ميكانيكا الثورة : سلطة تقتلع العداد ومعارضة تقتلع الريوس
طارق عثمان
طارق عثمان

أجريت اتصالا مع أخي العزيز الدكتور خالد الصبري للاطمئنان عليه ، اخبرني أن جميع الشباب بخير وأن المعنويات عالية للغاية وأن كل المؤشرات مبشرة فسألته ماذا عن أحزاب المعارضة فرد علي بكل ثقة ( خلاص قلعنا الريوس ) . قلت له هذا ابلغ رد على قلع العداد الذي أقدمت عليه السلطة ..

كان هذا الجزء القصير من المكالمة التي دارت بيننا هي التوصيف الحقيقي لمجريات الأحداث في اليمن والتي تدهورت حتى وصلت إلى هذه الحالة بعد إقدام السلطة على السير عكس اتجاه تطلعات شعبها وتحركت باتجاه تصفير العداد ثم قطعت كل الإشارات الحمراء واتجهت صوب ( اقتلاع العداد ) نهائيا في حركة تفحيط مستفزة بغرض الانقلاب على الديمقراطية ، وهنا كان لزاما على الشباب تولي زمام القيادة فأصبحوا هم ( دينامو ) الثورة ونزلوا إلى الشارع مطالبين بإصلاحات شاملة لن تتحقق إلا بسقوط هذا النظام الخردة الذي ذحلت تروسه ( أصابها الصدأ ) وأصبح كرسي القيادة فيه مهترءا ، وأصبحت قوة محركه لا تتجاوز قوة حصان واحد هو حصان المؤتمر الشعبي العام ، ومع تكرار عمليات توضيب مكنة هذا النظام و خرطها كل 5 او 7 سنوات أصبحت فرص الإصلاح مستحيلة ، كما إن تبديل بعض القطع بقطع غيار أخرى جديدة لم تعد مجدية خصوصا أن هذا الموديل ( 78 ) لم يعد متوفرا في الأسواق منذ زمن بعيد وقد تخلصت معظم الدول من كل موديلات السبعينات تقريبا ..

وأمام هذه الإصرار الشبابي على التغيير واسقاط النظام وجدت المعارضة نفسها في وضع حرج للغاية ، لكن سلوك السلطة وتعاملها مع الأزمة لم يجعل لهذه المعارضة خيارا سوى الإلتحاق بركب الشباب و( اقتلاع الريوس) والمضي قدما نحو اسقاط النظام ..

نعم لم يعد أمام حركة الإصلاح سوى إزالة هذا النظام والتخلص منه نهائيا و رفض فكرة تشليحه لأنها ستعني بقاء كثير من أجزائه لتدخل في النظام الجديد .

ففكرة التشليح التي اقترحها البعض في البداية بإقالة الأبناء والإخوة وأبناءهم والأقرباء لم تعد مجدية الآن بعد أن أثبت جميع أفراد الأسرة الحاكمة أنهم يعيشون حالة من التشابك والترابط التي يستحيل معها نزع أي فرد منهم دون تداعي بقية أجزاء النظام التي لا تربطها براغي المصالح فقط بل لحام الدم والنسب .

ولهذا يجب أن يحدد الشباب لهم مسارا واضحا قائما على التغيير الشامل ، فيتعاملوا باحترافية مع كل المحاولات التي تبذلها السلطة لإيقاف عجلة التغيير وفرملة المسيرة المظفرة للشباب الثائر ، وأن لا يبخلوا بدمائهم فهي وقود الثورة وبنزينها المشتعل ، وأن يتوخوا الالتزام بكل قواعد السلامة المرورية ، وأن لا يستعجلوا الوصول للغاية مهما طال الطريق فالدروب ليست معبدة ومفروشة بالورد فالعوائق التي تصنعها السلطة في طريقهم تقتضي السير المتأني وبجير ثقيل ، والتعامل الحذر مع كل المطبات والمنعطفات التي تعترض طريقهم سيجنبهم الانزلاق نحو هاوية العنف ، وأن لا يغفلوا التوقف قليلا كلما لزم الأمر لشحن الهمم والعزائم ، فمحطات التوقف القصيرة هذه كفيلة بضمان السير الآمن ، لكن في كل الأحوال يجب أن يتقدموا ولا يجب أن يستمروا في أماكنهم فلا مكان للتراجع أو العودة للخلف بعد إن اقتلعوا الريوس ، ولتتحول كل ساحات الحرية والتغيير إلى ورش عمل لبناء نظام جديد قادر على تحقيق طموحات الشعب ، و ورش لصيانة وحدته الوطنية ، وليغلبوا بينهم المحبة والأخوة فهي كفيلة على تليين القلوب ومنع الاحتكاكات التي قد تعطيل المسير ..


في الإثنين 14 مارس - آذار 2011 04:44:30 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mirror1.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mirror1.marebpress.net/articles.php?id=9463