رجل في السلطة وأخرى في المعارضة !!
علي محمد الخميسي
علي محمد الخميسي

أن تكون محسوب على السلطة في توجهك وطريقه تفكيرك وسلوكك الحزبي والتنظيمي فهذا شئ طبيعي في ظل التعددية الحزبية التي نعيشها وفي المقابل أن تكون معارضا لهذه السلطة بطريقه ديمقراطيه متعارف عليها فهذا أيضا شئ طبيعي خاصة إذا كانت معارضتك بناءه , ولكن الشئ الغير طبيعي أن تضع إحدى رجليك في السلطة والأخرى في المعارضة لأسباب مجهولة لا يعرف حقيقتها غالبا إلا صاحب هذا السلوك الحزبي العجيب والمريب في آن واحد !

الازدواجية السياسية أو الحزبية تمثل في اعتقادي حالة من حالات انفصام الشخصية قد تكون ناتجة عن مرض سلوكي قاعدته الأساسية المصلحة وتحقيق أعلى قدر من المنفعة الشخصية من كلا الطرفين السلطة والمعارضة عبر التنقل الخفي بين الطرفين أو" اللعب " كما يقال في مثل هكذا حالات على الحبلين .....وهذه العينة من الناس في بلادنا للأسف الشديد موجودة في السلطة و في المعارضة معا وإن كان بنسب متفاوتة , ووجودهم غالبا خفي ولكن آثارهم يمكن أن تكتشف ويبرزون بشكل ملفت كلما ساءت العلاقة واشتد الخلاف بين السلطة والمعارضة , وسلوكهم المزدوج مصوب دائما نحو الطرف الذي يحقق لهم أعلى قدر من الفائدة متعددة الأوجه وفقا لما تقتضيه مصالحهم الشخصية , وهؤلاء في اعتقادي الأخطر على الحياة السياسية والحزبية في البلد ولا نبالغ إذا قلنا إنهم أي هذه الفئة من الناس أو الساسة "احد أهم العوائق" التي عملت و قد تعمل على توتير العلاقة بين السلطة ممثله بالمؤتمر الشعبي العام والمعارضة ممثله بأحزاب اللقاء المشترك وبالتالي لابد على هذه الأحزاب القيام بغربلة حقيقية داخل صفوفها ولكن بعيدا عن سوء الظن أو الشك الذي لا يستند إلى أدله دامغة وشواهد ملموسة , فهذه الغربلة يمكن أن تثمر وتؤدي إلى نتائج ايجابية للأحزاب وللحياة السياسية ككل بل وتمكن أي حزب في الساحة من معرفه منتسبية الحقيقيين الذين يؤمنون بأهدافه وأدبياته وبرنامجه السياسي وبذلك نخفف من هذه الازدواجية الحزبية التي تعاني منها الكثير من الأحزاب خاصة الرئيسية منها فالواقع السياسي والحزبي يشهد أحيانا سواء داخل الحزب الحاكم أو داخل أحزاب المعارضة تناقضات عديدة واختلافات عميقة إلى الحد الذي لا تستطيع فيه بعض الأحزاب تفسير سلوك بعض المنتسبين إليها ...

صحيح هناك عمليه اختراق متبادلة بين هذه الأحزاب لإغراض سياسيه متعددة ولكن الغير مشاهد هو هذا الذي نتحدث عنه أي أولئك الانتهازيين الذين يشتغلون نهارا في السلطة وليلا مع المعارضة والعكس صحيح وهؤلاء النفعيين هدفهم فقط المصلحة الشخصية المادية أو الغير ماديه كتحقيق بعض الأهداف الخفية أو الأغراض المريبة التي قد تكون موجهه من طرفا ما لا يريد رؤية أي اتفاق أو بوادر حقيقية لتوافق سياسي بين الأحزاب السياسية في البلد...

المسألة جد هامه وتحتاج إلى تشخيص سياسي وحزبي عميق لكي تتعافى بعض هذه الأحزاب من بعض الأمراض السلوكية أو الفكرية داخلها ولكي نخفف من حالات الاحتقان السياسي التي تعاني منها الحياة السياسية والحزبية بين الفينة والأخرى في بلادنا ....

