حميد الأحمر .. وقرار التحدي.
كاتب/رداد السلامي
كاتب/رداد السلامي

حين تقرر شخصية ذات ثقل اجتماعي وسياسي واقتصادي كحميد الأحمر ، أن تعمل لصالح أن يكون رئيس البلاد جنوبيا فهذا هو الإعجاز الآخر ، إلى جانب نضالا ته ، في إطار حزبه والمشترك في سبيل إنجاز وطن لكل أبناءه.

فأسرة "آل الأحمر " مشهورة بأنها تمثل البناء التحتي الذي يرتكز عليه وجود الرؤساء ، وهي من تقرر ما إذا كان هذا أو ذاك يستحق أن يكون رئيسا ، وإن كانت اليوم كما يبدو لم تعد بتلك الصورة التي كانتها من قبل ، إبان الصراعات السياسية التي مرت بها اليمن أواخر القرن الماضي ، إلا أنها مازالت كما يبدو قادرة على فعل ذلك ، من حيث كونها أضحت قوة اقتصادية مسيسة ، ومؤثرة منذ زمن في صنع القرار السياسي في البلاد ، وقادرة على فرض إرادتها ومزاحمة الكبار في لعبة السياسة على غرار نموذج متقدم إقليميا.

غير أن القناعات لتي توافرت لدى حميد الأحمر تتميز كما يرى البعض بكونها ناتجة عن عقلية متقدمة أجادت قراءة الواقع الوطني وفق معطيات موضوعية ، فهي بالتأكيد قادرة على أن تساهم بفاعلية في تنصيب رئيس جديد عبر أطر وآليات ديمقراطية ، فانتخابات2006م الرئاسية أبانت إلى أي مدى أن حميد الأحمر يتحلى بالقدرة والإرادة الجادة في مساندة فعل التغيير ومراكمة دواعيه ، في مقال كتبته في موقع" مأرب برس "تحت عنوان تقول إحدى المعقبات على بعد أن وصفت حميد بالرائع : هو مواطن يمني معارض مثله مثل كل المعارضين ولا نريد أن نخاف منه أو أن نغبطه حقه فهو لم يصل للسلطة حتى نتهمه بحب مصلحته وتأثيرها على مصلحة الوطن ،هذا أولاً ولا ينبغي خلط الأوراق وتضيف :نحن لم نعرف منذ ثلاثين عاما غير هذا المواطن المدعو علي عبد الله صالح الذي أذاقنا الويلات ونريد التغيير ولو جاءنا إبليس فأهلاً وسهلاً به

وتؤكد أن حميد رفد تجربة المشترك بشكل كبير ولولاه لما وصل المناضل الكبير رحمة الله عليه فيصل ابن شملان بالطائرة من أقصى جنوب المكلا لأقصى شمال صنعاء في فترته الانتخابية بدون تيسير من حميد وتضيف :"كما لا ينبغي ينبغي أن نعتبر حميد شخصية مثل شخصية حسين أو شخصية الشيخ المرحوم عبدالله بن حسين الأحمر أو شخصية علي محسن الأحمر أو شخصية علي صالح الأحمر أو شخصية محمد صالح الأحمر أو أبناءهما حيث أن تجربة حميد في الانتخابات 2006م ووقوفه مع الرائع الراحل شملان جعلت مننا نصفق له ونرفعه مكاناً عليا فوق هامات السحب لان المشترك كان منافس جدي بشكل كبير لولا تزوير الحاكم واستخدامه للمال العام والإعلام الحكومي والجيش ضد المعارضة ،وبعد انتخابات 2006م مل الناس من النتيجة المكررة فخرجوا لتشكيل حراك جنوبي ثم حراك المناطق الوسطى الكبيرة ثم حراك أبناء مأرب والجوف وملتقياتهم .كل هذا حدث بعد أن كسر المشترك جدار الخوف بسبب تضامن القبيلة بقيادة" حميد" وتقليبها لموازين الشمال القبلي المتطرف وانحناءها للمعارضة .

وبالفعل فقد كانت انتخابات 2006 بمثابة الكابوس الذي أرق جفن النظام وأقلق مضجعة ، إذ أنه غدا عشية أول مهرجان انتخابي لمرشح المشترك للرئاسة فاقدا للسيطرة ومربكا الأمر الذي أخرجه عن طوره وحصافته السياسية ليقول أن خلفاءه القدامى كانوا مجرد كروتا سياسية ، فالديناميت الحاصل أيضا في عمق النظام وتركيبته الأسرية مضافا إليها الأزمات التي أنتجها بفعل أداءه لسياسي المختل عقب حرب صيف 94م ، أضحت تؤشر نحو تغيير قادم لا بد منه وبرغبة جماهيرية كبيرة .

