لحوم اليساريين مسمومة
طارق عثمان
طارق عثمان

لو قلنا لكاتب يساري قم بمراجعة مقالاتك للعشرين السنة التي مضت أو منذ بدأت تكتب إن كنت قد مارست الكتابة في وقت متأخر عن هذا، ثم انظر محتواها .

أجزم أن معظمهم سيكون أغلب ما كتبه هو هجوم لاذع وشديد وضاري على تيار معين ملصقا به كل التهم بغض النظر عن مدى صحتها أو ثبوتها .

عقدان والبعض يمارس الكتابة التي لا تُنَظر لفكر بل تتولى مهاجمة رموز تيار آخر ليس إلا وتكيل له التهم أصناف وألوان ابتداء من تهمة قتل الزنداني للينا عبد الخالق حتى الإتهام الشخصي لعبد ربه القاضي بقتل الشابين بملصق كتب عليه قاتل وشهيدين .

وبين الحدثين لم يسلم أحد أبدا من رموز هذا التيار من تناول كُتاب اليسار لهم بقسوة وحدة وإصرار على التجريم والشيطنة رغم ثبوت تهاوي وتهافت بعض التهم ولكن يتم تكرارها على نطاق واسع حتى تصبح قناعة عامة سائدة وحقيقية لا تحتاج إثباتات ليس أقلها قضية فتوى حرب 94 م وقتل الشهيد جار الله عمر ورعاية الإرهاب .

تعرض اليدومي والديلمي وصعتر والآنسي وتوكل وقحطان وحميد وصادق والحزمي وكل شخصية بارزة لنصيبه من الإنتقاد والتركيز الشديد على شكل موجات كاسحة من الهجوم .

كل هذا لم يمنع هذا التيار المستهدف بالنقد من إقامة تحالف وثيق مع قوى اليسار صمد لـ 10 سنوات أمام محاولات التفتيت والتفكيك والتفجير التي استخدم فيها النظام السابق كل إمكانياته .

لم يلتفت هذا التيار لما يكتب ضده أبدا ولم يعتبر هذه الكتابات سببا كافيا لفصم عرى تحالفاته ولا قال أن هؤلاء لا يستحقون أن نكون معهم في خندق بل في كل مرة كان يختنق فيه اللقاء المشترك ينحني هو فيه ليجري عملية تنفس صناعي تعيد له الحياة ليواصل تقدمه .

كان يعتبر كتابات كتاب اليسار حرية شخصية لا تعبر عن القيادة ولا تعكس مشاعرها تجاهه وحتى لو كان البعض يعبر عن أفراد في القيادة فلا مشكلة طالما أن الجامع هو العمل في القضايا المصيرية .

ما الذي أريد أن أقوله بالضبط ولماذا ؟

تفاجأت بردة الفعل العنيفة لكتاب اليسار حين نُشر تقرير يتناول شخصية محسوبة عليه تمارس العمل العام كوزير ويحتوي وثائق تدينه في قضايا فساد .

جن جنون القوم . حتى وصل بهم الأمر إلى المطالبة بما عجز عنه صالح لعشر سنوات وهو فض اللقاء المشترك رويدكم .!

ما شأن المواقع التي نشرت الوثائق وأي رقم يمثله الكاتب أو الكاتبان اللذان تناولا الموضوع عبر مقالات حتى يثور غالبية كتاب اليسار مطالبين بفض الشراكة .

هل كان على الموقع الذي حصل على الوثائق أن يسارع إلى أقرب تنور ويلقي بها وهو يتلفت يمنة ويسرى خوف أن يراها أحد حفاظا على التحالف .

يا أصدقاءنا  لو ينزل الإصلاح والإشتراكي رماد فلا مبرر لموقع صحفي أن يخفي وثائق وقعت في يده ،بل طز فيهما وفي شراكتهما وفي تحالفهما إذا كان يعني أن يتنازل الصحفي عن واجبه في النشر ..

غضب اليسار وانزعاجه الشديد من المس بأحد رموزه لم يكن ينقصه إلا أن يقولوا لحوم اليساريين مسمومة ، فقد شنوا هجوما مضادا على كل الجبهات متهمين من قام بذلك بالخيانة والعمالة وأنهم من المأجورين حملة المباخر الفاسدين المدفوعين المندسين ، حتى إني شخصيا تعرضت في الفيسبوك في أحد الصفحات لشتائم بأقذع الألفاظ لأني كتبت مقالا على ضوء ذلك التقرير .

عودوا لمقالاتكم كلها وانثروا كلماتها أمامكم وتأملوا كيف تتناولون هذا الطرف أو ذاك وقارنوها بمقال أو تقرير ربما وحيد كتبه موقع وتناوله كاتب مغمور مثلي .

سنوات لم تتركوا مثلبة أو منقصة أو مفردة في قاموس الشتائم والتجريم إلا استخدمتموها ومع ذلك لم نسمع أحد يقول ياللهول لقد مس آلهتنا بسوء .

الجميع كان يقول عن كتاباتكم حرية شخصية ولا يمكن تكميم أفواه الناس وربما طالكم بعض العتاب حين تغالون في الشتائم .

ورغم أن الحرية لا تعني التجني ولا تعني التزييف ولا تعني التدليس إلا أنها كلها كانت هي السائدة ., قارنوا بين التهم التي تكيلونها لحلفائكم قيادات وأفراد دون استثناء وبين ما قيل عن شخص واحد . يستحيل المقارنة !!

فالكاتب اليساري لا يمكن أن يكون يساريا إذا لم يكن له ورد يومي في اتهام هذا الطرف أو ذاك بما تجود به القرائح لا الوثائق لكنه يضيق بتقرير أو مقال بشكل يدعو للتعجب .

لن أقول تعالوا نعقد إتفاق وقف الحملات المتبادلة ، لسببين الأول هو إني لا أمثل سوى نفسي ونفسي فقط وأطلق الرصاص في كل الإتجاهات و الثاني هو أن مثل هذه الإتفاقات تعد جريمة بشعة بحق الصحافة وحرية الرأي .

الصحفي الذي يمتلك شيء يسند ما يقوله فلا يجب يتردد ولا يلتفت لأي اعتبار آخر لكن هل يقبل زملاؤنا اليساريون أصحاب اللحوم المسمومة أن تتوقف كل الحملات التي لا تستند على دليل مادي واضح وصريح تماما ،هل يقبلون التوقف عن التشنيع والإسفاف والإبتذال والشخصنة .

أقطع ذراعي إذا وافقوا فماذا سيبقى لهم ليكتبوا  خواطر وتأملات وطرائف وتعليق على خبر هنا وخبر هناك مالهاش لزمة ؟!!

محور كتاباتهم قائمة على مهاجمة هذا الشريك وبدونه لن يكون لهم عمل الذي لا يعرفهم سيظن أنهم يؤلفون كتب في الفكر والمعرفة وحين يقرا لهم يجد أن معظم كتاباتهم تدور حول ما قلنا .

أختم بحوار طريف مع صديقي اليساري وهو من أصدقائي الأعزاء و شاعر رائع وزميل دراسة علق على مقالي الذي نشر في المجلس اليمني بقوله ( مقال تافه ويدل على مدى انحطاط الفكر في اليمن فقلت له إسقط المقال على أي شخص إصلاحي صدقني سيكون في منتهى الروعة والإشادات لن تنتهي ،أغمض عينيك يا (.......) وتخيل أن المقال ضد اليدومي واستمتع بالقراءة .


في الثلاثاء 28 مايو 2013 09:00:02 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mirror1.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mirror1.marebpress.net/articles.php?id=20618