كم غنيت لليمن وبكيت
فاطمة واصل
فاطمة واصل

ربما أكون قد تأخرت ............لكنني ترددت، ان أشارككم بعضا مما يشاغل ذكرياتي في الولايات المتحدة الامريكية كان بحق ترددا أو ربما توددا لاستجلاب الذكرى، و بدعم وتشجيع من بعض المحبين أشارككم بعضا من تداولات تجربة مدتها عام قضيتها كمبتعثة الى هناك وان نعيش معا بعض أحداث قد تصغر أو تكبر حسب اطار الزمن والناس وتواتر الأحداث ، أشارككم طفراتي الكتابية مع بعض وجع ان تلك "اليمن" الذي ابتعثت ممثلة لها ركام حزن ينتظر ريحا عاتية تنثره بعيدا لتشرق الابتسامة من جديد.

رصيف الأمل كان محطة:

في الثالث عشر من شهر اغسطس للعام 2008 قبلت قدماي ارض الولايات المتحدة الأمريكية ، كان خبرا تقرأه لي الفطرة منذ كنت طفلة بأنني سأزور تلك الأرض يوما فانا لست تلك التي تفتح لها الأبواب لانها تمت بصلة ما لاولئك أصحاب السلطة، القرار أوالمال .، كان دافعا لاثبات ذات، أوتعبيرا عن حب لوطن ....ربما هو ذاك مهما اختلفت التسميات. لطالما سمعت عن نجاح كثيرين في حياتهم وآفاق أخرى تفتح لهم لانهم قضوا سنين في تلك الأرض ولانهم عادوا بوثيقة تعلن بأنهم حصلوا على درجة اكاديمية مستحقة..............أوربما مشتراة أو لانها أتاحت لهم جمع الاموال ليترجموا أحلامهم الي مضامين محسوسة كالعقار أو التجارة........ فكنت تلك الحالمة مثلهم وغيري قد يكونون أكثر.

هل كل ما يقال يصدق::

."انت تغطين رأسك وتأتين من دولة موسومة بالاختطاف وبالارهاب...................فكوني على حذر"، هكذا نصحني الأغلبية لم أعر تلك الأمور كثيرا من الاهتمام، كنت اصغي الى قلبي الذي يراقص الامل ويتبع هداه، كان هدفي هو خوض التجربة والاستفادة من منحة تتحمل تكاليفها تلك البلد وأمر كهذا بالطبع لم يأت الا بعد جهد جهيد فمنح الجمهورية اليمنية لمثل تلك الدول محصورة لمن تعرفون وأعرف، كان أهم شيء في تلك الاجراءات كلها هو المقابلة التي تعقد مع الملحق الثقافي الأمريكي كل عام لاتمام الابتعاث من عدمه. في ذلك اليوم طالت مقابلته لي على غير المعتاد.

 كانت اليمن حينها تواجه حمى جديدة أو ربما غريبة ومضحكة للأغلبية وهي خبر انشاء مفاعل نووي حيث كنت أحد كوادر اللجنة الوطنية للطاقة الذرية، كانت نوعا من رغبة في المعرفة لا أكثر وخرجت وانا مستمتعة بذلك الحديث ليصلني الخبر بعدها بأيام بأنني المرشحة الوحيدة لذلك العام 2008-2009. سألني عدة أسئلة كان من ضمنها ، هل تتوقعين نجاح مثل هذا المشروع؟ أجبته بأن هذا الموضوع يعتمد على أكثر من عامل خاصة وأن بلدي يعاني من شحة في موارده الأقتصاديه.

لم تكن أكثر من مجرد اسئلة

وفي المطار وبمنتهى الاحترام والجدية كان يسألني وكنت أجيب لكنه ختم قائلاً اتيت وحدك ... ومن اليمن قلت له نعم ثم هز كتفيه ولا أدري ان كان تعجباً أم إعجاباً؟. ويوميء لي بالتجاه نحو البوابة .....وخطوت اليها حيث غردت عيناي على اول نظرة في تلك البلد، لأطل على مساحة خضراء تصادق الأمل وصفاء يحاكي السماء باتساق.

 كان في انتظاري منسقة البرنامج ، كانت مبتسمة، متعاونة، متفائلة ،وبكل تواضع تحمل حقيبتي وتقودني الى غرفتي لاقضي أول ليلة لي في تلك الأرض في السكن الجامعي للطلاب.

