حب الرسول بين الحقيقة والواقع
د. ضيف الله بن عمر الحداد
د. ضيف الله بن عمر الحداد
 

من مرتكزات الإيمان وأساسياته حب النبي صلى الله عليه وسلم القائل( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين) متفق عليه وما من أحد من البشر أحق بالمحبة وأكثر دواعيها فيه من نبينا وحبيبنا وقرة عيننا رسول الله صلى الله عليه وسلم نحب من يحب ونكره من يكره ونغضب عند النيل من مقامه الشريف فإن أبي ووالده وعرضي لعرض محمد منكم فداء.

والمتعرض لعرضه ملعون في الدنيا والآخرة ومهان كذلك وأعداء الإسلام لن يتركوا وسيلة للنيل من هذا الدين إلا وسلكوها ومن ذلك النيل من ذاته الشريفة ولكن خابوا وخسروا فقد تكفل الله الجبار القهار بالدفاع عن نبيه ( فسيكفيكهم الله) وكتب ذلك في اللوح المحفوظ ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ ) يعني إن مبغضك يا محمد وعدوك ( هُوَ الأبْتَرُ ) ومعنى الأبتر: الأقلّ والأذلّ المنقطع دابره, الذي لا عقب له.

والمسلمون على ضعفهم ومع تخاذل الحكومات يستطيعون فعل الكثير لنصرة نبيهم ومن ذلك المقاطعة الاقتصادية والتي ثبت أنها سيف رادع وسلاح قاصم يقصم عصب حياة عبيد المال والدنيا ويضرب اقتصادهم في مقتل وهذا السلاح يملكه كل المسلمين فلا ينبغي التهاون فيه أبدا ولنفعله تقربا إلى الله وانتصارا لنبينا صلى الله عليه وسلم. نعود إلى ذواتنا فنقول إن أبرز ما يتجسد فيه حب التبي صلى الله عليه وسلم طاعته واتباعه والاقتداء به في كل شيء وتحكيم الشرع الذي جاء به في الصغيرة والكبيرة مع الانقياد التام والاستسلام الكامل المفعم بالحب لشرع الله وحكمه ظاهرا وباطنا.

و إن مما يدمي الفؤاد ويمزق نياط القلب أن هناك إساءات للذات الشريفة تصدر من أقوام وجماعات تدعي الإسلام وتتغنى بالحب للنبي صلى الله عليه وسلم وهي في الحقيقة بلغت المنتهى في الفساد والإجرام وسفك الدماء وتفجير المساجد وهدم البيوت على ساكنيها وإهلاك الحرث والنسل إساءات تحدث أمام أعيننا من جماعات مجرمة تدعي زورا وبهتانا أن الله خصهم بحقوق دون بقية المسلمين ومنها الحكم والسلطان ونسبوا ذلك الادعاء الكاذب للرسول العظيم وقتلوا كل من ينكر عليهم هذا الادعاء أو يعارض اختصاصهم به.

وفجروا المساجد ودور القرآن وزرعوا الأرض ألغاما وكل ذلك بدعوى قرابتهم للرسول الإنسان وأحقيتهم بسبب هذه القرابة بالملك والجاه والسلطان وكأن محمدا صلى الله عليه وسلم بعث برسالة عنصرية سلالية تقسم الناس إلى سادة وعبيد وتجعل الناس عبيدا لهؤلاء الادعياء المجرمين بينما هو الرحمة المهداة المبعوث رحمة للعالمين ورسالته الخالدة جاءت لتحرير العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد والناس في رسالته التي أمره الله بتبليغها سواسية كأسنان المشط وميزان التفاضل الذي ثبت عنه إن أكرمكم عند الله أتقاكم.

أن إساءة هؤلاء لرسول الإسلام أشد إيلاما واعظم إثما وأكبر جرما من غيرها لكونها تحدث وترتكب تحت يافطة الحق المقدس الذي يدعون كذبا وزورا اكتسابه بسبب القرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه الإساءة من طوام المهالك التي ابتلينا بها. فهل كان المقصد من رسالة الإسلام هي تعبيد الناس لله أم تعبيد الناس لمخلوق مثلهم ضعيف لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا. يا هؤلاء قولوا ما شئتم واصنعوا ما شئتم واحكموا إن استطعتم واقتلوا واقصفوا وفجروا ولغموا ودمروا ولكن لا تنسبوا إجرامكم وإفسادكم للدين ولا لرسول الإسلام العظيم الذي فارق الحياة ولم يعين لأصحابه حتى خليفة ليجتمعوا عليه وإنما ترك الأمر لهم شورى ليحققوا بعد وفاته مبدأ من أعظم المبادئ التي جاء بها لاختيار الحاكم وهو الشورى وإنما أشار إشارات عامة فهم الأصحاب من خلالها أن الصديق بسابقته وسنه وفضله هو أحق الناس بخلافة رسول الله صلى الله عليه وسلم. كما أن القرابة وحدها لم تغن عن عمه شيئا بل أنزل الله فيه سورة تتلى إلى يوم القيامة جعلته مقطوع الحسب والنسب بغيض الذكر عند العامة والخاصة وهيهات أن يكون لأحد من خلق الله حقوقا يتميز بها دون بقية البشر إذ لو كان كذلك لبينه ووضحه وأظهره كيف لا وهو المبلغ عن رب العالمين.

وقد بين وفصل لنا أحكام الصلاة والصيام والحج والجهاد وسائر المعاملات ويستحيل في حقه صلى الله عليه وسلم أن يكتم شيئا أمره الله بتبليغه للناس صغيرا كان أو كبيرا فكيف إن كان ذلك العلم هو امر عظيم كحكم الناس وتولي أمرهم كما يستحيل في أعظم جيل اختارهم الله لصحبة نبيه أن يكتموا شيئا من شرع الله الذي بلغهم به رب العزة بواسطة رسوله صلى الله عليه وسلم فقد كانوا يمتثلون بسيرته ويستنون بسنته ولا يخالفون شيئا من أمره البتة فضلا عن كتمان أمر يتعلق بمصير أمة ومستقبل حضارة وحياة إنسان استخلفه الله في الأرض ليعمرها. تبقى معاركنا قائمة مع كل من يسيء للنبي صلى الله عليه وسلم أو للإسلام ونحن نؤمن إيمانا لا يخالطه شك ولا ريب أن الله ناصر دينه ومنتصر لنبيه من كل من أساء إليه سواء بالتعرض لذاته أو لزوجاته أو لأهل بيته الصالحين أو بالدعاوي الباطلة التي تخالف مقاصد الدين وعظمة الشريعة وعالميتها وما نراه ونسمعه إنما هو ابتلاء وتمحيص وتمييز والأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين.


في الإثنين 26 أكتوبر-تشرين الأول 2020 08:00:56 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mirror1.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mirror1.marebpress.net/articles.php?id=45176