|
هناك من يشكك في جدوى التحالف العسكري الإسلامي الذي أعلنت عنه السعودية لمحاربة الإرهاب، بشراكة عريضة مع دول العالم الإسلامي.
دوافع من يشكك إما بسبب كره السعودية، وكره أي عمل يكون منها أو تقوده، وهذا لا طب فيه، ولا شفاء منه، وإما بسبب قلة متابعة وقراءة دلالات هذا الحلف الكبير الخطير.
القصة أكبر من حصرها في الجانب العسكري، أو حتى التعاون الأمني الاستخباري، على حيوية كل هذا وضرورته، بل إن لها دلالة أعمق وأرسخ أثرًا.
هذه الدلالة بكلمة واحدة، هي أن المسلمين بقيادة دولهم، هم في الخط الأول لمحاربة الإرهاب، الداعشي منه وغير الداعشي، السني والشيعي، فكل ذلك ليس باسم أكثر من مليار ونصف المليار من المسلمين. ليس باسمنا.
تلك هي الرسالة الكبرى.
أما التفاصيل الأخرى، فلا شك في أهميتها «العملية» لا من الناحية العسكرية ولا من الناحية الأمنية، وحتى لناحية التنسيق في أدبيات المواجهة ومقررات التربية المناهضة، وتعبئة المجتمعات المسلمة تعبئة عميقة ضد كل الجماعات الدينية الرافعة للسلاح الطامعة بالسلطة.
المثير أن من ضمن من كره هذا التحالف وشرق به، هو «داعش» نفسه، فقد هدد التنظيم بمهاجمة السعودية «لتحالفها مع الصليبيين»، وتأسيسها لتحالف عسكري إسلامي لمكافحة الإرهاب، في الوقت ذاته الذي تهاجم فيه إيران وبعض الوسائل الإعلامية الغربية، وأصوات محسوبة على روسيا، التحالف.
هذا التحالف الذي أعلن عنه وزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان في 15 ديسمبر (كانون الأول) فاجأ العالم، من مظاهره استضافة الرياض مركز عمليات مشتركة «لتنسيق ودعم العمليات العسكرية لمحاربة الإرهاب وتطوير البرامج والآليات اللازمة لدعم تلك الجهود».
التحالفات بشتى صيغها العسكرية والسياسية والاقتصادية والأمنية، وغيرها من الصيغ، أمر لازم لتجاوز التحديات الخطيرة التي تهدد أمن ومستقبل كل منطقة العالم العربي.
صدق ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان حين قال في استقباله لوفد من المقاومة اليمنية قبل أيام: «إن اختبار اليمن للعلاقة السعودية الإماراتية ضمن التحالف العربي تم اجتيازه بالفخر والثقة والعمل والتضحيات المشتركة. ونرى في هذا التعاون قبسًا من نور يوجهنا جميعًا لما فيه مصلحة العالم العربي»، مؤكدًا أن «العالم العربي يمر بتحديات صعبة لا تستثني أيًا منا، وقد تطال الأجيال المقبلة إن لم نوحد الموقف والكلمة».
تحديات لا يقدر طرف على مجابهتها وحيدًا، لأنها تحديات مركبة الطبقات، فيها الفكري والأمني والاجتماعي والسياسي والإعلامي، وأخيرًا العسكري.
من أجل ذلك فهو تحالف نجح قبل أن يبدأ حتى.
* نقلا عن "الشرق الأوسط"
في الأربعاء 23 ديسمبر-كانون الأول 2015 09:58:00 ص