ثم بدأت المناورة:

لم يكن الاستسلام حلاً لصعوبة التأقلم في بلد كل ما تعودت عليه هو التعامل مع النظام واحترامه وهذا ما لم اتعوده في اليمن لان الأمور "بقيمة عودي قات تسبر". كان البرنامج مكثفا وكان الاستقبال حافلا وكان التقدير للمبتعثين الاربعة عشر من دول مختلفة في تلك الجامعة هو الانبهار بتلك القدرة على تخطي الامتحانات والعقبات للحصول على هذه الفرصة. كنت اتساءل في ذاتي هل يعنون هؤلاء الناس بحق ما يقولون فقط لتشجيعنا أم أن الأمر فعلا كذلك. كنت أرى الأمور بمنظور ربما يختلف.

زارني.... فامتننت له:

سفير اليمن لدى أمريكا يسعدني بزيارته الكريمة في حفل استقبال وزراة الخارجية الأمريكية في العاصمة واشنطن الذي أتي للتعرف على مبتعثة اليمن ، شكرته ، كان رده " هذا واجبي ليس إلا"، وهي زيارة يمنحها لكل مبتعث كل عام، وفوجئت بعدها بانه السفير الوحيد الذي أتى لزيارة مبتعثة بلده وانني أيضا كنت تلك الوحيدة بين 165 مبتعثا من 99 دولة. كان احساسا جميلا أن أرى ابن بلدي بتلك الصورة المشرفة والعقلية التي تؤمن بالعمل وبالمرأة على عكس ما اعتدت عليه في اليمن، فمعاملة بسيطة تنجز في يومين قد تستمر لأشهر أوربما أعوام.

لا بد من التغيير

كان شعار أوباما الذي كان يحمله الطلاب في تلك المدينة الصغيرة التي كانت تضم تلك الجامعة، لافتات زرقاء تحلم بالتغيير وتتفاءل به كوجبة دافئة بعد ساعات ممطرة.كان صراعا على السلطة يتسم بالمصداقية والنظام والمجادلة الفكرية التي كان كلا المتنافسين يخوض فيها من باب ايضاح برنامجه الانتخابي للجمهور وللعالم،هي كالتجربة الديمقراطية في بلدي اليمن والنتائج معروفة سلفا ؟؟ قبل إجراءات الاقتراع.كانت تتوالى زيارات المرشحين أو من ينوب عنهما كبيل كلينتون الذي اتى مشجعا تلك الكتلة الاكاديمية من الطلاب لترشيح اوباماالذي كان يعمل على سنتين متتاليتن وبدأب للوصول الى رئاسة دولة كالولايات المتحدة ايمانا بقدر العلم والكتلة التي من شأنها أن تحدث ثقلا في كفة الميزانـ تلته سارة بالين التي اتت متحدثة عن البرنامج الانتخابي لمكين والتي حازت من خلال نشاطها السياسي شهرة منقطعة النظير او ربما تمهيدا لترشيح نفسها للانتخابات الرئاسية القادمة عام 2012. كانت هذه الصراعات السلمية ترسل رسالة قصيرة لكل العالم هو حق الحصول على حياة افضل من خلال تقليل قيمة الضرائب وشمول التامين الصحي كافة شرائح المجتمع وتعديل قانون الهجرة لامريكا بحيث لن يضم مستقبلا سوى القادرين على القراءة والكتابة على الأقل.

يوم الاقتراع:

كان الجميع على اختلاف الجنسيات والشرائح الأكاديمية ينتظر بحرارة كما كان ينتظر العالم بأسره نتيجة الاقتراع. كانت الاغلبية ترى في اوباما أملاً للتغيير وخاصة نحن دول العالم الثالث. كانت النتيجة كما نرغب، سادنا الفرح وغمرنا شعور بالأمان لسنا نفقهه جميعا، كان على الأقل انجازا يضاف للتجربة الديمقراطية الامريكية أن رجلا خارج الطبقة البرجوازية ولون بشرة مغاير على مدى الدهور يصير رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية كما كان يحلم يوما مارتن لوثر كنج. دار بيننا حديث ونحن ابناء الشرق الأوسط المسلمين الذي يدعونا ديننا الى العدل والمساواة وان لا فرق بين عربي ولا عجمي الا بالتقوى والعمل الصالح نعجز عن تطبيق مثله وان يحكم دولتنا رجل من طبقة اجتماعية دنيا او من لون بشرة مغاير. كنا نخبز آمالنا مع بزوغ فجر اليوم التالي أن غداً أفضل، وأنا أسر لنفسي بأن سنين طوال مضت ومضت منذ قال لي والدي منذ عودتنا لليمن اثناء أزمة الخليج بـأن غدا الأجمل لا بد يأتي..........لا بد يأتي وإذا به يقتم ويظلم ويصغر.........

