العرب والمسلمون .. نوم أم موت ؟!
دكتور/حسين حاصل
دكتور/حسين حاصل

مأرب برس - خاص

استيقظت من نومي فزعًا، قالت لي الأنظمة بلسان العربية: نم أيها المختل عقلياً!!، لماذا تستيقظ ؟! ماذا يهمك في الشأن العربي، مت أنا وماتوا هم منذ زمن بعيد، عرب يقتلون وآخرون يُذبحون وآخرون يُهددون حتى الرضوخ وآخرون يعذبون في سجون عليها البصمة الأمريكية أو العربية المتمركة الطريقة..هؤلاء هم العرب أصبحوا جبينُ اسود على وجه التاريخ، إذا قرروا أن يجتمعوا لأمرا ما جمعوا الأنداد وصرخوا فهاجوا وماجوا وفي الأخير خرجوا بخطاب شجب واستنكار ولا باس من بعض التنديد، لا يوجد هناك حتى وعيد لقد أصبحنا نخاف من مجرد إطلاق نوعا من الوعيد المعبر عن التهديد إذا لم يـُستجب لأبسط مطالبنا، فلسطين أنداست وبيعت أراضيها وكان من ضمن الأقدام عربية، والعراق أجبرت على الانتحار وأهدى السم الزعامات العربية، ولبنان هوجمت وصفق لذلك الكثير من العرب، وسوريا تنتظر الحكم الأبدي المحدد لمستقبلها السياسي والاقتصادي وعندما يحين - إذا حان - دورها لتدخل ضمن قائمة الخط الأحمر المتوهج سيأتي دور العرب في تنكيس الرؤوس ووضع البصمات الموافقة، وهاهو واضحا منذ الآن لم تمر أزمة بلبنان إلا ورسمت الشباك حول سوريا بأنها المخطط والمنفذ مع سبق الإصرار والترصد، قتل الشهيد / رفيق الحريري وكانت سوريا هي المتهم وقالت المحكمة الدولية أنهم تعاونوا فقيل لهم مشكوك في نزاهتكم اتهموها مباشرة وسنحلف بالأيمان أنكم ستدخلون الجنة دون حساب، ما الذي يجري؟!

أيكفي دولة عربية أن يهدد أمنها وسلامتها لمجرد أنها رفعت العصا الغليظة من على كتفها وقالت لأمريكا لن نضل عبيدا، انرسمت بعدها الخطط وظهرت معها القضايا، فشلت كذبة تهريب السلاح النووي الى الأراضي السورية لان الحيوانات ضحكت كثيرا بهذا النبأ فاستشعر الأمريكان المصيبة، ومات الادعاء الأول بأنها تمول الإرهاب في العراق، وتبقت الآن شبكة الاغتيالات في بيروت لتصبح هي القضية السائدة، ما أن تهدأ الخطابات حتى يُغتال احدهم فتتوهج القضية من جديد وتدخل سوريا الدائرة الحمراء من جديد أيضا، قد يكون هذا كوسيلة للترهيب وربما هناك يد تحت الطاولة تمتد للترغيب من قبل الأمريكان أن أعطوني خيركم أكفكم شري..

العراق كل يوم تفتح فيه قناة فضائية عربية أو أجنبية تفاجأ بأول خبر تفطر علية أو تنام على هدوئه وجماله، قتل كذا عراقيا اثنان منهم بلا رؤوس وبعض الأوقات رؤوس بلا أجساد !!، للتخيل بأنك كنت خارجا للتو من اشهر أفلام رعب هوليود، انتحرت العراق بالسم الأمريكي بكل ما تحمله معاني الانتحار فماذا يعني (600.000قتيل) واثنان مليون نازح خلال ثلاث سنوات فقط وهذا حسب الإحصائيات الدولية والرسمية وما خفي كان أعظم، إضافة إلى انهيار بشع للاقتصاد الوطني وسفك أبشع للبنية التحتية ..

