هوايات البركاني المفضلة
علي الضبيبي
علي الضبيبي

تعرفون عن سلطان البركاني الجرأة والجسارة في مكافحة الأعداء، لكنكم لا تدركون أساليبه المبطنة في إرهاب أعضاء كتلته.

فهذا النائب الذي تنحدر أصوله البرلمانية من مجلس شورى 1988، يقود زمام الكتلة الضخمة من منتصف التسعينيات بلا منازع. وفي اللحظات الحرجة جداً، التي تتوحد فيها الكتل وتكاد تحسم قرارها إزاء قضية ما، يستنفر الرجل ملكاته القيادية ويلجأ إلى سلاحه المدمر: تسييس أي شيء.

هذه طبيعته. ويبدو أن قائد ثورة 18 أغسطس بات على وشك أن يخسر. قبل أمس دارت معركة ضروس بين قاعة المجلس وهيئة رئاستها إزاء واحدة من أخطر القضايا: استجواب وزير العدل.

وصل البركاني إلى المجلس مبكراً، وكان يرتب أفكاره ويكثر من عظ أصابعه أثناء ما كان النقاش يحتد بشأن إدراج مناقشة استجواب وزير العدل على رأس جدول أعمال اليوم (الأحد). كان الوزير المعني حاضراً، وكان المتحدثون قبل البركاني 5، فيهم 3 من المؤتمر و2 من الإصلاح، وكانت السياسية غائبة عن القاعة منذ اندلعت المواجهة مع القضاء. وإليكم كيف استدعى البركاني سلاحه الفتاك:

تسلم البركاني الميك ووجه سلاحه مباشرة إلى صدر كتلة الإصلاح. وهذه الحركة، بالطبع أشبه بقنبلة مسيلة للدموع لتفريق الجموع المحتشدة تحت يافطة واحدة: "إجراءات حبس البرطي خاطئة".

قال البركاني بصوت مجلجل. "أرجو من الإخوة في الإصلاح أن لا يسقطوا خلافاتهم مع البعض على هذه القضية". لقد فجع النواب بهذه الجملة وساور الجميع شعور أن قضيتهم أصيبت في مقتل. وكان أحد نواب المؤتمر يصيح: من هنا تأتي الهزيمة يا رجال.

فجر رئيس كتلة المؤتمر بكلمته هذه بركاناً من الغضب. ولكن هذه المرة لم تمر بهدوء. لقد كان على النائب الأبرز في كتلة المؤتمر عبده محمد بشر أن يتكفل بالرد الشديد على رئيس الكتلة. وقد تحرك عبده بشر من مقعده في الصف الأول وهو في غاية الاستياء وقرر أن يرد على البركاني من هناك: من على منصة الخطابة الرئيسية.

تسلم بشر الميك وركز نظره على البركاني ثم توازن على نحو جيد وقال: "كنت أتمنى من سلطان البركاني أن يدس رأسه في التراب". وأضاف مخاطباً البركاني الذي اشتد احمرار وجهه: "هذا عضو في كتلة المؤتمر الشعبي العام يا سلطان البركاني وكان يجب عليك أن تكون أول المدافعين عنه لأنه محبوس بالمخالفة للدستور والقانون لا أن تأتي وتقول هذا الكلام يا سلطان". ثم زاد وقد رفع الدستور إلى أعلى: "هذا دستور الجمهورية اليمنية الذي يفترض بك أن تدافع عنه يا رئيس الكتلة يقول في المادة 98.." كذا وكذا وأكمل قراءة المادة.

عبده بشر نائب متمكن وأكثر النواب انضباطاً، لكنه قبل أمس لم يتحمل. لقد قالها بوضوح لسلطان البركاني ثم لملم أوراقه وملازمه التي يداوم على قراءتها وغادر مكظوماً.

ليست هذه هي المرة الأول التي يخذل فيها سلطان البركاني أعضاء كتلته. فعلى طول هذه الـ6 السنوات من عمر البرلمان الحالي، قُتل 3 من أعضاء المؤتمر ولم يبد سلطان البركاني حماساً تجاههم. لم يحصل أن سُمع عن رئيس كتلة المؤتمر أن تساءل يوماً: أين قتلة صالح بن صالح هندي دغسان، ولا قتلتة شمَّر النائب الذماري وسواهما.

لا يكتفي سلطان البركاني بإقحام السياسة في قضية كهذه فحسب. إنه يمارس هواياته المفضلة بصورة دائمة ويستخدم "التسيس" كجزء من الحرب النفسية في كل أحواله. الأسبوع الفائت، كان مجلس النواب يناقش 4 تقارير مهمة حول التعليم ووضع الموجهين اليمنيين الذين تضرروا من قرارات وزير التربية. وكان رئيس لجنة التربية والتعليم الدكتور عبدالعزيز كرو يستمع إلى نقاشات الأعضاء ويعقب. كان الوزير حاضراً وكانت القاعة في منتهى السكون وأعضاؤها يناقشون بمسؤولية، لكن كان على البركاني أن يقفز على الخط وأن يخفض من نسبة ذلك الحماس غير المعهود. لقد صاح كعادته مقللاً من قيمة هذه التقارير المهنية: "أرجو من زيد الشامي أن يرفع يده عن هذه اللجنة وأن يتركها تشتغل وأن لا يجيَّرها لصالح حزب معين".

ويقصد بذلك أن الشامي، وهو أحد أعضاء اللجنة، مسيطر عليها وهي التي يترأسها أحد نواب المؤتمر البارزين ويتكون ثلثا أعضائها من كتلة الحزب الحاكم. كان كلامه مباغتاً ومستفزاً. زيد الشامي، وهو النائب الذي يطوَّع كتلة الإصلاح أحياناً لصالح قضايا يتعصب لها البركاني بشدة لم يتوقع هذه الضربة. وحتى نواب المؤتمر أنفسهم أزعجهم هذا الطرح، وتجشم عبد العزيز كرو (رئيس اللجنة) مهمة التوجه إلى مبنى اللجان والبحث عن الأسانيد التي تدعم صحة ما تذهب إليه اللجنة وتفند مزاعم سلطان البركاني.

لقد عاد بملف ضخم من الوثائق والعرق يتصبب منه بغزارة وأشهرها أمام القاعة: "اللجنة لا يتحكم في شؤونها شخص ونحن متمسكون بصحة ما ذهبت إليه تقاريرنا. هذه هي الأدلة". ولكن سلطان الذي يتمتع بروح رياضية عالية اعتذر لزيد الشامي بحرارة واعتذر أيضاً لعبد العزيز كرو أمام القاعة، وأخذ يبرر لهم وهو يضحك: "أنا فقط ألطف الجو ليس إلاَّ".

إجمالاً؛ يتوجب على سلطان البركاني أن يغلَّب الشعور بكونه برلمانياً قديراً في رأس كتلة ضخمة، على الشعور بكونه قائداً حزبياً وبالتالي كل شيء في هذا العالم سياسة

* صحيفة المصدر


في الأربعاء 22 إبريل-نيسان 2009 08:46:03 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mirror1.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mirror1.marebpress.net/articles.php?id=5180