من هم الحوثيون ؟ وتساؤلات أخرى
محمد بدر الدين الحوثي

من هم الحوثيون أو الشباب المؤمن ؟ ما هو توجههم الفكري والسياسي؟ وما هو موقفهم من النظام الجمهوري في اليمن ؟

ماذا عن حرب صعدة؟ وهل هي طائفية ؟ ومن الذي بدأ الحرب الرابعة ؟ ما هي مطالب الحوثيين ؟ ولماذا رفعوا السلاح في وجه السلطة ؟

لماذا يصر الحوثيون على البقاء في الجبال؟ ماذا عن (منتدى الشباب المؤمن) كيف نشأ ؟ وما هي أهدافه ؟

كل هذه الأسئلة حاولنا الإجابة عليها في نقاط مختصرة، كمساهمة في رفع الستار عن الحقيقة، وإزاحة الغموض الذي يلف الموضوع من جميع جوانبه نتيجة للإعلام المضلل والتعتيم المطبق على محافظة صعدة وفصلها عن العالم نهائياً خلال الحرب.

ومن الله نستمد العون والتوفيق

نحن لب الزيدية

• نحن لب الزيدية عقيدة وفكراً وثقافة وسلوكاً. ونسبة الزيدية إلى الإمام زيد بن علي عليه السلام هي نسبة حركية وليست نسبة مذهبية كما هي بالنسبة لأتباع الإمام الشافعي (رضي الله عنه) وغيره من أئمة المذاهب. ومن ادعى أننا خارجون عن الزيدية ـ سواء بهذا المفهوم الذي ذكرناه أو غيره ـ فعليه أن يحدد القواعد التي من خلالها تجاوزنا المذهب الزيدي وخرجنا عنه، ولكن بمصداقية وإنصاف.

كما أننا لسنا غلاة ولا تكفيريين، والغلاة هم الذين قاموا باستباحة دمائنا بل إن بعض علماء بلاطهم قد تجرأ وحكم بكفرنا!! وهذا ما ثبت من فتوى العمراني قبل أيام وما يروج له إعلام السلطة منذ البداية.

أما من يدعي أننا (أثنا عشرية) فهو جهل واضح لأن لكل مذهب أصولاً و قواعد تميزه عن المذاهب الأخرى، ومن لم ينطلق من تلك الأصول والقواعد فليس تابعاً لذلك المذهب، وإن كان هناك قواسم مشتركة بيننا وبين (الأثني عشرية) فهي موجودة كذلك بيننا وبين بقية المذاهب كلها. فالذي يرى أننا اثنا عشرية بمجرد إقامة عيد الغدير، أو ذكرى عاشوراء أو نحو هذا.. فهو جاهل ومغفل لا يستحق النقاش معه.

ومن أراد معرفة حقيقة ما هو فكرنا ومذهبنا ومن نحن؟؟ فليراجع كتب الوالد العلامة فقيه القرآن والسنة السيد بدر الدين الحوثي وهي نحو(30) مؤلفاً وأهمها كتاب (تحرير الأفكار) وكتاب (الغارة السريعة) وهما من الردود على مقبل الوادعي، وكذا كتاب (الإيجاز في الرد على فتاوى الحجاز) وكتيبات (من هم الزيدية) (من هم الرافضة) وغير ذلك، وله أيضاً كتاب (التيسير في تفسير القرآن الكريم) قد تم طبع الجزء الأول منه.

أما من يشخصنا ويتعرف علينا من خلال مقال لكاتب أو محلل أو فتوى من عالم هنا أو هناك فهذا عدول عن الإنصاف، خصوصاً ونحن مستهدفون من قبل السلطة وغيرها، والحرب علينا شاملة، و لا نملك وسائل إعلام للرد عليهم. ولكن تبقى الحقيقة جلية لمن يحب معرفة الحقيقة من الأحرار والمنصفين.

المخطط الاستعماري (الفتنة الطائفية)

• كل المتابعين يلحظون أن السلطة تسعى وبكل الوسائل لإذكاء نار الفتنة الطائفية والمذهبية منذ الحرب الأولى عام2004م وتجلى ذلك أكثر في هذه الحرب (الرابعة) من خلال استدعائها وإرسالها لمجاميع من السلفيين للمشاركة في القتال في صعدة، إضافة إلى ما تبثه وسائل إعلامها، وكذلك تصريحات كبار المسئولين في السلطة الذين ظلوا يعزفون على وتر الطائفية منذ البداية. ولكن في كل الأحوال لا يمكن أن ننجر لفتنة طائفية، ونحن ندرك المشروع الخبيث الذي تسعى الإدارة الأمريكية لتعميمه على كل البلدان، ونحن نأسف كثيراً لتجاوب السلطة في بلادنا وتفاعلها مع هذا المشروع الاستعماري، حيث نراها تسعى جاهدة لتنفيذه في اليمن لخلق فتنة طائفية إرضاء للأمريكيين، وهي خيانة كبرى لابد من محاسبة النظام عليها ولو بعد حين من قبل الشعب المقهور والمغلوب على أمره، والذي يرفض بكل جلاء هذا المخطط الخبيث.

• لقد تعايش الزيود مع الشوافع مئات السنين ونحن تعايشنا حتى مع السلفيين فهاهو مركزهم الأم لا يبعد عن مدارسنا ومساجدنا بدماج نفسها إلا مئات الأمتار، كما لا يبعد عن مسجد ومدرسة الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع) في مدينة صعدة سوى بضعة كيلومترات، وعلى مدى أكثر من (20) سنة ونزاعاتنا معهم لا تتعدى النزاع الفكري ، ومقارعة الحجة بالحجة، مع أنهم يُفْرِطُون كثيراً في النيل من عقيدتنا، والجميع يعرف إصدارات مركز دماج من أشرطة وكتب، وما تحويه من الادعاءات التي تهاجم الزيدية وعلماء الزيدية من لدن أبرز علماء ومراجع الزيدية في هذا العصر كالسيد العلامة مجد الدين المؤيدي، والسيد العلامة بدر الدين الحوثي إلى أصغر عالم. كما نالوا من أعظم وأبرز أئمتنا كالإمام زيد بن علي، والإمام الهادي يحيى بن الحسين (عليهما السلام) إلا أن ذلك كله لا يخرجنا عن إطار الرد عليهم بالمنطق والدليل، وكتب علمائنا تزخر بتلك الردود المنصفة المهذبة البعيدة عن التعسف والتشنج، وهي في متناول جميع القراء لمن يريد استجلاء الحقيقة، ومعرفة نهجنا وطريقنا في التعامل مع الخصم أياً كان.

