الحوار قبل الفوضى أفضل واسلم من الحوار بعدها
علي محمد الخميسي
علي محمد الخميسي

هل دق ناقوس الخطر , وبدأت بالفعل رياح الفوضى تهب في شوارع مدننا لتحل محل رياح التغيير الحضاري السلمي ؟! ...

لماذا هذا العبث السياسي الذي لازلنا ننتهجه كأحزاب وقوى سياسية غير مدركة لعواقب الفوضى والتغيير العكسي ؟! ... لماذا هذا التعنت السياسي والتهييج الحزبي والتحريض على الفوضى وإثارة الفتن تحت يافطة عريضة تسمى التغيير , الم نقرأ قول الله تعالى : { وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ })

وقوله سبحانه ( وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ{52} فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ) .... وقولة سبحانه :, { لَا يَسْأَمُ الْإِنسَانُ مِن دُعَاء الْخَيْرِ وَإِن مَّسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُوسٌ قَنُوطٌ } وقولة عز وجل { وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ}....صدق الله العظيم

فأين الخير من أعمالنا وسلوكنا وغاياتنا وطموحاتنا وأطماعنا الحزبية والسياسية ؟! , هل نريد التغيير بالفعل ؟... فان كنا كذلك وصادقين مع أنفسنا ,فلنسئلها فقط وبتجرد ايجابي : كيف وبأي وسيلة سيتم هذا التغيير ؟ ... بالتظاهر والتجمهر والصراخ في الشوارع وإثارة الناس ونشر الفوضى ؟! لا والله لقد أخطأتم الطريق وانحرفتم عن تحديد المسار الصحيح الذي يحقق الغايات الشعبية الحقيقة في العيش الكريم والتمتع بالسكينة والأمن الدائمين .

اليمن جربت كثيرا الهبات والانقلابات ولم نصل إلى ذلك التغيير الحقيقي الذي ينشده الشعب , بل جنينا المآسي والدماء والتراجع التنموي وانتشار الفساد والإفساد , وعندما تبنينا كدولة وشعب خيار الديمقراطية والتعددية والتداول السلمي للسلطة كخيار وحيد للتغيير الايجابي والبناء بدأنا بالفعل نخطو إلى الطريق الآمن إلى الطريق السالك , طريق التغيير والتداول السلمي والحضاري لإدارة شئون البلاد والعباد ..... هذا الطريق للأسف الشديد نريد اليوم كأحزاب سياسية أن نلغيه من قاموسنا السياسي بشكل مباشر أو غير مباشر وهذه هي الحقيقة التي بدأنا نشاهد فصولها في الشوارع !!

بلادنا اختارت الديمقراطية ليس تقليدا أو تظاهرا أمام الداخل أو الخارج اليمني , بل لقد اختارت هذا النظام السياسي عن قناعة وبعد تجارب مريرة من الشمولية والصراع السياسي المتجدد , الم تقترن دولة الوحدة بالديمقراطية والتعددية وكانت شرطا لتحقيقها ؟ .... وبالتالي ما هي المعضلة أو المشكلة التي أوصلتنا إلى هذا الحال المزري ؟ هل الخلل في عقولنا أم في نوايانا أم في مشاريعنا الضيقة التي تتعارض وهذا النهج ؟

إيمان الطرفين أي السلطة والمعارضة بالديمقراطية وبهذا النهج السياسي الحضاري - ودعونا هنا نكون واقعيين - لازال في طور النمو المرحلي والمسألة في المجمل نسبية , وبمعنى آخر لا السلطة تستطيع اتهام المعارضة بعدم إيمانها بالديمقراطية والنهج الديمقراطي , ولا المعارضة تستطيع ذلك فكلاهما في طور التعلم و النمو كما أسلفنا , وهي مسألة في تصوري طبيعية خاصة ونحن لم نخرج بعد عن دائرة رواسب الشمولية التي تعودنا عليها قرون من الزمن وليس سنين محدودة فقط , بالتالي لا يجوز الشطح كثيرا أو المطالبة بتجربة ديمقراطية يمنية بعد عقدين فقط من الممارسة الانتخابية شبيهه بتجربة أقدم و اعرق الديمقراطيات في العالم المتقدم , وبمعنى آخر عندما تطالب المعارضة بانتخابات حرة ونزيهة 100% فهذا هو الشطح بعينة فأمريكا حتى اليوم لازالت تشكو من عدم الشفافية في الكثير من عملياتها الانتخابية ولنتذكر فقط الاتهامات المتبادل بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي عقب كل أو غالبية العمليات الانتخابية التي تتم خاصة الرئاسية ...

