مابين تعز وبني ضبيان.. مكيالين للحاكم
رشاد الشرعبي
رشاد الشرعبي

قبل أقل من عام كانت الحشود العسكرية (آليات متنوعة وجنود) تحاصر منطقة مخلاف شرعب من 3 جهات لأكثر من 10 أيام بمبرر تسليم المتهمين باحتجاز قائد الأمن المركزي, لكن الصورة تختلف على بعد كيلو مترات من دار الرئاسة, حيث يتدخل مسئول الدولة الأول لإنهاء إختطاف عمر الخامري بصورة قبلية افتقدت لأي غيرة رسمية على الدولة والنظام والقانون.

صحيح أن الإفراج عن نجل شيخ المخلاف القتيل تزامن مع الذكرى الأولى لاغتيال والده في جريمة لازالت خيوطها متشابكة وأسبابها غامضة, وجاء بعد أيام قليلة على الإفراج عن نجل رجل الأعمال المنتمي لمحافظة تعز (توفيق الخامري), إلا أن سياسة الكيل بمكيالين من قبل النظام الحاكم تكشر عن أنيابها بصورة مخزية أمام عين وبصر من لايزال يحمل في قلبه ذرة أمل وتفاؤل وحسن نية في إنحيازه للدولة والنظام والقانون.

فليست قضية إختطاف أفراد من بني ضبيان للخامري هي القضية الأولى وليست الأخيرة في إطار القبيلة ذاتها أو قبائل أخرى تتمتع بالتدليل الرسمي ويستجاب لطلبات نافذيها بصورة تؤسس لقناعة لدى المواطنين انه لايمكن تلبية أي مطالب - مشروعة أو غير مشروعة - إلا بهذه الطريقة البدائية واللامشروعة, فما يزال العديدين مختطفين منذ أشهر لدى ذات القبيلة, والإهتمام الرئاسي أقتصر على الخامري الذي يستطيع والده أن يدفع الملايين كثمن لصفقة الإفراج عنه.

الخامري الأب ذكر في مقابلة صحفية ان الأجهزة الأمنية وقيادة محافظة صنعاء كان دورها سلبي تماماً, وزاد على ذلك بالنقد للمحافظ المنتمي وبني ضبيان لقبائل خولان بسبب الإفراج عن بعض المتهمين بعملية الإختطاف.

 لكن على العكس من ذلك فقد جيشت الدولة قواتها وحشدت آلياتها العسكرية وطوقت مخلاف شرعب, ليس لتخليص موظفيها الذين سبق الإفراج عنهم, وإنما لتسليم عشرات المتهمين.

بل وأخذت الحكومة على عاتقها مهمة حشد المسلحين من قبائل الحدأ بإتجاه تعز للقيام بواجبهم القبلي في تخليص أحد أبناءهم من أسر شرعب رغم أنه أحتجز بسبب وظيفته وليس إنتماؤه القبلي, وللأسف كان لمسئولين من تعز وشرعب يد في ذلك وفتح الطريق لهم ومدهم بالخيام والطعام من مخازن الدولة. 

بني ضبيان لم تطوق عسكرياً لا في قضية الخامري ولا في قضايا من أفرج عنهم بعد أشهر من الإختطاف خلال السنوات الماضية أو من لازالوا رهن الإختطاف حالياً ومن بينهم موظفين حكوميين, والخاطفين هم أيضاً لن يعتقلوا كأقارب نجل الشيخ الشرعبي القتيل وأبناء منطقته.

 فقط بإمكان السلطات إعتقال أفراد كل ذنبهم أنهم ينتمون إلى بني ضبيان في كل قضية إختطاف, فيما المنفذين يستلمون ثمن الصفقات من معسكر البنك المركزي – على رأي شيخنا سلطان – ليشيد بعضهم منازلهم الفارهة في جنوب العاصمة خاصة بالقرب من دار الرئاسة ومعسكرات الأمن المركزي والحرس الجمهوري والحرس الخاص.

إنحيازنا للنظام والقانون وللدولة المدنية أمر يتصل بقناعة راسخة نؤمن يقيناً انها الطريق الأمثل لتحقيق ما ننشده من عدالة ومواطنة متساوية لكل مواطن في هذه الدولة أو حتى المقيمين فيها من غير أبناءها, وكذلك المساواة أمام القانون للصغير والكبير, الذكر والأنثى, الفقير والغني, المنتمي لشرعب او بني ضبيان او سنحان او تريم, وصيرة ويافع ولودر وسقطرى وقطابر وحرض وصرواح والمتون.