• ومن هنا فإننا ننصح أولئك أن يتنبهوا للفخ الذي تسعى السلطة للإيقاع بهم من خلاله، لإدخالهم وجميع أبناء الوطن في أتون حروب طائفية قد لا يمكن السيطرة عليها، ولا أن تنتهي بإلغاء هذه الطائفة أو تلك، فعلى الجميع أن يتفهموا ويتعقلوا ويقدّروا خطورة المرحلة، وأن ضررها سيعم الجميع ويضعف الجميع، حتى يتسنى لأمريكا وأعداء الأمة الإسلامية السيطرة الكاملة على العباد والبلاد، ولأن إذكاء الفتن الطائفية هي وسيلتهم المثلى لاستعباد الشعوب والهيمنة على ثرواتها ومقدراتها، وما نراه في العراق اليوم خير شاهد، وهل أن الاحتلال فَرَّق ـ في ممارسته الوحشية ـ بين سني وشيعي؟ كلا! فاعتبروا يا أولي الأبصار.

التوجه السياسي

لا نرى أنه يصح التفريق بين الدين والسياسة ـ حسب المفهوم الصحيح للسياسة ـ وأن شعار(ما لله لله وما لقيصر لقيصر) شعار استعماري جهد الغرب في ترسيخه في عقول المسلمين وأهدافه ومغازيه غير خافية.

ومعلوم للجميع كيف كان الوضع قبل الوحدة، والذي خلاله تعرض المذهب الزيدي وأبناءه لقمع رهيب في محاولة جادة من قبل السلطة لطمس الهوية الزيدية، وكان أغلب موظفي وزارة التربية والتعليم وبالأخص مكتب التربية بصعدة ومدراء المراكز التعليمية والمدارس والمدرسين وهابيون. وظلت المدارس الأهلية الزيدية معطلة إلا من بعض الدروس لبعض العلماء في الهجر العلمية وطلاب يعدون على الأصابع، وتمت مضايقة العلماء والتنكيل بهم وتعرض بعض الناشطين في التدريس والتأليف منهم للسجن ومحاولة الاغتيال، أو النفي خارج الوطن.

وفي ظل هذا الوضع لم يكن أحد يفكر في أي نشاط سياسي لا سراً ولا علناً، بل كانت قضية تدارك الفكر الزيدي وصيانته من أطماع الطامعين هي كل ما يفكر فيه المهتمون بالأمر.

وبعد تحقيق الوحدة في مطلع التسعينات وبعد السماح بالتعددية السياسية.. رأى العديد من الآباء العلماء والشباب المستنير إنشاء حزب سياسي سمي حزب الحق برئاسة السيد العلامة مجد الدين المؤيدي، ونيابة السيد العلامة بدر الدين الحوثي, إضافة إلى أمينه العام السيد أحمد الشامي، وكانت انطلاقته القوية خصوصاً في السنوات الأولى قد تسببت في ذعر السلطة وانزعاجها بسبب الثقل الكبير الذي كان يحظى به الحزب في الساحة. وضاقت السلطة ذرعاً ولم يستقر لها قرار، فعملت على تقويضه أو احتوائه أو تدجينه وبمختلف الوسائل والأساليب الماكرة، واستعانت ببعض مشايخ البلاد، والشخصيات الاجتماعية العميلة لها، فتم اختراقه وزرع الفرقة والاختلاف بين بعض قياداته، ولقد قدم العديد من العلماء والشباب الواعين جهوداً عظيمة في محاولة لتدارك الخطر والتنبيه إلى المؤامرات التي تحاك ضد الحزب، تحولت فيما بعد إلى جدل عقيم مع بعض القيادات غير الواعية، وباءت بالفشل كل المحاولات الجادة والمتكررة، ولفترة طويلة، حتى خيم اليأس من إمكانية تصحيح المسيرة وفق مشروع أهداف الحزب ولوائحه وبرامجه، فكانت الاستقالة من الحزب هي الخيار الأسلم، بعد قناعتهم بأن ديمقراطية السلطة لا تعدو كونها شكلية ومزيفة، وأن قيام حزب سياسي مستقل وفق الدستور والقانون غير ممكن أصلاً، فتمت استقالة عدد كبير من قياداته وأعضائه في محافظة صعدة بالذات،حيث اتجهوا بعدها للتعليم والتعلُّم والتأليف والتحقيق والأعمال الثقافية وبنشاط جيد وطموح قوي، بعد أن ملوا التحزب والحزبية في ظل نظام لا يعرف من الديمقراطية إلا الاسم، وانطلقت المسيرة تحت شعار الآية الكريمة (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ)

في ظل المؤسسة التربوية التعليمية التي أطلق عليها اسم ((منتدى الشباب المؤمن)) والذي خصصنا للحديث عنه موضوعاً مستقلاً ومختصراً عسى أن تتم به الفائدة المرجوة.

من الذي بدأ الحرب الرابعة في صعدة ؟

• السلطة هي التي بدأت، وذلك حينما وجهت أول حملة عسكرية من صنعاء إلى صعدة، ومع أنها قد مرت من عدد من المناطق التي يتمركز فيها المجاهدون في سفيان والعمشية وغيرها دون أن تتعرض لأحد أو يعترضها أحد، إلا أنها توقفت في مذاب وبدأت الضرب على المناطق التي يتمركز فيها المجاهدون، وعلى مدى نحو ساعتين والضرب مستمر، ولم يرد المجاهدون برصاصة واحدة حتى سقط منهم شهيد وجرح آخران، عندها رد المجاهدون وبدأت الاشتباكات.

هذه القصة وكيف بدأت يعرفها رئيس الجمهورية، وقد شهد بها يوم ذاك بمحضره شاهد من أهله ممن كان متواجداً في الميدان وفي مكان المواجهة. بعدها قامت وحدات من الجيش بمهاجمة منطقة آل سالم، ثم وسعت السلطة هجماتها وقصفها بالطيران وغيره من الأسلحة الثقيلة، وبدأت الزحوف تتجه إلى عدد من المناطق التي يتواجد فيها المجاهدون، وخلال هذه الأحداث كلها وعلى مدى أسبوعين لم يرد المجاهدون فيها بطلقة واحدة، حيث كان الأخ عبد الملك الحوثي قد وجه بعدم الرد، كي يتسنى لدعاة الإصلاح والسلام التدخل لتدارك المشكلة، ولكي يعلم الجميع أننا لم نبدأ الحرب.

