ربما لا تكتمل اللوحة الشرقية الثنائية
شيماء عباري
شيماء عباري
ثمة شيئان لا يشبع المرء من تأملهما..السماء ذات النجوم، والوجه البشري . كثيرا ما أتأمل الاشياء ...أنظر للسماء بدهشة، وإلى وجوه البشر بنفس الدهشة. كانت أول دهشة بريئة على وجه الأرض دهشة الملائكة بخليقة جديدة عرفت الحب والعناق الروحي الدائم رغم الرداء الترابي الذي ترتديه...
سافرت أقل مما سافر السندباد، لكني شاهدت أعظم المدن والبحار وقابلت حمقى يتصورون أنهم يوجهون العالم، صحيح لم ادخل أغنى القصور وافقر الاكواخ لكني استمتعت لمنطق الفلاسفة وهذيان العشاق، جربت النجاح والفشل والحب والكراهية والسفر والقراءة والتأمل ، لكن في حياتي كلها والتي ليست رقما بسيطا لم اقابل رجلا شرقيا أو إمراءة شرقية متميزين حصلا على كل ما يريدا من كلاهما ..أما رجلا مشبوقا في قائمة طلباته رغم الغباء والحماقة في تصرفه وينقصه الكثير من الفضائل يظفر بإمراءة متميزة لا يليق بها وكذلك العكس إمراءة جوفاء تظفر برجلً فحل في كل شيء .
الأنوثة تتباين من إمراءة إلى أخرى ..لا شك في ذلك ورغم هذا مهما بلغ ذكاء الرجل يظل لا يٌحسن كيف يصنع من انثى راكدة المشاعر عذراء الفكر كأنثى عظيمة الا اذا كانت تمتلك هي العظمة بعض الشيئ ، أيضا الرجولة بمضمونها تتباين بين رجل فحل و إنسان ذكر، تواجه حينها المراءة العظيمة صعوبات جمة كي تصنع من ذكر رماد بٌليت به كزوجا ليستجيب لرياح التغير والانسجام الفكري . فالأمر الأصعب والابتلاء القوي في الحالة الثانية.
فالرجل الشرقي لا يعي ما يريد من المرأة حب وعلاقة حميمية أو خادمة البيت وربة الأسرة أو من تساعده في نفقة البيت يتناسى الأهم ان تكون السالب الملتصق بموجب حياته والمكمل لكل أجزاء تفكيره وأنهم يشكلون لوحة فنية ولغز صعب اكتمل حله اشبه بلعبة اللغز التي تتشابك في بعضها ، من هذه الخصال تتشكل مرونة المرأة بأن تكون أنثى لمن يفهما ويصحبها في الصباح للعمل كسيدة أعمال ثم يعود بها من العمل كربة منزل، لمن يجالسها العصر كمفكرة، ولمن يأخذها إلى العشاء ثم يمشون تحت أنوار كورنيش البحر كعاشقة تتمايل برأسها على كتف حبيبها، تستطيع ان تخلع كل شخصية من بعضها البعض في وقتها كإرادة حتمية، دون ان تشعر بتعب الإنتقال بين كل أطوار عبقريتها .(بمعنى طائشة في وقت...رزينة في وقت.. متفهمة منفتحة في وقت ).
من تمتلك المرونة الكافية والتميز الساحق تظل عرضة للعذاب في اعتقادها لن ترى شخصا جديرا بها قادر على أن يكون لها غطاء متناغم مع طبيعتها كما هي موجات البحر مع الرمل تمد وتجزر على حسب حالتها,,, شخصا تشعر انها تسبح سباحة في فضاءات فكره وعمقه ورجولته وعنفوانه. شخصا عندما تنظر في عينيه تشعر أنهما منزلها الدافئ.. وعندما يتحدث تطرق كل جارحة في جسدها كأن الفيلسوف العظيم سينطق.. شخص تشعر أن كل كلمة ينطقها تغوص في شعيرات دماغها المتفرعة تشريحيا كملايين الأزقة وتلامس وترا في باطنها تجعلها تسبح الف مرة في غياهب الفكر والخيال.
المتميز العظيم الذي طفح به العذاب وبدأ يٌعرب عن عدم اقتناعه بالسهل والمرمي أمام أعين الناس كالسمك المنتشر في سوق السمك ...سيظل تميزه يقوده ليتجرع ألوان العذاب فذوقه مختلف وكما يقال فالدنيا لا تأتي على كيف أحد،، قد يكون الأمر صعبا في كل الأحوال الإ في حالة واحدة فقط أن يجمع بينهم حٌباُ لا حد له. فعلا الحب...مثل البرد ملك حقيقي يرتعش أمامه الملوك والصعاليك والأغنياء والفقراء والأذكياء والأغبياء..
مثلما يدفع البرد إلى التلاصق فتتكاثر البشرية بسرعة فائقة ، كذلك الحب يدفع أكثر مما يدفعه البرد ...فمعظم النار من مستصغر الشرر. فلولا الحب في المخلوقين لصارا مثل الحيوان البري المتوحش، فالحب يعدل استقامة جمالية اللوحة الفنية بين الاثنين وإن اختلفا جذريا كاختلاف الليل والنهار .

في السبت 10 سبتمبر-أيلول 2016 08:14:19 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mirror1.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mirror1.marebpress.net/articles.php?id=42588