يهود اليمن والحوثيون
بقلم/ متابعات
نشر منذ: 16 سنة و شهر و 10 أيام
الإثنين 13 أكتوبر-تشرين الأول 2008 06:41 م

لو اورين لو جور الفرنسية ـ ترجمة عماد طاهر

لقد فر حوالي ستين من يهود قرية سالم التي تقع شمال البلاد وذلك بسبب تهديدات مجموعة من المتمردين الحوثيين فمنذ سنة ونصف لجأوا إلى صنعاء للهرب من التهديدات فبرغم التهديدات التي كانت تحيط بهم الا انهم رفضوا أن يغادروا بلادهم اليمن.

لقد تضرروا بالفعل عندما وصل الضرب إلى القرب منهم لقد واجه يحيى يوسف موسى ناس مقنعين وجهاً لوجه وسلموه رسالة لم تكن واضحة وفيها " إذا لم تغادروا فوراً سوف نقوم باختطافكم " فالحاخام الشاب اليمني نقل هذه الكلمات إلى حوالي ستين من يهود الحيدر ( وهو حي من مدينة سالم في محافظة صعدة ) وفي 23ساعة كان الجميع جاهز للمغادرة وأعطوهم شيوخ القبائل المحليين ست سيارات وتحركت القافلة من صعدة عاصمة المحافظة التي تقع على (240) كيلو متر شمال العاصمة إلى صنعاء وظلوا سنة ونصف ولم يعودوا إلى قريتهم.

فعندما قام الرجال المقنعين بأمرهم بمغادرة البلاد لم يتفاجأ يحيى يوسف موسى الذي يبلغ من العمر (27) عاماً بمضمون الكلام الذي قيل لهم سوى من التوقيت فقط " كنا نظن أنهم سيعطوننا مهلة أسبوع لنحزم أمتعتنا " وبعد ثلاثة أيام فقط اقترب منه الرجال المقنعون وسلموه رسالة أخرى فيها " بعد المراقبة الدقيقة على يهود قرية الحيد اتضح لنا أنهم يعلمون في المقام الأول في خدمة الصهيونية العالمية التي تسعى إلى إفساد الناس وإبعادهم هن مبادئهم وقيمهم وأخلاقهم ودينهم والتي تهدف إلى نشر كل أنواع الرذائل في المجتمع ".

كانت هذه الرسالة مصحوبة بإنذار أخير وفيها أيضاً " لن يستطيع احد على وجه البسيطة أن يساعدكم إذا وجدناكم هنا بعد انقضاء المهلة المحددة وقد كانت الرسالة موقعة باسم يحيى سعد الخضير – قائد أنصار الحوثي في قرية سالم – ولم يكن أمام يهود الحيد سوى عشرة أيام للخروج فالحوثيين هم قبيلة زيدية تقع في محافظة صعدة منخرطة في مواجهة مع الجيش اليمني منذ عام 2004م تتهم الرئيس اليمني بتحالفه مع الولايات المتحدة الحليف الرئيسي لإسرائيل .

" لقد قمت بإطلاع السلطات المحلية في صعدة بالتهديدات التي وجهت إلينا فقام مسئول بنقلنا إلى فندق مكثنا فيه شهر " كان الحاخام يحكي هذا هو يرتدي ملابس يمنية تقليدية عبارة عن قميص أبيض وسترة سوداء كانت القصاصات السوداء الطويلة منقشة وما يميزهم عن غيرهم هو الزنار ( وهو شعر طويل في جانبي الرأس ) لقد كان الحراس مرابطين حول الفندق الذي كنا فيه وإذا أراد أحد منا الخروج يصطحب معه بعض رجال الأمن على أي حال ما زلنا أيضاً خائفين ولم نخرج أبداً .

وبعد انقضاء شهرين في صعدة نقل يهود قرية سالم إلى صنعاء فقد أرسل الرئيس علي عبد الله صالح طائرتين مروحيتين لتقلنا إلى العاصمة صنعاء وقد قمنا بشكر الرئيس صالح كثيراً بأنه نقلنا إلى العاصمة .

ومنذ (18) شهراً ما زال يهود قرية سالم مقيمين في (المدينة السياحية ) في صنعاء وهي مجمع سكني في صنعاء التي تستقبل أيضاً سياحاً من المنطقة فقد سكنوا في ست شقق وفرتها لهم الحكومة اليمنية ويحرس هذا المجمع رجال الأمن من كل المداخل لذلك شعرت هذه المجموعة من اليهود بالأمان .

يقول الحاخام " إننا لا نريد الرجوع إلى صعدة إننا خائفون فهناك غابت الابتسامات عن وجوه أبنائنا ".

" حتى وأن قال الرئيس بأن الحرب انتهت فنحن لا نريد العودة إلى هناك إننا لا نشعر بالأمان إلا في صنعاء فالحاخام لا يريد حتى الذهاب إلى ريدة وهي قرية تقع شمال صنعاء يسكنها أكثر من (500) يهودي.

يقول يحيى (إن رؤساء قبائل ريدة أسواء من رؤساء القبائل في صعدة أنها تسعى إلى المشاكل فالفرق الوحيد هو أن ريدة لا يجرؤون على مهاجمة اليهود لأن الحكومة حاضرة وكان يحيى يحكي، وزوجته تدخل الصالون وتحيي الرجال وتقبل أيدي النساء مرتين وهي تقول ( السلام عليكم )، لقد قام كبار السن من المسلمين يقومون بحمايتنا.

