وين الثعابين ؟ الشعب اليمني وين ؟ النفط اليمني وين ؟ الغاز اليمني وين ؟
كاتب/لطفي شطاره
كاتب/لطفي شطاره

  الشرف اليمني وين ؟ وين الثعابين ؟  الله معنا أقوى وأكبر من حزب حاكم مليء بالحيتان

يسرق ، ينهب ، يكذب ، يبسط أراضي ما بتهــون

دم طفلة يسار راوي الخيسة فيه طعـم اللـــيمــــون

نار الثورة بدأت تشعــل نحن المنتصرين ، ويـن ؟ وين ؟ وين ؟

هذه هي الأبيات الأولى من الأغنية الشهيرة " وين الملايين " التي كتب كلماتها ولحنها علي الكيلاني وغنتها جوليا بطرس منذ نحو عشرين عاما ، هزت بها مشاعر وأحاسيس أركان العالم العربي من الخليج إلى المحيط ، ومازالت حتى اليوم تلهب وجدان الشعب العربي ولا تهز شعرة لحكامها الذين رفضوا الاستجابة لدعوة الرئيس علي عبد الله صالح بعقد قمة طارئة لأنهم يعلمون جميعا أنه لم يعد لهم تأثير ولا وزن إقليمي او عالمي يمكنهم من تقديم الحلول او طرح بدائل للحلول ، ولا على شعوبهم الذين فقدوا الثقة بحكامهم ، ومع اعتذاري للفنانة اللبنانية وكاتب كلمات الأغنية الأصلية على تدخلي لـ " يمننتها " ، فاني واثق أن الفنانة اللبنانية لو زارت اليمن شهرا ليس كسائحة او ضيفة على الدولة ، بل لتقضي وقتا كمواطنة عادية في بلدها الثاني تصحا وتنام على أكاذيب الإعلام الرسمي ، كبقية خلق الله في اليمن الذي لم يعد سعيدا ، لقالت ووجهها كله حزن وأسى من معاناة الناس في الواقع وتحملهم مرارته ، ومن فقدانهم للأمل بالتغيير " هذه الأغنية هدية بسيطة للشعب الصابر في اليمن وصرخة في وجه العربدة والأكاذيب " .

في الأيام القليلة الماضية حاول إعلامنا الرسمي وفي إطار الحملة الانتخابية لمرشح الحزب الحاكم " المؤتمر الشعبي العام " أن يصور للعالم أن الديمقراطية أصلها ومنبعها اليمن ، وأن الرئيس علي عبد الله صالح الذي قال لقناة " الجزيرة " أن قلبه يتمزق لمعاناة الشعب اللبناني من جراء الحرب التي تشنها إسرائيل على لبنان وانتهاكها لحرمة اللبنانيين ، هو الرئيس الوحيد في العالم الذي لا تنتهك حرمة المواطنين في بلادهم .. ولكن من يقول للرئيس اليمني إلى هنا وكفى مغالطات سواء في تضارب أقوالك مع حقائق الواقع ، او بين أكاذيب إعلامك الرسمي الذي لا يحترم حقوق المواطن ولا يضع اعتبارا لمعاناته .. من يقول للرئيس الذي بدأ غاضبا في لقاءاته الأخيرة على شاشتي " العربية والجزيرة " وهو يتحدث فقدان الفلسطيني واللبناني لكرامته بفعل البلطجة الإسرائيلية ، أن مواطنين يمنيين تنتهك كرامتهم أيضا وتداس بأقدام بلاطجة عسكريين وللأسف ليسوا إسرائيليين بل من أبناء جلدتهم ، يلبسون بزات وقبعات هي عنوان شرف للوطن ولحماية المواطن ، لا عنوانا للترهيب وانتهاك حرمات المواطن وابتزازه خدمة لحاكم ومجموعة متنفذين .. ولهذا أختطف رجال الأمن السياسي مهندسا يمنيا مسالما من أبناء قرية الحصن في محافظة أبين ، بل ورجل على درجة من العلم وهو المهندس / شفيق خميس يسلم .. لماذا يتحدث الإعلام الرسمي المنافق في اليمن عن الاعتقالات في الضفة وقطاع غزة ويتكتم عن الاعتقالات وممارسة الاختطاف الرسمي للأبرياء وفي قلب العاصمة صنعاء ومدن يمنية أخرى .. اليس اختطاف المهندس شفيق خميس يسلم من وسط العاصمة صنعاء بتاريخ 28-6-2006م ، ولا زال يقبع في سجن الأمن السياسي بصنعاء بدون تهمة (( إلا انه رفض ترشيح على عبد الله صالح وقال إنها مسرحية مكشوفة)) !!! هي انتهاكا لحقوقه كانسان اولا وكمواطن في بلد يدعي حرية التعبير ثانيا ، الا ترتقي ممارسات العسكر في بلادنا الذين زجوا بهذا المهندس السجن بطريقة " رعاة البقر " بل ورفضوا زيارة أهله له الا بعد مرور ثلاثة أسابيع ، وهو مريض بالسكر ، الى أقذر أصناف التعذيب النفسي لرجل مريض قد يفقد حياته في اية لحظة إرضاء ضباط كبار لرغبة حاكم يتفاخر بوجود وزارة لحقوق الإنسان في نظامه ، وعلى بضعة أمتار من مبنى الوزارة تعج السجون الرسمية والخاصة بالأبرياء الذين وقعوا ضحية مرض " انفصام " نظام يبكي على شاشات التلفزيون لمعاناة شعوب أخرى ، وشعبه ينكل ويقتل بقفزات حريرية ودم بارد فلماذا نستنكر ما تقوم به إسرائيل ولا نندد بما يجري في قلب العاصمة صنعاء .. فالذين رفضوا الإفراج عن المهندس شفيق ، أو تقديمه للقضاء أن كان له فعل يستحق مقاضاته ، يمارسون ضغوطا نفسية وتهديدات تحت وطأة المرض ورهبة ووحشة السجون ، الرجل ليس بطامح للسلطة او يدبر انقلابا على النظام حتى يعامل بهذه الطريقة ، بل مهندسا يعمل في هيئة المساحة الجيولوجية ، وعمره 42 عاما ، وله أربعة أبناء لا يعرفون أن أبيهم يقبع في زنازين السلطة التي صدق ديمقراطيتها حتى جربها بعبارة واحدة فقط وهو الان يدفع ثمن وهم الديمقراطية وحرية الرأي في اليمن وربما يكلفه حياته لا سمح الله .

