بروتوكولات الرئيس الصالح!
بقلم/ متابعات
نشر منذ: 16 سنة و 4 أشهر و 6 أيام
السبت 19 يوليو-تموز 2008 09:26 م

بقلم / تايم

لا يزال كاتب هذه السطور يتذكر حواراً تحول إلى مناظرة بين شخصيتين كان ومازال لكل منهما قدر كبير من الاحترام و التقدير؛ فكل منهما يتصف بالنزاهة والخبرة، وقد كان لوجهتي نظرهما المتباينتين نفس القدر من القبول و التقدير، غير أن الأيام والسنين أثبتت بأن إحدى وجهتي النظر أكثر صوابا ومصداقية من الأخرى.

كانت وجهة نظر الشخصية الأولى ترى أن الرئيس "صالح" أفسد اليمن واليمنيين خلال سنوات حكمه التي لم تكن قد تجاوزت حين وقوع المناظرة عقدها الأول؛ وذل ك بسبب ما يقوم به من شراء للذمم والولاءات، وما يمارسه من إقصاء وتهميش للخصوم والمعارضين. أما الشخصية الثانية، فرغم اعترافها بأن الرئيس "صالح" فعل ويفعل كل ما ذكرته الشخصية الأولى، فقد كانت وجهة نظرها ترى بأن زعامات اليمن وقواها السياسية والاجتماعية هم من يستحقون اللوم والمساءلة، وذلك حين قبل الكثيرون منهم بأن يبيعوا ذممهم وولاءهم مقابل منفعة مادية أو منصب أو نصيب معين من السلطة، وحين تصرف بعضهم بطريقة تعطي للرئيس الذريعة لإقصائه وتهميشه، أو قبل أن يفعل الرئيس "صالح" ذلك بحق غيره وبقي هو متفرجا!

وقد استمر الحوار أو المناظرة بين الشخصيتين زهاء الساعات الثلاث ساق خلالها كل منهما حججه وشواهده على وجهة نظره.

بالطبع لم ينجح أي من طرفي المناظرة في إقناع الطرف الآخر بوجهة نظره إلا أنهما أفلحا في إقناع كاتب هذه السطور بوجهتي نظرهما رغم التباين الظاهري بينهما.

وبعد مضي ما يقرب من عقدين على تلك المناظرة فقد أخذت وجهة النظر الأولى التي تحمل الرئيس "صالح" المسؤولية العظمى في إفساد اليمن واليمنيين القدر الأكبر من الوجاهة والصدارة والمصداقية والإقناع لدى كاتب هذه السطور. وتوصل إلى أن هناك بروتوكولات حكم الرئيس "صالح" ويحكم من خلالها اليمن طيلة الثلاثين عاماً الماضية، ولاشك أن الواجب الديني والوطني يفرضان فضح هذه البروتوكولات للتحذير من خطرها على حاضر ومستقبل وأمن ووحدة اليمن.

البروتوكول الأول

"فرّق تَسُد". هذه هي القاعدة الرئيسية التي تعامل من خلالها الرئيس "صالح" مع كافة القوى والتيارات السياسية والاجتماعية والاقتصادية بحيث تبقى أشتاتا ضعيفة ومتناقضة وتبقى القوة والسيطرة بيده وحده. وفي سبيل ذلك تم استخدام كل أساليب الدس والوقيعة، وبما يكفل بث روح التنافس والفرقة بل والكراهية والعداء بين كل هذه الأطراف لتبقى أرقاماً صغيرة لا قيمة ولا تأثير لها.

البروتوكول الثاني

"هز الشوال". وهي سياسة تشبه من يملأ شوالاً بالفئران ثم لا يتوقف عن هز الشوال حتى لا يترك للفئران فرصة لقرض الشوال والخروج منه. وفي سياسة الحكم يتم ذلك من خلال إدارة البلاد بالأزمات؛ فلا يكاد الناس يخرجون من أزمة إلا ليدخلوا في أخرى، فلا يجدون فرصة للتفكير في التغيير بل ويخشونه كخشية من يكون في المقلاة ولكنه يتحمل لسعها وأذاها خشية أن يقفز في النار.

