نقابة المعلمين اليمنيين تدين الاعتداء السافر على المعلمين في شبوة وتطالب بتحقيق عاجل ''أكد أنه لا أحد فوق القانون''.. أول مسئول كبير يحيله رئيس الحكومة للتحقيق بسبب قضايا فساد ومخالفات الحكومة اليمنية تتطلع إلى شراكات استثمارية وتنموية مع الصين حضرموت.. وزير الدفاع يشدد على مسئولية المنطقة الثانية في تأمين السواحل ومكافحة التهريب أوتشا باليمن: نحو 10 مليون طفل بحاجة إلى مساعدات إنسانية #لا_لتطييف_التعليم.. حملة على مواقع التواصل الإجتماعي تكشف عبث الحوثي بالمناهج وقطاع التعليم حماس توافق على تشكيل لجنة لإدارة غزة بشرط واحد عيدروس الزبيدي يستبعد تحقيق سلام في المنطقة بسبب الحوثيين ويلتقي مسئولين من روسيا وأسبانيا النقد الدولي: قناة السويس تفقد 70% من الإيرادات بسبب هجمات الحوثيين أول رد لتركيا بعد هجوم حوثي استهدف احدى سفنها
مأرب برس - خاص
ليس سراً الزعم بأن الأنظمة الاستبدادية هي صاحبة اليد الطولى في دعم جماعات العنف المسلح والتمكين لها من ناصية المجتمع ومؤسساته ، وقواه الحية والخيّرة ، وأحزابه المعتدلة ، ولعل الصورة تبدوا في الوقت الراهن أكثر وضوحاً على الصعيد اليمني ، حيث كشفت أحداث صعدة هذه الحقيقة ، وكما نراه مجدداً من دعم النظام للطائفة الإسماعيلية بصناعة الأجواء الملائمة لهذه الطائفة رغم ما تشكله من خطر على الدولة والنظام والمجتمع ، وما تحمله من أفكار ورؤى ضد أمن وسلامة البلد والوطن .
كذلك هي الصورة الحمراء في الجزائر التي أريقت فيها الدماء أنهاراً ، وذهب ضحايا العنف المسلح في هذا البلد مئات الآلاف ، كانت فرنسا بحقوق إنسانها وطابورها الخامس في الجزائر هي وراء هذه الأحداث المأساوية.
كذلك هي الصورة في العراق عبر فرق الموت التي تحظى بدعم إيراني كبير ، وتأييد ومباركة أمريكية كريمة بالطبع .
والأمثلة كثيرة في هذا المقام والصدد ، لا نود الاسترسال فيها أكثر مما يجب .
بيد أننا نود أن نؤكد أن العنف والإرهاب صناعة الأنظمة الاستبدادية والديكتاتورية والاستعمارية، بالدرجة الأولى، فهي التي تغذي هذه الأعمال التخريبية والإرهابية ، كما يسمونها ، لمواجهة الإسلام السلمي، الذي أثبت فعاليته وقوته وانتشاره ، بشكل لا يسر خواطر هذه الأنظمة الاستعمارية والاستبدادية.
أزعم أنّ الإسلام السلمي القائم على الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة إستطاع التوسع والانتشار على الأرض ، وحقق كثيراً من الوعي واليقظة لدى الشارع الإسلامي والعربي ، وأنتج كثيراً من المكتسبات والإنجازات ، عل كل الصعد والميادين داخل الأمة الإسلامية وخارجها ، وليس هذا عنه ببدعة ، بل تلك هي طبيعة الإسلام الحقيقية ، التي اقتضت ذلك ، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ }البقرة208 .
والسلم المراد به هنا الإسلام أو المسالمة كما أشار إلى هذا أئمة التفسير في تفاسيرهم .
إن قراءة عابرة وسريعة للفرق والمذاهب والحركات الهدامة على سبيل المثال في الجزيرة والخليج قبل خمسين سنة مثلا وما عليه حالها الآن ليختلف اختلافاً هائلا ، فما كان لهذه الفرق والحركات أن تتوارى خلف الشمس ، لولا الإسلام السلمي المعتمد في الخطاب على الإقناع والهدوء والعقلانية والرشد ، والقائم على تحطيم الوثنية في الصدور والعقول والأفكار والمناهج والنفوس ، قبل تدميرها وتفجيرها على الأرض ، إنه منهج يقوم على الإصلاح من داخل النفوس والضمائر لا من خارجها ، كما أنه لا يهدف للانقلاب على الحكومات والسلطات بقدر ما يحرص على إيصال الحجة والهداية والنور إليها ، وكما قال بعض حكماء هذا التيار: "إن الإسلاميين يهدفون إلى إيصال الإيمان إلى الحكام أو إيصال الحكام إلى الإيمان" .
إن سطراً من الكتابة الواعية الهادئة أو أنشودة أو مسرحية إسلامية أو شريطا إسلاميا هادفا ، أو خطبة غير متشنجة ، أو حتى لباساً هادئا غير ثائر ولا عنيف ، أفضل ألف مرة من ألف رصاصة طائشة ، لا تريق دماءاً فحسب بل تهريق جهودا وحقباً طوالاً من العمل والبناء والدعوة.
إن ما نراه من عمليات تخريبية في البلاد الإسلامية والتي تستهدف المسلمين الآمنين ، لا غرض من ورائها سوى إجهاض المشروع الإسلامي وتأخير القافلة وعرقلة سيرها ، ومضايقة أعمال البر والخير والدعوة وتشويه الزخم الإسلامي الرائع ، الذي يحسدنا عليه سدنة التطرف والغلو والإرهاب الغربي والأمريكي .
