قطاع الإرشاد يدشن برنامج دبلوم البناء الفكري للخطباء والدعاة في حضرموت مكتب المبعوث الأممي يلتقي بمؤتمر مأرب الجامع ويؤكد حرص الأمم المتحدة الاستماع إلى الأطراف الفاعلة مجلس القيادة يجتمع ويناقش عدة ملفات في مقدمتها سعر العملة والتصعيد الحوثي بالجبهات بترومسيلة بحضرموت تعلن نجاح تشغيل وحدة تكرير المازوت بمناسبة اليوم العالمي للجودة...جامعة إقليم سبأ تدشن فعاليات أسبوع الجودة اعتذار رسمي في ايطاليا بسبب القدس من هو ''أبو علي حيدر'' العقل الأمني لحزب الله الذي فشلت اسرائيل في اغتياله؟ رصد طائرات مسيرة ''مجهولة'' تحلق فوق 3 قواعد تستخدمها أميركا في بريطانيا صحيفة أميركية تتوقع أن يوجه ترمب ضربات تستهدف قادة الحوثيين وتُعيد الجماعة إلى قائمة الإرهاب مستجدات حادثة العثور على حاخام يهودي ''مقتولاً'' في الإمارات
لقد وصلنا إلى نقطة تجاوزت فيها الحالات الإنسانية الطارئة القدرة على التعامل معها. لقد بات المجتمع الدولي مُكبل اليدين بسبب الجمود السياسي. وبدلاً من اتخاذ العبرة من هذه الكارثة باعتبارها ضرورة للعمل السياسي، يبدو أنه يقع علينا نحن في المجتمع الإنساني عبء "إدارة الصراع" بأفضل ما في وسعنا.
تعاني اليوم سوريا من جراء الاقتتال الداخلي الذي أزهق أرواح ما يقارب 70000 من الرجال والنساء والأطفال. وقد كان شهر آذار (مارس) الماضي الأكثر دمويةً حتى الآن، حيث بلغ عدد الوفيات 6000 حالة – ما يزيد عن عدد الأشخاص الذين قتلوا خلال الأشهر التسعة الأولى من الانتفاضة ضد نظام الأسد.
لقد خلف هذا الصراع 6 ملايين شخص على الأقل في حاجةٍ ماسة للمساعدة، حيث جبر الاقتتال أربعة ملايين شخص على الفرار من ديارهم بحثا عن الأمان في أماكن أخرى في سوريا. وبينما تزداد خطورة مهمة المنظمات الإنسانية بتقديم المساعدات داخل البلاد، إن أعداد اللاجئين الذين يبحثون عن مأوى في كل من تركيا والعراق ولبنان والأردن يرتفع إلى مستويات لا يمكن السيطرة عليها. وسيكون لهذا الأمر آثار بعيدة المدى على الاستقرار في المنطقة.
لقد تجاوزت علامة المليون لاجئ التي وصلنا إليها جميع التوقعات. ففي شهر كانون الأول، عندما قمت بزيارة اللاجئين في كل من لبنان والأردن برفقة رئيس المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنطونيو جوتيريس لم نكن نتوقع الوصول إلى هذه النتيجة المروعة حتى منتصف هذا العام- وكان هناك بالطبع أمل أن يتم تجنب ذلك عن طريق إيجاد حل سياسي.
ولكن منذ ذلك الوقت، تضاعف عدد اللاجئين الفارين من سوريا ثلاث مرات تقريباً. ووفقاً لمعدلات الزيادة الحالية، قد نصل إلى مليوني لاجئ في غضون أشهر.
إن المنظمات الإنسانية والجهات المانحة تكافح لمواكبة الاحتياجات المتزايدة. وقد قامت أوروبا بالفعل بتقديم أكثر من 460 مليون يورو في مجال التمويلات الإنسانية، وأنا واثق من أن أنها سترتفع إلى 600 مليون يورو حال الوفاء بجميع التعهدات التي قطعت في شهر كانون الثاني في مؤتمر المانحين في الكويت. هذا وقد احترمت المفوضية الأوروبية التزاماتها بالكامل، وأرجوا من الآخرين بالقيام بالمثل – إنه من المخزي معرفة أن من أصل الـ5.1 مليار دولار التي تم التعهد بها في الكويت، لم يتم تسليم سوى النصف لوكالات الإغاثة.
ولكن حتى إذا تم استيفاء جميع تعهدات المساعدات الإنسانية بشكل كامل، لن يكون التمويل كافيا. بالنسبة للبنان والأردن، البلدان الأكثر تضررا، قامت الأزمة السورية بزعزعة استقرار الاقتصاد الكلي. هناك حاجة ماسة إلى حزمة ضخمة شاملة من المساعدات لوقف معاناة السكان المدنيين في سوريا والدول المجاورة التي تستضيف اللاجئين بكرمها وسخائها.
ولكن إن المشكلة التي نواجهها هي ليست مشكلة التمويل فقط، فإن أهم مبادئنا الإنسانية الأساسية المتعلقة بالوصول إلى الضحايا وحمايتهم باتت تُداس وتُنتهك بشكل يومي. وقد أصبحت المستشفيات والمخابز وقوافل المساعدات والعاملين في المجال الطبي جميعهاً مستهدفة. وبات الاغتصاب كسلاح جديد من أسلحة الحرب.
وفي العام الذي نحتفل فيه بالذكرى الـ150 لتأسيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر، الجهة المؤسسة ل"قوانين الحرب،" باتت قيمه تتراجع لتصبح نقطة صغيرة تلوح في الأفق. لقد باتت المساعدات التي نقدمها ملوثة بالسياسة. إن الغرض من المساعدات الإنسانية ليس منح أي ميزة لأي جانب ضد الآخر- نحن "لسنا في صفك ولسنا ضدك". وإنما الهدف هو تقديم المساعدة لجميع الضحايا المدنيين دون تمييز. إن المساعدات الإنسانية هي شريان الحياة: ولا ينبغي أن تحددها خطوط أمامية.
نحن بحاجة إلى مبادرة دبلوماسية إنسانية دولية مدعومة من قبل الأمم المتحدة لاستعادة استقلال المساعدات الإنسانية، ولتخليصها من أي تعكير سياسي أو العبث.
ولا بد من أن يتضمن ذلك التزام من قبل جميع أطراف النزاع بالسماح للعاملين في مجال المساعدات الإنسانية بالعمل بلا حدود من أي نوع ووصف كان والامتناع عن عرقلة أو إعاقة وصول المساعدات الإنسانية، وأن يلزموا أنفسهم بحماية المدنيين- وخاصةً النساء والأطفال- إضافةً إلى المرافق الطبية وموظفيها. إن الفشل في التوصل إلى هذا الاتفاق حول معايير الإجماع الإنساني الدنيا، لن يكون وصمة عار أخلاقية للمجتمع الدولي فقط، وإنما خطأ سياسي فادح. وكلما ازداد عمق الجراح التي لحقت بالمدنيين، ازدادت صعوبة إيجاد الفرص السياسية لإعادة بناء سوريا سالمة.
هناك مقولة تفيد بأنه يمكنك تجنب الواقع، ولكن لا يمكنك تجنب عواقب تجنب الواقع. الوقت ينفذ.
*المفوضة الأوروبية للتعاون الدولي والمساعدات الإنسانية والاستجابة للأزمات