البروتوكول الثالث

"ترئيس الذيل وتذييل الرأس". وهي سياسة تقوم على إقصاء أو تهميش الرموز السياسية والاجتماعية (القبلية والمناطقية) في حال رفضت الانصياع لرغبات الرئيس "صالح" أو حتى مثلت خطرا محتملا على زعامته بسبب احتفاظها بكرامتها واعتزازها بمبادئها. ويتم الإقصاء والتهميش من خلال دعم رموز أقل منها شأنا ومكانة بالمال والمناصب حتى تصير رموزاً بديلة يرجع إليها الناس من أجل الحصول على مصالح ومنافع الدولة!

البروتوكول الرابع

"ترميز الشعب والوطن" بل والثورة والوحدة والتنمية و الديموقراطية...الخ في شخص الرئيس "صالح" بحيث يصير هو الرمز لكل معنى من هذه المعاني. ويتم ذلك من خلال سياسة إعلامية تجعل من النفاق والتملق للرئيس ومدحه وتعظيمه إلى حد التقديس سلما للوصول إلى المغانم والمناصب. ومن خلال الإيحاء بعصمة الرئيس عن الغرض والخطأ، وأن الخير والصواب كله منه والشر والخطأ إن وجد ليس منسوبا إليه!

البروتوكول الخامس

تفريغ الدولة من مضمونها بحيث تصير كل الأجهزة والمؤسسات مجرد هياكل يتم إدارتها وتحريكها من دار الرئاسة "بالريموت كنترول"، وكذا إفراغ العملية السياسية المتمثلة بالتعددية والانتخابات من محتواها بحيث تصير مجرد تسلية وملهاة في ظل ديمومة الكرسي للرئيس "صالح" والأغلبية المريحة لحزبه "المؤتمر الشعبي العام".

البروتوكول السادس

تقديم "أهل الثقة" وهم أسرة الرئيس، بدءا بنجله وإخوانه وأبنائهم، ثم أقاربه من مختلف الدرجات وأبناء قبيلته وأصهاره وأنسابه، ثم أفراد حاشيته الموثوقين ومن لف لفهم ممن لا يعصونه فيما يأمرهم ويفعلون مايؤمرون دون مناقشة أو مراجعة. ولكل هؤلاء بحسب قرابته وقربه من الرئيس الحظ الأوفر من الثقة والمسئولية. وفي مقابل هذا يتم استبعاد وإقصاء وتهميش أهل الخبرة والكفاءة.

البروتوكول السابع

"مكافأة المسيء وإبعاد المحسن". فحين يتم تنصيب مسئول وتكثر إساءاته وتفوح رائحة فساده فذلك الذي يتم الاعتماد عليه بإبقائه في منصبه أو نقله من منصب إلى آخر صعوداً كلما زاد فساده وهبوطاً إن خفت عزيمته في الفساد وذلك لأنه يسهل ابتزازه وتوجيهه من خلال التلويح بملفات فساده. وعلى العكس من ذلك تماما، فأيما مسؤول تم تنصيبه ثم لم يكن منه إلا الإحسان والإتقان في عمله وفقا للوائح والقوانين والأنظمة فذلك الذي يتم إبعاده وإقصائه خشية تمرده على الأوامر والتوجيهات العليا أو أن يصير له مكانة سياسية وشعبية فيصير منافسا محتملا!

البروتوكول الثامن

إفساد القضاء والأمن والتلاعب بالأسعار بحيث يصير كل فرد في المجتمع في قلق وخوف من غياب العدل والأمن، وفي هم وغم من أجل توفير لقمة العيش والحياة الكريمة لنفسه ولمن يعول، ويكون تفكير الجميع بعد ذلك محصوراً في توفير الأكل والشرب وحماية الذات وتجنب الأذى بعيداً عن السياسة والاهتمام بالقضايا العامة إلا ما كان منها في إطار المصلحة المباشرة.

البرتوكول التاسع

إفساد التعليم بحيث يكون مجرد كم دون كيف، وشهادة دون معرفة، ومعرفة لا تجد لها فرصة في أرض الواقع. ولاشك أن أخطر ما أفسد العملية التعليمية هو إسنادها إلى أنصاف المتعلمين كمسؤولين في وزارة التربية والتعليم، ومدراء تربية ومدارس؛ فصار همهم جباية الأموال من الطلاب مقابل منحهم أبسط حقوقهم التعليمية ومقابل بيع الدرجات والشهادات.

