اليمنيات في زحمة التدخين
منال النقيب

بدأت تتفشى في المجتمع اليمني ظاهرة غريبة، حيث ازداد عدد النساء والفتيات الآتي يدمن على التدخين، سواء الارجيله ( المداعة ) أو السيجاره.

باتت بعض النساء تدخن دون حرج من أخيها، أو أبيها، وجارتها وصديقتها، بل إن أحدث صرخات هذه العادة تقديم السجائر على جموع النساء في بيوت العزاء والأفراح وحتى في الزيارات العادية.

* خمسة عقود من التدخين

تقول الحجة مريم خ ( 60 عاما) : تعلمت تدخين الارجيله ( المداعة) منذ التاسعة من عمري، تعلمتها من الدتي التي كانت تدخنه.

وتضيف : كانت تطلب مني أن أقطع التبغ وأغسله وأجهز الجمر اللازم لإشعاله، وكنت مرتبطة ارتباطا كبيرا ًبأمي، وأقلدها في كل كبيرة وصغيرة .

مريم تؤكد أنها فؤجئت ذات يوم بأن والدتها عرضت عليها مشاركتها في التدخين، " حتى تشعر طفلتها المدللة ذات التسع سنوات بأنها أصبحت فتاة ناضجة تدخن المداعة مثل الكبار"، قالت مريم " كانت والدتي لا ترى تدخين المداعة من ضمن العادات السيئة التي يجب أن تنصحني بالابتعاد عنها .

أما سمر " 17عاماً" فتقول : تعلمتُ تدخين الشيشة عن طريق زميلاتي في المدرسة ، هن من شجعوني على تجربتها في البداية، ودفعني فضولي لاكتشاف عالم الشيشة، فقد كنت أرى الشباب في التليفزيون يدخنون الشيشة، وقلت لنفسي لماذا لا أجربها لمرة واحده فقط؟، ومرة تلو المرة أصبحت عادة ولم أستطع أن أفارقها.

لا تعلم أسره سمر أنها تدخن الارجيلة، إذ لا يزال الامر سرا بينها وبين زميلاتها، تقول : كنت كلما ذهبت إلى بيوتهن للمذاكرة، أدخن الشيشة وأشعر بالراحة.

* حاول إقناع زوجته فأصبح مدخنا

علي مسعود يحكى قصة زوجته المدخنة التي تدخن منذ أن تزوجها، قال : اعترفت لي أنها تدخن منذ زمن طويل قبل أن أتزوجها حيث تدخن "علبة سيجارة كاملة" يومياً، وحاولت لسنين أن أجعلها تقلع عن هذه العادة ولم أفلح.

والاغرب أن على مسعود إنضم إلى صف زوجته ليصبح مدخنا، يقول : لم أكن أدخن ولا أحب التدخين، إلا أنها أقنعتني بتدخين السيجارة وأصبحنا ندخن سوياً .

ويؤكد الدكتور عبدالعزيز البصير أن ما يجعل بعض النساء والشابات بالذات يقعن في شراك التدخين في الصغر أو في سن المراهقة أو في مراحل عمرية أخرى سببه الفراغ الذي يعيشنه فإنهن يعتبرنه كلازمة من لوازم كمال الشخصية وغيره من الأسباب الواهية، إلى أن تتعود عليه الفتاة ويصبح عادة لديها ثم يصبح سلوكاً تلقائياً، بالإضافة إلى ما يسببه النيكوتين من إدمان حقيقي مثله مثل بقية المواد المخدرة التي تؤثر على العقل .

من جانبها ترجع الباحثة الاجتماعية بجامعة صنعاء هيام نعمان الدبعي سبب تدخين بعض النساء هو محاولتهن إبراز أنهنَّ متحررات و يفعلن ما يحلو لهن، وتضيف هيام أن تحرر المرأة هو تحرر عقلها وليس بهذه القشور الزائفة .

أما تأثير تدخين الأم على الأولاد فتقول الدبعي أن هناك من الأولاد من يرى أن تدخين الأم عيب فلا يذكرونه أمام الناس وهناك نوع آخر يفتخرون بتدخين أمهاتهم لأنهم لا يدركون مخاطر ذلك.

