مبادرة مأرب.. وصفقة الحوثي-أبوبكر القربي
عبدالفتاح الحكيمي
عبدالفتاح الحكيمي
 

ما تسمى (مبادرة مأرب) التي يروج لها الانقلابيون الحوثيون لا تختلف من حيث الهدف عن مساعي تقويض سلطة الشرعية التي لا يزال يتصدر تحركاتها المريبة خارج البلاد أبو بكر القربي وزير الخارجية الأسبق باسم نقل السلطة وبغطاء كثيف من طروحات تبريرية كثيرة مضللة مثل استئناف مبادرة جون كيري ومساعي السلام العربية التي حشر المستر قربي نفسه فيها باسم المؤتمر الشعبي دون صفة تفويض.

ويهدف الحوثيون من وراء مبادرتهم(المناورة) إلى تحقيق ما عجزت عنه آلتهم العسكرية طوال ٧ أشهر من استعصاء مأرب واستحالتها عليهم لأن ما يسمونه مبادرة من طرف واحد تسعى إلى إخضاع المنطقة وثرواتها ومواردها وإدارتها تحت سطوتهم وقبضتهم وإلغاء أي دور قيادي للسلطة الشرعية فيها باعتبار مأرب أهم مرتكزات وجود وفاعلية الأخيرة وثقلها العسكري والمالي والشعبي.

ويلاحظ تزامن تحركات الوزير القربي من الخارج والحوثة في الداخل بتناغم مدروس بعد إلغاء الأنقلابيين الحجز التحفظي على ممتلكات عقارات وأموال الرجل الذي حكموا عليه قبل عام بتهمة الخيانة العظمى.

ويسعى الأنقلابيون كذلك من وراء مناورتهم باسم مأرب إلى محاولات الالتفاف على دعوات ومبادرات السلام الدولية بتجزئة ومرحلة الحل النهائي وإطالة أمد الحرب وكسب الوقت عبر واجهة العمانيين ثم الانقضاض والتنصل من كل شيء إذا تمكنوا من الضحك على الآخرين واستولوا على مأرب بالطريقة الاحتيالية الملتوية التي تضمنتها نقاط مبادرتهم التسع أو بافتراض سيطرتهم العسكرية المستحيلة عليها.

ومن الأهداف الأخرى لمبادرة الانقلابيين أيضاً إرباك جدول أعمال المبعوثين الدولي والأمريكي لكسب الوقت وترتيب أوراقهم العسكرية ومماطلة المجتمع الدولي في قبول الوقف الفوري لإطلاق النار والشروع في مداولات تسوية سياسية حقيقية على طريق الحل النهائي.

تميزت أساليب تنصل الأنقلابيين من الالتزامات الأخلاقية إزاء مسألة السلام من قبل ومن بعد بالتلاعب بالألفاظ والتصريحات وتقديم وتأخير ترتيب البنود للتهرب من وقف حربهم العدوانية والتظاهر الإعلامي أمام الرأي العام اليمني والعالم فقط برغبتهم وجنوحهم للسلام وتقديم مبادرات لفظية مستفزة تدفع إلى تمسك الطرف الآخر بمواقفه ..

وما طرحه الأنقلابيون في مبادرة مأرب هو هروب إضافي من كل المبادرات والتوجهات الدولية المعروفة لإحلال سلام شامل في اليمن باختلاقهم أعباء وعراقيل جديدة ومحاولة اللعب بالمكشوف لصفقة ممكنة يحقق معها المبعوث الأميركي بوجه خاص نجاحاً محدوداً في وقف القتال في مأرب وتسليم مركز ثقل وقوة سلطة الشرعية فيها للانقلابين على حساب التسوية السياسية الشاملة والمتوازنة في البلاد.

وتضع مليشيات الأنقلاب وفقاً لذلك العالم إزاء خيارين أما مواصلتهم للحرب وسحق المدنيين وتدمير منشآت النفط والغاز في مأرب أو الإذعان لمبادرتهم الأبتزازية الوقحة..

 ويعتقد الحوثيون أنهم بمعادلة تهديد الوضع الانساني في مأرب والابتزاز أنهم سيفرضون على العالم تحقيق ما يريدون !!.

ولا يخلو السياق العام لمبادرة التسع النقاط الحوثية حول مأرب من توظيف الخطاب التعبوي التحريضي الضمني لقبائل مأرب التي دحرتهم بشراسة بدغدغة مشاعرها وتطلعاتها لأحداث شرخ في علاقة القبائل ومكونات المجتمع ببعضها البعض وبسلطة الشرعية ونفوذها الكبير في المنطقة والتمهيد اللاحق لتغلغل المد الإيراني الفارسي كبديل لإدارة الحكم والثروة والمجتمع !!.