لكن مانراه ونلمسه وتتعثر قناعتنا به عكس ذلك ويدفعنا – لاسمح الله – للكفر بما آمن به والعودة إلى مربع القبيلة والمنطقة, والمثال الطازج هو القضية الأخيرة التي كادت تودي بحياة الشيخ حمود سعيد المخلافي في قلب العاصمة صنعاء.

فالشيخ حمود هو شيخ مشايخ شرعب (السلام والرونة) ويعد أحد أبرز مشائخ محافظة تعز ويحظى بالإحترام والتقدير والقبول كذلك في محافظة إب, لأنه ليس من أولئك المشايخ الأتباع الذين مسخوا (المشيخة) وساعدوا في تغول الإستبداد والفساد حفاظاً على مصالحهم الشخصية على حساب مصالح شعبهم وأبناء مناطقهم وقبائلهم.

 وبدلاً من قيام السلطات الأمنية بواجبها الدستوري والقانوني المتمثل بالكشف عن الجهة أو الأشخاص الذين حاولوا إغتياله بسلاح كاتم الصوت وتقديمهم للقضاء لينالوا الجزاء الرادع, تحول الشيخ حمود إلى ضحية للإبتزاز السلطوي والملاحقة الأمنية وأخيراً الإحتجاز ومنع الزيارة.

من حق الأجهزة الأمنية أخذ أقواله في الحادثة وقد كان مبادراً في ذلك وذهب إليهم بنفسه ولبى كل مطالبهم الطبيعية والإستفزازية بمافيها تسليم إثنين من مرافقيه وأسلحتهم ومنعه من الخروج من صنعاء.

 لكن أن يصل الأمر إلى حد إحتجازه وحرمانه من كل حقوقه الإنسانية التي يكفلها التشريعات اليمنية وكل المواثيق الدولية لإبتزازه من خلال تحويله إلى متهم بالقتل لأحد ضحايا جريمة محاولة إغتياله الفاشلة, فهذا دليل واضح على سياسة الكيل بمكيالين ليس فقط لإنتمائه السياسي المعارض, بل تجاهه كشيخ كبير ينتمي لمحافظة تعز حيث المواطنة المنقوصة على أرض الواقع ولأدواره في الإصلاح الإجتماعي.  

نثق جميعاً أنه إذا كانت السلطة بريئة من حادثة محاولة إغتياله, فهي تسعى حالياً لإبتزازه أو قمعه من خلال هذه القضية بإستغلال غير أخلاقي وغير وطني لحادثة كان هو الضحية فيها والمستهدف فيها ومن حقه على الأجهزة الأمنية - كمواطن – الكشف عن الجناة ومعاقبتهم عبر القضاء وحمايته مستقبلاً.

وعلى العقلاء في هذا النظام - إن كانوا لا زالوا أحياء- ان يستشعروا المسئولية الوطنية والأخلاقية ولا يصبوا الزيت على النار أكثر مما هو عليه الحال, لأن الأوضاع إذا ساءت أكثر فسيفلت الزمام من أيديهم, ولن يظل الوطن والشعب هما الخاسران وحدهما, ولكن ستهتز الكراسي التي يتشبثون بها مع ركتها وضعفها وإفتقادها للسند والرضا الشعبي.

• الشوافي والشاعر القرن

للشاعر نجيب القرن قصيدة ألقاها في ذات المهرجان الذي كان واحداً من أدوات جريمة الفنان فهد القرني, وتعرض بسببها للسجن ولفقت له تهمة ليست جديدة على نظام غير الرشيد.

 فقط لا زال أملنا إلى حدما بالشيخ الشوافي – وكيل محافظة تعز والوصي على منطقة دمنة خدير ورئيس فرع مؤتمرها- ان يتحلى قليلاً بأخلاق المشائخ الحقيقيين ويكتفي بتلك الإجراءات غير القانونية ضده.

فقد تم نقل وظيفة الشاعر نجيب من المدرسة التي عمل فيها معلماً لسنوات بمدينة الراهدة حيث سكنه إلى مدرسة أخرى بعيدة جداً, وتتطلب منه غير معاناة السفر اليومي تكاليف مواصلات تبتلع ثلث مرتبه الزهيد.

نتمنى من الشيخ الشوافي ان يجعل محافظ صنعاء قدوة حسنة له, ونشترط له (بما لا يخالف القانون) فيوجه أجهزة الدولة في دمنة خدير العاملة وفق إرادته بأن تتوقف عن إجراءات القمع والتنكيل بمدرس كل جريمته أنه مواطن حر وانخدع بطبول الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير التي تقرعها وسائل إعلام السلطة وتصريحات مسئوليها صباح مساء. 

Rashadali888@gmail.com


في الإثنين 15 سبتمبر-أيلول 2008 11:29:45 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mirror1.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mirror1.marebpress.net/articles.php?id=4176