بنك الأهداف وسلاح السعودية الحاسم
د. محمد أمين الكمالي
د. محمد أمين الكمالي

مدى العلاقات اليمنية السعودية يتعدى العلاقات الجيوسياسية والتاريخية الثقافية إلى ترابط  وثيق في المصير المشترك فاليمن ليست الحديقة الخلفية للسعودية كما يقولون ولكنها عمق استراتيجي وبشري يمكن أن يكون رافد مهم لدول مجلس التعاون وعلى رأسها المملكة ويمكن أن يتحول إلى مشكلة ومصدر إزعاج وتقويض غير عادي ومن هذا المنطلق بدل بنك الأهداف اليمن محتاج لبنك تنمية يوظف فيه مبلغ اقل بكثير من مما استهلكته عاصفة الحزم يخصص للقضاء على أسباب الفقر والتخلف وبدلا من الأموال التي أنففتها لشراء السياسيين والقبائل  .

للولايات المتحدة تجربة مهمة في دعم اقتصاديات اليابان وألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية كوسيلة للحصول على السلام والأمن وخلق شركاء اقتصاديين كبديل عن سياسة الحصار والإفقار التي انتهجت بعد الحرب الأولى وكانت الحافز لتسلط الجماعات المتطرفة في البلدين وتحول الإرهاب الداخلي بمرور الوقت إلى تهديد دولي وهي التجربة الأولى بالاقتداء وليس سياسة الإفقار والتجويع ثم الغزو والتدمير لإنها أعلى تكلفة ولم تسطع أمريكا القوة العظمى أن تحقق أهدافها بل خلقت مشاكل اكثر تعقيدا .

دعم اليمن اقتصاديا وسياسيا ليس خيار بالنسبة للسعودية بل ضرورة استراتيجية إذا قامت المملكة بفتح فرص العمل للعمالة اليمنية وفي نفس الوقت تمثل اليمن سوق واعد للاستثمار في حال تحولت إلى دولة حقيقية قائمة على العدل والأمن والتنمية ولن يكون التغيير الديمقراطي ونزاهة الحكم خطر يهددهم لأنه وقتها سيكون الشعب صاحب الكلمة والقدرة على التأثير هو المستفيد من العلاقة معكم وهو من سيقف بوجه أي تيار سياسي يحاول آلإضرار بكم وليس مجموعة المرتزقة اللصوص متغيري الولاء الذين ترسخ استبدادهم بدعمكم وأموالكم ثم انقلبوا عليكم.

هذا السلاح الحاسم وهو المصالح المشتركة اكثر قدرة وفعالية وتأثير من أي استعراض للقوة وسفك للدماء لن يرسخ سوى ألأحقاد ومحاولة فرض نظام عميل وخاضع واستمرار التلويث بالمال السياسي لم يكن ناجحا سابقا ولن يصبح ناجحا ألآن وقد تغيرت الظروف الداخلية والخارجية , والخيارات الاخرى من حصار اقتصادي خانق أو فتح حرب أهلية لا تنتهي لن يكون ضررها على السعودية اقل من اليمن .

الحوثيون يجب أن يخوضوا مراجعة للنفس حول السبب في تمكنهم من دفع جزء من أبناء هذا البلد للترحيب بالقصف السعودي ومن لم يكن مع الضرب وقف موقف اللامبالي محمل إياهم المسؤولية معتبرا ضرر القصف اقل من أضرارهم ولا يمكن أن نتهم بالعمالة شباب عدن الذي وضعتموه تحت رحمة الخضوع لتسلطكم أو الموت وهم لا يقاتلون دفاع عن هادي بالمناسبة , وأبناء تعز الذين خرجوا سلميا لآخر لحظة لتستقبلهم رصاص الجيش والأمن التي تستغربون عدم أسفهم على تدميرها والأحزاب السياسية اليسارية والقومية ذات الخط المعارض للسعودية وحتى حزب الإصلاح الإخواني الذي لا تزال ضربات السعودية له في مصر وفي صنعاء حاضرة لكنكم استطعتم بممارستكم دفعه إلى الإعلان الصريح بتأييد الضربة .

