|
تظل منطقة رداع محور اهتمام اليمنيين في الفترة الحالية خوفا من أن تكون منطقة غير آمنة كما هو الحال في محافظة أبين ،يتضح ذلك من ضخامة الحملة العسكرية التي توجهت إلى رداع ولسخونة المواجهات وضراوة المعارك بين ألوية الجيش بمختلف تشكيلاته وبين عناصر أنصار الشريعة الذين اتخذوا المناسح معقلا لهم ،وكذا لكثرة الوساطات القبلية من مشايخ ووجهاء المناطق المجاورة ومسئولين .
الحملة العسكرية على (المناسح) في أولى المعارك - لاسيما باستعانة الجيش بسلاح الجو حيث شنت المقاتلات غارات على أهداف حساسة - وجهت ضربات موجعة للتنظيم لكنها بالمقابل منيت بخسائر بشرية وخسائر في المعدات والآليات العسكرية لم تكن في الحسبان نتيجة غياب عنصر المفاجأة ،فالكل يعلم أن الجيش ظل يحشد الألوية أمام مرأى ومسمع الجميع أياما عدة ،كما أنه قام بإرسال وساطات لإقناع التنظيم بتسليم الرهائن الأوروبيين الثلاثة بينما كان التنظيم يحشد عدته وعتاده ويستقبل المدد الذي جاءه من محافظات أبين و مأرب وشبوة ، وكذلك أيضاً التموقع الجيد لأنصار الشريعة للمعركة فأغلب مقاتليهم من أبناء المنطقة ويعلمون تفاصيل جغرافيتها أكثر من غيرهم (أخطأ بعض الجنود وجهتهم فوقع بعضهم في الأسر وتمكنت وساطة قبلية من فك أسرهم ) كما أن التنظيم استخدم تكتيكا جديدا - قديما في الوقت نفسه – بنقل المعركة إلى خارج مديرية ولد ربيع فاستطاع تفجير عبوات ناسفة في مدينة رداع واستطاع تنفيذ عملية انتحارية في موقع أحرم العسكري أودت بحياة الكثير من أبناء القوات المسلحة ،وكذلك قام التنظيم بزرع المناطق المحيطة بالمناسح بالألغام .
استطاع الجيش أن يتلافى أخطاء المعركة الأولى ويستوعب التكتيك سريعا فتمركز بمساعدة أبناء القبائل في جبال و هضاب ذات مواقع استراتيجية و تطويق المنطقة بالمتاريس والتحصينات وتأمين الطرقات المؤدية إلى المواقع العسكرية مما شل حركة التنظيم تماما .
أهداف الحملة العسكرية أعلنها الجيش اليمني من خلال شروطه التي اشترطها على أنصار الشريعة وبعث بها مع الوساطة الثانية المكونة من بعض مشايخ قيفة و مشايخ قبيلة مراد التي تربطها بقيفة روابط كثيرة لعل أهمها الجوار والمصاهرة بين أبناء القبيلتين وتتلخص في تسليم الرهائن الأوروبيين و تسليم أنفسهم للجيش و إخراج كل من لا ينتمي إلى مديرية ولد ربيع من يمنيين وعرب ينتمون في مجملهم إلى تنظيم القاعدة.
لكن هذه الأهداف لم تكن هي مرام الجيش اليمني بل إن أهداف الحملة أبعد بكثير مما نعتقد لعل من أهمها استحداث معسكرات جديدة لم يكن الجيش اليمني قادرا على أن يستحدثها لولا هذه الذريعة ( تحرير الرهائن) وقد تم استحداث أربعة معسكرات حتى الآن و منها معسكر جفينة و حمة الحصم و الثعالب و هذا الأخير يقع بمديرية ولد ربيع ويعد أهم معسكر تم استحداثه نظرا لأهميته الإستراتيجية (يشرف على ثلثي قيفة وتتمثل في مديريتي القريشية و ولد ربيع ) ونظرا لأهميته حاول تنظيم أنصار الشريعة الالتفاف على القوة المرابطة أكثر من مرة لاستعادته والتمترس فيه قبل أن يفطن الجيش لذلك ويعززه بكتيبتين من اللواء 26 واللواء العاشر في اليوم التالي، كما يقوم الجيش بتعزيز معسكر \" جبل الثعالب \" بدبابات وأطقم عسكرية وجنود وذخائر وعتاد عسكري ومواد تموينية مختلفة بصورة شبه
يوميه ، ومن هناك يتم توزيع تلك التعزيزات على عدة مواقع مستحدثة في مناطق متعددة في قيفة فيرسل جزءاً من تلك التعزيزات إلى جبل \" جميدة \" شرق الثعالب ، ويرسل أخرى إلى منطقة \"وادي الغبيب جنوب الثعالب\" في قرية الوثبة مديرية القريشية محن يزيد ، والتي تبعد حوالي 3 كم عنه ،كما تقوم الآليات بشق طرقات في الجبل لتتمكن العربات والدبابات والمدافع من الوصول إلى قمته . كما أن الجيش قام بوضع تحصينات كثيرة داخل مديرية القريشية التي لم تشترك قبائلها مع أي من الطرفين فعليا في المعارك باستثناء بعض المناوشات.
وليس هذا فحسب بل إن الحملة تريد الوصول إلى أبعد من ذلك بالوصول إلى أماكن لم تصلها من قبل وهي قبيلة مراد واستحداث معسكرات هناك مرورا بمنطقة (يكلا) التي تقع بين قبيلتي قيفة ومراد ويوجد فيها أحد معسكرات القاعدة التي تقوم بتدريب عناصرها هناك . نحن نعلم انه في السنتين الماضيتين تم تجنيد 200 ألف جندي في الجيش والأمن وهنا يمكن الحديث عن استحداث معسكرات جديدة في أماكن لم يستطع الجيش الوصول إليها من قبل وحتى الآن .
الملاحظ أن الجيش يحاول قدر الإمكان إتاحة المجال للوساطات القبلية أن تفاوض أنصار الشريعة وعندما تفشل الوساطة الأولى تأتي الوساطة الثانية وهكذا ، وإتاحة المجال للوساطات ويصاحب ذلك تمدد وحدات الجيش و استحداث المواقع والمعسكرات ،وهذا تكتيك ذكي من قبل الجيش للإمساك بزمام الأمور عندما يُجهز على المناسح – إن قرر ذلك – بأقل الخسائر الممكنة و أسرع وقت .
لن تتوقف الحملة في المناسح فهذه الفرصة التي لن تتأتى للجيش مرة أخرى سيحاول استغلالها قدر الإمكان.
يخشى كثير من اليمنيين أن رداع ستظل ساحة معارك فترة زمنية لن تكون قصيرة أبداً وان الحملة ستكون عود الثقاب الذي سيشعل المنطقة بأكملها (محافظة البيضاء) وربما انتقلت النيران إلى المحافظات المجاورة مما يشكل عبئاً كبيراً يضاف إلى أعباء الحكومة التي لا أظنها ستنتهي أعباؤها.
في الخميس 07 فبراير-شباط 2013 04:16:33 م