• وعندما وصلت الأمور إلى حد اليأس من تراجع السلطة عن قرار الحرب، ـ خصوصاً بعد أن زجت بعدد من أعضاء لجنة الوساطة في السجن، وبعد أن تمت محاصرة المجاهدين والزحف على مناطقهم، وسقط منهم شهداء وجرحى ـ اضطروا للدفاع عن أنفسهم ويشهد بما قلنا جميع المواطنين الذين حدثت المواجهات أمام ناظرهم في تلك المناطق. كما أن حشود السلطة، وتقاطر الألوية العسكرية المتجهة إلى صعدة هي أكبر دليل على أن السلطة كانت عازمة على شن حرب كبيرة علينا، وأنها ليست مجرد مدافعة عن نفسها، إضافة إلى ما سبق ذلك من تصريحات وبيانات وكتابات مهيجة للفتنة غصت بها وسائل إعلام السلطة،ولأن قرار العفو الذي أطلقه الرئيس لم يفعّل بالشكل الذي كنا نتوقعه، حيث لا تزال السلطة تحتفظ بعدد كبير من السجناء والمفقودين لحد الآن، منهم في السجن المركزي بصنعاء ما يسمى بخلية صنعاء الذين اعتقلوا خلال الحرب الثانية، حكم على بعضهم بالإعدام، وبعضهم عشر سنوات حبساً وبدون أي مبرر سوى تلفيقات واتهامات باطلة تماماً.

 

• كما أن المفقودين بالعشرات من الحرب الأولى والثانية والثالثة وفي مقدمتهم السيد حسين بدر الدين الحوثي الذي خرج من جرف سلمان وبه جروح طفيفة إثر تعهد أولئك الضباط بتأمينه، وطبع وجوههم أنه لن يناله سوء على الإطلاق ولكن لحد الآن ولم يعرف مصيره ، وهكذا غيره كثير ممن أخذ من المعركة سليماً أو جريحاً، وبعضهم اختطف في غير المعركة وغيبوا تماماً، وقد علمنا أنه تم توزيع معظمهم في محافظات شتى، ويتواجد منهم عدد في الأمن القومي بصنعاء وقبل فترة تم نقل مجموعة منهم إلى الأمن السياسي وهم زهاء خمسة عشر شخصاً من الحرب الثانية فقد أغلبهم في نشور منهم السيد العلامة احمد قاسم الداعي الذي تم التأكد من وجوده الآن مع تلك المجموعة في الأمن السياسي بصنعاء، أضف إلى ذلك العشرات من جثامين الشهداء الذين تحتفظ بهم السلطة لديها. فأين العفو؟!!

• هناك المئات من المنازل المهدمة، والمزارع والممتلكات المسلوبة، أما التعويضات المعلن عنها فكانت جزئية، ووزع منها ما وزع بطريقة عشوائية ، وحصلت فيها مغالطات وسطو وانتقائية من قبل متنفذين في السلطة وحولها. ولم يصل للمتضررين الحقيقيين منها إلا الشيء اليسير وبعضهم حرم منها نهائياً فأين العفو العام وأين التعويضات؟.

• هناك التحرشات الكثيرة من قبل السلطة امتدت طوال الهدنة المعلنة بعد الحرب الثالثة، وبأساليب ووسائل كثيرة، وليس آخرها تقليد وسام(22مايو) لأحد أزلامهم ومجرمي حربهم، والانتهاكات كثيرة لا يمكن حصرها، هذه الأمور وغيرها كلها كانت دليلاً واضحاً على سوء النية لدى السلطة وأنها لا تريد حلاً جذرياً للفتنة، بل كانت تتأهب وتعد العدة لإشعال هذه الحرب الرابعة. ( وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ) صدق الله العظيم.

واقعنا يفصح عن مطالبنا

ما هي مطالبكم؟ ..لماذا كل هذه الحروب مع السلطة؟!

هكذا يتساءل الكثير، والواقع أنه بأدنى تأمل في الوضع الذي تعيشه الزيدية نجد الإجابة على هذه التساؤلات. إذا أنه معلوم للجميع ما تعانيه الزيدية من اضطهاد وحرمان وتمييز عنصري وطائفي منذ انقلاب 1963م، والذي لم يَعُد انقلاباً على حاكم معين أو أسرة بعينها، بل تم الانقلاب على ذلك الانقلاب وتحول إلى انقلاب على الهاشميين عموماً، وعلى مدى العقود الماضية والإعلام السلطوي يكرس جهوده في تشويه صورتهم والنيل منهم، وتصاعدت حدته أكثر مع مرور الأيام حتى وصلت به الوقاحة إلى درجة سب كبار أئمة الزيدية ابتداء من أول الأئمة في اليمن، وصاحب الفضل الكبير على اليمنيين الإمام الهادي يحيى بن الحسين(عليه السلام).

تم تطور الانقلاب أكثر، بعد تغلغل الوهابية في اليمن، حتى استهدف الانقلاب المذهب الزيدي والزيدية بشكل عام،ومهما خادعوا، وضللوا بإدعاء أنهم لا يستهدفون الزيدية.. فِإن تصرفاتهم، والواقع المرّ الذي تعيشه الزيدية يشهد بما قلنا؟ وبأدنى مقارنه بين ما تتمتع به الزيدية من الحقوق وما يتمتع به غيرها من الوهابية أو الصوفية أو غيرهما تظهر الحقيقة.

إذن... مطالبنا هي مطالب أي أمة أو طائفة تعاني من التمييز العنصري والطائفي، مضطهدة في فكرها وعقائدها، مصادرة حريتها، وعندما تتطلع وتسعى لفكرة أو لعمل مشروع خيري وبأية وسيلة مشروعة للحفاظ على هويتها ـ وخصوصاً عندما تلمس السلطة إمكانية نجاح المشروع وتلحظ جدوائيته وأنه بعيد عن الغوغائية والمجاملات التي من شأنها تجميد الطاقات، ووأد الكفاءات لأن مثل هكذا مشاريع وأعمال مقبولة عندهم، بل يمكن أن يدعموها ـ

 

أقول : ما إن تبدأ المسيرة حتى تنصب عليها المشاكل وتعاني الويلات من قبل النظام بحجة أن هولاء يريدون إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، والعودة إلى الحكم الإمامي الكهنوتي الـ...الـ...الخ. وأنهم يسعون للانقلاب على النظام الجمهوري، والوحدة، والديمقراطية وعرقلة مشاريع التنمية، والقضاء على المنجزات و..و..الخ وهكذا لم يسلم من هذه التهمة أي مشروع زيدي ، سواء كان حزبياً أو تربوياً ، أو غيره ، بل على مستوى الأفراد كالمدرسين ونحوهم ، وما قضية العلماء الزيديين يحيى الديلمي ومحمد لقمان ومحمد مفتاح عنا ببعيد.

