تاج محل تعبير عن حب انقلب إلى تحفة خالدة
الخيمة

حتى لو كان مجرد ضريح لإحدى ملكات المغول في الهند، أو تعبيراً عن قصة «حلم» خالد.. يبقى «تاج محل» أو «قصر التاج» في الهند أحد الروائع العالمية الأكثر إثارة للإعجاب بين معالم التراث العالمي، والتي لم يستطع العالم إلا أن يرفعها إلى مرتبة عجائب الدنيا السبع الجديدة.

فتاج محل الذي يقع على ضفاف نهر يامونا في منطقة أغرا استطاع على مدى السنوات أن يفرض نفسه كأبرز المواقع السياحية في الهند التي بنيت على يد الحكام المغول المسلمين، فخلقت حولها أساطير كثيرة وباتت رمزاً معنوياً للمتحابين والأهم أنها من أكبر الشواهد على الفنون والعمارة في العهد المغولي. فقامت منظمة اليونسكو بإدراج هذا المعلم في عام 1983 في قائمة التراث الثقافي العالمي، انطلاقاً من تمثيله «الجوهرة الأكثر مثالية للفن الإسلامي في الهند».

قصة تاج محل بدأت مع الزوجة الثانية لـ «شاه جهان» أو «شهاب الدين» الذي كان يعرف أيضا بأمير خوارزم قبل استلامه الحكم عام 1628 ليصبح خامس إمبراطور مغولي مع زوجته «ممتاز محل» أو «أرجوماند بانو»، وهو الاسم الأصلي للملكة (فوفقاً للتقاليد المغولية كان يعطى للعائلات الملكية بعد الزواج أسماء أخرى). أصبحت الزوجة المحظية لشاه جهان، حيث كانت ترافقه في كل حملاته العسكرية، وأنجبت له 14 طفلاً. وعام 1630 توفيت ممتاز محل في سن الـ 38 وهي تلد ابنهما الرابع عشر خلال إحدى الحملات. وتقول الروايات أنها طلبت من زوجها على فراش الموت أن يبني لها نصباً رائع الجمال ليظهر للعالم مدى حبه لها. وعندما اقتيدت جثة ممتاز محل إلى الهند وضعت لترتاح في ضريح مؤقت داخل حديقة تمتد على طول ضفاف نهر يامونا. لينطلق بعدها ترجمة الوعد ببناء نصب لتخليد ذكرى الملكة في منطقة أغرا.

انطلق العمل بالضريح عام 1631، حيث بني بالكامل من الرخام الأبيض. فارتفع «تاج محل» على منصة مربعة (56.7/ 56.7 متر) عالية تم قطع جوانبها الأربعة. واستخدم في تصميمه المعماري مفهوم الأرابيسك المتشابك. القسم المركزي من تاج محل هو عبارة عن قبة وصل قطرها إلى 17.6 متر وارتفاعها 65 متراً، هذا وأحيط هذا القسم بأربع قبة دوائر فرعية. هذا ويبلغ طول كل مئذنة من المآذن الأربع حوالي 49.53 متراً. زيّن الضريح من الداخل والخارج بتصميم الزهور والخط من خلال استخدام الأحجار الثمينة مثل العقيق والكاسبر والفضة والذهب والجاد التي استقدمت جميعها من جميع أنحاء الهند وآسيا الوسطى، من دون أن ننسى نقوشات الآيات القرآنية.

لا يعرف أحد فعلياً مَن صمم تاج محل، لكن وثائق البناء تشير إلى اسم «أستاذ عيسى» أشهر المهندسين الإسلاميين في ذلك الزمان. هذا وتتضمن الوثائق أسماء الذين عملوا في هذا البناء إضافة إلى المواد المستعملة ومصدرها. فقد استقدم يومها حرفيون من أكبر المدن الهندية، كما عمل حرفيون مسلمون آخرون استقدموا من بغداد وشيراز وفرنسا وتركيا وإيران على تنفيذ أعمال متخصصة.

تطلب بناء «قصر التاج» حوالي عشرين عاماً، وجنّد في هذا الإطار أكثر من 21 ألف رجل لبناء هذا المعلم الفريد الذي بلغت كلفته حوالي 32 مليون روبية، حيث وضع ضريح الملكة «ممتاز محل» في الغرفة السفلية، أما ضريح «شاه جهان» فقد أضيف إلى الموقع في وقت لاحق.

ويتوافد السياح من مختلف أقطار العالم سنوياً (وبخاصة بين شهري نوفمبر وفبراير) للوقوف أمام عظمة «تاج محل»، هذا البناء الذي يومض باللون الفضي في ضوء القمر، ويتحول إلى اللون الزهري الناعم خلال الفجر، ليعكس الألوان النارية للشمس مع اقتراب النهار تذكيراً بقصة «عجيبة» تحوّلت بروعة تنفيذها إلى إحدى عجائب الدنيا. 


في الخميس 22 مايو 2008 06:12:03 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mirror1.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mirror1.marebpress.net/articles.php?id=3762