الزواج العرفي يغزو الجامعات

الزواج العرفي شكل من أشكال العلاقات التي باتت تنتشر ويكثر الحديث عنها بين الشباب في الأردن خصوصاً بين طلاب الجامعات وطالباتها, فقد صرنا نرى ونشاهد ونسمع حالات عديدة أبطالها فتيات اردنيات من مختلف الأعمار بدأن يلهثن وراء تلك الظاهرة على أمل منهن أن تتحول أوراق هذا الزواج إلى وثائق رسمية مسجلة تدخلهم إلى عالم الزواج وتكوين الأسرة.

والزواج العرفي ليس بجديد على المجتمع الأردني غير ان انتشاره بين فئة الشباب في السنوات الأخيرة هو الذي جعل منه ظاهرة تحتاج الى علاج وتدخل من أصحاب الاختصاص, فهو لا يقتصر على الأردن فحسب بل انه برز في عدة مجتمعات عربية أخرى كمصر وسوريا والأراضي الفلسطينية وغيرها.

ورغم وجود إحصائيات رسمية ترصد حجم ظاهرة الزواج العرفي في الأردن الا أن احد المختصين بالقضايا الشرعية يقول انه مقابل كل ألف زواج نظامي يجرى في المحاكم الشرعية يتم تثبيت مئة عقد زواج جرى إبرامه بعقد عرفي, مما يعني ان عُشر حالات الزواج في الأردن تتم اولا بعقد عرفي لكن هذه النسبة من حالات الزواج العرفي التي يتم تثبيتها قانونيا هي حالات سوية أما الحالات الأخرى فهي على الأغلب غير سوية.

وفي بحث نشر لأحد القضاة الشرعيين الأردنيين اشار فيه إلى الأسباب التي أدت إلى انتشار مثل هذه الظاهرة, واول هذه الاسباب كما يقول هي القيود التي فرضتها الأحوال الشخصية على الأزواج والتي تمثلت بحق الزوجة في طلب الطلاق عندما يتزوج عليها زوجها إضافة إلى حق الزوجة الثانية بطلب الطلاق اذا كانت لا تعلم بأن زوجها متزوج من قبل.

ويشير القاضي نفسه الى أن القانون أوجب على الزوج إخطار زوجته بالزواج الثاني, كما أعطى للمطلقة الحاضنة ان تستقل بمسكن الزوجية هي وطفلها في ظل الظروف الاقتصادية القاهرة التي تقع على عاتق الزوج, وهكذا نرى ان القانون عمل على تقييد الزواج ووقف عقبة أمام إتمام حالات كثيرة منه.

اما السبب الثاني لانتشار الزواج العرفي كما يقول القاضي فهو ضعف الوازع الديني, وغلاء المهور والمبالغة في تكاليف الزواج اضافة الى قلة الاجور وانتشار البطالة وغلاء المعيشة وعدم توفر المسكن الملائم.

ويتابع القاضي قائلا: كل هذه العوامل تعتبر من اهم العقبات التي تعترض سبيل الزواج, اذا ما رغب احد الزوجين في إخفاء الزواج بسبب التفاوت في المستوى الاجتماعي بينه وبين المرأة التي يريد الاقتران بها, ناهيك عن رغبة احد الازواج في الزواج من غير زوجته الاولى واخفاء هذا الزواج للحفاظ عليها وعلى اولاده والمحافظة على مشاعر الابناء وتمكينه من رعايتهم.

وظاهرة الزواج العرفي بين طلاب الجامعات تتمثل في كون الزواج العرفي لا يرتب على الزوج أي نوع من الالتزامات التي تترتب عليه في الزواج الرسمي, كما انه يستطيع ان يترك الفتاة في أي وقت يشاء على حسب الظرف الذي يعيشه.

نهى سعيد موظفة في القطاع الخاص متزوجة منذ مدة زواجا عرفيا قالت : كنت اعيش مع والدي, ولم افكر ابدا بالزواج وانا في سن الثلاثين,حيث كنت في مرات عديدة ارفض كل من يتقدم لخطبتي كوني احببت شخصا يعمل معي في نفس الشركة, وتوطدت العلاقة بيننا, وتقدم لخطبتي من والدي اللذين وافقا على صيغة الزواج العرفي بسبب زواجه من امرأة اخرى, وتم الزواج الذي لم لا اعرف ما نهايته خاصة بعد ان فارقا والدي الحياة.

أما بشرى عمر (26 ) عاما فقالت : تعرفت عليه قبل اربع سنوات, فانا من محافظة الشمال واعمل في عمان منذ عشر سنوات, كنت ابحث عن رجل يقدس الحياة الزوجية في ظل اوضاع الرجال الذين يركضون وراء المرأة لغايات الشهوة والتسلية, واحببت ذلك الرجل وتزوجته عرفيا, وفي احد المرات حدث خلاف بسيط بيننا فقام بطردي من شقته في منتصف الليل وانهى علاقته بي, بل الادهي من ذلك انه اخفى الورقة التي تشير الى زواجنا العرفي والتي كنت احتفظ بنسخة منها معي, وحاليا اشعر بقلق دائم بعد ان فقدت مالي وسمعتي وشرفي.