إنني أعتقد أن التوجه الطائفي العنصري ضد الزيدية والهاشميين إنما هو أستجرار لتاريخ قمعي ، وإرث لتركة غنية بالأحقاد والظلم والاضطهاد، خلفها لهم أئمة الجور من الأمويين والعباسيين الذين لطخوا صفحات التاريخ بجرائمهم ضد أهل البيت وشيعتهم عبر مئات السنين، وهذا ما نلمسه واقعاً معاشاً قولاً وعملاً ، وكلنا يقرأ ويسمع ويشاهد ما تبثه وسائل إعلامهم( وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ)، ثم حروبهم الظالمة المتتالية على الزيدية في صعدة وغيرها.

إن هذا التوجه الحاقد كان من جملة الدوافع والأسباب لإشعال الفتنة وتأجيج نار الحرب في محافظة صعدة، كما يلحظه من له أدنى متابعة للأحداث منذ الحرب الأولى بمران، إضافة إلى تلك الدوافع الغير خافية على أحد ، والتي أفرزتها العلاقات المتنامية مع الإدارة الأمريكية، وهي أسباب كلها تندرج ضمن المخطط الاستعماري الذي تنفذه الإدارة الأمريكية وعملاؤها تحت مسمى (مكافحة الإرهاب)

إذن.. وفي ظل هذا الوضع المزري للزيدية والذي يلمسه كل عاقل منصف.. أفلا تكون مطالبنا واضحة جلية؟ ألا نستحق العيش بحرية وكرامة في ظل ما يسمى : دولة النظام والقانون؟ أين هو فكرنا وعقائدنا في المناهج التعليمية؟ أين الأساتذة والمفكرون والمثقفون الزيديون في كافة المؤسسات الثقافية الرسمية؟ أين المشاريع التنموية في بلاد الزيدية؟ قارنوا بين وضع الزيود وغيرهم من التيارات الأخرى في هذه المجالات على الأقل!! وهل من المعقول أن يمنّوا علينا بموظف زيدي هنا أوهناك ممن لا يعرف من الزيدية سوى الإرسال في الصلاة ؟!! وأكثرهم يكونون في وظائف سيئة كالجمارك، والضرائب، والمالية ونحو ذلك!! لكن أين العلماء الأخيار؟ أين الواعون والمثقفون؟ أين الأكفاء الأمناء المخلصون؟ هولاء كلهم مهمشون كلهم مبعدون، وأغلبهم توزع عليهم مختلف أنواع التهم حسب تأثيرهم ومكانتهم الاجتماعية، وكفاءتهم العلمية والثقافية. فهم في نظر السلطة ملكيون، انفصاليون، عملاء لإيران، جعفريون اثنا عشريون..... وهكذا.

ـ إن من يريد معرفة حقيقة ما يواجهه أبناء المذهب الزيدي لا بد أن يتجاوز ما يتشدق به المسؤلون ووسائل إعلامهم من التضليل والتزييف وقلب الحقائق والخداع ، فهل يكفي الزيدية رفع الأذان من الجامع الكبير بحي على خير العمل ؟ هذا خداع ، وهل يكفي أن يقال إن رئيس الجمهورية زيدي وهو يذبح أبناء الزيدية في صعدة؟!!(إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ) ألا تهدف هذه المقولة إلى تحميل الزيدية أخطاء هذا الرئيس من قبل من لا يعرف مَنْ هُم الزيدية ؟ بلى...وهذا ما يسمعه الكثير منا خاصة في بعض المحافظات الجنوبية. يقولون : هذه دولتكم يازيود!!. وعلى كل حال .. من لم يعرف مطالبنا فليتلمس واقعنا..

وسائلنا لنيل حقوقنا:

لا بد أن يعلم الجميع أنه مهما كانت مطالبنا، مهما كانت المظالم المنصبة على رؤؤسنا، مهما واجهنا من تمييز ضدنا.. فإن طريقنا لنيل حقوقنا لا يمكن أن يتجاوز الطرق السلمية التي كفلها لنا دستور الجمهورية اليمنية الذي تم الاستفتاء عليه بعد الوحدة مباشرة، مع أن هذه الطريق السلمية أصبحت ـ وللأسف ـ مسدودة ، وأبسط مسيرة أو اعتصام أو حتى تعبير عن الرأي بالكلمة يواجه بقمع شديد وهل شعار: الموت لأمريكا وإسرائيل خارج عن نطاق حرية التعبير عن الرأي؟ ولماذا نسجن ونقَتَل ونحارب بسببه؟!!. ولكن مهما يكن تبقى تلك الوسائل هي النهج الذي نؤمن به ونرتضيه.

أما هذه الحروب التي نخوضها منذ ما يقارب أربعة أعوام فليست من أجل نيل تلك الحقوق والمطالب، وإن كان التمادي في سلبها والإمعان في القهر و الحرمان مما ينذر بتفجر الوضع العام الذي قد لا يمكن لأحد من السيطرة عليه. لكن هذه الحرب فرضت علينا فرضاً، والكل يعلم أن السلطة هاجمتنا بقواتها المسلحة إلى بيوتنا، ولم يبق لنا من وسيلة سلمية للدفاع عن أنفسنا، واضطررنا اضطراراً للجوء إلى سلاحنا دفاعاً عن النفس، وهذا حق مشروع من قبل الله تعالى لنا ولكل من ابتلى بمثل ما ابتلينا به، قال الله تعالى(أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ ) وغيرها من الآيات، فليتنبه الجميع لهذه المسألة، ويعرفوا أننا ومنذ البداية وسنبقى إنشاء الله دعاة سلم وسلام ووحدة ووئام.

والله من وراء القصد.

اللجوء إلى الجبال، وحق العودة..

