خلافات نيويورك ومواقع الانترنت
شاكر الأشول
شاكر الأشول

فجأة وبدون مقدمات أصبح الحديث عن "الجالية" اليمنية في نيويورك يتصدر الصحف والمواقع اليمنية في ظاهرة هي الأولى من نوعها في عهد الإنترنت الجديد.

وبعد أن كانت خلافات الجالية محصورة في مقاهي الجمعيات ودواوين القات في الماضي، أصبحت اليوم تدور في دائرة شريرة تبدأ من دواوين القات، وتنتقل إلى مواقع الانترنت، فالصحف التي تتخاطف الاخبار بدون أن تتحرى صحتها في افتقادها لأبسط مقومات وأسس الإعلام النزيه، لكن ما يميز الصراع الجاري هو انطلاقه بعيداً عن موقع الحدث في نيويورك، وحتى عن العالم الافتراضي في الانترنت ليحلق بعيداً متجهاً نحو صنعاء، فتكون نوافذ و زجاجات السيارات، واختصاصات عمل الوزارات، ولاحقاً الأثوار ضحايا له.

الخلافات في أي مكان واردة، وطبيعية ونتيجة لاختلاف الأشخاص حول ما يناسب أو لا يناسب، حول ما يصح أو لا يصح، حول ما يجب أن يكون، أو ما لا يجب أن يكون، حول المصالح الشخصية ، وحول مصالح المجتمعات حسب ما يراها الأشخاص لكن هذه الاختلافات سرعان ما تتخذ منحى خطير فيتم تصويرها أنها خلافات سياسية ويبدأ البعض في رسم صوراً مخيفة للآخرين، ولانتماءاتهم ولوطنيتهم، ثم يتغير الصراع فيصبح شخصياً بحتاً يتم به مهاجمة الأشخاص ومحاولة النيل منهم بأساليب تتخذ من التلاعب بالحقائق وفبركتها واستخدامها بشكل خاطئ للنيل من أشخاص قد نختلف معهم في المواقف لكن ذلك لا يعطي أحد الحق على التهجم عليهم ومحاولة تشويه سمعتهم بين أوساط الناس.

لكننا أيضاً كمجتمع لا نتردد في كيل التهم للآخرين حتى ولو لم نكن على اطلاع، وحتى ولو لم نتأكد بالدلائل والإثباتات، وكأن أتهام الآخرين والتهجم عليهم أمرُُ هين وعادي. وبدلاً من تقصي الحقائق والبحث عن الأدله ننطلق بالاتهامات وننشرها ونشوه سمعة الآخرين. نجري ننشر سموم الكذب واتهامات الباطل، ونحط من شأن الأخرين، ونتمنى لهم الهيانة والعار ونحن نتمادي في اتهاماتنا ونشر ما سمعناه ولم نتأكد منه. 

يكون الأسوأ عندما يعرف الشخص الحقيقة، ويزورها، ويغيرها، أو يظهر ما يحرف منها فتكون الحقيقة مشوهة مُدينة يلفظها الإنسان، وينشرها بفمه، وهو مساءل عنها أمام الله، ويكون الأمر أشد سوءًا والمسؤولية أمام الله أكبر عندما لا يتحرى الإنسان الحقيقة أو يشوهها بتعمد ويقوم بكتابتها ليتجرع من سمومه المئات بل الألاف من القراء الذي يتوافدون على المواقع والصحف، وينشَدوا أكثر إلى المواضيع الخلافية. 

ومثال ذلك، ما تعرض له الأخ عبدالسلام مبارز، رئيس الجمعية اليمنية الأمريكية في نيويورك من هجوم شخصي أتى نتيجة اختلافات في الرأي تطورت فيما بعد لتصبح خلافات مشخصة، مستهدفة لشخصه، وأمانته كأحد أفراد مجتمعنا. وكان أن أنجرت بعض الصحف والمواقع إلى نشر اتهامات وجهت إلى شخصه مثل قيامه ببيع المبنى الذي كانت تمتلكه الجمعية في إحدى مناطق بروكلين. 