 

لم يعد الكرسي خطا أحمرا ، مادام أن أحمرا يقول أنه يسعى لأن يكون رئيس البلاد القادم جنوبيا ،ويقود حوار جاد في هذا المضمار مع كل القوى السياسية والاجتماعية ، ولم يعد الراقص على رؤوس الثعابين ذكيا بما فيه الكفاية كي يستمر في أداء رواته الموضوعي يفرز كابحاتها بفعل دواته إلا ان الواقع الموضوعي يفرز كابحاتها بفعل ذاتي لسياسات أقل ما توصف بأنها خرقاء ولا تصب في صالح الوطن وتقدمه بقدر ما تصب في صالح صالح وشلته ، وهي أدوات غدت مكشوفة بالنسبة للقوى المناضلة ويمكن مجابهتها بالنضال السلمي وتفكيكها عبر ديالكتيك خلاق ، وإلجامها بوسائل تحدي أكثر فاعلية لا تعيد منطق المواجهة بمفهوم 7/7 التي يحاول النظام إعادتها كحاسم لخيار بقاءه واستمراره .

وبحسب معقب آخر -علي الشيباني – يقول أن حميد يمتلك ثقافة عاليه قادرة على تحصينه من اي تلوث سياسي أو اخلاقى . ورجل يمتلك هذا القدر من الوعي لابد له إلا أن يكون وطنيا.وان رأس المال يقوي ويدفع بالموقف الوطني الأكثر عقلانية".

ليس ذلك فحسب ثمة أمور يمكن استنتاجها مما يحدث، لجوء النظام السياسي إلى القوة يعزز من قوة المعارضة وموقفها ،ويجدد لديها الثقة والإبداع في تحديه ، وابتكار وسائل ترحيله ، الأمر الذي يجعله يتطرف في تكثيف الجوانب الثانوية على حساب ما يفترض أنه الاصوب ، وهنا تتآكل قدرته على البقاء ، وينتج هوة بينه وبين أساس الشرعية –الشعب- الأمر الذي يعزز من نقاط القوة لدى المعارضة ، فيما ترتكز القوة لديه في الجانب الأمني والعسكري التي ستؤول للانهيار أمام أول وثبة جماهيرية قوية في مسار التغيير .

سيفقد النظام شرعيته وصلاحيته لصالح مزيد من التلاحم الاجتماعي والسياسي .

لكن هل سيتحرك حميد حقا ضد أي محاولة من الرئيس لإطالة أمد بقاءه ؟ هذا هو المحك النضالي الأخر الذي وضع حميد ذاته أمامه حين قال ذلك ، ووحده حميد من يستطيع ان يؤكد ذلك ، فالوضع يقتضي ذلك المسعى ، والواقع الموضوعي يؤيده ، وهو مسعى ليس فرديا بل اجتماعيا ، وطنيا شاملا ، فالبلاد تحتاج إلى آليه نضالية تبنى على إستراتيجية نضالية فعالة ، تعيد ترتيب الأمور على نحو يؤسس لبنى دولة جديدة ، وهيكلية جديدة للنظام السياسي ، قائمة على مقاربة مرتكزة على تضافر كل الجهود الوطنية المخلصة ، بمختلف توجهاتها ، وآلية متقدمة تعكس خيار الشعب الحقيقي.

قد يبدو لدى البعض أن حميد صانع قرار تقليدي ، لكنه مثقف ومنفتح على احتمالات متقدمة ، تجتاز النطاقات الضيقة نحو آفاق وطنية رحبة ، ومقاصد عليا سياسية واجتماعية ، تسعى إلى إحداث نقلة نوعية في التغيير ، وتحرير السلوك السياسي من النطاق الضيق أيضا ، يقتضي وجود أبعاد إستراتجية شاملة ترتكز على قراءة موضوعية للديناميت الحاصل داخل البلاد ، والتقدير الواعي للتحديات ، هنا يتجلى سلوك سياسي متقدم ، وواضح أن الرجل لا يتحرك بمزاج فردي وإن كانت شخصيته مهمة في هذا الجانب ، ولكن يتحرك وفق إطار سياسي وحواري واضح ، وضع في أجندته السياسية إستراتيجية واضحة في هذا الشأن جاءت كنتيجة حوارات ومشاورات واسعة .

إن ما تمر به البلاد من أزمات متعددة يجب أن يكون سعيا محمودا لكي توحد القوى السياسية والاجتماعية صفوفها في مسعى نضالي سلمي يعمل على إيجاد تغيير حقيقي وينجز وطن لكل أبناءه.

  
في الجمعة 18 يونيو-حزيران 2010 08:26:29 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mirror1.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mirror1.marebpress.net/articles.php?id=7368