أراد الانقلابيون الدمويون دوماً أن يظهر المجتمع الدولي حسن نواياه تجاه رغبتهم في استمرار الحرب وليس العكس, في استخفاف واضح بأدنى أخلاقيات ومعايير السياسة.

باختصار مبادرة مأرب الحوثية المجنونة هي رسالة إصرار من الأنقلابيين على التمسك بنهج الحرب الأبدية المستمرة وعرقلة لكل توجهات ونوايا المجتمع الدولي ولتطلعات اليمنيين ورغبتهم العميقة في إنهاء دائرة العبث القاتل المهلكة لحياتهم وحاضرهم ومستقبلهم المنشود.. وأي تعاطي أو تفاعل مع هكذا طروحات مفتعلة مع الأنقلابيين سيتناغم مع رغبة الأرهابيين في إطالة زمن الحرب وتكريس الأنهيار الشامل في اليمن.

* أبوبكر قربي قرضاي *

وكما هو حال الرجل الثمانيني النهم أبو بكر عبدالله القربي مواليد ١٩٤٢ م الذي يطالب على عجل بنقل السلطة على غرار حامد كرظاي دون أن يدعو لوقف حرب الحوثي العدوانية أولًا ولم يُدَن مطلقاً الطرف الذي بدأ الحرب, فكذلك أيضاً يفعل قادة الحوثة بانتهازية فجة موازية للقربي بانتظار تسليم مأرب الثروة والسلطة بدون قيد أو شرط.

يواصل الحوثي وعصابته نهج الحرب الفاحشة ليهلك الحرث والنسل بزعم إحلال السلام في اليمن على طريقته الخاصة.

فهل تنجح مبادرة مأرب الحوثية قبل أن تستشري أوهام ابو بكر قربي بنقل السلطة إلى يد من ألغى الحوثة أنفسهم الحجز التحفظي على ممتلكاته العقارية والمنقولة وأمواله الضخمة (وكأنه لم يكن) دون إلغاء حكم الخيانة العظمى وحيثياته وفقراته الجزائية ؟؟.. وهل الإفراج عن ملايين الدولارات المريبة في الداخل عند الرجل الثمانيني في أواخر عمره أهم من بقاء سمعته التي شوهها متعهدوه الحوثيون كما هي في القضية رقم ٤٧١ لعام ٢٠٢٠ م.؟؟.. وهل تنجح الصفقة الأخرى بشأن عثور الحوثيين أخيراً على مبتغاهم في مرشح رئاسة مجاني فاشوش يديرونه بالريموت كنترول وأن لم ولن يقبل به لا المؤتمر الذي نصب القربي نفسه وصياً عليه في الخارج ولا عموم الشعب اليمني الذي يعرف معادن وأصول الرجال وحجم فسادهم الناعم المتلون مع كل دين وحزب وملة ولكل زمان ومكان..

والمناصب ليست بالوراثة مهما حاول أبوبكر القربي ابتزاز المؤتمر الشعبي العام واستجدائه باسم الوطنية وأن مشروع نقل السلطة على حد زعمه لا يعني تمسك المؤتمر بالمحاصصة.. وهذا صحيح بنظري عندما يكون نقل السلطة للقربي وحده لا غير دون باقي الطفيليين.. وهو الذي قضى ١٣ عاماً في وزارة الخارجية حتى ٢٠١٤م وأثرى من خلال منصبه الوراثي بفساد شاخص وفاحش لا يرحم .!!.

إنما ماذا نقول للحوثيين وقد أصبح الفساد الإداري والمالي في عهدهم مؤسسة كبرى يديرونها بكفاءة منقطعة النظير ويعرفون كيف يصطادون أغبيائهم والنطائح.

ثم ها هي عجائب وغرائب آخر الزمان السياسية فالحوثي الذي يحظى برفض واستنكار غالبية الشعب اليمني وليس مقبولًا لا في شرق البلاد ولا غربها يتطاول في جعل نفسه الولي الوصي على تحديد من يكون في السلطة والحكم ومن خارجها بدلًا من تقديم نفسه إلى أقرب محكمة جنايات حرب دولية ..فيما نسي القربي الهلوع أيضاً إن دار العجزة أقرب وأفضل له من التطفل على مناصب قيادية أكبر وأطول من قامته بكثير جداً جداً .


في الخميس 12 أغسطس-آب 2021 07:14:24 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mirror1.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mirror1.marebpress.net/articles.php?id=45591