اختلاف الرؤى داخل الحزب الواحد حاله صحية إذا كانت غاية الجميع واحده وهي المصلحة الوطنية بالدرجة الأولى والأساسية ومصلحه الحزب أيا كان هذا الحزب بالدرجة الأخرى على أن لا ينشئ تعارض بين المصلحتين لأنه إذا حدث هذا التعارض المتضرر في الأول والأخير هو الوطن والشعب والتجربة الديمقراطية ألناشئه التي ينبغي على الجميع إنجاحها .

تضارب الآراء واختلاف الأهداف والمواقف داخل الحزب الواحد لا يعني سوى أن هناك بين هذا التعدد من يعمل على شق الصف أو تشتيت الآراء التوافقية وبالتالي تتعدد الأهداف والغايات إن لم تتحول إلى حاله من الصراع الحزبي الهدام, وهذه الآراء المتضاربة قد " تلعب "على الطرفين بهدف خلق حاله من الخصام السياسي بين أطراف الحياة السياسية الفاعلة لتنتقل بعد ذلك إلى حالة خطيرة من الصراع السياسي والحزبي الهدام نتيجة انعدام الثقة وتصاعد حالة العداء واتساع فجوة الاختلاف والتباين كما هو حاصل اليوم للأسف الشديد بين الحزب الحاكم وأحزاب اللقاء المشترك وكما حدث أيضا بينهما قبيل قرار تأجيل الانتخابات النيابية عام 2009م.

هناك داخل هذه الأحزاب من يعمل على تقريب وجهات النظر بدوافع وطنيه بحتة وهؤلاء معروفون وبعيدون عن أي شبهة ولكن الذين نتحدث عنهم هنا يعملون عكس ذلك تماما وهو ما يجب أن تنتبه إلية جميع الأحزاب من الطرفين .

خلاصة القول :

نتمنى على أحزابنا السياسية في الوطن سلطه ومعارضه أن تكون صادقة في مد يدها للحوار الوطني الجاد والمسئول و أن تعيد النظر بشكل عام في مواقفها المتصلبة السابقة في بعض المسائل الخلافية وان يقدم الطرفان التنازلات تلو التنازلات من اجل اليمن واستقرار اليمن ورخاء اليمن ووحدة اليمن , وان يتبنى الجميع قولا وعملا الديمقراطية العصرية والنظام السياسي التعددي البناء و العمل الوطني المشترك على قاعدة مصالح وثوابت الوطن والشعب وهي القاعدة الأساسية التي يبنى فقط عليها بل و الأرضية الصلبة للتوافق الحقيقي والخروج برؤى مشتركة للحل بعيدا عن التعصب الحزبي الممقوت أو النظرة الاقصائية لأي طرف كان أو الاستمرار في المماحكات العبثية و العمل السياسي وفق المصالح الحزبية الضيقة , فالوطن كحقيقة ودستور يتسع للجميع والتعددية في اعتقادي إن لم نجعلها "نعمه " بأيدينا ستتحول إلى "نقمه "سواء كان ذلك بأيدينا أو بأيدي الآخرين الذين يتربصون بالوطن وأحزابه وكل أبناءة للنيل من هذه التجربة الديمقراطية ألناشئه بل والنيل -وهنا الأهم - من دعائم وحدتنا الوطنية التي لا يستطيع أي مجتمع العيش أو الاستقرار بدونها لذلك لنكن كأحزاب سياسيه احرص الناس على التعددية التي للأسف الشديد بدأ الكثير من الشعب " يكرهها " بفعل هذه الممارسات الحزبية الغير مسئوله , لذلك ينبغي على جميع الأحزاب في الساحة السياسية أن تعيد حساباتها السابقة الخاطئة وتضعها على طاوله النقد الذاتي والمراجعة الذاتية فمازال في الوقت متسع لننتصر على أهوائنا ومصالحنا الضيقة عبر حوار وطني حقيقي يستند إلى عوامل المنطق و العقل و الحكمة بعيدا عن الغلو وشطحات السياسة و العمل السياسي الغير مسئول بل وبعيدا عن الهفوات أو الحماقات السياسية التي لا تفيد أي طرف .

ali.alkhamesy@gmail.com


في السبت 05 يونيو-حزيران 2010 06:11:24 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mirror1.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mirror1.marebpress.net/articles.php?id=7266