حياة أكاديمية ووجهات نظر:

كانت المحاضرات في الجامعة الكبيرة جدا والتي لم تكن تحوي كل الكليات التي تهت فيها لأكثر من مرة تتسم بالموضوعية، كان الطلاب كثيروا الإطلاع ثاقبي النظرة ويناقشون آراءهم بكل حرية كفلها لهم النظام الأمريكي الذي بحق أقدره وأتمنى أن ينهج العالم العربي نهجه وبالأخص اليمن فأنا لا اتسطيع انتقاد بحث أو كتاب يقوم به أستاذ في الجامعة حتى لو أحببت تنبيهه الى شيء قد يضيف لبحثه قيمة فنية أو أكاديمية.

 كان الطلاب أحيانا يضعون أفكارا معروفة لطالما تداولناها وكنت أحرج أن أشارك بها أو أن أطرحها لأنني تعودت خلال تحصيلي العلمي في جامعة صنعاء أن اصمت لاني بطبيعة الحال سأكون عرضة للسخرية من الزملاء أو الزميلات... لأن الموقف قد يجعلني حديثا يلوكه الجميع وخاصة زملائي من الجنس الآخر..... كم حاولت الحديث وانا اعلم أني سأضيف جديدا لكن ما تعودت عليه واستقر بين نفسي من عدم تقدير من الجنس الآخر مع احترامي لهم كان الحاجز الأكبر والاعم.

لم أشعر البتة بأنني مختلفة رغم حجابي، كنت أرى تقديرا واحتراما في عيون الجميع، كنت امارس صلاتي في مساحة أعدت لذلك في مكتب مجاور، ومصلى في مبنى مجاور لممارسة كافة العبادات من كافة الجنسيات والديانات.

خلال تلك المحاضرة:

كانت تلك المحاضرة تتحدث عن الفقر وكيف يؤثر على التعليم ضمن مادة تسمى " تأثير التعليم على الصحة حول العالم". كان ذلك البروفيسور يملك أسلوبا مشوقا يجذبني بطريقة غريبة، لكنني يومها فوجئت به حين كان يتحدث عن الدول الفقيرة من العالم الثالث ويشير إليا سائلا أنت من اليمن أليس كذلك؟ كيف تتعاملون مع التأمين الصحي وكيف للدولة أن تكفل لكم ذلك؟ ومن يتعدون سن الخامسة والستين هل تسعى الدولة للحفاظ على مستوى صحة ثابت لهم من شأنه أن يوفر الوقت والمال والجهد معا؟ وأسئلة واضافات أخرى حول هذا الموضوع توالت، حينها اصبت بالبكم لان الإجابة بكل ببساطة ستكون لا وكيف تكون غير تلك والدولة تبيع ادوية قريبة الانتهاء احيانا على انها دعم منها لمرضى السكر مثلا ، كيف تكون غير تلك والأطباء في المستشفيات الحكومية يتعاملون مع المريض على انه مجرد خردة إن لم يكن هناك "توصية" من "س" من الناس.كيف تكون غير تلك والمرضى يتكتلون في المستشفى الجمهوري كانهم "جواني" تنتظر من يأتي لحملها الى المقبرة، يقضون أحيانا اليوم وما يليه ولم يمر طبيب يتابع الحالة حتى يكتب الله الأجل ثم يقال "قضاء وقدر"، وكيف تكون غير تلك والعالم يقاتل الآن حمى الخنازير واليمن تقاتل الى جانبها اثنتين حمى الفقر وحمى الضنك................... بالطبع كانت لا وألف لا.

كان ذاك البروفيسور كثيرا ما يتحدث عن الفرق الذي أحدثته أمريكا في الحقبة الزمنية الأخير من قفزة في التعليم دونا عن كل بلدان العالم المتطورة رغم تميز بعضها مثلا بمجانية التعليم الجامعي على عكس امريكا ومما لا بد منه في كل مرة أن يسال عن اليمن ونظامها التعليمي وفي كل مرة لم يكن هناك شيء استطيع أن أقول أننا نتميز به سوى ان التعليم مجاني متاح للجميع ............ والتعليق متاح لكم.