الغريب أن كل الانتهاكات تمارس تحت علم وسمع وزارة لحقوق الإنسان تقودها وزيرة لم يتحرك لها جفن بعد وهي تسمع المناشدات من قبل المنظمات الإنسانية في اليمن للإفراج عن المهندس شفيق وبقية سجناء الرأي في اليمن دون أن تحرك ساكنا .

ولم يعد خافيا على العالم الذي مل من أكاذيب السلطة في اليمن ، والتي تهدر الملايين من الدولارات على مؤتمرات وندوات عالمية للترويج لديمقراطية لا يمارسها ولا تؤمن بها سلطة البلد المضيف ، بل من المخزي أيضا أن ينبري مسئولين كمنسقين لترويج هذه الكذبة " الديمقراطية " على الطريقة اليمنية ، وهم يعلمون أن الديمقراطية ممارسة .. الديمقراطية هي الإصغاء لرأي الشارع واحترامه .. الديمقراطية تعني قضاء مستقل وسواسيه الجميع أمام القانون .. فكيف يكذبون ويروجون لديمقراطية وقتلة مواطن بريء في حراج الصافية أسمه ألحامدي لا يزالون طلقاء ، بعد أن رملوا زوجته ويتموا تسعة من أولاده شاهدوا الجريمة البشعة نفذها غلاة وجبابرة في قلب صنعاء ، استمدوا قوتهم من انتمائهم لقبيلة الرئيس ، فبأي ديمقراطية تكذبون .. الديمقراطية بحاجة الى دولة ونظام .. واليمن سلطة بلا نظام وشعب بلا سلطة .. في اليمن التي يروج لديمقراطيتها محمد الطيب عبر قناة " المستقلة "ولكنه صدم باتصالات المشاهدين بأنها جاءت جميعها تدلل بعكس ما قاله تماما ولا تبرر الأموال التي أنفقت لمجيئه الى لندن للدفاع عن سراب .. والديمقراطية وبخصوصيتها اليمنية بحقيقتها التي تنفذها السلطة هو تنفيذ القانون بغير يد الدولة كما فعلت مجموعة تنتمي لإحدى قبائل محافظة صنعاء قبل يومين في تنفيذها حكماً قبلياً بإعدام أحد أفرادها بتهمة قتله أحد أفراد القبيلة ذاتها أثر خلاف على ساقية ، وبين الدوس على القانون كما فعل أيضا قتلة الحامدي الذين مازالوا طلقاء وبحماية الدولة ، فأين الدولة واين القانون مما يجري ، ولعل هذه المفارقة في مبدأ " الجريمة والعقاب " وتطبيقه على قاتل وحماية أخر ، هو التنوع الذي قصده عبد القادر باجمال رئيس الوزراء أمس في كلمة القاها في افتتاح ندوة " الانتخابات .. قمة الاستحقاق الديمقراطي " التي نظمتها امس بالمكلا مؤسسة دار باكثير للطباعة والنشر عندما قال : " أن اليمن لا تنكر التنوع للحفاظ على وحدتها وبالتالي نحن متوحدين في التنوع ومتنوعون في الوحدة " ، التنوع الذي يسمح لقبيلة مهيمنة ان تقتل من تشاء وتدوس على القانون تحت إقدامها متى تشاء ، التنوع الذي قصده رئيس الوزراء يكمن في فساد السلطة التي فصلت البلد الى نوعين .. نوع من المسئولين المنغمسين في الفساد منذ ما قبل الوحدة ، وبين مسئولين استحلوا الفساد ويمارسونه وبأثر رجعي لتعويض عقدة النقص المركبة في سلطة الفساد منذ نهاية حرب 1994 .

