الرفاق الانفصاليون لتصهرنا قضية واحدة ولنحافظ على الوعاء اولاً
كاتب/مهدي الهجر
كاتب/مهدي الهجر

هذا الوطن الكبير والممتد كحلمنا منذ بعيد ، إن لم نحسن في بنائه والتعايش فيه ، فلا أقل من أن نبقي على الوعاء لعل أبناءنا من بعدنا وأحفادنا والأجيال اللاحقة ستبنيه بإبداع ، وتصنعفيه ومنه المعجزات ، لأنها

سترث وطنا اسمه اليمن ، ولن ترث بطبيعة الحال تلك الضغينة والأحقاد التي تسكن إنسان اللحظة فا لغد له همومه وقضاياه الواسعة والمعقدة والتي قطعا ستختلف عن تلك التي أورثهالنا الفراغ وثقافة الكراهية و التخلف

لاجدال في أن السلطة أو الحزب الحاكم – مجازاً- العنوان الرئيس والسبب الأول وراء هذه الدوامة والتي توشك بعواصف واعصارات تعم من هنا وهناك ، يكون الوطن هو الضحية ، وأجيالنامن بعدنا عليهم التبعة والثمن.

أما الحديث عن السلطة فممجوج ويبعث على التقزز من كثرة الخوض في ذلك عند ما لجرح بميت إيلام، والبقاء عند ذلك يعكس اللا رشد بتبديد الوقت والطاقات في دائرة مفرغة .

وأما البقاء عند اليمن وهو المتغير المستقل والثابتفذلك هو سبيل كل حر شريف وطني ومناضل ، وموطن رحب لعبودية المؤمن الصادق المتبتل في الأسحار في مجال (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ) ( وان هذه أمتكم امة واحدة وأنا ربكم فاعبدون ).

حالة عامة ومتكررة

الفساد السياسي وسوء الإدارة والأشخاصنمط ثابت فيالعالمين العربي والإسلامينتوارثه تاريخيا جيلا بعد جيل وهو في النهاية ابن أمه وأبيه ونحن أحفاده ونتوزع هذا الميراث ولعله في جبلتنا أساسا ، ولست في المقام الذي يدافع أو يعتز ، إنما هل يصح ويستساغ منفصيل ما في هذا المربع أو ذكعلى امتداد عالمنا الإسلامي كلما ضاق بظلم الحاكم وفساده أن يتداعى للانفصال وان يأخذ حقه من نصيب الجغرافيا .

وبافتراض حصول ذلك ، فان هذا المكون المنفصل والجديد سيجد أمامه تلقائيا حاكما منه مستبدا وجائرا وممتلئا بالفساد فوق الحجم والمقاس ، فهل إن ضاق هذا بمستبده وخانقه الجديد يسوّغ له تبعا للنمطية النفسية المقلوبة ، أن يتداعى إلى انفصال آخر، تحت هذا السبب ، وهلم جرا حتى مكون العشيرة .

هي فلسفة خرقاء ، وتفكير اعوج جرده الله الرؤية والبصيرة ، وأقعى الشيطان على ناصيته يوجه ويعبئ ويدفع للحركة .

التيار الانفصالي

تشكل عقب حرب الانفصال ، وقد كان بعدد الأصابع ، له همسا خفيتا ، لا يلتفت إليه احد لسوء تاريخه وسيرته كأشخاص ، لكنه ظل يصابر يؤجج الحدث وينتظر الفرصة من الداخل ، وحضور المصلحة الدولية من الخارج ، والتي هي اقرب ما تكون الآن في ميراث تعده بريطانيا لها ، وقد تواعدت مع الولايات المتحدة الأمريكية على ذلك في مقابل تفريغ العراق بالكامل لهذه الأخيرة .

وقد ساعد فساد الحزب الحاكم وسوء إدارته ،وتخلفه المركب في الرؤية والمنهج إلى انتعاش هذا النفر الانفصالي ، وحصول سوقه من الرواج الآن.

ويتكون التيار الانفصالي من ثلاثة أجزاء .

الجزء الأول بعيد .. ويتمثل في مثقفين قدامى تربطهم ببريطانيا روابط ممتدة وحاضرة الآن ولهم مشروع مختلف ومغاير ، انظم إلى هذا الجزء بعض قيادات الاشتراكي والذي كان لهم دورا محوريا في إعلان الانفصال وحرب 1994م ، فصاروا في تغاير لولا يربطهم هدف الانفصال كجامع مشترك .

وهذا الجزء في مجموعه هو الأساس ويعد أهم مكونات المشروع الانفصالي ، وقد كان غريبا ومنبوذا إلى درجة بعيدة في أوساط المحافظات لولا تتابع الأحداث ، وقد أسعفته بالمكون الثاني .