• بعد نهاية الحرب الأولى كانت هناك مضايقات من قبل السلطة، وملاحقات، وفصل من الوظائف، واعتقالات طالت معظم أهالي مران وجمعة بن فاضل وغيرها من المناطق إضافة إلى تدمير مئات المنازل في مران وجمعة بن فاضل بالذات، هذه الأمور أدت إلى نزوح أغلب أهالي تلك المناطق إلى بلاد سحار وغيرها من المناطق البعيدة عن منطقة التوتر. وما أن استقر بهم المقام في تلك المناطق حتى تفجرت الحرب الثانية، وبدأت الملاحقات والسجون والمضايقات مرة ثانية لأولئك النازحين وغيرهم من أهالي مناطق نشور وآل الصيفي وضحيان، والطلح وما جاورها، ولم يكن أمامهم سوى الجبال للجوء إليها.

• انتهت الحرب الثانية ولكن خلال الهدنة استمرت الملاحقات وزج بالكثير من الناس في السجون وتم اغتيال البعض الآخر، وكانت معظم مناطق مران وجمعة بن فاضل ومعظم مناطق سحار وهمدان مسرحاً لكثير من أعمال القمع والتعسفات مما حال دون عودة الناس من الجبال إلى مناطقهم.

• تفجرت الحرب الثالثة بعد أن أقدم الجيش على قتل وجرح عدد من المجاهدين في سوق الخفجي وقهرة النص جنوب الطلح مما عد خرقاً للصلح، بعدها اشتعلت الحرب وتقدمت الوحدات العسكرية لمحاصرة النازحين إلى الجبال واستمرت الحرب زهاء ثلاثة أشهر انتهت بعد تغيير المحافظ وبمساعي لجنة الوساطة.

• كان هناك حوارات مكثفة مع المحافظ لمحاولة الوصول إلى اتفاق لعودة النازحين إلى بلدانهم بناء على ضمانات حتى يطمئنوا ويتمكنوا من العودة ، ولكن لم تسفر عن أي نتائج، بل إن من عاد منهم إلى بلده تعرض للسجن أو المضايقة بسبب انتشار الجيش في قراهم ومناطقهم، واحتلال عدد من البيوت من قبل العساكر، وهذا ما شهدت به لجنة الوساطة وحاولت بكل الوسائل إخلاء المناطق من العساكر والحد من تعسفاتهم التي أدت إلى تجدد النزوح وتمسك النازحين الأُوَلْ بالبقاء في الجبال. ومن الغريب أن السلطات في مران والجمعة كانت تأمر العائدين من الجبال أو الخارجين من السجون بالعودة إلى الجبال وتهددهم إن لم يعودوا إلى الجبال حسبما أكده كثير من الإخوة ، وأطلعت عليه لجنة الوساطة في حينه.

• كان الأخ عبد الملك بدر الدين وفي عدد من البيانات والتصريحات يكرر استعداده هو وبقية أصحابه للنزول من الجبال بمجرد انسحاب الحملة العسكرية من مناطق المواجهات والعودة إلى ثكناتها، واستعداد السلطة لتأمين الناس، إلا أن هذا كله قوبل بمماطلة السلطة مع مواصلتها لكثير من الخروقات للصلح كما أسلفنا.

 

• استمرت لجنة الوساطة في جهودها، وتعددت لجان الوساطة بتعيين المحافظ، وكل فترة تظهر وساطة جديدة وهكذا تبعثرت الجهود، وضاعت البنود التي كانت اللجنة الأولى قد توصلت إليها لحلحلة الأزمة، ويبدو أن السلطة كانت تبحث عن وسطاء بسطاء تتمكن من خداعهم أو إغرائهم، وهكذا بقيت الأمور حتى تفجرت الحرب الرابعة.

• بالنسبة للمعتقلين الذين تم إطلاق سراحهم كانوا يتوجهون من السجن مباشرة إلى الأخ عبد الملك، ويمكثون يومين أو ثلاثة يتم خلالها حثهم على العودة إلى مناطقهم، والتزام الهدوء، وتجنب ما من شأنه إثارة المشاكل مع السلطة، ولكن الكثير منهم ما إن يذهبوا إلى مناطقهم حتى يعودوا وخيبة الأمل بادية على وجوههم، والتذمر من الوضع في مناطقهم يسلبهم كل أمل في العيش الكريم بأمن واستقرار، فالبيوت مدمرة، والمزارع يابسة،والممتلكات منهوبة والتعويضات في طريقها ألف عائق، والوهابيون يسيطرون على المساجد، وينشرون أفكارهم بالقوة بمساندة السلطات هناك، والعساكر يجوسون في قراهم وبين مزارعهم، ويتصرفون معهم بوحشية وقمع وسجون وابتزاز لما تبقى في العروق بعد الذبح. فضلاً عن احتلالهم لعدد من البيوت في كثير من تلك المناطق، والدفع بهم للذهاب إلى الجبال قسراً كما أسلفت .

هنا تَسْوَدُّ الحياة في وجوه العائدين، ولا يجدون مناصاً من العودة إلى الجبال، مع العلم بأنه لا رغبة لأحد بالبقاء في تلك الجبال والقفار، ومجاورة العقارب والثعابين، ولكن وكما قيل:

فَلَوْ لاَ المُزْعِجَات من الليالي

لَمَا تَرَكَ القَطَا طِيْبَ المَنَام

• فهذه قصة أولئك المشردين الذين أنطبق عليهم قول الله تعالى (( الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله)) صدق الله العظيم.

نحن والنظام الجمهوري

• نحن لم نعارض النظام الجمهوري، أو نفكر في الانقلاب عليه يوماً ما، والنظام الملكي لا أساس له في فكرنا الزيدي، والأخ السيد حسين بدر الدين وضح ذلك في رسالته للرئيس قبيل الحرب وفي كثير من رسائله وتصريحاته، كما وضح ذلك الوالد العلامة بدر الدين الحوثي والشيخ عبد الله الرزامي في رسالتهما للرئيس قبل الحرب الثانية. وكذا تصريحات الوالد بدر الدين الحوثي في مقابلته مع صحيفة الوسط ـ وإن كان هناك من قبل السلطة وأزلامها من الكتَّاب من أساء استغلالها، وجهد في تحريف ما تزخر به من شفافية وانفتاح وإخلاص وإنصاف ـ كما أن الأخ حسين صرح في أكثر من مناسبة أن الرئيس هو رئيسنا،وأن النظام الجمهوري هو نظامنا وأنه لا مشكلة لنا مع السلطة، وأن مشكلتنا ومشكلة الأمة الإسلامية كلها إنما هي مع أمريكا وإسرائيل.