متى يصحو العرب؟! عندما يجدون عرافا جديا فتح هنا أو هناك أو دمارا خطيرا في دولة أخرى بعد الانتهاء من الأولى..

رجعت الى النوم وعيناي محمرتان بشدة أغط في نوم عميق هانئ حالي كحال الكثير من العرب هادئ البال مرتاح الضمير فالوسادة التي تحت رأسي لم تمتلئ بالقنابل بعد حتى أظهر خوفي وارتعابي وكل هذا لأني عربي.. عربي أنا اشجيني نعم يا "خوري" هذه هي معاني العربية في هذا الوقت تعال وأطربنا فنحن بحاجة إلى التخدير العربي الإعلامي الناجح بامتياز..

استيقظ مرة أخرى فزعا..الإسلام ، المسلمون، يقول ماذا تريد أنت الآخر؟!، أضعتموني أيها المسلمون، كل من يحمل ديانة مسلم أصبح مهددا بالتطرف، بالغلو، بالإرهاب - البصمة الجديدة لإسكات من تبقى من الأحرار-، أضف إلى هذا العنف، الكره، كل سيئ، أصبح المسلمون نقطة سوداء على ظهر عالم ابيض طاهر لا ينجسه وينكد هدوئه إلا هذا السواد، ليصبح كل هموم علماء المسلمين أن نوصل للغرب فكرة أننا لسنا كذلك، نستجدي منهم العطف والرحمة ليصدقوننا وليستوعبوا فهم ذلك لا لفرضه عليهم، وهم يطلبون منا كل يوم دليل جديد - الذي هو عبارة عن تنازلات كثيرة- لإثبات صدقنا أو مجرد البحث في تصديقه كقول جاري البحث، ستة من الأئمة المسلمين تُـنزلهم السلطات الأمريكية من على متن الطائرة وتقتادهم ببشاعة، كل هذا لأنهم صلوا صلاة العشاء على متن الطائرة !!، ولان مظهرهم يدل على أنهم ينتمون لتلك النقطة السوداء والتهمة الشنيعة، هكذا أصبح حال المسلم اليوم من أراد أن يعيش في سلام فليخف إسلامه وليمارسه بسرية شبه تامة ليضمن عدم المضايقات خصوصا في بعض دول الغرب..

فلسطين، القدس، المسجد الأقصى، إسلامية هذا ما نحن مجمعون عليه وهكذا نردد فماذا فعلنا غير بيع الأرض في اوسلو ومدريد وبروكسل وشرم الشيخ وووو ....، صرخة محمد الدرة ظهرت بقوة لتموت سريعاً، صرخة الطفلة التي قتل كل عائلتها لتصبح وحيدة وأمامها عمر طويل تمنت وهي بنت العشر سنوات أن تطوى هذه السنين بسرعة لينتهي عذابها لم يُسمع لها كثيراً، كل هذا ومجلس الشيوخ الأمريكي يصفق وبشدة منقطعة النظير لخطاب "يهود اولمرت"وهو يحكي ببكائية حزينة جدا قصة الإرهابيين الفلسطينيين –حسب وصفه- الذين يهاجمون إسرائيل بصاروخ صنع محلي -غير قادر على خرق جدار منزل- لتنزل معه دموع أعضاء مجلس الشيوخ ويقفون دقيقة صمت لضحايا الدماء الزرقاء..

مجزرة جديدة مؤخرا في بيت حانون لا مغيث ولا مجيب سوى صرخات النساء وهن يواجهن الصواريخ والرصاص بأجساد منهكة من كثر التهديد..

أشلاء ممزقة وبشدة لأطفال ونساء، اغتصاب فاضح مع التصوير!!، ألا يحق للإسلام أن يستغرب استيقاظنا من المنام فقط !، مجرد الاستيقاظ لنقضي يوماً هانئاً بعد ذلك، هاهي الشوارع العربية أمامكم، حاكموها، ناقشوها سيشعرون بالغضب وستلاحظه من خلال العبارات الغاضبة، ثم ماذا ؟؟ لا شيء لا مظاهرات حاشدة ولا اعتصام قوي لاشيء تمر كموجة يسمونها حزينة انتهت.. 