وبما أنه كان من الأمانة بالنسبة لي كمراقب لأوضاع الجمعية ومتتبع لأحداث مجتمعنا في نيويورك على مدى العشرين سنة الماضية تصحيح ما طرح، فقد كان واجباً أن أضع شهادتي لتكون تفنيداً للاتهامات الباطلة التي وجهت إلى الأخ عبدالسلام مبارز. وعلى الرغم من الأسلوب الغير مقبول الذي تم فيه بيع المبنى فكل المتابعين يعرفون أن رئيس الجمعية حينها لم يكن له دور في بيع المبنى، ولم يكن ضمن لجنة البيع التي أتمت البيع. بل أن عملية البيع لم تتم بسرعة وسهولة وتطلبت إجراءات الحصول على قيمة المبنى متابعة المشتري وتكوين لجان لمحاسبته، ولذلك حكاية طويلة لا مجال لسردها، لكن اتهام عبدالسلام مبارز ببيع المبنى اتهام باطل، ولجنة البيع لازالت موجودة ومطلعة على كل ذلك. كان ذلك مثالاً للمبالغة وللفبركة، ولمحاولة تبسيط أمور وقضايا مجتمع وألقاء اللوم على شخص واحد وكأنه المسؤول على كل فشل. وبما أن تهمة بيع البيت باطلة، فما بنى على ذلك يحمل الكثير من البطلان والتلفيق، والتهم التي تفتقد الأدله والبراهين. إضف إلى ذلك أن أستخدام المكتب الواقع اسفل العمارة جاء بناء على طلب من عدد من نشطاء الجالية في نهاية صيف 2004 منهم الأخت ذهبة المنتصر، والإخوة ناجي المنتصر، فؤاد الذيباني، الدكتور خالد العامري، مسعد المنتصر، وصالح عتيق الطاهري وكاتب هذه الأسطر لتنشيط الجمعية وفتح مكتب لها وتقدم الأخ عبدالسلام بتقديم المكتب بأيجار دولار واحد في العام. 

لم يتحدث كتاب المواضيع في هجومهم عن هذه الجمعية التي لم يتقدم لخدمتها أحد، عن هذه الجمعية التي لا يود أحد أن يدفع اشتراكاتها، وعن هذه الجمعية التي ابتعد الناس عنها، ورفضوا أن تكون لهم أي صلة بإداراتها بعد أحداث 11/9/2001. 

على صعيد الآخر لم تتورع الصحف والمواقع في التردد في نشر الهجوم الشخصي ضد عبدالسلام مبارز بدون تقصي الحقائق، وبدون التأكد من التهم التي تنال من الأشخاص، الأمر الذي يعرض هذه الصحف والمواقع للمساءلة القانونية. 

مسؤوليتنا كأشخاص أن نضبط أنفسنا، ونمنع أنفسنا من اتهام الناس بالظن، واعتماداً على ما نسمعه من الآخرين، اما كمواقع إعلامية وصحف فمسؤولية تقصي الحقائق والبحث عن الأدلة والبراهين هي أكبر، ومطلوبة في زمن كثر فيه المبدعين، والكتاب، وأصبحت فيه المادة المقدمة المطبوعة مغرية لإضافتها لإثراء الموقع أو ملء فراغ في إحدى الصفحات. 

إذا أصبح استهداف شخص لا يتطلب إلا إرسال أيميل إلى الصحف والمواقع يحتوي الخبر، وفجأة يصبح الخبر في كل موقع، والأدهي من ذلك أن تقوم الصحيفة والموقع بوصفه بخبر "خاص" وكأنه جاء نتيجة تحقيق صحفي أو خبر خاص من استخراج وعمل الصحفيين في الموقع مع العلم بأنه خبر موزع، قد يكون فاقداً للصحة والمصداقية. هذا الأمر يستدعي من المواقع والصحف الإلتزام بمباديء الصحافة والاعلام ونشر المادة التي تساهم في رفع مستوى الحوار وتضمن الدور الأيجابي لمواقع النشر والأعلام التي أصبحت تصل إلى الكثير عبر الانترنت. 


في الإثنين 08 فبراير-شباط 2010 02:49:11 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mirror1.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mirror1.marebpress.net/articles.php?id=6478