إلى جنة الخلد أيها الرئيس الشهيد
محمد الصالحي
محمد الصالحي

بحثت عن هبة أحبوك يا وطني ... فلم أجد لك إلا قلبي الدامي

رحل اليوم من دنيانا إلى حياة البرزخ رئيس عظيم ومصلح اجتماعي قل ما نجد في وقتنا الحالي شبيه له .

غادرنا الرئيس المنتخب من قبل شعبه.. فقيدنا ليس رئيس دولة بل كان رئيس جمعية سعى من خلالها أخراج أبناء مأرب من دوامة الثارات والنزاعات الى مجتمع خالي من تلك الأمراض.. لكنه لم يهنأ بعرشه الذي لا يحسد عليه سوى سنة واقل من خمسة أشهر، ليحزم حقائبه إلى جنة الخلد ان شاء الله مقتول برصاص الجهل والتخلف والهمجية. الشهيد سالم بن سعود الشريف في احد فعاليات الجمعية

الشيخ سالم بن سعود الشريف رحمة الله هو رئيسنا .. وفقيدنا .. انه رئيس جمعية المستقبل للتمنية والسلم الاجتماعي بمأرب التي أسسها مع مجموعة شباب مأرب لمحاربة آفة الثأر ولكبح جماح التخلف والجهل المعشعش على محافظة كانت في وقت مضى هي منارة للعلم وعاصمة حضارة خلدت في التاريخ.

صباح اليوم الأربعاء الموافق 22 ابريل من العام2009.. طالت رصاص الفوضاء والغوغائية وفلاتان الدولة روحه الطاهرة لترتقي إلى خالقها..

نحسبه عند الله شهيد حيث قُتل وهو يسعى للإصلاح بين الناس ولنزع فتيل فتنه لم تتوقف الا بعد ان خلفت 4قتلي وأكثر من 10 جرحى.. كان في طريقة لإصلاح ما يمكن إصلاحه .. لم يكن يعلم بأنه هو من سيكتوي بنار حرب اندلعت من غير سبب بين الأشقاء.. جسده الندي ارتوى بدمه الزكي ليشكلا لوحة موحشة ذات زوايا مظلمة تعكس واقع قبلي مأساوي تكالب على رسمه أبنائه وما يسمى بالسلطة الضعيفة الهزيلة التي لا تقوى على المضي سوى بضع كيلو مترات خارج العاصمة.

عرفت شهيد المجتمع منذ فترة وعملت معه من خلال جمعية المستقبل للتنمية والسلم الاجتماعي، ويشهد الله على ما اقول أنني لم اجد له مثيل في مجتمعنا واقصد مأرب، لأنه كان يقضي معظم وقته في الإصلاح بين الناس، فكان كل ما اتصلت به على هاتفه يخبرني انه عند القبيلة الفلانيه لدرء فتنه على وشكل الاشتعال، او لدى إحدى العشائر لتوقيع صلح بينها هي وقرينتها من قبائل المحافظة التاريخية التي تكتوي ليل نهار بنار الثأر، ليهلك النسل والحرث وكل نواحي الحياة.

عرفت شهيد منظمات المجتمع المدني.. كنحلة ينتقل من منطقة إلى أخرى بدون كلل ولا ملل هدفه رضاء الله وتحقيق السلم في متجمع مزقته الحروب .. حمل على كاهله مهام هي من السياسيات الدولة التي تتشدق في كل محمل انها دولة نظام وقانون، لأنه من أبناء محافظة واقع ومستقبل ومصير أبنائها لا يهم دولة اليمن، حتى لو أُبيدوا من على وجه الأرض عن بكرة أبيهم، ما دام أنبوب النفط ينساب إلى الأرصدة البنكية لمسئوليها في الخارج، لا يهم هذه الدولة ان يقتل في مأرب واحد او اثنين او ألف، وإنما يهمها استمرارية صعود قاطرات الغاز الحمراء إلى صنعاء .

شهيدنا كان يحلم بمجتمع خالي من الثارات عمل بدون كلل ولا ملل لا أجل ان يرى حلمه النور، ولم يعلم ان الأجل لن يسعفه لمشاهدة الحلم وهو يكتمل.

ساهم بشكل كبير في إطلاق حملة ( الا التعليم ) الهادفة لتخفيف آثار النزاعات والثارات على التعليم في مأرب، عقد الاجتماع تلو الأخر في عدد من مشائخ والشخصيات القبلية في مأرب لشرح اهداف الحملة ولتوضيح ما يترتب على الثار من آثار تظل جاثمة على مأرب لمئات السنين، كان شعلة من النشاط يحترق لأجل ان يضيء لغيرة، لأجل هدفه السامي والتطوعي ترك مشاغلة ومهامه وواجباته وراء ظهره ، لعله يحقق الخطوة الأولى في هدفه، ولقد حققه أسقاه بدمه ، ليخلد في ذاكرة مأرب رجل استثنائي، غادرنا سريعاً ليتركنا نصارع امواج الحياة العاتية بدون مرشد ولا قائد.

*ارجوا ان تسامحني ايها الوالد الشهيد ( ابو تركي ) لأنك اتصلت لي الأسبوع الماضي ولم ارد عليك، فأنساني الشيطان معاودة الاتصال بك، ولم اصدق انك غادرت الحياة بهذه السرعة.

*كنت رجل حكيم صقلتك الدنيا وغصت في أعماقها فعرفت أسرارها.. في كل لحظة قضيتها معك تعلمت درس او حكمة جديدة في هذه الدنيا.

وهذه الأبيات في رثاء روح شهيدنا الطاهر وهي للشاعر: - أبو الحسن الأنباري -:

علو في الحياة وفي الممات *** لحق أنت إحدى المعجزات

كأن الناس حولك حين قاموا *** وفود نداك أيام الصلات

كأنك قائم فيهم خطيباً *** وكلهم قيام للصلاة

مددت يديك نحوهم احتفاء *** كمدهما إليهم بالهبات

ولما ضاق بطن الأرض عن أن *** يضم علاك من بعد الممات

أصاروا الجو قبرك واستنابوا *** عن الكفان ثوب السافيات

لعظمك في النفوس تبيت ترعى *** بحفاظ وحراس ثقات

وتشعل عندك النيران ليلاً *** كذلك كنت أيام الحياة

ركبت مطية من قبل زيد *** علاها في السنين الماضيات

وتلك فضيلة فيها تأس *** تباعد عنك تعيير العداة

ولم أر قبل جذعك قط جذعا *** تمكن من عناق المكرمات

أسأت إلى النوائب فاستثارت *** فأنت قتيل ثأر النائبات

وكنت تجير من صرف الليالي *** فعاد مطالباً لك بالترات

وصير دهرك الإحسان فيه *** إلينا من عظيم السيئات

وكنت لمعشر سعداً، فلما *** مضيت تفرقوا بالمنحسات

غليل باطن لك في فؤادي *** يخفف بالدموع الجاريات

ولو أني قدرت على قيام *** لفرضك والحقوق الواجبات

ملأت الأرض من نظم القوافي *** ونحت بها خلاف النائحات

ولكني أصبر عنك نفسي *** مخافة أن أعد من الجناة

وما لك تربة فأقول تسقى *** لأنك نصب هطل الهاطلات

عليك تحية الرحمن تترى *** برحمات غواد رائحات

* صور للشهيد في عدة مناسبات على الرابط التالي:

http://www.marebpress.net/gallery.php?do=gall&gid=5

 



في الأربعاء 22 إبريل-نيسان 2009 10:36:43 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mirror1.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mirror1.marebpress.net/articles.php?id=5186