 قادة فلسطينيون يهتمون بملء كروشهم فقط، ووضع بعض الحسابات البنكية، والتقاذف بالتهم والشتائم على الفضائيات ليؤكدا واقع لا يشعرون به، يتهمون حماس فماذا فعلت فتح ؟؟!

بينما أمريكا تزود إسرائيل بالسلاح على نحو علني وفي أيام الحرب أيضا بشكل سافر والسلاح سلاح فتاك موجه بالليزر، فماذا قدمنا نحن العرب نحن المسلمين لإخواننا الفلسطينيين إذا كان المال والمساعدات الإنسانية البسيطة تنتظر من أمريكا وإسرائيل ضوءا اخضر لتمريرها بعد الفحص الدقيق خوفا من وجود حجر عربي وفي أحسن الأحوال سكين أو خنجر..

أليس حق إسرائيل أن تهيمن وان تفعل ما تشاء دون أن تلفت انتباها أو تشغل أذنيها بسماع ما يدور هناك على الأرض العربية أو الإسلامية، واراهن بأنهم استغنوا عن الجواسيس في الدول العربية لأنهم لم يعودا بحاجة إليهم فقد وضعوا الشريط اللاصق على الأفواه مقدما واختاروا هم العملاء بدقة، قد تكون هناك شوارع مغتاظة ولكن هناك حكاما رائقة لا يريدون أن يكدروا مشاعرهم برؤية الأشلاء والدماء العربية التي تسيل انهاراً أو مزاجهم بسماع شيء تافه، لا يريدون أن يخرجوا من حالة الخدر اللطيف الذي يشعرون به حالهم كحال الذي يتناول "الحشيش أو الخمرة" يزعجه جدا أن يأتي أحد ما لينغص عليه لحظات الطراوة التي يعيشها في عالم ناصع خاص..

لم يعد الشارع العربي يهمه الشارع الإسلامي ولا حتى الشارع العربي الآخر، ولم يعد الزعماء العرب واجهة لشارعهم كما هو المفترض، أصبح الشارع في واد والزعيم في واد آخر، ليخرس الشارع وليمت الشارع، يكفيهم أن هناك من يسمح لهم بالعيش في ظل الديمقراطية الأمريكية الجميلة!!، بأكل البرجر اللذيذ، بسماع شاكيرا وأغاني الساكس فون، ومشاهدة جنيفر لوبز ثم ليخرسون الى الأبد..

تقف أحيانا أمام مفارقات عجيبة فإيران رغم أنها إسلامية إلا أننا نظهر كل الخوف من برنامج طهران النووي!، يقولون فيه تهديد للمسلمين والعرب هذا في نفس الوقت الذي تملك إسرائيل فيه مائتين رأس نووي في نفس المنطقة ولكننا لا نخاف من الأخيرة فهي طفل مدلل لطيف بينما إيران وحش كاسر.

تكاد أذناي تنفجران وعقلي لم يعد يستحمل كل هذه التفاهات التي نرددها نحن العرب، نحن المسلمون، فخلدت إلى النوم مجدداً وتمنيته نوم ابدي حتى لا أصحو أو استيقظ فزعا مرة أخرى فاضطر إلى الدخول في نفس الدائرة ونفس التفاهات، شرق أوسط جديد وسلام شامل والعيش جنبا إلى جنب ومنطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل كفى لم نعد نستحمل.. صراخٌ يسمعه الكون.

* كاتب ودارس يمني مقيم حالياًبالقاهرة

husseinhassel@yahoo.com


في الثلاثاء 05 ديسمبر-كانون الأول 2006 08:28:54 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mirror1.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mirror1.marebpress.net/articles.php?id=806