دمشقُ حبيبِتي
عبد الرحمن العشماوي
عبد الرحمن العشماوي

دِمشقُ - حبيبتي - لاتعذرينا

فإنَّا قد سقطنا أجمعينا

ولم ينجحْ سوى الابطال لاقٓوا

مؤامرة الأعادي صامدينا

ولم ينجحْ سوى الشهداءِ أضْحوا

ببذل الروح أعظمنٓا يقينا

ولم ينجح سوى أصحابِ بذلٍ

رأيناهم كِراماً باذلينا

دمشقُ -حبيبَتي - إنَّا وقفنا

أمامَ المُعتدي مُتردِّدينا

نراهُ يذبحُ الأطفال ذبْحاً

فنذرفُ دَمعَ حسرتنا سخينا

ونُبصرُ هتكَ أعراضِ الصَّبايا

فنضرِبُ باليَسار له اليمينا

ونبكي ثمَّ نمسح ما ذرَفنا

ونمضي للعدوِّ مطَأطئينا

رسمنا في قوافِينا المآسي

وأشعلنا خَطابتنا أنينا

ونحنُ على أرائكَ من خضوعٍ

تعاني من خضوع الجالسينا

دمشقُ - حبيبتي - لا تعْذُرينا

وإنْ قلنا لكِ القولَ المُبينا

فقدْ أزْرى بنا وَهنٌ مخيفٌ

فأصبحنا بهِ مُتخاذِلينا

نروحُ على تخاذُلنا ونغدو

وأنتِ تواجهينَ المجرمينا

ونشربُ قهوةً للهيل فيها

شذاهُ ونأكُلُ اللَّحمَ السَّمينا

ونصنعُ شاينا من كُلِّ لونٍ

ونشربُ كأسهُ مُتلهِّفينا

ونبصرُ في مجالسنا الضَّحايا

على شاشاتنا مُستنجِدِينا

ونَلْتهِمُ الطَّعامَ وألفُ طفلٍ

نراهُم بالدِّماء مُضرَّجينا

كأنَّ قلوبنا من غير نبضٍ

وأينَ النَّبضُ عند الغافلينا

دمشق حبيبتي ، لا تعذرينا

فإنَّا قد أعنَّا الظالمينا

أعنَّاهم بإعراضٍ وصمتٍ

ولهوٍ يقطعُ الحبلَ المتينا

وقدْ نتجاوَزُ الأخلاق حتى

نَقُومَ مع الطُّغاة مؤيِّدينا

بكينا يا دمشقُ عليكِ لكن

ظلَلْنا للهَوى مُستسلمينا

تخطَّفكِ العِدا من كُلِّ صَوْبٍ

وجاؤوا راكبينَ و راجِلِينا

وأمَّتنا تنامُ على سريرٍ

منَ الأهواء نومَ التَّائهينا

لبوتِينٍ وأوبامٍ خضعنا

و أرْهفنا المسامعَ خاشعينا

لهذا جولةٌ و لذاك أخرى

وقد ملأوا شواطِئنا سفينا

وليسَ هُما سوى حجرينِ صارا

على الشَّطرنجِ لُعبة لا عبينا

وفي ميزان شرع الله لَيسَا

سوى رمزينِ للمتسلِّقينا

خضعنا والمكارِمُ لا تُحابي

ولا ترضى جوار الخاضعينا

دمشقُ -حبيبتي - لاتعذرينا

بل احتسبي علينا واعذُلينا

فإنا لم نزلْ في غيرِ وعيٍ

نصدِّقُ في الضلالِ الكاذبينا

يُجادِلُ بعضُنا بعضاً جدالاً

يُحطِّمُ همَّةَ الإنسانِ فينا

على( سَلفٍ) (وإخوانٍ) أدَرْنا

رحَانا دونَ أنْ نَلقى طحينا

يقبِّحُ بعضنا بعضاً كأنَّا

جهلنا ما علِمنا ، أو نسينا

جعلْنا ساحَةَ الإعلامِ حرباً

تُحطِّمُ بيننا خُلقاً ودينا

تُفرِّق بيننا وتُثير فينا

منَ الأحقادِ ما يُدمي الجبينا

وتلكَ - وخالِقِي - حربٌ تُرينا

قذارتها ، وبئسَ بما تُرينا

نسينا حَسرةَ الأقصى حبيباً

يُعاني من تناحُرنا سنينا

نسينا في العراقِ جراحَ شعبٍ

يُعاني من تَجنِّي الخاطفينا

وفي أرضِ الكنانةِ ما فَتِئنا

نواجهُ بعضنا مُتنكِّرينا

لقد فرحَ العدوُّ بما صنعنا

وأصبحَ في المحافِلِ يزْدَرينا

دمشقُ -حبيبتي - لا تعذرينا

فإنا لم نزل لكِ خاذلينا

وإنَّالم نزلْ نمشي الهُوَيْنا

كأنَّكِ ما لَقِيْتِ وما لقينا

نعم -والله - إنَّ بنا لشوقاً

وإحساساً بحبِّك يحتوينا

ومازلنا نُصارِعُ فيكِ حُبَّا

يُعاتِبنا و همّاً يعترينا

ولكِنَّا مللنا من خضوعٍ

يُصيِّرنا أمامَكِ مذنبينا

فلا عجبٌ إذا ناداكِ شعري

دمشقُ -حبيبتي- لا تعذرينا


في الثلاثاء 01 أكتوبر-تشرين الأول 2013 05:36:03 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mirror1.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mirror1.marebpress.net/articles.php?id=22251