الجزء الثاني للتيار الانفصالي ويتمثل بمجموع من حصلت عليهم مظالم ، وصودرت منهم حقوق ، وقد كانت نفرتهم في أول الأمر بريئة ، ودعوة حق ، وقد التف إلى مناصرتهم اغلب فئات ومنظمات المجتمع المدني في كل اليمن ، إلا أن الفريق الأول ذو الصرخة الانفصالية الصرفة جرهم إليه ، وصاح بصوتهم ، وحرك من أعماقهم صيحات المناطقية ومسمى الحق الجنوبي ، فتداعى الصوت ، وانضمت إليه أصوات الصرعان والسذج من الناس

وهذا الجزء من التيار هو من صناعة وإنتاج الحزب الحاكم ، لا يشاركه في ذلك احد ، ولعله أكثر مساحة وجلبة ، ويمثل الآن الرأي العام لصوت الانفصال.

الجزء الثالث للتيار الانفصالي ، ويتمثل في شخصيات اجتماعية، وسياسية ، وعسكرية ، وإدارية ، صنعتها السلطة إليها في مواجهة تلك السابقة والمغايرة ، فكانت تغدق عليها بمساحات مفرطة من الامتيازات سواء في الوظيفة والنفوذ ،أو من قبيل يا غلام أعطه ألف ألف درهم ، وضيعة كذا و..و.. بهدف جعلهم موالي ورعية ،وارتباطهم مصيريا بالنظام في ظل التلويح بالصرة والسيف .

لكن هذا الفريق صار أكثر ذكاء ، فقد أحسن التكيف ، والمناورة ، واتسعت شهيته ، فصار ينافس شيعة وبني جلدة النظام وقد سحب إليه مليارات المليارات برضا السلطة أو بالترغيم ، ثم بين فترة وأخرى يناور بامتياز بالورقة الجنوبية سواء بتصريحات إعلامية أو بفعاليات شعبية على اعتقاد جازم منه بان هذه الورقة هي أهم أوراقه على الإطلاق ،وقد أدى السير في متاهات هذه اللعبة إلى التقاطع مع الفصيلين السابقين ،إما كرد فعل تجاه تضييق السلطة لبعض امتيازاته أو التلويح بذلك ، أو بسبب تلاقي مصلحة من عدة وجوه ،وهذا الجزء الثاني من مجموع التيار كما سابقه من إنتاج السلطة وحدها ، وهما ماركة مسجلة لها لا ينافسها فيهما احد .

والذي لا يدركه التيار الانفصالي أن :

  *بضاعته مزجاة ولن يستقيم لها طلب ، فان كان يقول أن مبرره حصول الفساد والنهب والجور الآن ، فان الجميع يدرك حتى العجائز من النساء أن النظام الحالي رغم فساده وعواره المختلف أفضل ألف مرة من ماضي وتجربة هذا التيار التي ربت عن ربع قرن ، فمضت على الدين والدنيا ، والأسرة والعشيرة ، وتركت الأرض غبراء جرداء .

وأان هذا التيار بغبائه مرة أخرى يعطي السلطة الجاثمة الآن مزيدا من الالتفاف والتدعيم الشعبي عند المقارنة به إن حضر .

* أن هذا التيار فوت على نفسه ذلك الكم من التأييد الشعبي عندما ابتدأ مساره بمناهضة الظلم والدعوة إلى الحقوق ، وهذا يذكرنا بالتأييد الشعبي الذي كان لسالم البيض أثناء أزمة ما قبل إعلان الانفصال ، حيث كانت الحشود والهتافات اغلبها له وضد منافسه علي عبدالله صالح في تلك الفترة ، فلما أعلنها البيض انفصال ، ارتد الجميع عليه ، لان القضية هنا وطن ، أما الأشخاص فليذهبوا للجحيم من كانوا إذا قورنوا بالأوطان .

وهي اليوم نفسها مع التيار الانفصالي ، لكنه لا يتئد أو يرعوي ، ولعل هتافات الصرعان من الناس والذي يدفع ثمنها بالدولار لهم في المقابل تستهويه ويصدقها فتقوده من ثم إلى ما لا يدركه.

 الصورة كما تتضح عند هذا التيار هي في افتقاده للمشروع الوطني ، وحس الوطنية والوطن ، ذلك أن الأم الحقيقية للطفل هي التي ترفض مطلقا أن يقطع بينها وبين مدعية أخرى لأمومته ، أما المزيفة وذات القول الزور فهي تقبل بان يمزق على أن تأخذ منه مزقة أو شطر .

ولكن ما لذي ستجده هذه الأم المزيفة من الذي تزعم انه ولدها ، وماذا بشان هذا الذي مزقته .

وقد رضي الشرفاء في شعوب امتنا العربية بهذا النوع من حكامها ، واجترت أحزانها ، وتحملت كل هذا الركام من القيود والكبت والمصادرة والأثقال على أن لا تمزق مرة أخرى إلى ما هو أنكى وأمر، على أن تكون المغالبة والمفاعلة بروية ورشد ، وفقه موازنات .

كما أن الصورة تشي مرة أخرى بافتقاد هذا الشقي ( التيار الانفصالي ) إلى حسه القومي إن زعم ، والى حسه الأممي إن نازع وصرخ ، والى حسه الديني إن قال .

فأين منه ذك ؟ وأين إذاً مدخله ومخرجه ؟

ما غايته وما سبيله ؟

alhager@gawab.com


في الأحد 03 مايو 2009 09:08:37 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mirror1.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mirror1.marebpress.net/articles.php?id=5235