لن نكون أحرص من الرئيس على تاريخه
همدان العليي
همدان العليي

عندما وصلتُ مدينة المحويت قبل أيام، لفت نظري أن كثيرا من الناس في الأسواق والشوارع الكبير منهم والصغير يحملون في أيديهم ملفات.. وحين سألت عمّا يحدث، قيل لي بأن محافظ المحافظة ومدير الخدمة المدنية فيها يوزعون درجات وظيفية لكل من يطلب ذلك.. لكل الناس، المؤهل والأمي..! وكما بدا لي كان هذا الإجراء يهدف إلى إفشال مظاهرة كان شباب المحافظة عزموا على إقامتها، زد على ذلك أن قيادة المحافظة تريد مراضاة الناس من أجل الدفع بهم إلى العاصمة ليرفعوا صور الرئيس صالح هداه الله.

دخلتُ في ذلك اليوم المجمع الحكومي لمعرفة ما يحدث، وزيارة المكتب الإعلامي بالمحافظة بعد دعوة وجّهت لي من مدير الإعلام بالمحافظة. وقتها رأيت تجمّع كثيف أمام مكتب المحافظ، وعندما اقتربت، وجدت أشخاصاً أعرفهم، وهم مزارعين وباعة متجولين لم يدرس بعضهم وآخرين لم يكملوا المرحلة الإعدادية، وكما هو المشهد خارج المجمع، كان هؤلاء يحملون ملفات في أيديهم. سألتهم عن سبب وجودهم، قالوا إن محافظ المحافظة في مكتبه يقوم بتوظيف أي طالب وظيفة في المحافظة.. فمن يريد وظيفة في وزارة الصحة على سبيل المثال، يطلبها من المحافظ، وهو بدوره يقوم بالتوجيه بذلك، وفي نفس اللحظة وفي مكتب المحافظ، يوافق مدير الخدمة ويوقّع على ذلك، ثم تُرسل الأوامر إلى صنعاء ومن تلك اللحظة يكونوا موظفين في الجهاز الحكومي للدولة..!!

هكذا يكذبون على البسطاء ويعبثون بمشاعرهم ويستغلون حاجتهم وعدم وعيهم.. هذه هي الحلول التي ناشدنا الرئيس –هداه الله - أن يقدمها للناس..!!

أيقنت حينها بأن القيادة السياسية لم تفهم بعد، ولا تريد ذلك، بل تريد أن يفهم الشعب أنها لازالت في غيها وكذبهاوتعنتها والله المستعان.

بدلاً من أن يضعوا الحلول الجذرية والإستراتيجية تلبيةً لمتطلبات المرحلة الراهنة؛ يقومون بحقن الناس بإبر وحبوب الفولتارين المهدئة، وكأنهم لا يعلمون أن المهدئات في هذه المرحلة لم تعد تجدي، وستكون ذات نتائج عكسية وسيئة جداً.. يعالجون الأوضاع بحلول آنية معجونة بالكذب وخداع البسطاء الذين سيحرقونهم يوماً.

في مقالي السابق قلت إن الكرة في ملعب الرئيس، ولكني في هذا المقال وبعد أقل من أسبوع من ذلك، أقول إن الكرة لم تعد في ملعب الرئيس ولا المعارضة، أو بمعنى آخر أن كل ثانية تمضي يرتفع فيها سقف المطالب، وتقل قدرة الرئيس والمعارضة –هداهم الله- على الإصلاح.. الكرة اليوم باتت في ملعب الشعب.. في ملعب الشباب.

حاولنا جاهدين مخلصين أن نُفهم الرئيس أن الوضع قد تغيّر في العالم العربي بأكمله لكي يتحاشى العار، لكنه لا يريد أن يَفهم، ولازال يصر على رعاية وحماية من ينهبون اليمن ويخدعون البسطاء فيه ومن كانوا يعتدون على من ينادون بالتغيير.

حاولنا أن نحفظ له جميل تجشمه أعباء حكم اليمن لهذه الفترة.. لكنه لا يريد. ولن نستطيع إجباره على ذلك، ولكن سنجبر الواقع اليمني على التغيير، شاء الرئيس أم أبى، به أو دونه.

وردا على من اعتبرنا قد جافينا الرئيس وتاريخه في مقالنا السابق، نقول: لن نكون أحرص من الرئيس على تاريخه، وإذا كان الرئيس نفسه -هداه الله- لا يريد أن يُحافظ على تاريخه وسمعته، فلا يجب عليه أن ينتظر ذلك من المظلومين والجائعين والمقهورين في اليمن.

أخيرا.. يجب أن يعلم الجميع أن الشعوب مزاجية، فها نحن اليوم نرى الشعب اليمني غير الأمس، لا يمكن خداعة.. وقد مال لخيار التغيير بواسطة الشباب بعدما فشل الساسة الكبار، وهو يتجه نحو ذلك بوتيرة عالية، وقد ازدادت إرادة الشباب قوة؛ عندما أعلن عدد من قيادات الحراك تخليهم عن مطلب التشطير مقابل التغيير، بعدما كان الخوف على وحدة اليمن هو أكثر ما يؤرق شباب التغيير... والله ثم الوطن من وراء القصد.

Hamdan_alaly@hotmail.com


في السبت 26 فبراير-شباط 2011 03:37:43 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mirror1.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mirror1.marebpress.net/articles.php?id=9257