شهادات ناجين من حادث ( بان يمن ) المنكوبة 2-2
طارق عثمان
طارق عثمان

مأرب برس – خاص

بداية اعتذر وبشده للقراء الاعزاء عن تأخري في كتابة هذا الجزء..وهذا التأخر مرده الى عدة اسباب لعل اهمها توقفي عن كتابة ( المقالات )عموما منذ الحلقة الاولى والذي تزامن مع سفري الى اليمن وهي رحلة افقدتني الرغبة في الكتابة للاسف والتي بدأت استعيدها بحمد الله ...

والامر الثاني الذي لابد من الاشارة اليه وانا اكتب الجزء الثاني هو انه من المستبعد فهم هذا الجزء دون العوده الى الجزء الاول ..لذا ادعوا القراء الأعزاء الى العوده الي الجزء الاول والمنشور على الرابط المدون أسفل المقال

********

في مكتب المحقق كان الزوج وزوجته يواصلان سردهما لما تعرضت له الطائرة التي استقلانها في تلك الرحلة المشؤمة التي كادت تودي بحياتهما ...

المحقق : ليش سكتم واصلوا ،،واصلوا ايش حصل بعد السيطرة على المجموعة المسلحة ....

الزوجه : وقد أخرجت منديلا من حقيبة يدها واخذت تمسح دموعها .. ماكناش عارفين حقيقة مشاعرنا !! نفرح ان الطائرة نجت من المسلحين الذين كانوا ينوون تفجيرها في ثواني والا نزعل اننا مازلنا على قيد الحياة مع طاقم يريد ان يتجه بنا نحو الانفجار خلال ساعة ... لحظات صعبة ... صعبة جدا .... وتحشرجت الكلمات في حنجرتها ...

ربت الزوج على كتفها وتوجه بالحديث الى المحقق .

- استمرت الطائرة في السقوط والركاب جميعهم واجمون وغير قادرين على التصرف بعد ان قالوا ماعندهم وبعد ان ارهقتهم الاحداث التي ت

عصفت بطائرتهم ... ومن بين الصمت الرهيب الذي ساد للحظات صرخ كهل كان يقف في المؤخرة

- يعني خلاص ياجماعة نسلم امرنا لله وننتظر الموت ... ياخسارة على شبابكم اما انا فزي ما أنتم شايفين اللي راح اضعاف اللي باقي ... ياخسارة الشباب !!! خلاص مافيش حل ... مستسلمين راضيين .. الله يرحمكم مقدما .

 وقف الذي بشرنا برحلة ممتعة مع الكابتن الماهر وصرخ في وجه الكهل ...

- ياشيبة انت شخص مأزوم واليأس من الدنيا معشعش في ذهنك ، الكابتن سيكمل الرحلة وسيوصلكم الى بر الامان اسمعوا كلامي وخليكم من كلام المرجفين ..

اكملت الزوجه ...

- وقفت المرأه التي كانت بالكرسي المجاور وصرخت ايش من مرجفين يبني حرام عليك الطائرة كلها ترتجف وانت عادك مش مصدق ...

رد بابتسامته المعهوده

- ياعجوز الله يرضا عليك الكابتن له عشرات السنين يقود الطائرة وهو ادرى واخبر بها منا جميعا وما دام يقول انه سيوصلنا يعني سيوصلنا واتبع كلماته بقهقهته التي يختم بها عباراته ماعليكم سوى شد الاحزمة ...

وقف راكب اخر وصرخ في وجهه ...

- يا رجال حرام عليك كفاية تدليس على الناس ا لوقود ينفد،، هناك عطل في احد المحركات ،، والجناح الايمن فيه خلل وتقول الطائرة ستصل !! على من تكذب ؟؟...

فيرد صاحب الابتسامة العريضه

- صحيح !!! مأزومون !!!ولا يرون الا الجانب المظلم اخلعوا النظارات السوداء لتتمكنوا من الرؤية الطبيعية..ويقهقه ..

ومعدوي قهقهته يدوي انفجار في قمرة القيادة .. و تتناثر امتعة المسافرين بسبب ترنح الطائرة ويعلو الصراخ مرة اخرى ... لا الهالا الله ... اشهد ان لا اله الا الله .يالطيف ... ياساتر ... ويأتي صوت الكابتن عبر الميكرفون عذبا سلسا دافئا حنونا ... 