وأوضحت أن تدخين النساء له تأثير على تكوين الهوية الإجتماعية والنفسية التي تكسبها الأم لأطفالها، فإنها تناقض المبادئ والقيم التي يتعلمها الابن من أمه، ونبهت إلى أن تدخين النساء قد يكون دافعا لتقليدها من قبل أطفالها أطفالها لها بعلمها أو بدون .

وبحسب استقراء بحث علمي قامت بإعداده طالبات جامعيات بكلية الطب – جامعة صنعاء

ان النساء المدخنات يعتقدن أن تدخين السجائر المنخفضة القطران أقل ضرراً لصحتهن .

وأشار البحث العلمي أن هناك دراسة أجريت على 780 سيدة تدخن سجائر فيها نسبة قطران منخفضة أو معتدلة ووجدت أن 40% منهن تقريباً يعتقدن أن هذا سيكون أقل ضرراً عليهن من تدخين السجائر ذات النسب المرتفعة من القطران .

ونوه البحث العلمي بأن نظام التأمين الصحي البريطاني شدد على أن جميع المدخنين سواء للسجائر منخفضة أو مرتفعة القطران معرضون للوفاة المبكرة بنسبة واحد إلى اثنين بغض النظر عن قوة السيجارة .

وقد كشفت دراسة سابقة عن أن مدخني السجائر منخفضة القطران يستنشقون معدلات من النيكوتين والقطران قد تصل لثمانية أمثال النسبة الموجودة على علب السجائر ، ويرجع هذا لأن جسد المدخن يحتاج لنسبة معينة من النيكوتين والقطران وبالتالي يكيف المدخن عادات تدخينه ليحصل على النسبة التي يريدها .

* تدخين الحوامل

وبحسب الدكتورة منال المعلمي – دكتورة نساء وولادة - فإن مخاطر التدخين على الصحة كبيرة جداً، وهو أكبر خطر يواجه البشرية اليوم بالذات الحوامل والأجنة في بطون الأمهات فالتدخين يقتل كل عام أربعة ملايين شخص تقريباً .

وواصلت الدكتورة المعلمي الكشف عن مكونات التدخين بأنواعه فالتبغ على حد قولها نبات من الفصيلة الباذنجانية ذو ساق أسطوانية الشكل وأوراقه بيضاوية لزجة كبيرة الحجم وزهوره جميلة ذات لون أحمر وردي، يرتفع النبات عن سطح الأرض بحوالي مترين.

ويتركب التبغ من مواد عديدة تزيد عن 300 مادة معروفة حتى الآن وتختلف هذه المواد بإختلاف نوع التبغ وطريقة التدخين.

والنيكوتين من أهم مكوناتها و تختلف كميته وفقاً لنوع الدخان، وطريقة استعماله، ويكون امتصاصه حتى 90% في الأشخاص الذين يستنشقونه و إلى 10% في عدم الاستنشاق ، يمتص النيكوتين في السجائر العادية عن طريق الرئة بينما نيكوتين السيجار و الغليون عن طريق الفم والبلعوم ، ولذلك يلاحظ بأن مدخني السجائر يستنشقون الدخان أكثر من مدخني السيجار والغيلون ليحصلوا على النيكوتين .

وأضافت أن كل سيجارة من السجائر تحتوي 20 ملغم من النيكوتين، إذا احتوت على غرام واحد من التبغ ، وزن السيجارة حوالي خمسة غرامات. والجرعة المميتة للنيكوتين هي : 50 ملغم .

أما عن المادة الثانية من مكونات التبغ هي البريدين وهو أقل سمية من النيكوتين وأقل كمية إذ لا يتولد عن حرق غرام واحد من التبغ أكثر من ملغم واحد من البريدين .

وتشير البعض إلى أن أصل التدخين يعود إلى كريستوفر كولمبس عندما وصل إلى أمريكا عام 1492م، ووجد الهنود الحمر يدخِّنون نبات (الطّباق)، واسْمه العلمي (نيكوتينيا تباكم)، فَحَمَلَهُ إلى بلاده. وعرفته أوروبا، كما دخل إلى تركيا في القرن السابع عشر، عن طريق التجارة، ثم انْتَشَر في باقي الدول.

المصدر: سبأنت


في السبت 30 يونيو-حزيران 2007 09:49:17 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mirror1.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mirror1.marebpress.net/articles.php?id=2063