|
وحين نسمع تسريبات عن رفض هاشم للعمل في السعودية، واعتذار أحمد علي عن العمل في الإمارات!! فإن الأمر يدعو للتأمل.. فلو صح الرفض والاعتذار.. فلتفضيل البقاء في الداخل والتفرغ لمزاولة العمل السياسي والتحضير والاستعداد للانتخابات البرلمانية والرئاسية – المفترض - أنها في العام القادم!، وهو ما لن يوفره الإبعاد القسري في بلاد الغربة! لأن التقارير ستأتيهم من الداخل على شاكلة (كله تمام يا فندم)!! تماما كما كانت تصل الرئيس صالح – حينها -، ولذلك سبقهم وغادر الحكم والبلاد!!، أما إذا لم يصح الرفض والاعتذار ولم يجدِ نفعا التلويح بهما! فإن هذا – الاستسلام - له اعتباراته ودلالاته الموضوعية جدا على الأرض، والتي تدل على أن الخيارات والبدائل الآمنة قد نفذت جميعها! ولم يعد في القوس منزع!، فمشائخ وأبناء قبيلة حاشد التي ينتمي إليها عسكر سنحان، وغالبية قيادات الجيش والضباط والجنود (في الفرقة المدرعة والحرس الجمهوري سابقا) ليسوا مجموعة قتلة تحت الطلب!، فهم وطنيون مخلصون وعسكريون محترفون طالما خدموا هذه البلاد بشرف، وقد استوعبوا الآن ألاعيب السياسة وصفقاتها ومصالحها، وبالتالي فلن يقبلوا أن يكونوا كبش الفداء مرة أخرى، ويتم استخدامهم – كبنادق فقط - ليقتلوا بعضهم ثانية ويدمروا الجيش الذي قام على سواعدهم!، ولأن ما سبق قد مضى، فالأوامر- أصلًا - كانت تأتيهم من رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، ومن القيادات من بعده التي اختلفت مع بعضها!، فكانوا هم الغرَامه وحطب الخلاف!!، أما الآن وقد حصحص الحق وتغير الرئيس وقادة الجيش وصدرت قرارات الهيكلة لتنهي كارثة انقسام القوات المسلحة، فقد أصبح من المستحيل أن يقبل أبناء الجيش الشرفاء، وكذلك قبيلة حاشد بأن يقعوا في الفخ مجددا وتؤكل الثوم في أفواههم فيقتلوا أنفسهم من أجل عيون المغامرين!.
وحده المؤتمر الشعبي (العام) إذا تحول إلى (خاص) هو ما بقي لعائلة صالح كثكنة عسكرية يزاولون فيها السياسة! والواقع أن فرصتهم – هنا - لا تبدو مستحيلة لكنها محدودة جدا في حال بقاء صالح على رئاسة المؤتمر، ليس لكفاءة وبراعة السياسيين فيه فهم ذراع وأدوات الحاكم الفاشل الذي أطاحت به ثورة! بل لأن تكتل أحزاب المشترك وفريق حكومة الوفاق يتبرعون بأخطاء السياسة ببذخ!!.
صحيح أن المشترك وحكومة الوفاق وبمقدمتهم الرئيس هادي قد حصنوا اليمن بالشراكة الوطنية، والتي لا تزال غائبة في مصر حتى اليوم بعد ثورة 25 يناير!، وأنقذونا بالتسوية السياسية من فداحة الفاتورة الباهظة جدا التي تكبدتها ليبيا والتي لا تزال تدفعها سوريا حتى اليوم!، إلا أن المواطن اليمني لن يستغني عن منافسة مؤتمر أبناء صالح في الانتخابات القادمة ما لم تتحسن الظروف الاقتصادية وتتوفر الوظيفة الآمنة والمواطنة المتساوية ودولة القانون والكرامة للمغترب اليمني لدى الأشقاء، وتختفي الاضطرابات الأمنية وعسكرة المدن والشوارع والجامعات وصالات الأعراس!!، وما لم يقدم الإعلام الرسمي وبخاصة الإذاعة والتلفزيون- أداء وخطابا محترفا - يتجاوز المواكبة والتغطية ليصبح – وهو قادر بما لديه من امكانات وكفاءات - جبهة أمامية متقدمة للعملية السياسية وعجلة التغيير في البلاد! فغياب كل ذلك كفيل بأن يشعر معه الشعب بأن فريق ما بعد الثورة ليس بمستوى المسؤولية !!.
حظوظ المؤتمر الشعبي العام في العملية السياسية وقدرته على المنافسة في الانتخابات القادمة في حال بقاء صالح على رئاسته تختلف بشكل كبير عنها في حال مغادرته، فبقاؤه سيجعل الشعب اليمني الذي ثار عليه يشعر بأن ثورته لا يزال عليها مهمة الإجهاز على السلاح السياسي لصالح بعد أن جرده وأبناءه وأقاربه من قيادة الجيش والأمن والمخابرات، ولن تكون سمعته وصورته جذابة بأي حال للداخل والخارج على حد سواء، وعليه فإن حزب المؤتمر سيكون هدفًا سهلًا للقنص والرجم حتى الموت!! ولأن بقاء المؤتمر الشعبي العام في العملية السياسية ضرورة وطنية يقتضيها التوازن السياسي لمنع تغول طرف واحد على الحياة وعودة الحزب الواحد من جديد حتى لو كان هذا الحزب هو تكتل اللقاء المشترك (الشريك في الحكومة والحكم اليوم في اليمن)!
فيتعين بإلحاح على المؤتمر أن يستفيد من هذه الفرصة التاريخية الاستثنائية وغير المكررة أبدا في حياته وحياة كل الأحزاب العربية الحاكمة التي أجهزت عليها ودفنتها ثورات الربيع العربي وألغتها من الوجود في تونس ومصر وليبيا!، والسبيل الوحيد لاغتنام هذه الفرصة - إن كان لا يزال لدى المؤتمر بصر وبصيرة - بإعادة هيكلته ليعود للحياة السياسية، قريبًا من هموم الناس ومتخففًا من أثقال الثأر السياسي المرتبطة برئيسه صالح! وساعتها فقط سيكون لمنافستهم معنى وجدوى!، وبغير ذلك فلن يكون المؤتمريون سوى رجال مرحلة تجاوزهم الزمن!.
وإذا أصر السفير أحمد - على مزاولة العمل السياسي الذي لم يألفه في سلوكه وحديثه إلا في الكواليس من موقعه كولي للعهد! فسيتعين عليه قبل كل شيء أن يختبر مستوى قدراته في السياسة ويحدد نوعية خطابه وكذا علاقاته وظهوره الإعلامي، وسواء اتفقنا أم اختلفنا معه فقد عرفه الناس قائدًا عسكريًا يصدر أوامره للضباط والجنود الذين لا يملكون أمامه سوى السمع والطاعة (وتمام يافندم)!
لكن أن يبدأ حياته السياسية من زعامة الحزب فإن القائد العسكري السابق سيبدو -في احسن الأحوال جنديًا مستجدًا يقاتل بسلاح غير سلاحه في المعركة الغلط!!!.
* نقلا عن صحيفة مأرب برس
في السبت 20 إبريل-نيسان 2013 03:57:56 م