-اعزائي المسافرين لا داعي للقلق رجاءا عودوا الى مقاعدكم ، ما تعرضت له قمرة القيادة لم يكن سوى انفجار بسيط تم السيطرة على اثاره بسرعة واقتدار، فلا داعي للخوف والانزعاج ، تمنياتي لكم برحلة ممتعه وآمنه ..

يسأل المحقق

- ثم ماذا حدث بعد ذلك ..

رد عليه الزوج لشارد الذهن .

- صرخ احد الذين ثاروا في بداية الرحلة ياجماعة الى متى نستمر بالسكوت والطاقم يقودنا نحو حتفنا ونحن نتأمل دون حراك ...

فيرد عليه احدهم

- طيب ايش الحل يا جماعة ... كفاية المهاترات التي حدثت من اول ما عرفنا ان هناك خلل دون ان نصل الى حل ، نريد حلول .. ولا تقل لي انك ستقوم بتوزيع كتيب كما اخبرتنا في البداية ...

يجيب

- لا لن اوزع كتيب لكن هل بينكم ملاحي طائرات ...

يقف راكب حسن الطلعة وقور ..

- انا لدي خبرات معقولة في قيادة الطائرت .

رد عليه احد ركاب الدرجة الاولى

- وهي في حالة سليمة طبعا !!!،، اما طائرة هذا وضعها فاعتقد ان المسألة فيها نظر ...

-اجاب الرجل الوقور.

- نعم لكن انا اعتقد ان هناك اخطاء جسيمة في طريقة التعامل مع الحالة الحرجة للطائرة والتعامل معها باسلوب مهني حرفي مختلف سيمكننا من الهبوط في اقرب مطار للتزود بالوقود واصلاح الاعطال التي لحقت بالطائرة خلال الرحلة ..

اضاف راكب اخر .

- يا أخي تبقى محاولة نسبة نجاحها معقولة خير من الموت حتف الانف

يسأل صاحب المبادره .

- طيب وكيف نسلم الطائرة للملاح الجديد والطاقم والمضيفون يمسكون بزمام الامور كما ان

بعض الركاب لا يمكن ان يتقبلوا إلا الكابتن الذي يعرفونه مذ ان عرفوا ركوب الطائرة ...

يقف الشخص الذي طالب في بداية الرحلة بان يكون له دور في القياده لأن خبرته وخبرة مرافقيه لا تقل عن خبرة الطاقم الحالي ..

- ياجماعة سلامة الطائرة تهم جميع من فيها بما فيهم الطاقم والمظيفين واعتقد اننا اذا عرضنا عليهم استبدال الاشخاص في قمرة القياده ... سيوافقون ..

اردف الشخص الذي طالب في بداية الرحلة بالعوده الى قواعد الستينات في طرق قيادة الطائرات

-انا رأي نعرض الامر على الكابتن ونشوف ... وقبل ان ينهي حديثه جاء صوت الكابتن رقيقا دافئا ...

- اعزائي الركاب ... بعد هذه السنين الطويلة من السفر بصحبتكم اجد انه لزاما عليا ان اتنحى عن قيادة الطائرة واسلمها لمن يكمل الرحلة وسأكون الى جانبه وتحت امرته متى شاء ..

دوت جوانب الطائرة بالتصفيق والهتاف بحياة قائد الطائرة الذي قرر طواعية تسليم دفة الطائرة الى ملاح اخر ليكمل الرحلة .

سكت الزوج

فسأل المحقق

- وبعدين سلم القياده !

تنهد الزوج واجاب

- ياريت لكن الشخص الذي ما فتأ من اول الرحلة وهو يبشرنا برحلة سعيده وقف معترضا على الكابتن هذا التصريح وصرخ بكل صوته

- اكمل المشوار .. اكمل المشوار ، فتجاوب معه جميع الركاب الذين اخبرتك انهم التحقوا بالرحلة دون تذاكر او حجز مسبق وانضم اليهم ركاب الدرجة الاولى وكذلك الاشخاص الذين احالوا الطائره الى طيرمانه للقات .. وبالطبع الشخص الذي وقف وسط الاحداث الصعبه التي مرة بها الطائرة ليتسول الركاب ..

المحقق - وبعدين

اجابت الزوجه

-ولا قبلين .الكابتن اعلن عن عدوله عن مغادرة قمرة القيادة ... طالما والركاب كلهم بحاجة له ولمهاراته ولقدرته ..ومع ذلك فهو موافق على اعادة الامر للركاب ..

اجاب المحقق

- طبعا الركاب اختاروا الملاح الجديد ...

رد الزوج وهو يتنهد للاسف لا ..

