أردوغان يتوعد أمريكا من وسط واشنطن ويباغت الإدارة الامريكية بصفقة سلاح عملاقة قريبا تصل تركيا

الإثنين 27 سبتمبر-أيلول 2021 الساعة 07 مساءً / مارب برس - وكالات
عدد القراءات 4274

  

على الرغم من استلام تركيا الدفعة الأولى من منظومات إس 400 الدفاعية الروسية واكتمال مراحل التدريب والتجريب والإعداد، لم تتخذ تركيا قراراً نهائياً بتفعيل المنظومة وإدخالها الخدمة وهو ما فهم منه أنها خطوة لإبقاء الباب مفتوحاً للتوصل إلى حلول مع الإدارة الأمريكية لتجنب العقوبات والعودة إلى برنامج طائرات إف 35 التي توليها تركيا أهمية كبيرة وسط رغبة في حلول وسط تجنبها صداما أكبر مع الولايات المتحدة يمس التحالف الاستراتيجي بين البلدين الحليفين في الناتو.

 

ولتأكيد رغبتها في حل الأزمة مع الولايات المتحدة الأمريكية، لم تكتف أنقرة بالامتناع عن تفعيل المنظومة وإدخالها الخدمة الفعلية، لكنها جمدت أيضاً مباحثات وإجراءات الحصول على دفعة ثانية من المنظومة الدفاعية الروسية بحسب ما كان ينص عليه الاتفاق الأولي بين أنقرة وموسكو وهو ما ساهم في حصر التوتر حول هذا الملف في الأشهر الأخيرة من إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الذي أبدى “تفهماً” للإجراءات التركية.

 

وبنفس الطريقة تعاملت تركيا مع إدارة الرئيس الحالي جو بايدن وذلك من خلال إبداء الانفتاح على أي حلول تعتبرها “منطقية” تفضي إلى “حل وسط” تقوم بموجبه تركيا بعدم تفعيل منظومة إس 400 الروسية مقابل أن تفرج الولايات المتحدة عن طائرات إف 35 التي تؤكد تركيا أنها شريك أساسي في برنامج تطوير وصناعة الطائرة ومساهم بمبلغ 1.4 مليار دولار وليس مجرد مشتر للطائرة.

 

ومن ضمن المقترحات التي طرحت بطرق مختلفة طوال الأشهر الماضية عدم تفعيل المنظومة وإبقائها داخل تركيا، أو تخزينها بإشراف أمريكي في قاعدة إنجيرلك التي تستخدمها القوات الأمريكية جنوب تركيا، أو تخزينها في دولة ثالثة خارج الأراضي التركية وغيرها الكثير من المقترحات التي يبدو أنها فشلت جميعها لأسباب مختلفة تتمحور في مجملها بإصرار أمريكا على التخلي الكامل عن المنظومة وإخراجها خارج الأراضي التركية والإصرار التركي على “الجانب السيادي” في الحل بعدم التخلي عن المنظومة أو وضعها تحت رقابة أمريكية والتساهل فقط مع أطروحات عدم تفعيل المنظومة في المرحلة الحالية.

 

ورغم أشهر طويلة من التهدئة ومساعي الحل، جاءت تصريحات أردوغان المتتالية على مدار الأيام الماضية لتكشف حجم الغضب التركي من تعامل الإدارة الأمريكية، وفشل كافة مساعي الحل في ملفي إس 400 وطائرات إف 35، وكانت بمثابة إعلان حقيقي عن صفحة جديدة في سجل الأزمة التي يبدو أنها تتجه نحو تعقيد أكبر بكثير مع إمكانية تفعيل المنظومة الروسية والحصول على دفعة ثانية منها والحديث عن إمكانية الحصول على بديل عن طائرات إف 35 من روسيا، لا سيما وأن الغضب التركي تفجر عقب فشل عقد لقاء في نيويورك بين أردوغان وبايدن وقبيل أيام من اللقاء المقرر بين أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي.

 

أبرز تصريحات أردوغان هي تلك التي أدلى بها إلى شبكة (سي.بي.إس نيوز) وتحدث فيها بشكل قطعي عن أن بلاده سوف تحصل على دفعة ثانية من منظومة إس 400 الروسية، وقال أردوغان: “في المستقبل لن يكون بإمكان أحد التدخل فيما يتعلق بنوع الأنظمة الدفاعية التي نحصل عليها، ومن أي دولة (نحصل عليها) وعلى أي مستوى”، مضيفاً: “لا أحد يمكنه التدخل في ذلك. نحن وحدنا الذين نتخذ مثل هذه القرارات”.

 

حديث أردوغان القطعي عن الحصول على دفعة ثانية من منظومات إس 400 يعطي مؤشراً قطعياً أيضاً على تعثير كافة مساعي الحل مع الإدارة الأمريكية والتي لأجلها أجلت تركيا تفعيل المنظومة الأولى وشراء المنظومة الثانية كما امتنعت عن شراء أي أسلحة جديدة مع روسيا، ومع فشل هذه المساعي يتوقع أن تحصل تركيا على المنظومة الثانية بحسب أردوغان وربما تفعيل المنظومة الأولى وهو ما يعني تعمق الأزمة مع الإدارة الأمريكية.

 

تعمق الأزمة يتوقع أن يظهر على شكل عقوبات أمريكية جديدة على تركيا حيث أكدت واشنطن مراراً أن حصول أنقرة على أسلحة روسية جديدة سوف يعرضها لمزيد من العقوبات، كما أن تفعيل المنظومة الروسية الموجودة في تركيا قد يدفع واشنطن لإعادة النظر في أنظمتها الجوية والدفاعية المتواجدة في تركيا بدعوى وقوعها تحت خطر التجسس عليها من قبل المنظومة الروسية وهو ما سيعمق الأزمة بشكل أكبر ويمس التعاون الاستراتيجي بين البلدين الحليفين في الناتو.

 

من جانب آخر، فإن الغضب التركي والإصرار على شراء الدفعة الثانية من إس 400 يؤشر إلى فشل التوصل إلى أي حلول حول إف 35 وهو ما يعني أيضاً بدء أنقرة بالبحث عملياً عن بديل للطائرات الأمريكية حيث تتأرجح الحلول بين الحصول على طائرات حربية روسية من الجيل الخامس أو تكثيف العمل على برامج الصناعات الوطنية التي تهدف إلى إيجاد بديل سواء عبر تطوير المسيرات القادرة على حمل صواريخ كبيرة أو صناعة طائرة حربية مسيرة أو برنامج الطائرة الوطنية، وهي سيناريوهات سوف تتضح مساراتها أكثر بعد لقاء أردوغان بوتين خلال أيام.