تعزيز قدرات الموارد البشرية كمصدر للقيادة:

على مدى فصلين جامعيين تلقينا تدريبا مكثفاً حول القيادة البشرية وكيفية استخدام المواهب والخبرات الادارية لصنع قائد مستقبلا من كل واحد فينا، وكيف لي أن أطبق هذا حين أعود لليمن.

 كان ينتابني الضحك احيانا والسخرية أحيانا أخرى، لن أستطيع تطبيق شيء وانا على ثقة، لان البعض لن يروق له تلك الطريقة التي سأدير بها أمور عملي ولا بد أحيانا من التنازل وغض النظر عن بعض المخالفات من أجل انها تخص فلان ابن فلان وفكرة تطبيق النظام والسير على العجين من غير لخبطة هي أفكار متأمركة اتيت بها لتطبيقها على من يرغبون في ترك العمل باكرا حتى لا يتأخر موعد التخزينة.

كان من ضمن أهداف ذلك الابتعاث القدرة على عمل شبكات علاقات دولية للتواصل في مجالات عملنا المختلفة وكان من ضمنها جارتنا المملكة العربية السعودية. تلقيت عددا من الاسئلة أكثر من مرة وكلها تتمركز في لماذا تكون اليمن الدولة الوحيدة في شبه الجزيرة العربية التي تعاني من الفقر ونضوب الماء وتدهور اقتصادي وهي شقيقة لدول الخليج العربي التي بإمكانها ان تمد يد العون لليمن لتخطي مثل تلك العقبات؟ كانت اجاباتي مناورة وأحيانا هجومية وأحيانا وبصراحة كنت أحاول جاهدة التملص من الرد بطرق دبلوماسية لكن الحقيقة هي ان هذه الدول قد اوقفت دعمها لنا من خلال إغلاق باب الهجرة لليمنيين على الاقل للعمل هناك والتخفيف من وطأته. أغلقت دول الخليج أبوابها أمام اليمنيين بطريقة غير مباشرة من خلال عدد من الوسائل أهمها البحث عن كفيل ويليه اغرق اسواقهم بالعمالة الأسيوية، منعا للاكتظاظ وازدياد البطالة واكتفت بمن هاجروا منذ عقود بعد أن ساعدوا في اقامة اقتصادها وصاروا حاملين للجنسيات الخليجية، كان بمقدور دول الخليج أن تساعد في حل المشاكل الاقتصادية اليمنية لو ساعدت في اقتطاب العمالة الصغيرة الشابة التي استطاعت الحركة الحوثية ان تستفيد منها ووتوظفها باسم الدفاع عن المذهب الشيعي و"سيدي بدر الدين".

يوم التنصيب:

كان يوم التنصيب شاغلا الجميع من طاقم معلمين وطاقم اداري وحتى الطلاب انفسهم كانت شاشات البث في اغلب ارجاء الكلية تعمل لتنقل للجميع صورة حية لما يحدث. سألني البعض؟ أنتم كشرق أوسطيين ماذا ترجون من أوباما ؟ قلت نرجو الخير كله كما ترجون انتم التغيير؟. كان كثيرون ممن لم يكونوا جمهوريين ترتسم على وجوههم الابتسامة وملامح الحبور وكأن الشمس يومها أشرقت لاول مرة بعد غروب سنين. كانت تنعكس تلك الملامح علي بطريقة عفوية وفي قرارة روحي أقول"لا بد من التغيير" ولا بد من الطموح أليه والسعي وراءه حتى نرسم ابتسامة كتلك على وجوه الشقاة الحفاة التي علق الوحل على جفونهم منذ اعوام طوال في بلد هناك يدعى "اليمن".

التربية المقارنة ومؤتمر ساوث كارولاينا:

كان مليئا ومكتظا بأوراق العمل والبحوث التي ستطرح من مختلف دول العالم، يوم الافتتاح كنت أهرع لفتح كتاب الملخصات لمعرفة اذا ماكان هناك اي محاضرة تتكلم عن التعليم في الشرق الأوسط وخاصة اليمن ومن حسن الحظ كانت تلك المحاضرة من شاب ياباني يضع للحاضرين المعلومات والبيانات التي استطاع الحصول عليها خلال زيارته لليمن ومن خلال تطبيقه مع أكاديمية الانماء التربوي في العاصمة واشنطن مع قسم " Gender Equity " الذي يقوم بتنفيذ عدد من المشاريع التعليمية في بعض من المدارس اليمنية في كل من مارب وعمران ومارب وشبوة. محاضرته كانت معنونة "فعالية الدعم في التعليم الأساسي في اليمن" تتبلور حول اين يذهب كم الدعم الذي تحصل عليه الجمهورية اليمنية فيما يتعلق بتحسين التعليم الأساسي على وجه الخصوص. وكانت كل النتائج على الأرجح تتسم بالسلبية وفي انخفاض من عام الى عام.

