جمهورية صنعاء
مسعد محمد المرادي
مسعد محمد المرادي

ماذا دهاكم أيها اليمانيون..؟ ماذا أصابكم..؟ أين هي الحكمة التي وصفكم بها رسولنا الكريم (ص)..؟ ألم تعتبروا بما حصل في تونس ومصر وما يحصل في ليبيا الآن..؟

آبائي وإخواني، وأبناء جلدتي، لقد تأكدت بأن الحديث المشهور عن رسولنا الكريم (ص) "الإيمان يمان، والحكمة يمانية" ومنذ أن نطق به المصطفى صلى الله عليه وسلم، لم نكن نحن اليمانيون أحوج إليه أكثر من الوقت الراهن.

أولا.. أخاطب الأخ الرئيس وأقول له:

أذكرك بأن الظروف التي خدمتك في الماضي من المستحيل أن تخدمك الآن، وأن الموهبة التي كنت تتمتع بها في الماضي وفي مواجهة الأزمات قد نفدت بحكم سنك، فأنت بشر والبشر له فترة معينة من عمره يبدع فيها بكل ما آتاه الله من موهبة.

بالإضافة إلى أن أولادك، الله يصلحهم، قد كبروا وأصبحوا يتدخلون في كل صغيرة وكبيرة، لأنهم شاهدوا والدهم قد شاخ وكبر، ووصل إلى مرحلة "الهرم".

وللأسف كانت هناك فرصة لاحت لك في عام 2004، و2005م عندما أعلنت عدم ترشحك للانتخابات الرئاسية، حينها، ولكن الذين لهم مصلحة من استمرار حكمك كان لهم رأيهم، وأقنعوك بالعدول عن قرارك، كما فهمنا إذا لم تكن مقتنعا بالفعل برأيهم.

وحصلت تلك الانتخابات، وما صاحبها من مماحكات وتجاوزات، كما تعلم، فقد كنت أنا وغيري من اليمنيين نجزم بأنك ستفهم بأن الحال ينذر بوجود كارثة على نظامك، إذا لم تتدخل لعمل شيء من الإصلاح يضمن استمرار بقائك في السلطة، لكن للأسف، كأنك "يا بو زيد ما غزيت" فلم تعتبر بالانتخابات التي كانت نتيجتها ستؤول إلى منافسك بن شملان (رحمه الله) لولا استخدامك للترغيب والترهيب وضخ المبالغ المالية باسم إكرامية لكل موظفي الدولة ولاستقطاب الناخبين كما هو المعتاد.

وقد حدث الآن ما كنا نتوقعه، وهو الهبة الشعبية والشبابية والحزبية للمطالبة برحيلك شخصيا، لأن الفرصة أنت من فوتها على نفسك، والقطار وصل لتستقله برفقة زين العابدين ومبارك، فلا يفوتنك كما فاتتك الفرصة الأخيرة، التي ذكرناها، ويجب أن تعرف بأن القبائل التي تحشدها من المديريات المحيطة بصنعاء وغيرها من المديريات الأخرى، هم أنفسهم الذين استعان بهم ودعمهم وحشدهم نائبك سابقا علي سالم البيض مطلع العام 1994م، ليقضوا عليك وينصروه، فهل عملوا ذلك، أم ماذا حصل حينها..؟، برغم ان لدينا قناعة ان الكثير منهم متواجدين في ساحات التغيير وقدموا عدد من الشهداء حتى الآن.

أضف إلى ذلك أن استخدامك للأوراق قد انكشف تمام ان وقد كشفت أنت بلسانك أنك تستخدم الحزب الفلاني أو القبيلة الفلانية كورقة فقط، كذلك المشايخ الذين صعدتهم كمشايخ لينافسوا المشايخ الأصليين بعد قيام الوحدة لن ينفعوك وإنما سينتفعون منك، كما حصل مع البيض، لأنه لم يكن لهم أي ثقل.

كذلك المشايخ والأسر العريقة الذين عملت أنت وحاشيتك على تهميشهم سينتقمون منك، عما أحدثته فيهم، بتصعيد من يتبوأ مكانتهم رغم أنهم كانوا سندا للدولة في حل الكثير من القضايا التي أعاق حلها روتين القضاء الفاسد وفرض هيبتها، ولكنك فضلت الولاء حينها، فهل فهمت يا فخامة الرئيس..؟

كما يجب أن تفهم بأنك إذا ركبت رأسك وأوصلت الأمور للتفجير فإنك ستكون أول وأكبر الخاسرين، لأنك ستخسر أرصدتك التي حوشتها وستخسر أصدقاءك الغربيين الذين تعاونت معهم في مكافحة الإرهاب، ولن تجد أي مكان يؤويك بعد رحيلك.