المحقق

ليش ؟؟؟

ردت الزوجه حتى انا اخترت الكابتن القديم ..

المحقق

- انت ؟؟؟

اجابت الزوجه وهي تهز رأسها

- نعم حتى أنا ..

المحقق

- طيب أيش السبب ؟؟

ردت الزوجه

- والله الاسباب كثيرة ياحضرة المحقق اولها اني اول مرة اشوف الكابتن الجديد وبعدين كل المظيفين شككونا في قدراته وكمان بدأت الامور تستقر في الطائرة والمظيفون قاموا بتوزيع الكثير من المعلبات والمشروبات والحلويات على الجميع وبشكل افقدنا الاحساس بالمصير الذي يواجهنا ..والكابتن صراحة وعدنا بان الرحلات القادمة ستكون اروع رحلات نشهدها في حياتنا وسيقوم بتسيير الطائرة بوقود غير تقليدي كما انه سيتكفل برحلات ترفيهية مجانية لكل من وقف في هذه المحنة ..كما انه قال وبنبره متوعده ان تغييره قد يحيل الطائرة الى حطام ..

المحقق

- ايوه وبعدين ..

اجاب الزوج

- للاسف رفع كثير من الركاب ايديهم لصالح استمرار الطاقم القديم ...ونظر الى زوجته نظرة عتاب فاطرقت برأسها ورمته بين يديها ...

المحقق

- واصل واصل ...

الزوجه ..

- استمرت الطائرة في السقوط و الكابتن مصر على ان يستمر بنفس طريقة القيادة دون توقف في اي مطار للتزود بالوقود او لاصلاح الاعطال ورفض تغيير مساعديه او اي من الطاقم ...

المحقق

- طيب ما الذي حصل بعد ذلك ...

رد الزوج

- حصل الذي كلنا كنا نتوقعة ومع ذلك سعينا اليه ،، حدث الانفجار الرهيب الذي عصف بالطائرة ... تمكنت انا وزوجتي من انتزاع اطواق نجاه من بعض الطاقم وارتديناها و... وتنهد بعمق ...

المحقق وماذا اكمل .اكمل ...

الزوجه ..

- ماحسيناش بأنفسنا الا واحنا في المستشفى ... وقد فقدت اصابع يدي اليمنى وخسرت الجنين الذي في بطني وشوهت الحروق وجهي والتهمت شعر راسي وزوجي كما ترى فقد رجله اليسرى ...و... وتساقطت دموعها بغزارة ...واخذت تنتحب .

ضمها زوجها اليه وحاول تهدئتها .. وتوجه بالسؤال للمحقق ..

- ايش حصل لبقية الركاب ياحضرة المحقق ..

الحقيقة ، كثير منهم فارق الحياة والبقية اصاباتهم خطيرة وبعضهم بين الحياة والموت ..

- طيب والطاقم ..ايش صار فيه

- نفس ماحدث للركاب ...

الزوجه

– انا اريد اعرف مصير شخصين فقط .. الشخص الذي بقي يبشرنا برحلة سعيده مع هذا الكابتن .. والكابتن نفسه ؟

-المحقق – هذا الشخص موجود الان في المصحة وقد فقد بصره ويده اليمنى والاهم قد فقد عقله ويقضي يومه وهو يمتطي حاجزا اسمنتيا موضوعا في باحة المصحة كما يمتطى الحصان ويضع نظارات سوداء ليخفى خلفها عينيه المطموستين ويستمر في الصراخ باتجاه المجهول ... اكمل المشوار ... اكمل المشوار ... اربطوا الاحزمة ... ويقهقه بطريقه هستيرية تنشر الرعب في قلوب المرضى والاطباء ...

 الزوج

 - طيب والكابتن ؟

المحقق

– لا نعلم عنه شي ..

الزوج

– يعني اكيد مات .

المحقق – فحوصات الحمض النووي ال DNA

تشير بشكل واضح الى انه ليس من بين الموتى ... والغريب انه ليس من بين الاحياء .. انه مازال لغز ... لغز غامض ... لغز حيرنا في وجوده وفي اختفاءه .

بعد ان خرج الزوج وزوجته من مكتب المحقق توجها الى منزلهما و في راسهما يدور السؤال الكبير اين اختفى الكابتن .. 

http://www.marebpress.net/articles.php?id=1884&q =شهادات%20ناجين%20من%20حادث


في الإثنين 01 أكتوبر-تشرين الأول 2007 09:47:32 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mirror1.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mirror1.marebpress.net/articles.php?id=2630