حل الصراعات:

في ورشة عمل عقدت في ولاية ماريلاند حملت عنوان "فن المفاوضات"كانت الافكار والمحاضرات والتدريب يدور حول حل النزاعات بين الدول وعلى الغالب بين اسرائيل وفلسطين، كان الفريق المكلف يبتدريبنا يعلمنا كيف تتحايل الدول على بعضها حين يكون هناك مثلا ازمة نفطية بين عدد من الدول والاختلاف الذي قد ينجم حول تسعير برميل النفط مثلا، حينها سالني عدد من الزملاء من جامعات أخرى عن النفط في اليمن وكيف تستغله الحكومة لمنفعة البلد وخاصة اننا نجاور اغنى دول المنطقة وهي الممكلة العربية السعودية وكثر الحديث والنقاش حول ذلك. كنت اجيب بصدق أحيانا واتملص في أحيان أخرى عن الاجابة كما جرت العادة، كل ما كنت أستطيع قوله رغم الفقر ورغم شحة الموارد يظل الفساد اللقمة التي علقت في البلعوم منذ حقب في اليمن وإلا ما عادل تهريب الأموال في اليمن حجم قروضها للبنك الدولي واحتلال اليمن المرتبة الرابعة بعد الصومال، والسودان والعراق ابطال العالم للفساد بحسب تقرير منظمة الشفافية الدولية ، اليمن تلي تلك الدول التي عانت وما زالت بعض حروب أو آثارها.

ولا زلت اناور في الحقائق:

في جامعة Penn State وفي كلية التربية وفي مبنى راكلي الدور الثالث اعتدت حضور محاضراتي مع البروفيسور عينه ديفيد بيكر ، في ذلك اليوم تحدثنا عن متوسط الدخل القومي للفرد لدول العالم عموما ولدول العالم الثالث خصوصا واذا باليمن في ذيل القائمة في حين انها تمتلك عددا من الموارد الاقتصادية والبشرية من شانها تحسين هذا المتوسط اذا ما استخدمت بشكل جيد لتداخل زميلة أخرى من افريقيا مشيرة الى ان اليمن تحصل على عدد لا باس من القروض الدولية. ومتوسط دخل الفرد اليمني بحسب تقرير صندوق النقد الدولي بالمرتبة 133 بمعدل 2,412 دولارا للعام 2007 بينما تحتل المرتبة 177 بمعدل 2100 للشخص الواحد للعام 2008م.

 أما بحسب تقرير المجلة الاقتصادية الدولية فان متوسط دخل الفرد تقديريا للعام 2009 فيقدر بحوالي2,108 دولار امريكي وأزيدكم من الشعر بيتا حيث أوضح التقرير الصادر عن مجلس الوحدة الاقتصادية العربية أن اليمن سجل أدنى نصيب من الناتج المحلي الاجمالي حيث بلغ 901 دولارا تسبقها موريتانيا بمعدل 909 دولارا للفرد وتتقدمها جيبوتي بمعدل 977 دولارا للفرد الواحد.

كما لفت ذلك التقرير إلى أنه لم يطرأ أي تغيير يذكر على ترتيب الدول العربية من حيث متوسط نصيب الفرد من الدخل، حيث حافظت كل من السودان وجيبوتي وموريتانيا واليمن على المراتب الأربعة الأخيرة من بين الدول العربية كما أن اليمن صنفت بانها أكبر دول العالم جباية للضرائب حيث يبلغ معدلها 124% من أجمالي الأرباح ولكي يقام مشروع جديد يجب أن يكون رأسماله على الأقل 15000 دولار أي ما يعادال 27% أضعاف الدخل السنوي للفرد.

 واي رخاء نرتجيه بعد هذا ......... سيظل السديم الذي لن تقبضه اليد أبدا.