• نحن لا نفكر في السلطة، وليس لدينا أية طموحات في أي منصب فيها، وكل ما يهمنا هو أن نعيش كمواطنين عاديين في ظل نظام يحترم الدستور الذي كفل لنا حق المواطنة والعيش بحرية وكرامة، وحتى النشاط الحزبي لا نرغب فيه لاعتقادنا عدم جدية السلطة في مسألة التعددية الحزبية، ولنا عبرة بما تواجهه معظم الأحزاب خصوصاً حزب الحق ، وأتحاد القوى الشعبية.

• إننا نأسف كثيراً لما تروج له السلطة وبعض الأقلام المأجورة التي تصورنا وكأننا لا نفكر إلا في التربع على العرش !! وهل يعقل أن يحسدهم أحد على كراسيهم ومناصبهم التي بنيت على المكر والخديعة والكذب وما يندى له جبين الإنسانية من الفضائح والعار والهوان ناهيك عن الفساد الذي غطى كل مناحي الحياة، وشوه بلاد الإيمان والحكمة والحضارة والعراقة الضاربة بجذورها في عمق الزمن، حتى وصلت الأحوال إلى حد المتاجرة بعشرات الآلاف من أطفالنا وبيعهم في سوق النخاسة!! لا أريد الاسترسال في هذا المجال فالواقع ملموس للجميع، وكل إناءٍ بالذي فيه ينضح.

• لقد اندهشت كثيراً عند ما سمعت خطاب رئيس الجمهورية في العيد 17 لقيام الوحدة المباركة يقول إننا نقول وبالحرف الواحد:(( مر على الثورة 46سنة والآن يجب أن يعود الحكم إلينا إلى البطنين))!! لا أدري كيف سمح له ضميره باختلاق هذه الفرية؟!! وأحسست والله بالغيرة أن أرى رئيس الشعب وفي مثل تلك المناسبة وذلك الحشد، وبكل فجاجة وجرأة وهو يروي هذا النص المفترى و((بالحرف الواحد))، ويهبط إلى هذا المستوى!!ألم يكن بالإمكان أو من المفترض أن يصدر ذلك من إحدى مطبوعاتكم الهابطة التي عودتنا على الكذب والدجل وبهذا العيار كل يوم!! أو يقوم بالمهمة غيركم من حاشيتكم ، ولكن... ماذا نقول...؟ حسبنا الله ونعم الوكيل. في الواقع كلامه ذلك لا يشيننا، ولا هو بمنقصة فينا فيؤرقنا، إنما يؤسفنا أن تصدر مثل هذه الكذبة ونحوها من شخص بحجم رئيس الجمهورية الذي ما كان جديراً بأن يحترف الكذب بل يجب أن يكون قدوة ومثلاً أعلى، على الأقل في الصدق وعدم الافتراء حتى لا يفقد ثقة شعبه إن كان بقي له منها شيء؟؟

لقد حذر القرآن الكريم من الكذب في كثير من الآيات الكريمة ويكفي قوله تعالى :(إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ) وفي الحديث الشريف :(( الكذب مجانب للإيمان وإن الرجل لا يزال يكذب حتى يكتب عند الله كذابا)) أو كما قال... نسأل الله الهداية للجميع.

***

لمحة مختصرة عن

منتدى الشباب المؤمن... النشأة والأهداف

قبيل تأسيس حزب الحق كنت مع ثلاثة من الأخوة الشباب في مدينة ضحيان ندرس وندرّس العلوم الشرعية بعد إتمامنا للمرحلة الثانوية ولمَّا ننتسب إلى كلية الآداب بجامعة صنعاء.

كان لدينا طموح قوي ونشاط كبير في توسيع هذا العمل وتطويره وتحديثه، ورفده بالوسائل والأنشطة التي تجذب الشباب لطلب العلم، فقمنا باستئجار شقة مكونة من مجلس وغرفة إضافة إلى دورة المياه، وجعلنا من تلك الغرفة الصغيرة مكتبة فيها بعض الكتب والأشرطة وأفلام الفيديو الإسلامية وكان معظمها عاريّة. واتخذنا من المجلس فصلاً دراسياً وقاعة لعرض الأفلام والمحاضرات وسكناً للطلاب المهاجرين، الذين لم يتعدوا ثمانية طلاب.

في العام الثاني وهو عام 1991م قررنا أن تنظم دورة دراسية في العطلة الصيفية من كل عام وتستمر شهرين، ويعد لها منهج خاص من الكتب المختصرة لتتلاءم مع زمن الدورة، وهكذا رسمنا البرنامج اليومي وحددنا البرامج والأنشطة، وكلها كانت بدائية نظراً لمحدودية الخبرة وكونها البداية، وأطلقنا على هذه الشقة التي استأجرناها إسم (منتدى الشباب المؤمن)

كانت هذه الفكرة مبتكرة منا ولم تمل علينا من قبل أحد، بل لم يكن هناك من يلقي لها بالاً ولا يلتفت إليها، وإنما كانت معظم تلك الأنشطة تواجه باستغراب البعض، ونقد البعض الآخر، حيث كانت جديدة على المجتمع الذي لم يألف مثلاً مشاهدة الفيديو أو أي نشاط فني من مسرح وغيره وخاصة الأسر المحافظة جداً وهي أغلب المجتمع في هذه المدينة، فكنا نواجه ضغوطاً شديدة من البعض وتشجيعاً من البعض الآخر الواعين وهم قله آنذاك، وكنا في نفس الوقت نهتم بالتواصل مع جميع العلماء ورموز المجتمع ونبين لهم فائدة تلك الوسائل حتى تلطفت الأجواء واقتنعوا بذلك وحظي المنتدى بتأييد معظم العلماء، وكل الشباب المثقفين.

 

غير أن البعض ـ وهم أفراد غير متفاهمين ـ ضلوا يعارضون ويحشدون معهم من كان على شاكلتهم، والحديث عن هذا الجانب يخرجنا عن المقصود وقد تلاشت هذه الاختلافات ولم يبق لها أثر بحمد الله.

