لاقط البوري
عبد الرزاق الجمل
عبد الرزاق الجمل

جاءني غاضبا متجهم الوجه :

ـ تعبت يا أخي وأنا أبحث عن عمل محترم .. لم أعد أحتمل كل هذه الإهانات التي أتلقاها من الأسرة .. أصبح الاعتماد عليها أسوأ شيء في الوجود، أسوأ من وجودي ذاته .. أنا شخص فاشل وليس لوجودي في الحياة أي معنى .. إن لم يخلصني الجنون من هذا الهم، سأتخلص مني بالانتحار..

ـ على رسلك يا أخي .. أولا، لا أحد يبحث عن عمل محترم هذه الأيام، ولست أفضل من غيرك بكل تأكيد، وستتعب أكثر إن واصلت البحث بهذه الطريقة .. ثانيا، الضرورات تبيح المحظورات، وضرورتك غير وعادية، وتسوغ لك أن تلتحق بأي عمل حتى لو كان سخيفا، كأن تلقط البوري للأستاذ أحمد الشرعبي على سبيل المثال..

ـ المعذرة .. ولكن ما العيب في ذلك ..؟!!

ـ لا عيب .. رغم أنك ستتعامل مع حديد ونار، والأسوأ من ذلك مع أحمد الشرعبي نفسه..

ـ لا مشكلة.. فأن تتحمل الإهانات وأنت تعمل خير من أن تتحملها وأنت عاطل .. ثم إن مثل هذا العمل سهل جدا، ولا يتطلب الكثير من الجهد .. كم "بوريا" سيشرب الإنسان العادي في المقيل الواحد..وكم سيضم المقيل أشخاصا..؟..

ـ يعجبني فيك هذا الإخلاص للغة العربية، فتنبهك لنصب "بوري" وأنت في مثل هذا الظرف، يعني أن لديك قدرة كبيرة على العمل تحت الضغط، وهو ما يتطلبه عملا كهذا..

ـ أي ضغط يا أخي ..؟!! .. هل يتطلب الأمر أكثر من "موقد" و "كيلو فحم" وقليل من النفخ و"الهفهفة" ..؟..

ـ يا أخي لا تعقد الأمور .. كل ما في الأمر أنني استرسلت معك في الحديث عن البوري، وإلا فقد أوردته للتمثيل لا أكثر..

ـ لكن الفكرة راقت لي كثيرا .. ولدي رغبة عارمة في خوض تجربة كهذه .. أين "لوكندة" هذا المدعو أحمد الشرعبي وسأذهب إليه حالا..

ـ أوووه .. أكنت تظن أن الأستاذ أحمد الشرعبي صاحب لوكندة ..؟! .. لا يا حبيبي .. هذا صاحب الحركة الديمقراطية للتغيير والبناء ..

ـ فندق يعني ..؟..

ـ يا أخي حرام عليك .. لا لوكندة ولا فندق .. الحركة الديمقراطية للتغيير والبناء هي عبارة عن حزب كبقية الأحزاب .. له أهدافه ومشاريعه وبرامجه الخاصة..

ـ حسنا .. هل يمكنني الالتحاق بهذه الحركة ..؟..

ـ كعضو أم كلاقط بوري ..؟..

ـ أريد أن أجمع بين الصفتين .. "عضو لاقط" .. لا تنسى أنني أبحث عن مكسب شخصي إلى جانب العمل الحزبي .. ما هي الإجراءات المطلوبة للحصول على هاتين الصفتين ..؟..

ـ إجراءات سهلة جدا .. ستذهب إلى بيت الأستاذ أحمد الشرعبي لتعرض عليه الأمر، وسيعطيك استمارة لتملئها ببياناتك الشخصية، وبوريا لتملئه بالفحم .. قم بالأمرين، وبذلك ستصبح "عضوا لاقطا" .. هذا كل ما في الأمر..

ـ وبعد أن أصبح "عضوا لاقطا" ما الذي سيحدث ..؟..

ـ لا شيء .. سيشرب الأستاذ أحمد "مداعته" وسُتوضع استمارتك في درج.. وستشرب أنت من ماء البحر..

ـ وبعد ذلك ..؟..

ـ سيبقى الأستاذ أحمد يشرب وستبقى استمارتك في الدرج ..

ـ سؤالي واضح .. هل سيحدث شيء غير شرب المداعة وتعبئة الاستمارات ..؟..

ـ جوابي واضح : لن يحدث شيء..

ـ يبدو أنك تبالغ .. لا أعتقد أن الحركة عبارة عن "استمارة وبوري" أو أن العمل التغيري عبارة عن تعبئة استمارات وشرب "مداعة"..

ـ كنت هكذا مثلك .. لا أعتقد أن وأن وأن .. ثم أصبحت أعتقد أن وأن وأن..

ـ طيب .. هل لقطت بوريا ..؟..

ـ لالا .. أنا كنت رئيس الدائرة الإعلامية في الحركة.. والإعلامي الفذ صاحب القلم الرشيق كما كان يصفني أحدهم..

ـ وما الذي أخرجك منها إذن ..؟..

ـ الدخااااااااان يا أخي


في الأحد 28 فبراير-شباط 2010 07:29:02 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mirror1.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mirror1.marebpress.net/articles.php?id=6595