تفعيل المرأة ونداء نسمعه صباح مساء:

تنادي الدولة منذ عرفت نفسي بضرورة تواجد المرأة اجتماعيا وضرورة تفعيلها سياسيا، وكأننا نسابق الضوء في هذا كان آخرها تفعيل نظام الكوتا في الانتخابات البرلمانية التي تم تأجيلها لتفقد اليمن بعضا من مصداقيتها الديمقراطية. أشار تقرير 2009 حول الفجوة العالمية بين الجنسين الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي في تشرين الأول/اكتوبر الماضي مصنفا بلدان العالم على اساس مشاركة المرأة في الحياة الاقتصادية ومستواها التعليمي وتمكينها صحيا وسياسيا أن المملكة العربية السعودية ومصر لا زالتا قريبتين من قعر القائمة لكنهما حققتا تقدما مطردا منذ عام 2006 وتبقي اليمن في المرتبة الأخيرة بين دول العالم للمرة الرابعة على التوالي.......... وهيت لك يا امرأة ثم هيت.

روتين:

ومضت ايام الفصل الثاني سريعة مكتظة بالعمل والقراءة والأنشطة والزيارات وأداء المهمات وعمل التقارير النهائية او البحثية كما هو معتاد في كل كليات العالم. لنعد أنفسنا جميعا للتطبيق مع المؤسسات على اتساع الولايات وعلى مساحة الحلم الذي يراود كل واحد منا.

تكريم وحلم يغازل الشفق:

في مايو المنصرم تم تكريم 164 مبتعثا من 99 دولة، كانوا سعداء، كن يطرن من الفرح، وكنت بينهم أو بينهن، كل يحلم كيف سيرسم مسقبله الآتي، كل يرى في غد بوارق حب وانجاز وأمل، لكنني كنت أراه غامضا يوميء عن خوف الى المجهول لكن كان لا بد أن ابتسم.

هذا الكم من المهنيين المحترفين كرموا بحفل استقبال في جامعاتهم على امتدادها في الولايات ليجتمعوا جميعا في أرض خضراء جميلة تغازلها بحيراتها الحالمة او شلالاتها اليقظة في روكي ماونت في ولاية ماريلاند لاستلام شهادات اتمام البرنامج مقدمة من وزارة الخارجية الأمريكية موقعة من أهم شخصين على الساحة الأمريكية أولهما هيلاري كلينون، ثانيهما الرئيس الأمريكي ذو الابتسامة المتفائلة باراك أوباما. كانوا يغنون ويرقصون يقفزون يعبرون بنهم عن نهاية عام حافل............. كنت أراقبهم من بعيد وابتسامتي تلوح للامل عله يطرق بابي فأكرم وفادته.

كان تطبيقاً:-

كان تطبيقي في أكاديمية الأنماء التربوي في العاصمة واشنطن في قسم المساواة الجندرية اذا صحت الترجمة حيث لم تتواجد أي ترجمة ملائمة لكلمة “ Gender ” حتى في مواثيق الأمم المتحدة. كانت ترأس ذلك القسم أمراة لبنانية طموحة تؤمن بوجود المرأة وحقها في الحياة والتعبير عن وجودها بتعليمها. كنت أساعد في اعداد كتاب ملخص في مناهج الحياة الاعتيادية للفتيات للمرحلة الاعدادية، كان كتابا موجها شاملا لمهارات الحياة. كتاب يساعد الفتيات على خوض حياتهن عن فهم ودراية بمافيها تطوراتهن الجسدية والنفسية والحياتية واعطائهن خلفية عن الأمراض الشائعة والمتواجدة في هذا العصر وضمنها مرض الايدز. كنت سعيدة منطلقة متحمسة حتى كان يوم لقاء الطاقم الشهري. أشارت مي حريري الى ذاك الكتيب وعن الاعداد الهائل الذي تم من أجله والطاقات التي استنزفت لانتاجه وجمع معلوماته لتقول لي بأن ما يتعلق بمرض الايدز سوف يتم حذفه كاملا بناء على رغبة وزارة التعليم ممثلة بوزيرها الموقرعبدالسلام الجوفي الذي أهديه تحياتي من خلال هذة الأسطر ان مثل هذا الباب لا بد من تأجيله في الوقت الراهن وكأن الأيدز لا يتواجد في اليمن أو كان المستشفيات لا تستقبل حالات الايدز هذه، وكأن صحفنا لم تتحدث عن الحالات التي تواجدت وتتواجد في مستشفى الثورة والتي وصلت حتى العام 2007 أكثر من 2057 حالة. اللافتات التي تحذر من وطأته وكيفية انتقاله تتواجد في الشوارع وتضج بها شاشات التلفاز "متعة عابرة تفقدك الدنيا والآخرة". ربما يكون للوزير نظرته التحفظية التي ربما لا أدركها ولكن مثل هذه التداركات التي ليست في محلها هي التي تجعلنا دوما نخطو للوراء وكانها أوركسترا تصادق الظلام لنطرب بسماع الصمت.