الناس ترى أن السعودية تصفي حسابها مع عميلها صالح وتكسر شوكة الحوثيين فلا تتوقعوا أن الناس تخرج ممانعة لتدمير سلطة تحاولون الاستحواذ عليها وليسوا شركاء فيها وفي المقابل تقدمون لهم خيار الموت والقتل فكيف يأسفون على أسلحة لم تستخدم يوما إلا ضدهم وان كانوا يتألمون لإحراق هذه الركام المسمى وطنا .

فبقيمة هذه ألأسلحة عديمة الجدوى كان يمكن أن نبني دولة توفر الحد الادنى لمواطنيها وليس سلطة تثري لصوصها ويتسابق لها الطامحون دون أدنى اعتبار لوطننا .

وهناك مجموعة مهمة لن تجرؤ على رفض العدوان وهم أولئك الذين اجبرهم التسلط والظلم والإفقار لمغادرة بلدهم إلى السعودية بحثا عن لقمة العيش جربوا أن تطلبوا منهم مغادرة السعودية والعودة لبلادهم كي لا يتلوثوا بالمال السعودي !!! .

بعض التقديرات تشير إلى أن وجود اكثر من مليون يمني يعملون في السعودية ابتداء من العامل البسيط حتى أستاذ الجامعة وهم يساهمون في دعم الاقتصاد اليمني كون تحويلاتهم بعكس أموال الرشوة السياسية تذهب إلى كل قرية وشارع وتساهم في التنمية وليس إلى يد مجموعة من المرتزقة متغيري الولاء يقومون بتحويلها إلى بنوك خارجية فلا تكاد تلامس الاقتصاد اليمني .

كل هؤلاء ليسوا خونه لان الوطن ليس صالح وأسرته أو الحوثي وجماعته أو هادي وزمرته أو أي مجموعة حزبية أو مناطقية فالوطنية الحقيقية ستجدونها عند أولئك المستضعفين والمقهورين من خرجوا رفضا للظلم والاستبداد ورغبة في دولة مدنية يكافحون يوميا من اجل لقمة العيش وهم اكثر من يتضرر من هذه الضربة .

الانتصار الحقيقي لكم لن يكون فرض الهيمنة المسلحة على ألآجرين ولكن عن طريق طرح رؤية وفعل سياسي يسهم في بناء هذا البلد فكل قطرة دم يمني أغلى من أي خسائر مادية أو معدات - يمكن تعويضها - فيكفي خوضا في دماء اليمنيين وليس المهم أن نلوم ألآخرين أن كانوا يبحثون عن مصالحهم على حسابنا ويحققون مكاسب سياسية على دمائنا ولكن أي طرف يمني سيخسر الكثير اذا أصر على الاستهتار بالدم اليمني لتحقيق مكاسب سياسية وسلطوية فالحرب يسهل إشعالها ولكن يصعب حسمها والوجوه التي ستتواجد في نهايتها تختلف عن تلك التي ظهرت في البداية.

مشهد متناقض :- في عدن الحبيبة تجد صور شباب مثل الورد لم يكونوا يوما يفكرون بالحرب والسلاح أحلامهم بسيطة سلمية يقتلون عبثا وفي

المقابل تجد صورة لأطفال مدججين بالأسلحة وثقافة القتل والعنف تستهدفهم الطائرات ويتم تحويلهم إلى قتله من ينجوا منهم لن يستطيع بسهولة أن يتخلص من هذا التشوه النفسي والعقلي الذي يحرف مسار حياته في بدايته عن طريق التعليم والبناء إلى القتل والتدمير والعدوانية ضد الاخر المختلف أفضع جرائم هذه الحرب هو تحويل الاطفال إلى قتلة ومقتولين لايدري القاتل فيما قتل ولا يدري المقتول على ما قتل.


في السبت 11 إبريل-نيسان 2015 09:32:03 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mirror1.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mirror1.marebpress.net/articles.php?id=41365