الدورة الثانية وما بعدها:

جاءت العطلة الصيفية الثانية في عام 1992م، وقد تضاعف حماسنا واستعدادنا حيث كانت مؤشرات نجاح الفكرة خلال العامين الماضيين تفتح لنا الآمال وتجدد النشاط، فانطلقنا للإعداد للدورة الثانية وقد بدأ انتشار خبرها في مناطق محدودة وأعلنا عن بداية استقبال الطلاب عبر مطبوعة ورقية كنا نصدرها باسم (مجلة الفجر) كنا نحرص كثيراً على التعرف على الناس المثقفين والواعين الذين يمكن أن يرفدوا بذلك مسيرة العمل، وكان من أوائل أولئك الذين ساندوا المسيرة منذ البدء الإخوة الأساتذة عبد الله حسين المؤيدي، عبد الرحيم الحمران، محمد أحمد الحاكم، وكلهم من مدينة ضحيان. وفي بداية الدورة الثانية عام1992م التقينا الأخوة الأساتذة عبد الكريم جدبان ، علي أحمد الرازحي ، صالح أحمد هبرة ، محمد يحيى عزان ، وطرحنا عليهم فكرتنا ومشروعنا فأبدوا استعدادهم للتدريس في هذه الدورة وكانت تلك بداية انطلاقتهم معنا.

إلا أن جميع هؤلاء المذكورين لم يتمكنوا من التفرغ والذوبان في أنشطة المنتدى العامة سوى أيام الدورات الدراسية، فقد أستحوذ حزب الحق على معظم وقتهم ونشاطهم، إضافة إلى الاعمال الخاصة والدراسات الجامعية والعليا بالنسبة لبعضهم.

كنت مع مجموعة من الإخوة من الشباب الناشئ بمدينة ضحيان نتفرغ لإدارة العمل في المنتدى طوال العام واضطررنا للانتساب في دراستنا الجامعية مراعاة للعمل، وكنا عازفين عن العمل الحزبي أصلاً، وحتى في ذروة انطلاقة الحزب وأوج نشاطه، وفي ظل ميل أغلب الأخوة الأساتذة المذكورين آنفاً إلى الحزب، وتضاؤل دورهم في أعمال المنتدى وأنشطته، ولهذا كان اعتمادنا على عدد محدود من الشباب الناشئ خاصة من أنتجهم المنتدى الذين تربوا في رياضه وعاشوا أجواءه الثقافية والروحية المركزة، ولأن هؤلاء الشباب يقطنون مدينة ضحيان التي فيها مقر المنتدى وإدارته، فقد كانوا أكثر التصاقاً به واستفادةً منه خلال الفترة الماضية، وإليهم يعود الفضل لما قدموا من خدمات جليلة طوال المسيرة.

وتتالت الدورات الدراسية في العطلة الصيفية من كل عام، وفي كل دورة تتزايد أعداد الطلاب ، وتتطور الوسائل والأساليب في كل المجالات. وقد اضطررنا لافتتاح فروع منذ الدورة الرابعة ومنها بدأ انتشار الفروع بحسب إمكانياتنا المحدودة حتى بلغت ما يقارب خمسين فرعاً ضمت آلاف الطلاب في كل مديريات صعدة وفي محافظات أخرى.

الهيئة الإدارية

تشكلت الهيئة الإدارية للمنتدى فضمت في عضويتها كلاً من الإخوة أحمد محمد الهادي ـ وهو من المؤسسين ـ علي أحمد الرازحي ، صالح أحمد هبرة، محمد يحيى عزان ، عبد الكريم جدبان، إضافة إلى كاتب هذه السطور كمدير للهيئة الإدارية للمنتدى.

وتم اختيار هؤلاء باعتبارهم المدرسين (المواظبين) خلال الدورة الصيفية، والأكثر تفرغاً للعمل في المشروع هذا من غيرهم.

 

بعد توسع المشروع وتفرعه وامتداده ـ حيث قمنا بتأسيس مدارس ومراكز في عدد من البلدان في المحافظة وخارجها ـ وبعد الاستقالة الجماعية للإخوة المذكورين وغيرهم من حزب الحق ـ تم الاتفاق على توسعة الهيئة الإدارية، ولأن وضعنا كان يستدعي كوادر وطاقات جديدة تنطلق بجدية وحماس أكثر من خلال إحساسها بالانضمام رسمياً إلى الهيئة الإدارية وتكليفهم بمهام معينة، ولأن المشروع قد بدأ يواجه تحديات ومخاطر في تلك الآونة بالذات تسعى للقضاء عليه، وتستند إلى دعم قوي من قبل رموز معينة في السلطة، وبعض مشايخ القبائل المدعومين من الداخل ومن الجارة الكبرى كذلك، إضافة إلى مشاكل مع بعض الرموز الدينية الذين كان لهم ملاحظات على شي من أفكار بعض الأخوة ممن يحققون كتباً زيديه مثل محمد يحيى عزان، وعلي أحمد الرازحي، وعبد الكريم جدبان، وإن كان الغوغاء قد عمموا سخطهم وتذمرهم على الشباب المؤمن بشكل عام ، نتيجة لتأثرهم بمفاهيم خاطئة ، وإعلام مضلل تابع لجهة خفية جداً حاولت توظيف هذه الورقة لإيجاد شرخ في الحركة الزيدية الحديثة المتمثلة في حزب الحق ونهضة المدارس الدينية والحركة الإرشادية المنتشرة في صعدة وعدد من المحافظات الأخرى، والحديث حول هذا الجانب طويل ولست بصدد كتابة تاريخ وإنما لمحة قصيرة عن نشأة المنتدى مما هو مطلوب أكثر في الوقت الراهن.

المهم أن توسعة الهيئة الإدارية، وتعيين الوالد العلامة بدر الدين الحوثي والسيد العلامة أحمد صلاح الهادي كمرجعية دينية.. كان مما فرضته تلك المستجدات على الساحة وإن كان أحد الأخوة قد تصور سبباً آخر لذلك ، قرأته في بعض كتاباته في هذه الأيام، إلا أن القصد لم يتجاوز ما ذكرته ، ولا أذكر أنه أبدى آنذاك ولا فيما بعد أي اعتراض على ما أذكر وكذلك غيره من الإخوة، وكانت الفكرة منطلقة من إجماع الكل ، لإحساسهم جميعاً بأهمية ذلك ومدى الحاجة إليه.

معلومات هامة مختصرة:

1ـ كانت نشأة المنتدى استجابة للواقع الذي كان يعيشه شباب الزيدية من جهل وضياع. خصوصاً والدعوة الوهابية في صعدة في أوج نشاطها، والحلقات الدراسية في المساجد شبه غائبة نظراً للضغوط السلطوية ـ كما ذكرنا في موضوع سابق ـ إضافة إلى الطريقة التقليدية في أساليب التدريس التي لم تتلاءم مع الجيل الناشئ.