كم غردت لها................

طٌلب اعطاء محاضرة لكبار السن عن اليمن......... لم اتوقع هذا الكم من الحضور، الكل ينظر إلى بتعجب أو ربما بتأمل أو ربما لضعف الرؤية يتحققون من الملامح؟ وكالعادة اسئلة كثير فاقت كم المعلومات الذي أهديتهم إياه... لكنني بوغتت بسؤال لم أتوقعه؟ سألتني إحداهن بشعرها الأبيض وابتسامتها المحبة؟ لديكم هناك في اليمن مايدعي "المدرسة" وهو مكان تعلمون فيه الأجيال الصاعدة كره الأمريكان والدعاء عليهم بالموت وبالفناء حتى ينهون مراحلهم الدراسية رغم أننا لا نكن لكم سوى الاحترام والمحبة .... ولهذا انتم مطمع للبؤر الإرهابية حقا؟ كانت تسألني وتستنتج......... صححت لها المعلومة وحاولت توضيح الصورة وان مثل هؤلاء الناس الدين منهم براء واسلامنا ليس الا دين حب ووئام وسلم. لكنني أعترف لكم أنني بحق شعرت بألم يتدحرج على عتبات قلبي الموهن بحب تلك الحسناء اليمن. ذاك السؤال جعلني أتساءل كثيرا حول هتاف الحوثيين "الموت لأمريكا... الموت لإسرائيل" والحرب الدائرة التي دخلتها السعودية كطرف .... ترى كم أمريكيا او إسرائيليا قتل الحوثيون حتى الآن........ قتلوا بعضا من ذويهم وذوينا.

لم أجد على تلك الأرض سوى حبا اسقيه بحب، تقديرا ولوكنت عامل نظافة، احترام للنظام حتى عند صعود المترو، وقوف على عتبات المحلات بطابور يذكرني بطفولتي في المدرسة.......... أما عند دور تلكم الحسناوات صنعاء، عدن ، صعدة .....اليمن تعددت المذاهب وتضاربت القيم وفسدت وجبات السياسة وتكالبت انظمة الفساد وتألقت المحسوبيات... ...... في اليمن ننسج الحب بيننا بالطبقية والدعوة للأمامية... في اليمن ندحر المتملقين بالسؤال عن النسب والقبيلة ........... في اليمن نصفق للكذب ليعلو صوت الحق............. اي ضد في ضد.

أشكرهم.................؟

مد يده مصافحا، داعما، محبا، وصديقا لاتركه عددا من الاشهر وحيدا مع أولاد ثلاثة ايمانا منه بأنني أستحق وان كل امراة تستحق وان كل رجل لا بد ان يؤمن بان المرأة تستحق..... طاهر هو كاسمه يشاركني الفرح ويقاسم اليمن معي فتات حب ... يتوجع مع كل صاروخ او قنبلة وكأنها تصيب جسده ، جسدي، جسدكم........... هو ذاك زوجي.

قال لي سأدعمك، سأساعدك، أومن بك ......رسم معي الفكرة ونقش معي الامل لانطلق الى هناك........... كان ذاك رئيسي في العمل،

"سنشتاقك ، نحبك، ندعو لك ، سنفتقدك........ اقمت معنا بعض أعمدة وراوغت معنا مكامن الوجع............... كانوا أهلى، أصدقائي،أحبتي، بعضي وبعضكم.

على حائط الحب رتلت معكم بعض أذكار الحنين و استبحت عذرية الذكرى على سفح النقاء ....... بكيت معكم على ماض مشرف تخونه الخطى وحرب تطحن بواقينا ومستقبل يسلبنا الضوء عند سطوع القمر.

  
في الأحد 13 ديسمبر-كانون الأول 2009 07:43:54 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mirror1.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mirror1.marebpress.net/articles.php?id=6187