أما بالنسبة للقبائل المجاورة لصنعاء، والذين حصنت صنعاء بمليشياتهم فقد ارتكبت خطأ فادحا بالركون إليهم، لأن ذلك سيدفع أصحاب المناطق الأخرى إلى ترك صنعاء لهم، وإعلان استقلال مناطقهم التي تعج بالخيرات من نفط وزراعة وثروات متنوعة، وأقصد بذلك تهامة والمحافظات الجنوبية كلها، ومأرب والجوف، ولن يتبقى لك إلا صنعاء وما جاورها من السلسلة الجبلية في ذمار وعمران والمحويت وحجة فقط.

وفيما لو تمكنت من الاحتفاظ بحكم صنعاء وما جاورها، هل ستكتفي بزراعة القات وتنشيطه بالسموم وبيعه، وهل سيؤهلك ذلك للاستقلال عن بقية مناطق اليمن، التي تعتبر الآن مؤهلة وجاهزة لفك الارتباط تماما عن جمهورية وأهل صنعاء، وقبائلها ومليشياتها، وهي بالفعل ستكون مؤهلة بعدن كعاصمة لها، وميناء الحديدة ومأرب وشبوة وحضرموت كمخزون نفطي ومائي هائل، أما تعز فهناك المخزون الأهم وهو وفرة العقول والكوادر المؤهلة والمتعلمة والتي ستستفيد منها الدولة اليمنية المدنية الحديثة دولة النظام والقانون دولة المؤسسات الحقيقية وليست تلك التي أزعجتنا بها في خطاباتك ولم نرها أو نلمسها إلا من خلال خطاباتك وفي مخيلتك فقط.

ويجب أن يفهم من سيأتي بعدك أن أبناء المناطق التي ذكرناها لن يقبلوا باستمرار التسلط والهيمنة والامتيازات لأبناء منطقة أو محافظة بعينها كما جرت عليه العادة في الماضي خلال النظام الإمامي أو الجمهوري ولذلك فالوقت قد حان والناس قد فهموا وعرفوا حقوقهم ولن يتنازلوا عنها مهما كان الثمن والمساواة في الحقوق والمواطنة أصبحت ضرورة حتمية يفرضها الواقع الذي وصلنا إليه.

أما المشاكل التي كنت تستخدمها ورقة تخويف مثل الصوملة والأفغنة والقاعدة والحوثيين فقد فطن الجميع هدفها بتطبيق المثل (خوفه بالموت يقبل بالحمى) وتأكدنا بأن معظمها من صناعتكم الفاخرة ونعرف بأن هناك مشاكل حقيقية ويجب حلها مثل الحراك والحوثية ولا يمانع الجميع بحلها في ظل دولة النظام والقانون المدنية لأن اليمن تستوعب الجميع ولمن أراد ذلك أما من ركب رأسه مثلك فسيتحتم عليه معاداة الشعب اليمني بأكمله وسينهزم بلا أدنى شك أما فيما يتعلق بانضمام بعض الشخصيات الفاسدة إلى ثورة الشباب بساحة التغيير فقد طهروا أنفسهم بذلك القرار ولن يسألوا عما اقترفوه إلا فيما يخص الحق الخاص فقط.

ثانيا.. أخاطب الشخصيات الأبرز في ساحة التغيير مثل الشيخ حميد الأحمر واللواء علي محسن صالح والدكتور ياسين سعيد والأستاذ محمد باسندوة وغيرهم من الشخصيات، فإنني كما أي يمني أكن لهم كل الاحترام والتقدير على مواقفهم العظيمة والشجاعة ودعمهم لشباب ثورة التغيير وانحيازهم للثورة يطهرهم ويعفيهم عن أي ذنب أو جرم اقترفوه في ظل دولة علي عبد الله صالح هذا إذا كانوا اقترفوا شيئا ولكني أثق كل الثقة في نزاهة معظمهم ووطنيتهم التي برزت في أحلك مرحلة للازمه اليمنية.