فعندما أجبر اليهود على الفرار من صعدة كان هذا نتيجة التوتر الذي ساد لعدة سنوات .

يقول يحيى " إن مشاكلنا مع الحوثيين بدأت مع بداية المعارك التي اندلعت بين المتمردين والجيش في عام 2004م حتى إننا اضطررنا أن ندرس أبنائنا في البيوت بعد أن تعرض البعض منهم للضرب من قبل الحوثيين.

فمن قبل لم يكن لدينا أي مشكلة للتعايش مع المسلمين ولا أعرف لماذا كل هذا التغيير في الواقع كان كبار السن المسلمون في القرية وحسب معرفتنا بهم من أفضل الناس – حسب قول سليمان عم الحاخام.

لكن الشباب اليوم لا يعرفون شيئاً من ذلك القبيل وذلك لأن المجتمع اليهودي في اليمن أنخفض إنه لم يكن دوماً كذلك أن اليهود في الأصل كانوا متواجدين في كل محافظات اليمن لذلك من الصعب أن تحدد بالضبط متى بدأ تواجدهم في هذا البلد فالمجتمع اليهودي في اليمن جزء لا يتجزأ من العالم منذ القدم ، ففي نهاية القرن التاسع عشر بدأ اليهود اليمنيين مغادرة شبه الجزيرة العربية فقد بدأت أول حركة للهجرة نحو فلسطين ما بين 1880-1914م واستأنفت ذلك عام 1920م وبلغت ذروتها منذ وجود الدولة الإسرائيلية عام 1949م فقد هاجر حوالي (50.000) يهودي نحو الدولة العبرية في إطار عملية البساط الطائر الذي وضعته السلطات الإسرائيلية ما بين عام 1999حتى عام 2000م وهناك اليوم موجه جديدة نحو بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية اليوم لأكثر من أسرة من المناطق والأحياء المتضررة من هذه الهجرة هي قاع اليهود في صنعاء.

فقد كان بعض اليهود يقطنونها قبل عام 1948م فكان هذا الحي كلهم مسلمون.

وما زال حجر قاع اليهود يحمل علامة زمن اليهود فبعض من نجوم ديفيد ما تزال ظاهرة على الجدران .

يقول محمد مالك إن اليهود كانوا مسالمين جداً حتى أنه إذا ارتكب أياً منهم أي ذنب تجاه أي أحد فأنه يفضل أن يعتذر له بأي شيء حتى لا ترفع شكواه إلى الحاخام الذي يأمره بأن يبقى أمام منزله والجميع يبصقون عليه.

لقد عاش اليهود والمسلمين معاً بشكل جيد ولم يكن يوجد بينهم أي مشاكل فعندما غادروا البلد حزن عليهم اليمنيين كثيراً وكانوا يريدون أن يبقوا معهم لكنهم كانوا يرددون باستمرار ( سنذهب إلى الحرب سنذهب إلى الحرب ) فقد كان اليهود يعرفون صناعة الأدوات الضرورية للعمال والمزارعين ويجيدون فن الصناعة اليدوية والحدادة والنجارة وصياغة الذهب والفضة فقد كانوا بارعين في أي عمل حتى يهود قرية سالم ما زال يمارسون بعض هذه الحرف يقول الحاخام عندما غادرنا صعدة خلفنا وراءنا كل أدوات العمل فهنا لم يعد لدينا أي مكان للعمل وليس معنا المال لنفتح ورش عمل في صنعاء.

نحيا أو نموت في اليمن

يقول والد سليمان لقد مللت الجلوس هنا وأنا مشتاق للرجوع إلى منطقة الحيد فالمناخ هناك كان جميلا وكان لدينا أفضل أنواع البرتقال في اليمن.

وتقول أمه أنها لا تأسف على البرتقال أكثر مما هي آسفة على بقرتها التي تساوي عندها كل شيء، وتضيف إنهم يريدون قتلنا.

ويضف سليمان لقد تركنا كل شيء هناك وعندما غادرنا لم نكن نعرف أننا سنبقى هذه الفترة هنا.

فقد غادر اخو سليمان إلى إسرائيل منذ زمن وهما يعيشان الآن في إسرائيل فسليمان لم يحاول أبدا الانضمام إلى أخيه رغم كل الاغراءت التي عرضت فمعظم اليهود الذين غادروا اليمن ابلغوه بأنه من الأفضل له أن يعيش في اليمن فهم الآن نادمون على قرارهم بالمغادرة.

يستطرد سليمان قائلا ليس لدينا أي رغبة لمغادرة اليمن فجذورنا عميقة فيها ومجتمعنا بقي على هذه الأرض لزمن طويل فنحن نحب هذا البلد كثيرا ونعتبره أرضنا فقد ولدنا فيه وترعرعنا فيه وسنموت أيضا فيه.

لقد أكد اليهود الذين يقطنون الآن في المدينة السياحية أنهم لم يتلقوا أي مساعدة من الخارج.

إننا نريد أن نعيش حياتنا الطبيعية فقط وقد تعهدت اليمن بتحسين أوضاعنا