مأرب التي رأيت
محمد القاضي ..
محمد القاضي ..

تبدو الصورة للوهلة الأولى أنها لعملية اختطاف..

 فيما هي محاولة للإعتذار لهذين المأربيين الكريمين الذين قابلناهما بالصدفة في صحراء مأرب وأرادا وفقا لعاداتهما القبلية استضافتنا…

فمأرب التي رأيت تختلف كثيرا عن تلك التي سمعت فمنذ أكتوبر من العام الماضي ونحن نعيش بين أهلها تصافحنا قلوبهم قبل أيديهم ويغمرنا كرمهم وتؤنسنا بشاشتهم وابتساماتهم .

مأرب الحضارة والكرامة والشهامة لا يسألك أحد وأنت تتنقل بين قبائلها ومناطقها من أين أنت?

 ولا يشعرك أحد بأنهم أصحاب فضل عليك ولا يمن عليك أيا كان بثرواتها التي يستفيد منها معظم أبناء الوطن.

ما يتفق عليه أبناء مأرب بمختلف توجهاتهم أمرين اثنين.

 الأول : ضرورة دحر تحالف الحوثي صالح الانقلابي من كل أرجاء الوطن .

 الثاني : أن مأرب تعرضت للتهميش والتشويه من قبل نظام علي صالح بشكل متعمد .

 والسؤال الذي يطرح نفسه ..لمصلحة من تم تشويه الحضارات اليمنية ومعالمها التاريخية بلصق تهم التخريب والإرهاب والاختطاف بأهلها وسكانها ?

 ومن المستفيد من ضخ كل تلك الشائعات والأكاذيب ?

 تسمع الكثير من النازحين وهم يقفون على معالم مأرب التاريخية ويرددون السؤال ذاته ?

 يتحدث إليك أبناء مأرب بمرارة عن تشويه نظام علي صالح لمحافظتهم كما لا يفوتهم الحديث عن ضيق الأئمة بحضارة مأرب وتاريخها .

 ويقول كاتب مأربي مهتم بمعالمها التاريخية إن الإمام لم يلتفت لمأرب إلا عندما علم من الباحث الأمريكي ويندل فيليبس بأن هناك كنز في معبد أوام وأنه أي الباحث بمقدوره التنقيب عنه وعندها اتفقا على المناصفة وكان ما كان من أمر الباحث الذي استطاع أن يُهَرِب كل ماطالته يده في العام 1951 على حين غفلة من أمير المؤمنيين حسب كثير من الروايات .

 

 وباختصار شديد من ضره اليوم أن تكون مأرب بقبائلها ورجالها الحاضنة المناسبة لنواة الجيش الوطني والمنطلق الأنسب للعمل على عودة الشرعية إلى العاصمة صنعاء وماجاورها هو من روج لمثل تلك الحكايات وبث كل هذا الكم من الشائعات

و عمد من وقت مبكر وبطريقة مدروسة إلى تشويه مأرب لما تمثله من تهديد حقيقي لمشاريعه المستقبلية الخاصة .

 

فالمشاريع المأزومة أسرية كانت أو سلالية لا يمكن أن تتعايش مع الحضارات الضاربة في عمق التاريخ كما أن العادات القبلية الأصيلة تهدد مستقبل هذه المشاريع ولعل شبح الثائر المأربي المرادي علي بن ناصر القردعي الذي قضى على غطرسة الإمام يحيى مازال يؤرق كل صاحب مشروعٍ ملغومٍ لا ينظر للوطن إلا من خُرم أسرته أو سلالته.

 

ونستطيع أن نخلص إلى أن حملة التشويه المتعمدة لم تطل مأرب فقط بل تعدتها للقبيلة أيا كانت جغرافيتها من خلال تضخيم فساد رموزها والتصرفات السلبية لبعض أبنائها كما استهدفت الأحزاب والرموز الوطنية والدينية وعملت على تهويل خطرها .

 

العقل الباطن لليمنيين مثقل بصور وانطباعات سيئة عن عدد من المناطق الجغرافية و الشخصيات القبلية والسياسية والعسكرية والدينية ومتشبع بالإشاعات التي استدفتهم من وقت مبكر.

 

فما الخطر الذي يمثله حزب ما، وبإمكان ناشط أن يكسر جموحه ببوست "فيس بوك" ويجعله في حالة قلق واستنفار وتبرير وتوضيح لموقفه وقد يعقد اجتماعا طارئا لقياداته العليا للوقوف على هذا الهجوم الخطير الذي تعرض له .

 

بل وما هو الخطر الذي يمثله علينا كمجتمع قائد عسكري نستطيع أن نُركِعه من خلال وقفات احتجاجية وحملات إلكترونية تجعله وعلى الرغم من قوته يخضع للمطالب التي نضخمها بقولنا أنها جماهيرية .

 

وما هي المخاطر العظيمة التي يمثلها رجل دين بإمكان ناشطة أن تعلن عليه الحرب المستعرة وتألب عليه المنظمات والناشطين والناشطات حتى تضطره لتوضيح موقفه ورأيه الذي حدث لبس ما في فهمه وتفسيره .

 

وأين يكمن الخطر الماحق الذي يمثله زعيم قبلي ولدينا القدرة كمجتمع مدني على كسر عنفوانه وشن حرب شعواء عليه كمركز من مراكز القوى المتخلفة بمقال صحفي واحد  فيثوب إلى رشده ويتراجع عن غيه وإجرامه .

ونحن في كل الحالات السابقة نصنع حراكا سياسيا وثقافيا يخلق وعيا مجتمعيا ويعزز بناء الحقوق والحريات .

 

الخطر الماحق الساحق هو تلك الميليشيات التي تغولت في المجتمع في لحظة تصفيق من كثير من المثقفين والناشطين والسياسين نكاية بمن سبق ذكرهم .

الخطر هي تلك العقلية الهمجية التي صادرت الدولة ومؤسساتها بوقت قياسي وقادت اليمن نحو هاوية سحيقة .

الفاجعة أن يأتيك مسلح يقتلك ويفجر منزلك ويشرد أسرتك وهو يعتقد جازما أن جرائمه جهاد في سبيل الله .

الطامة الكبرى هي السلالية الحقيرة التي أنهكت الوطن والمناطقية البغيضة التي توشك على تدمير ما تبقى من نسيجه الاجتماعي .

للأسف هناك من يتناسى جرائم تحالف الحوثي صالح أو يتغاضى عنها ويتفانى في خلق عدو آخر وهمي لا وجود له من الأساس .


في الإثنين 09 مايو 2016 07:26:37 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mirror1.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mirror1.marebpress.net/articles.php?id=42304