وإني أشد على يد الأخ الشيخ حميد الأحمر بإعلانه عدم تبوئه أو ترشحه لأي منصب لأنه بذلك التصريح قد قطع الطريق على جماعة سلطة علي عبد الله بدعواهم أنه يخطط لعمل عكس ما يقول كذلك أعجبني قرار اللواء علي محسن الأحمر بأنه لا طمع في تبوأ أي منصب قادم وإنما هدفه الأسمى هو دعم ثورة الشباب إلى أن تقف على أقدامها وتولي حاكما مدنيا، وهو بذلك يكون قد قطع الطريق أيضا على من حاولوا تشويه صورة انضمامه إلى الثورة الشبابية أما السادة العظماء بنضالهم وأفعالهم وأقوالهم الدكتور ياسين سعيد نعمان والأستاذ محمد باسندوة فإن أحدهم سيكون له الشرف بأنه سيكون أول حاكم مدني في تاريخ اليمن بالعصر الحديث والآخر سينال شرف المشاركة في أول حكومة مدنية.

ثالثا.. نعود إلى جماعة السلطة فما لا شك فيه بأنه لا يزال هناك البعض من العقلاء في صف الرئيس يتحتم عليهم ألا يتركوه للمطبلين والمزايدين والذين نسمع نعيقهم يوميا من خلال بعض القنوات الفضائية وإصرارهم على جر الوطن إلى الهاوية.

وعلى أولئك العقلاء إقناع الرئيس بترك منصبه لنائبه ليسلم نفسه ويسلم الوطن بأكمله من الفتنة التي تحرق الأخضر واليابس وسيكون هو الخاسر الأكبر فيما لو حصل ذلك لا قدر الله .

كما هو واجب أيضا على العقلاء المتواجدين في ساحة التغيير أن يعرفوا بأن هناك أشخاصا انضموا إلى ساحة التغيير لمصالح شخصية فقط ولن يكن همهم لا وطن ولا مستقبل وهؤلاء إذا أتيحت لهم فرصة سيشعلون نار الفتنة لأهداف في أنفسهم ويجب أن يتيقظ الجميع لمثل هؤلاء.

 كذلك عند نجاح الثورة بأذن الله وإحداث التغيير يجب أيضا أن لا يتبوأ أحد من تلك النوعيات لأي منصب سواء كان كبيراً أو صغيراً لأنهم سيعيثون في الأرض فساداً وسيمنون على الثورة مشاركتهم في ساحة التغيير ويجب أن يفطن الجميع لمثل هؤلاء.

الخلاصة

على الجميع أن يعي ويفهم التطور السريع والهائل لوسائل الإعلام على مستوى العالم ونقلها للواقع والحقيقة بأبسط الطرق والوسائل وبسرعة فائقة ما يستوجب على الجميع تحري المصداقية والتخاطب بشفافية وعدم الاعتماد على التظليل وإخفاء الحقيقة كما كان الحال عليه عند الأنظمة العربية التي رحلت والتي على وشك الرحيل.

 لقد أصبح لدى الجميع قناعة تامة بأن ثورة الشباب الحالية هي امتداد للثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر لإصلاح ما أفسده بعض الحكام والجميع يترف بأن الثورة اليمنية قد انحرفت عن مسارها وذلك بانتهاج سياسة التوريث والتمديد وتعديل الدستور بطريقه مخزية وبذلك نكون قد خالفنا المبادئ والأهداف التي قامت من أجلها الثورة والتضحيات الجسيمة في سبيلها ولذلك يتوجب علينا جميعا وضع حد نهائي وخط أحمر على فقرات الدستور اليمني التي تتعلق بالفترة الرئاسية بحيث تحدد بفترتين رئاسيتين فقط وعلى أن تكون هذه الفقرة وملحقاتها فقرة مغلقة لا يجوز لأي حاكم أو حزب أو مجلس أو هيئة تعديلها أو المساس بها حتى وإن تعدلت فقرات الدستور اليمني كلها وهذا سيضمن عدم المساس بتلك الفقرة من أي حاكم لليمن في المستقبل مهما كانت نجاحاته في إدارة شئون البلاد وبذلك نقطع الطريق على كل من تسول له نفسه الحكم مدى الحياة.


في الجمعة 22 إبريل-نيسان 2011 10:34:09 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mirror1.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mirror1.marebpress.net/articles.php?id=9978