البروتوكول العاشر

"دولة المخابرات". بدلا من أن يكون همّ الجهاز الأمني المتمثل بالمخابرات حماية المجتمع اليمني من الاختراقات الخارجية والجريمة المنظمة، صار همه التجسس على الخصوم السياسيين والمحتملين للرئيس "صالح". ومن هنا جاءت تسميته العجيبة بالأمن السياسي، ثم لاحقاً الأمن القومي. وقد تم إعطاء هذين الجهازين إمكانيات وموارد هائلة قد تفوق فيما إذا تم كشفها ما يتم تخصيصه للتعليم والصحة مجتمعين. كما تم إعطاء العاملين فيهما صلاحيات وقدرات واسعة للتدخل في قرارات الأجهزة الحكومية ومؤسسات الدولة وذلك من خلال الأشخاص المزدوجي الوظيفة.

البروتوكول الحادي عشر

توظيف السياسة الخارجية ومصالح البلاد واستقلالها وثرواتها ومواردها لخدمة ديمومة الكرسي. والتأكيد الدائم للقوى الإقليمية والدولية بأن النظام القائم خير من يمثل ويحمي مصالح هذه القوى. وأن رحيله أو غيابه عن الساحة سيهدد مصالحهم أو يؤدي على أقل تقدير لحالة من عدم الاستقرار لا يمكن التنبؤ بنتائجها وعواقبها. وفي سبيل ذلك، يتم ترتيب أحداث ووقائع في الساحة الداخلية تؤدي إلى تأكيد ذلك الانطباع خارجياً دون أي حساب للخسارة المترتبة من ذلك على سمعة البلاد واقتصادها واستقلالها.

ورغم كل هذا فما زال بأيدي العقلاء والمخلصين أن ينهضوا بواجبهم، فهل يفعلون قبل فوات الأوان؟!

فتأملوا!

وللجميع خالص الود والتحية المعطرة بعبق البُن

------------------

من هو تايم؟ سمير جبران

تايم هو اسم مستعار لشخصية يمنية مجهولة اشتهرت بكتابتها في منتديات يمنية على الانترنت خاصة منتدى المجلس اليمني.

وبرغم المدة الطويلة التي قضاها، وهو يكتب عبر هذه الشبكة العنكبوتية (حوالي أربع سنوات، منذ عام 2003م تقريباً،) إلا أن أحداً لم يستطع أن يعرف هذا الرجل الذي شغل الكثير من مرتادي الانترنت وتحديداً المشاركين في المنتدى الحواري المذكور.

طرح رصين وقوي ينم عن شخصية غير عادية، يزيدها إثارة للجدل تركيزه الدائم في نقده على الرئيس علي عبدالله صالح للحد الذي كان البعض يتهمه بأن دافع كتاباته ثأر شخصي بينه وبين الرئيس صالح، وهو ما كان ينفيه دوماً.

طرحه ومضامين كتاباته تشير أيضاً إلى أنه كان –أو ما يزال- مرتبط بالسلطة بشكل أو بآخر، كما تشير إلى قربه من الأوساط الإعلامية والسياسية في الحكم والمعارضة، وهذا ما جعل التكهنات حول شخصه كثيرة.

منهم من قال إنه عبد الرحمن البيضاني، ومنهم قال إنه نجله، ومنهم من قال انه عبدالله سلام الحكيمي، ومنهم من ذكر غيرهم إلا أن المتأمل لكتاباته وطبيعة شخصية، والمتواصل معه عبر الانترنت يستطيع أن يجزم بثقة تامة أنه ليس أحد أولئك ولا يمكن أن يكون!

أحياناً كان يختفي تماماً وينقطع عن الجميع، الأمر الذي كان يفسره الكثير بأنه يقضي إجازته في اليمن، إذ الاعتقاد السائد عند الكثيرين –وهو اعتقاد صحيح إلى حد كبير- أنه يعيش خارج اليمن، وتحديداً –وهذا ربما غير صحيح- في القاهرة.

وقد تصادف اختفاؤه ذات مرة مع وفاة الأستاذ حميد شحرة، ومرة ثانية مع وفاة الأستاذ صالح الجنيد، ومرة ثالثة مع وفاة فرج بن غانم، رحمهم الله، الأمر الذي كان يجعل البعض يتوقع أنه أحدهم، لكنه في كل مرة يخيب ظن المتوقعين، ويظهر مردداً كلمته الشهيرة التي كان يختم بها مواضيعه "فتأملوا.. ولكم خالص التحية المعطر بعبق البن".

