الحمامة البيضاء
حسناء محمد
حسناء محمد
 

رأيت حمامة بيضاء تدخل إلى غرفة من نافذة مفتوحة بدون شباك لا هي مضيئة ولا هي مظلمة، جدارها حجر رمادي، واستضاء نور بها و بقيت تلك الحمامة ترفرف وأنا اسمع صوت جناحيها، كانت كمثل اليد التي تلوح لك من بعيد تستبشر بأنها تحمل لك البشارة، كالسحاب في اليوم القارص إذا بعثت شمسه ضوءها من خلاله لتدفئ جانبيك وقلبك.

لا تخف من كل تلك العيون الحاسدة التي تبحلق، ولا كل تلك الأفواه الكاذبة التي تجهز البهتان على طرف لسانها، ولا تلك الطبول التي تقرع لتعلوا بصوتها على غناء وحيد لبيت شعر صدق صاحبه وعده.

لتلك الياسمينة التي أتها الخريف بريحه فتحامل بزهرها إلى كل فج وأبقت عروقها تحت ثلجه تدسها خلسة وهي تنتظر مستيقنة الساعة التي سيذوب بها الثلج وتعود لتزهر.

لذلك الذي خرج خائف يترقب قلبه مولع بتراب نشأ عليه ولأم كانت تضعه بين جناحيها لئلا يجزع، سار حتى ألَدَمت قدميه الوجع، وحين ابصر نصف ظل جلس به يلتمس أبقي له شيء من زاده وهو يعلم أنه لم يبق شيء!

فإذا بالقوم يقتسمون أمامه ارزاقهم ثم يضعون الصخرة فوق ما بقي شحا!

وإذا بالصخرة الجاثمة هي سبب الفرج والأنيس والسكن.

لا تجزع كل ما تسمع من نعيق الغراب فوقك والهواء الذي يلقب الأوراق تحتك، ويديك الخالية من القدرة وعقلك الذي توقف عن استيعاب المشهد

سيتبدد وتعود لتطأ فراش غرفتك ويحين زمانك وتوقد شمعتك. 

‏@H_Hashimiyah


في الأحد 01 ديسمبر-كانون الأول 2024 06:25:30 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mirror1.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mirror1.marebpress.net/articles.php?id=47280