تصحيح جداول الناخبين مطلب منطقي ومطلوب وسهل التحقيق ... واعتماد نظام القائمة النسبية في هذه الدورة الانتخابية رغم علم المشترك بضيق الوقت وصعوبة تأجيل الانتخابات من الناحية الدستورية اعتقد أنها مسألة تعجيزية مقصودة من قبل تكتل المشترك لكي يتسنى له خلق المبررات الواهية للهروب من هذا الاستحقاق الانتخابي القادم الذي لا يلبي شروطه وطموحاته !

النضال السياسي السلمي يا ساسة البلاد يتطلب المصداقية مع النفس أولا ومع شركاء العمل السياسي ثانيا ومن ثم ندعو إلى التغيير البناء وإحداث نقلة أخرى من نقلات التطوير المرحلي للديمقراطية ولهذا النظام الحضاري و النهج الايجابي بالتزامن والالتزام الجماعي بقواعد اللعبة الديمقراطية , بالتالي إذا كانت أحزاب اللقاء المشترك جادة وصادقة في هذا الشأن لماذا لا تدعو فقط إلى الإصلاح السياسي والديمقراطي دون وضع العراقيل ومحاولة انتهاك الدستور وتعطيل الاستحقاقات الديمقراطية والعمليات الانتخابية .....سنتان منذ توقيع اتفاقية فبراير وأحزاب المشترك تتهرب من طاولة الحوار مع المؤتمر تارة بخلق كيان سياسي جديد خارج الأطر الديمقراطية المتعارف عليها – اللجنة التحضيرية للحوار – وتارة أخرى بالسكون المريب انتظارا لسقوط السلطة وانهيارها أمام الضغوط الاقتصادية التي اجتاحت العالم , وأمام الأعمال التخريبية للحراك الجنوبي الذي لاقت أعمالة ونشاطاته الغير سلميه القبول الغير عادي من المشترك رغم انحرافة عن المطالب الحقوقية ورفعة للشعارات الانفصالية والنعرات المناطقية المقيتة , ليستمر الانتظار أمام حروب السلطة مع المتمردين الحوثة ومع عناصر الإرهاب القاعدي ..... وعندما أوشكت فترة السنتين على الانتهاء وتلاشت أحلام السقوط خرج الكثير من المنظرين في المشترك متهمين الطرف الآخر بالمماطلة والهروب وإفشال الحوار وتضييع فرصة السنتين والانقلاب على اتفاق فبراير ... الخ !!

دعونا نتحدث بكل صراحة فالمكاشفة في هذا الظرف الحساس مطلوبة حتى لا يستمر التضليل وخداع النفس , فهذه المكاشفة في تصوري ستقود إلى المصارحة ومن ثم إلى المصالحة إذا خلصت النوايا إن شاء الله , عندها سنؤسس لجسور جديدة من عوامل الثقة بين الطرفين على قاعدة المصلحة العامة وإيجاد الحلول الواقعية والدستورية للخروج من هذا المأزق السياسي الذي وضع الطرفان نفسهما فيه .

الأخ الرئيس في خطابة الأخير ذكر في سياق حديثة عبارة قوية موجهه للطرفين حيث قال ( الحوار هو خيارنا الوحيد فدعونا نتحاور قبل الفوضى اسلم وأفضل من الحوار بعد الفوضى ) ... و هذه هي الحقيقة المنطقية التي يستطيع الطرفان استيعابها وتلقفها لاختصار الطريق وتجنيب البلاد والعباد ويلات الفوضى والفتن عافانا الله جميعا منها .

ali.alkhamesy@hotmail.com


في السبت 29 يناير-كانون الثاني 2011 08:18:57 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mirror1.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mirror1.marebpress.net/articles.php?id=8925