يجزم الكثير أنه مسؤول سابق أو مسؤول حالي، ربما سفير أو قنصل، أو على الأقل قريب لأحدهم.

وما أستطيع أن أجزم به - من خلال تواصلي معه لعدة سنوات- أنه شخصية وطنية غيورة، يتمنى أن يرى بلده تنمو وتزدهر، وكنا نتفق – إياه وأنا - خلال نقاشاتنا وتواصلنا المستمر على أن ذلك لن يكون إلا إذا أصبحت اليمن خالية من القات.. ونظام علي عبدالله صالح!

حاولت أكثر من مرة معرفة شخصيته لكنه كان يرفض ويتجنب الحديث حول هذا الأمر.. وقد احترمت رغبته، وكففت عن سؤاله، لكنني لم أكف عن التوقعات بمن يكون، والأمنيات بأن أعرفه يوماً ما!

ولعل هذا هو ديدن الكثير ممن عرف "تايم".. وهو يصول ويجول في أروقة المنتديات.

كنت أحدثه عن بعض الشخصيات السياسية والصحفية وأفاجأ بقوله إنه يعرفهم، بل وله مع بعضهم قصص وحكايات.

يقول إنه شخصية مستقلة لا ينتمي ولم ينتم لأي حزب، لكنه يعد نفسه واحداً من أنصار اللقاء المشترك، ومن المتحمسين له بشدة، وخلال الانتخابات الرئاسية وقف بقوة مع فيصل بن شملان مرشح اللقاء ضد مرشح المؤتمر علي عبدالله صالح، غير أنه رغم تأكيده على استقلاليته لا يخفي ميله لحزب الإصلاح، وقد سئل ذات مرة.. أي حزب ستختار إذا ما أجبرت على الانضمام لأي حزب، فأجاب: الإصلاح.

وفي سؤال آخر حول انتمائه لأي حزب قال إنه ينتمي إلى حزب الوطن الأم، ويتعاطف مع الإصلاح بصورة أساسية واللقاء المشترك، وأضاف أنه لم ينتم لأي حزب سابقا ولا يظن أنه سيفعل ذلك لاحقا؛ ليس بسبب عدم احترامه الحزبية والتعددية السياسية بل على العكس فإنه يرى فيهما سبيلا مهما لتحقيق فكرة التداول السلمي للسلطة التي يعتقد أننا لن نحقق خطوة واحدة الى الأمام بدونها.

ويعزو عزوفه عن الانخراط في أحد الأحزاب لإيمانه بضرورة وجود مستقلين أيضا لترجيح الكفة وتصحيح الميزان من وقت لآخر، ولاعتقاده بأن رغبته في الانشغال بقضايا الفكر والنظر والكتابة تتعارض مع الالتزام الحزبي، مع احترامه لكل العاملين بهذه القضايا من الملتزمين حزبيا، كما يقول في حوار مطول أجري معه بمنتدى المجلس اليمني.

لم يفصح "تايم" عن المنطقة التي ينتمي إليها أيضاً، وعادة ما كان يرد بأنه "شنوبي" إذا ما سئل هل هو شمالي أم جنوبي.

ويقول أنه بصدد إنجاز مشروعه الفكري الذي لم يحدد ماهيته.

اختفى آخر مرة من المنتدى قبل حوالي عام، وكان آخر تواصل بيننا قبل أكثر من ستة أشهر، وتحديداً بعد صدور العدد الثاني من "المصدر" في نوفمبر الماضي.. أرسل لي مشيداً ومشجعاً، وقال إنه لم يكن يتوقع أن تظهر المصدر بهذا الأداء (الإيجابي طبعاً)!

اعتبرتها مجاملة منه وتشجيعاً، وطلبت منه الكتابة للصحيفة، أو أن يقوم بغربلة بعض كتاباته السابقة في حال كان مشغولاً، وقد أرسل عدداً من المقالات، أحدها البروتوكولات المنشورة في هذا العدد، وسبق أن نشرنا له موضوعاً حول "الجرعة" في عدد سابق.

منذ أرسل لي بعض مقالاته انقطع تماماً عن التواصل، أرجو أن يكون ما يزال على قيد الحياة.