اما رنا باسم (22 ) عاما فهي طالبة في احدى الجامعات الاردنية وتقيم في سكن الطالبات فتقول : تعرفت على زميل لي في الجامعة, وتزوجنا زواجا عرفيا, واقمت معه في منزله لاربع سنوات, وعندما عرضت عليه تسجيل زواجنا رسميا رفض بشدة وتركني وحيدة تائهة لا أعرف ماذا افعل.

سمية قاسم طالبة في احدى الطالبات الجامعات الاردنية تزوجت قبل سنوات من زميل لها زواجا عرفيا وعاشت معه اربع سنوات الى ان تقدم لها ابن عمها من امريكا وطلب يدها للزواج دون علم منه بزواجها العرفي, فطالبت زوجها بتسجيل زواجهما رسميا الا أنه رفض رفضا قطعيا, الامر الذي جعلها توافق على الزواج من ابن عمها بعد قيامها باجراء عملية خاصة اعادت لها عذريتها.

اما نادرة صالح التي سبق لها الزواج وتم طلاقها بسبب تدخل اهلها في حياتها الزوجية, فقد تعرفت مجددا على احد الشباب واتفقت معه على الزواج الشرعي ولكن بسبب وجود اهلها في احد دول الخليج العربي فقد حالت قوانين الاحوال الشخصية دون اتمام عقد الزواج دون موافقة ولي الامر, ولكونها دون سن الثلاثين فقد لجأت الى الزواج العرفي لحين بلوغها السن الذي تسمح به القوانين.

شاهد عيان

احد الطلاب في الجامعات الاردنية قال : " كنت شاهدا على كثير من الزيجات العرفية لزملائي وزميلاتي, وبالنسبة لي فأنا ارى ان هذا الزواج صحيح ومشروع لان اجدادنا لم يتزوجوا في محاكم شرعية ولم يكن هناك أي مأذون في زمنهم.

اما منى عارف فقالت أن الزواج العرفي في الجامعات تتعدد اشكاله, فهناك زواج الكاسيت وزواج الوشم والطوابع, اما زواج الكاسيت فهو لا يحتاج الى ورقة او شهود, وانما يكتفي الطرفين بوجود كاسيت وشريط ويسجل عليهما كل منهما الكلمات التي يرددها المأذون الشرعي ويحتفظ كل منهما بنسخة منه, أما زواج الوشم فهو عبارة عن كتابة وثيقة الزواج بالوشم على الجلد, وزواج الطوابع اسهل الانواع حيث يقوم كل طرف بلصق طابع بريد على جبين الاخر فيصبحا زوجين.

زواج شرعي

هذه نماذج قليلة من مئات الحالات الموجودة في المجتمع الاردني والتي اخترنا عينات قليلة منها للوقوف على حجم المشكلة أما عن رأي الشرع والقانون بذلك فإن الشرع يرى أن الزواج العرفي هو زواج شرعي الا انه غير قانوني ويعتبر مخالفا للقانون اذا اقامت المرأة دعوى لاثبات هذا الزواج في المحكمة الشرعية من حيث استيفاء جميع الشروط وتبين صحته وما يترتب على ذلك من اثار كالنفقة ونسب الاولاد اذا وجدوا وغير ذلك , حيث أن الايجاب والقبول هو ركن الزواج بشرط ان يكون كل منهما قد بلغ 18 عاما, ويكون العقد قد ابرم بحضور الشهود, وفي حالة نكران الزوج وعدم وجود الوثيقة المشار اليها يمكن اثبات ذلك عن طريق الشهود وحلف اليمين بالنسبة للزوج.

ويبين الشرع ان هناك عقوبة تصل الى السجن لمدة شهرين ودفع غرامة مالية لكل منهما وكذلك الشاهدين لعدم تسجيله رسميا, واشار الشرع ان الفتاة البكر يشترط موافقة ولي امرها واذا انكرت وجود ولي الامر وزوجت نفسها وطالب بعد ذلك ولي الامر بفسخ هذا الزواج فلا يحق له اذا كان الزوج كفؤا.

واوضح الشرع ان هناك فارقا بين الزواج الشرعي وزواج المتعة حيث ان زواج المتعة يعتبر زواجا مؤقتا قد يلجأ اليه الكثيرين لتحقيق غرض معين وهو في الاردن ممنوع بحكم القانون. 


في الخميس 09 نوفمبر-تشرين الثاني 2006 11:41:02 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mirror1.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mirror1.marebpress.net/articles.php?id=710