لقد بلغ بالسلطة في بلادنا من الاستهتار ما لم تبلغه اية دولة في العالم ، فأصبح كبار المسئولين في الحزب الحاكم مهووسون بداء الكذب والتضليل ، ليبقى حزبهم الحاكم في السلطة ويستمر الفساد ويستمر مسلسل خلق المبررات لتزايد الفقر وانتشار حالات الانتحار بين الشباب الذي يفقد الأمل بالمستقبل .. فهل يعقل أنه وبعد 44 عاما من قيام الثورة في الشمال ضد النظام الأمامي أن يظل يذكرنا فخامة رئيس الجمهورية بضرورة الاستسلام لنظريته في وضع المقارنة بين نظام العهد البائد وكان طبيعيا لدولة مثل اليمن الشمالي التي عاشت تلك الظروف وفي تلك الحقبة التاريخية ، وبين اليمن اليوم التي تتدفق ثرواتها الى جيوب المتنفذين .. فالتغيير الذي حدث في الشمال لم يكن من صنع رجل واحد بل في سياق التطور الطبعي الذي شهده العالم اليوم ، ولو كانت الأقدار وضعت علي عبد الله صالح في العهد الذي حكم فيه الإمام ، فهل كانت الإمامة اليوم ستقول انها عملت مالم يعمله علي عبد الله صالح قبل الثورة ؟ .. وليس هذا استغرابي فحسب بل هناك من يقول لماذا لا يتحدث الرئيس عن الجنوب الذي كان يعيش أثناء فترة الاحتلال حياة المدنية التي عرفتها عدن والمحميات الاخرى ، وكانت منارة للعلم والفن والإعلام والتنوع السياسي السلمي ايضا ، ولماذا لا يتباهى بنظام الجنوب الذي لم يعرف الفساد ولم تحيا الثأرات فيه الا في عهد دولة الوحدة ، ثم متى سيدرك الرئيس او من حوله من المستشارين أن التقدم في المجتمعات لا يقاس بكيلومترات من الإسفلت لطرقات تنهب ثلاثة ارباع قيمتها في بطون الحيتان ، او بمشاريع ينفذها فاسدين يحملون سجلات تجارية و باسم الدولة ، متى سيعي هؤلاء أن التطور يقاسم بحجم الأموال الضخمة التي تستثمرها الدولة لبناء الإنسان وبناء مجتمع مليء بالمتعلمين ، وليس بلد شوارعه واسعة ليقف على جانبيه مئات الآلاف من العاطلين ، يبصقون ويلعنون كل سيارة فارهة تمر بجانبهم يقودها أبناء الذوات وحيتان الفساد في دولة يقتل الأبرياء فيها أمثال الحامدي وطفلة الخيسة يسار باسم القانون ، وتمتهن كرامة الإنسان أمثال المهندس شفيق خميس يسلم وباسم الديمقراطية ، وتغلق صحف ويسجن زملاء في الصحافة كاإغلاق صحيفة الشورى حتى اليوم وزج بسامي يونس في مؤسسة 14 اكتوبر بعدن في السجن بأسم حرية التعبير ومحاربة الفساد .

 لقد مل شعبنا من كل الأكاذيب ولم تعد تنطلي على ثعابين اليمن لا خطابات مكافحة الفساد يلقيها لصوص بربطات عنق من أفخر محلات الملابس الأوربية .. ولا حماية السلطة تأتي عبر الزيارات المستمرة للمؤسسات العسكرية لاستجرار الماضي او إطلاق الوعود بالترقيات وزيادة المرتبات لإفراد هذه المؤسسة ، التي يراد استخدامها للتلويح بها في وجه المعارضة .. فحماية اليمن يبدأ في إدراك الثعابين على ضرورة التغيير و الإصلاح .. وبديهي جدا أن التغيير والإصلاح لا يمكن أن يقوم به فاسد او مؤسس ومشرع للفساد .. ولهذا لم يعد أمام ثعابين اليمن من خيار أخر اليوم وهم يتجهون الى صناديق الاقتراع بعد اقل من 50 يوما الا ترديد أغنية " وين الثعابين " وهم يدلون بأصواتهم .. وعليهم أن يتذكروا أن من أوصل اليمن وبصراخ الديمقراطية وحقوق الإنسان الى قائمة الدول الفاشلة .. لا يمكن أن يقفز بها ليس الى مجاراة ماليزيا ، بل حتى الى مستوى معيشة أقرب جارة لنا وهي سلطنة عمان . 

صحافي وكاتب بريطاني – يمني مقيم في لندن


في الأحد 06 أغسطس-آب 2006 05:15:07 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mirror1.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mirror1.marebpress.net/articles.php?id=399