهد الجديد فاصدر الإعلان الدستوري ..لا أكثر .

• أن نرفض قبول الإخوان بالعمل الديمقراطي والعلني في الميدان وعلى السطح ونرفض مكاسبهم المحققة فذلك يعني أن ندفعهم لرد الفعل الأسواء .. أن نفرض عليهم العنف والعمل من تحت الأرض ونكرر سيناريو الجزائر الانقلاب مطلع التسعينات ويكون المجتمع العربي هو الخاسر الوحيد في هذا الأمر.. بل أن هذا التوجه والسلوك هو التهميش والإقصاء والاستحواذ بعينه وإلغاء الأخر ورفضه المتعمد الذي نمارسه بامتياز في زمن الشفافية والحريات ضد الإخوان بوعي منا ام بدون وعي فالنتائج واحدة وتوصلنا إلى ديكتاتورية جديدة ومقيتة من نوع أخر ..فهل نعقلها ونعدل ونعتدل قبل فوات الفرصة والأوان فنصبح على ما فعلنا نادمين عندما يجدها العسكر فرصة مناسبة ومواتية وينقلب على الجميع ؟


في السبت 08 ديسمبر-كانون الأول 2012 09:45:22 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mirror1.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mirror1.marebpress.net/articles.php?id=18336