2ـ إنصبت كل الجهود وتمحورت كل أهداف المنتدى على الجانب التربوي والتعليمي، والثقافي، والتعارف والتآلف بين طلبة العلم الشريف من مختلف المناطق، وعلى تحقيق الوحدة الفكرية والثقافية من خلال المراكز والمدارس الدينية التي تفرعت عن المركز الأم وسارت على مناهج وبرامج وأنشطة موحدة في كل المناطق التي تأسست فيها.

3ـ اعتمد المنتدى في الجانب المادي على جهود أهل الخير الذين تفاعلوا حينما رأوا تلك الثمار الطيبة، وبعد سنوات طويلة تم اعتماد مبلغ أربعمائة ألف ريال شهرياً كمساهمة من الدولة في هذا العمل الخيري، وكان ذلك بسعي الوالد العلامة عبد الله يحيى الصعدي (رحمة الله عليه) لدى رئيس الجمهورية، وانقطعت بعد وفاته بفترة قصيرة، ولم تكن هذه المساعدة مشروطة بشرط ، ولم نقبل باستلام ذلك المبلغ إلا بعد التأكد من أنه خالص تماماً من أية شروط أو إملاءات، فلقد كنا منذ البداية وحتى النهاية حريصين على استقلالية المشروع وعدم الأرتهان لأي أحد أياً كان . وهذا ما حقق ـ بعون الله ـ النجاح الكبير لهذا العمل الخيري المفيد.كذلك تمت مساعدتنا في طباعة المنهج الدراسي طبعة واحدة(5000) نسخة من كل كتاب عبر مطابع الكتاب المدرسي وذلك بعد عرضه على وزارة الثقافة التي شكلت لجنة لمطالعته ولم تبد أي اعتراض على شي منه سوى عنوان كتاب التاريخ.

 

4ـ لم تكن لنا أي صلة أو علاقة بالسلطة، ولا بأي مسئول فيها، وكان كل ما نطلبه ونريده أن يتركونا وشأننا ندرس فكرنا بحرية ورفع الحظر عنا من استخدام مدارسها لإقامة الدورات الدراسية خلال العطلة الصيفية فيها. وفي الواقع لم يكن ولا كان ولحد الآن في مشروعنا وكل أنشطتنا ما يدعو لإنكار السلطة علينا، فكل أعمالنا لم تخرج عن نطاق الدستور والقانون، ولو بقيت السلطة على مسلكها ذلك لما قامت كل هذه الحروب والمشاكل التي ولحد الآن لم نجد أي مبرر لها، وكل ما قيل وما يقال من الأسباب والمبررات فهي كاذبة ولا أساس لها من الصحة على الإطلاق. والله المستعان.

5- لم يكن المنتدى تنظيماً سياسياً ولا غيره، ولم يكن لدينا أي فكرة ولا خبرة في هذا الشأن، ومن ادعى غير هذا فعليه أن يثبت دعواه بأية وثيقة أو نحوها. وأهداف المنتدى كانت مرسومة منشورة موجودة لدى أي طالب من أنحاء اليمن التحق بأية دورة دراسية منذ الدورة الأولى عام 1991م وحتى آخر دورة عام 2003م. وهكذا المنهج الدراسي، بل كنا قد وزعنا تلك الأهداف والمناهج حتى على عدد من المسئولين فضلاً عن العلماء والمثقفين ولكل من طلبها في أي مكان.

الطالب وحرية الانتماء

كان المنهج الدراسي على ثلاث مراحل يأخذ الطالب في كل دورة دراسية مرحلة واحدة، وبعد تخرجه من المرحلة الثالثة يكون مؤهلاً للتدريس في المنهج ويوزع في أي مدرسة أو مركز يدرّس فيه خلال العطلة الصيفية، وبالطبع يبقى اتصالنا وعلاقتنا به على أساس كونه مدرساً تابعاً للإدارة العامة للمراكز والمدارس الدينية. بينما لم يكن لنا أي التفات ولا تدخل في مجال انتمائه السياسي، بل إنه كان من الشروط التي يجب على الطالب الالتزام بها أيام الدورة الدراسية عدم الحديث بالمطلق عن الحزبيات وعن كل المسائل التي تثير الفرقة بين الطلاب سياسية كانت أوفكرية أوغيرها، وهذا البند مع بقية البنود كانت تمثل شروطاً يجب على الطالب مراعاتها أو يتم فصله من الدورة بعد الإنذار وهي موجود لدينا الآن ويشهد بهذا كل طالب التحق بأية دورة دراسية.

وبهذا ندرك أن المشروع (المنتدى) كان حريصاً جداً على أن يظل منتدىً للجميع أياً كانت توجهاتهم وانتماءاتهم السياسية، وعلى أن يظل الطالب حراً في الانتماء إلى أي حزب أو اتجاه سياسي يرغب فيه، وكذلك في اختيار أي فكر أو حركة أو عمل ينطلق فيه، بعد أن يكون قد اطلع على أسس وقواعد الدين الحنيف والثقافة الإسلامية الصحيحة من خلال الدورات الدراسية المذكورة.

المنتدى وفكرة الشعار:

بناء على ما سبق فإنه وبعد تبني الأخ السيد المجاهد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه) لفكرة الشعار (الله أكبر.. الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل.. اللعنة على اليهود.. النصر للإسلام) فقد اتجه أكثر من 95% من أساتذة وطلاب المنتدى تلقائياً صوب فكرة الأخ حسين وذلك للأسباب التالية:

1- كانت الأجواء مهيأة لتقبل الفكرة بعد أحداث سبتمبر وما نتج عنها من غزو أمريكي لأفغانستان والعراق وما شاهده العالم عبر الفضائيات من وحشية وظلم وإجرام ومآسي ومجازر نفذها الأمريكيون، ولّدت احتقاناً كبيراً لدى كل المسلمين، وهذا أمر مفروغ منه.

2- كانت الفكرة هي المتنفس والخيار الأسلم (أضعف الإيمان) للتعبير عن الرفض والسخط تجاه ما يجري، إضافة إلى كونها لا تخرج عن إطار حق التعبير عن الرأي المكفول دستورياً لكل المواطنين.

3- كان موقف السلطة ـ في بداية الأمر ـ رافضاً وبقوة للاحتلال الأمريكي وتصرفاته في أفغانستان والعراق، وكانت الخطابات لرئيس الجمهورية حول القضية تلهب حماس الشباب.

عن / يمن برس


في الخميس 06 سبتمبر-أيلول 2007 08:36:15 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mirror1.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mirror1.marebpress.net/articles.php?id=2475