لقد كانت اليمن والجزيرة والخليج كمثال ونموذج حي لنجاح هذا الطريق الرباني ، إنها كانت تعج بالخرافات والصوفيات والحركات الهدامة ، لقد كان السادة المتصوفة وإلى عهد قريب يطوفون قرانا وعزلنا اليمنية ، لجباية الأموال والهبات ، ويأخذون أحسن ما لدينا من سمن وعسل وأنعام ، باسم الدين ، دون نكير أو استنكار من أحد .
وكانت الشيوعية الحمراء تعبث بأفكار أبنائنا وثقافتنا وأخلاقنا وديننا ، والباطنية والإمامية الإثناعشرية من جانب آخر ، تسيطر على مساجدنا وأئمتنا وخطبائنا ومدارسنا ومحاكمنا الشرعية ، والعلمانية تستحوذ على جامعاتنا ومراكز أبحاثنا ، وبنوكنا ، وثرواتنا ، وإلى عهد قريب تجبرنا على التعامل بالربا ، ولم يكن يدور بخلد أحد أن تكون تجارته إسلامية بعيدة عن الربا والحرام ، كما أن مجتمعاتنا وشبابنا تختطفتهم أيدي العبث والفساد ، أما جيوشنا فحدّث ولا حرج ، إلى غير ذلك من الصور التي يطول تناولها.
لقد أحدثت الدعوة الإسلامية الهادئة والرشيدة والمنضبطة بأصول الكتاب والسنة والمتدرجة والواعية إنقلاباً فكريا هائلا ، وثورة صامتة ، أثمرت المئات بل الآلاف من حملة الدكتوراة والشهادات العلمية العليا ، وانتشر الحجاب الإسلامي في كل دوائرنا وجامعاتنا ومؤسساتنا الرسمية ، وتحولت قرى ومدن كثيرة من المذاهب الشيعية والصوفية والعلمانية إلى سنية صافية ، لقد تحولت بعض القبائل اليمانية بأسرها في صنعاء وذمار وعمران وصعدة من شيعية إلى سنية ، كما هو الأمر أيضاً في نجران والبحرين والكويت ، وغيرها .
إن جامعات وبنوكا ومؤسسات وشركات عملاقة ومدارس وأمن وجيش وقنوات فضائية وأرقام مذهلة يعجز القلم عن حدها وتحديدها ، ما كانت لتوجد لولا دعوة الإسلام السلمي البعيد عن لغة العنف والدماء والتشنج المقيت ، الذي يحلوا للبعض أن ينهجه ويتدثر به .
على أنّ هناك حركات إحيائية لبعث هذه الدعوات ، بدعم إيراني أو أمريكي أو صهيوني ، وبصوت عال ، من جديد ، لكنّ أحداً لا يستطيع أن ينكر أثر دعوة الإسلام السلمي في التأثير والبناء والإصلاح .
إن هذا النهج السلمي الوسطي المعتدل في الدعوة الإسلامية المعاصرة تلوح في الأفق بعض المهددات له ، من أهمها:
1) الثقافة الأمريكية الوافدة من خلف المحيطات والبحار عبر الفضائيات ومواقع النت الإباحية ، وعبر الجمعيات والأقلام الأمريكية في المنطقة ، والتي تبشّر صباح مساء بالأمركة والجحيم الأمريكي المنتظر .
2) أعمال العنف والتخريب والإفساد باسم الجهاد والإصلاح ، والتي هي أيضا صناعة النوع الأول الذي ذكرناه .
3) بعض الأفكار المتطرفة ، التي تتبنى لغة المعركة الشاملة مع كل أحد ، دون استثناء ، ولا تؤمن بالشورى والسلام والحرية والتنظيم والتخطيط والأعمال المدروسة والمتأنية ، بل تعتمد الفوضى والهوشلية ، والخطاب العاطفي ، دون الرقمي الصحيح .
4) الأنظمة المستبدة التي تمارس سياسة التجويع والتجهيل والتضليل على شعوبها ، فأزمة كالأزمة اليمنية الراهنة مع الحوتي الذي يكاد يبتلع الخزينة العامة ، بل والبلد ، ما كان ليكون لو أن الحكومة الرشيدة نشرت العلم والتعليم المستنير ، والكهرباء والخدمات العامة في هذه المدينة المنكوبة ، منذ قرون .
5) بعض الليبراليين من القوميين والوطنيين وبعض الإسلاميين الذين يُنَظّرون للمشروع الأمريكي من حيث لا يشعرون .
6) المدارس الفقهية المذهبية التي تفرض على نفسها التقليد الأعمى وتقف في وجه الاجتهاد الشرعي المنضبط ، ووجه الخطر فيها هو الجمود وتقليد مذهب الشيخ ، وحسبك بها بيئة صالحة للأفكار المنحرفة .
على أنه ورغم كل المهددات يبقى القول الفصل بأن الإسلام السلمي هو المنهج الأصوب والأرشد في التغيير والبناء والإصلاح الشامل ، ولا يعني هذا أيضاً تجريد الإسلام من عنصر القوة والمنعة ، بل طبيعة الإسلام تفرض الاستعصاء والقوة ومجابهة البغي والعدوان والظلم ، أياً كان ، وإلا صار الإسلام صورة أخرى مكررة من المسيحية المحرّفة أو الكهنوتية والتخريف .
والله تعالى من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.